ما بين ليلة وضحاها، أصبحت القصور الرئاسية فى دائرة الضوء، وصارت مادة لمعارك كلامية على مواقع التواصل الاجتماعى، علق عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى بعبارات قاطعة، خلال المؤتمر الثامن للشباب، الذى عُقد السبت الماضى، قائلاً «اللى بينى وبينكم الثقة، مش إنى أكبر من المساءلة، أو إنى مش عاوز أرد على كلام يتوجه لى ومفيش حاجة باسمى، كله للدولة».. ولأن هذه القصور مملوكة للدولة، وشاهدة على تاريخها الحديث، كانت لـ«الوطن» جولة بين جنباتها، لرصد محتوياتها وتاريخها. بدأنا بمتحف «مقتنيات الرئيس» بقصر عابدين، الذى يحوى هدايا ملوك ورؤساء وقادة العالم للرئيس السيسى، التى تقدر بملايين الدولارات، وتتنوع ما بين سيوف ذهبية وخناجر وأطباق فضية مطعمة بالأحجار الكريمة وتماثيل ولوحات فنية، ثم القصور الرئاسية الأخرى، وعلى رأسها «القبة والاتحادية»، التى أكد مسئولون بوزارة الآثار أنها تخضع لرقابة صارمة من مؤسسة الرئاسة، والآثار، التى تمتلك سجلات لتوثيق وتسجيل كل ما تحويه تلك القصور.


«كل الهدايا اللى جت لى قد الأرقام دى ألف مرة، معمول لها متحف اسمه متحف مقتنيات الرئيس».. تلك العبارة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى المؤتمر الوطنى الثامن للشباب، خلال رده على الشائعات، التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى مؤخراً، مؤكداً أن كل ما تلقاه من هدايا منذ توليه منصب الرئيس سلمه إلى متحف «مقتنيات الرئيس».

"محتويات القصور": ساعات وسيوف وخناجر وأسلحة من الفضة والذهب


«الوطن» زارت متاحف قصر عابدين، لرصد ما يضمه «متحف مقتنيات الرئيس» من أعمال، قُدمت كهدايا للرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ توليه مقاليد الحكم فى يونيو 2014، من دول العالم المختلفة، أثناء الزيارات المتبادلة، كتقليد وبروتوكول رسمى متبع عالمياً، كما يضم المتحف هدايا المؤسسات المختلفة للرئيس فى المناسبات الرسمية، وهدايا حفل تنصيبه، التى تنازل عنها جميعاً.

ما إن تدلف إلى متحف «هدايا الرئاسة» بالقصر، الذى يضم مجموعة من المتاحف، منها «الأسلحة» و«مقتنيات أسرة محمد على» و«الأوسمة والنياشين» و«الفضيات»، ستستقبلك لوحات فنية ومجسمات تتوسطها على يمين مدخل المتحف، لوحة مهداة من مستشفى 57357 للرئيس مع الطفل عمر صلاح، محارب السرطان، فى افتتاح قناة السويس، وبجوارها لوحة مهداة من أحد الفنانين المصريين، وهى نسخة من لوحة أصلية بقاعة قناة السويس بقصر عابدين، تمثل كبار المدعوين أثناء حفل افتتاح قناة السويس عام ١٨٦٩، وأسفلهما تاج ذهبى من التراث الكورى مرصع بأحجار خضراء، تم إهداؤه فى 2016 للرئيس، وبه ينتهى المدخل.


ومع التجول تستقبلك القاعة التى تحمل الرقم «2»، وتحوى جميع الهدايا، التى منحها الرئيس السيسى للمتحف، وتتجاوز 200 قطعة قيمة، ما بين تمثال ولوحة وسيف ومجسمات ومنحوتات ودروع وقطعة أثرية أصلية، عبارة عن مركب فرعونى خرج من مصر بطريقة شرعية قبل قوانين حماية الآثار ووصل لروسيا، ليقرر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أن تكون أولى هداياه لنظيره المصرى، أثناء زيارته إلى موسكو عقب فوزه فى انتخابات الرئاسة، وهى عبارة عن نموذج لمركب جنائزى فرعونى يعود تاريخه إلى نهاية العصر الانتقالى الأول، نحو ٢١٠٠ قبل الميلاد، والقطعة مصنوعة من الخشب المصمت، ومطلية بالجص، وعلى متنها مقصورة عبارة عن مظلة مستطيلة تستند على ٤ قوائم، وأسفلها ركيزتان خشبيتان لتثبيتها، وتتضمن ١١ فرداً موزعين على جانبيها، فضلاً عن فردين فى مقدمة المركب ومؤخرته، ومرسومة على مقدمة ونهاية المركب عين حورس، التى كان يعتقد المصريون القدماء أنها تحفظ المركب فى رحلته إلى العالم الآخر.


لم تكن تلك هدية بوتين الوحيدة فى المتحف، فعلى بعد خطوات من المركب توجد فتارين تحوى عدداً من أسلحة الكلاشنكوف، الذى كان بمثابة إعلان عن عودة العلاقات العسكرية بين مصر وروسيا، وإظهار لتاريخ الرئيس السيسى العسكرى، وكان الرئيس الروسى قد حرص على تقديم هذه الهدية بنفسه إلى الرئيس السيسى، خلال مأدبة الغداء الرسمية، التى أقامها تكريماً للرئيس والوفد المرافق له بمقر إقامته بقصر «بوتشاروف روتشييه»، وذلك خلافاً لما جرى عليه العرف من تبادل الهدايا عن طريق مراسم البلدين.

وتضم الهدية سلاح كلاشنكوف Ak-47، وإلى جواره مجسم لمدفع كان قد أهداه وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو، والجنرال ميخائيل ميسنتسيف، رئيس مركز الدفاع الوطنى الروسى، للرئيس السيسى، خلال زيارته لمركز الدفاع الوطنى فى العاصمة الروسية موسكو.

ولأن النجم المصرى محمد صلاح علامة بارزة فى تاريخ الرياضة المصرية، احتفى المتحف به بطريقة خاصة، حيث وضع قميصه الذى يحمل رقم 11 لناديه الإنجليزى ليفربول، وقد وقعه اللاعب العالمى وكتب عليه «إهداء خاص مع تحياتى مو صلاح».

ووسط القاعة توجد لوحة ضخمة أهداها فنان مصرى يدعى محمد حسن بـ16 ألف دبوس مكتب ملون للرئيس السيسى، يقابلها فى الجهة الأخرى لوحة أخرى للفريق السيسى، طُعم بروازها بالصدف الفلسطينى، رسمها فنان روسى، وكانت ضمن هدايا الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن.

ولأن العلاقات المصرية الأفريقية شهدت طفرة عقب تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى السلطة، وعادت مصر فى قلب القارة الأفريقية، كانت هدايا رؤساء القارة السمراء فى قلب المتحف أيضاً، وأغلبها منحوتات فنية تعكس اهتماماً بالغاً بالفن والحرف اليدوية لقطع صُنعت من خير القارة، فمن رجل القبيلة حامل الآلة الموسيقية، الذى أهدى للرئيس فى 2014 من غينيا الاستوائية، لجذع الشجرة، الذى تحول لمنحوتة بديعة لمواطنى تنزانيا من رجال ونساء يحملون بلادهم ويحملون خيراتها، ومن كينيا أُهدى الرئيس مجسماً لأسد ومجموعة أفيال، وجملاً من النحاس من تشاد، وأُهدى من موريتانيا صورتين فوتوغرافيتين لرجل بالزى التقليدى يقف على بئر ماء. على بعد خطوات وفى الموقع نفسه تفاجئك صورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وزعيم الاتحاد السوفيتى السابق نيكيتا خروشوف، لتتساءل من منح الرئيس مثل تلك الهدية؟ لتكتشف أن تلك الصورة تم التقاطها فى ١١ مايو ١٩٦٤ بمكتب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وذلك قبيل إلقاء خطابه فى الجمعية العامة للجمهورية العربية المتحدة، الذى حضره «خروشوف»، وهى النسخة الوحيدة من هذه الصورة، التى لم تنشر من قبل، وأهداها الرئيس الروسى للرئيس السيسى، وهى صورة تذكارية فريدة تم الحصول عليها من وكالة «أسوشيتد برس».

روسيا وأمريكا والصين والسعودية والكويت أكثر المُهدين ومقتنيات خاصة من قادة أفريقيا والمؤسسات العسكرية الغربية
أما عن الهدايا الذهبية والمذهبة والمطعمة بالأحجار الكريمة، التى يتجاوز ثمنها ملايين الدولارات فحدث ولا حرج، فمن بينها سيف تشريفة ومجسم لنخلة مطلية بماء الذهب، إهداء من المملكة العربية السعودية عقب التنصيب، وآخر من فرنسا، كما أهدته دولة الجزائر خنجراً من الفضة الخالصة مطعماً بفصوص من المرجان الأحمر، خلال زيارته لها عقب فوزه، وبجوارهما سيفان مطليان بالذهب من دولة الكويت، وبلطة مطعمة بالذهب والأحجار الكريمة وخنجر من الفضة، إهداء من دولة الصين، ونموذجان لغدارتان من سفير مصر بفرنسا، وقلادة ذهبية يتوسطها جراب للمصحف، إهداء من رئيس اتحاد الصحفيين العرب، كما يضم المتحف هدايا من دولة الإمارات العربية المتحدة، منها مجسم ذهبى لساعة يقف عليها مجموعة من الظباء، وأيضاً طبق ذهبى يضم صوراً لأهم معالم ليبيا، مقدم من وزارة الثقافة الليبية.

ويضم المتحف أيضاً ثلاث ساعات مذهبة أهديت من المملكة العربية السعودية، فى مناسبات مختلفة، إحداها «ساعة الحرم»، التى تعتبر الساعة الأكبر فى العالم، أهدتها له المخابرات السعودية، وأخرى لمجموعة خيول عربية فضية، تعلوها الساعة، والثالثة ذات تصميم تجريدى حديث.

كما تلقى الرئيس السيسى هدية تذكارية من الصين، عبارة عن نموذج مذهب للطائرة «إف-16»، وذلك خلال زيارته للصين، كما يحوى المتحف بندقية خرطوش، وأخرى آلية من البحرين، وإبريقاً وموقد بخور من الكويت، ونسرين ذهبيين من الولايات المتحدة الأمريكية، هدية من الكونجرس الأمريكى، أثناء زيارة الرئيس السيسى لنيويورك، خلال مشاركته فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وبخلاف ذلك يضم المتحف فازات من الكريستال والخزف، ومجسمات لمصاحف ومسبحة ضخمة من الفضة، ونموذجاً مجسماً لمجموعة كلمات متشابكة تمثل جملة «وحملنا العروبة أمانة وائتمان» إهداء من دولة الأردن، ونموذجاً لكتاب ضخم كتب عليه «عيد العمال»، وتمثالاً نصفياً للمهاتما غاندى إهداء من الهند، ومجسمات لقطار فائق السرعة من كوريا، ونموذج تمثال من المعدن من البرتغال، ومجموعة من الأسلحة ذات المقابض والفوهات الذهبية، وفازة من مجلس النواب المجرى، وأخرى من الخزف من فيتنام، وثالثة من النحاس من الصين، وطبقاً من الفضة إهداء من وزير الخارجية الأمريكى، وآخر مطعماً بالذهب من سنغافورة، ونموذجاً من النحاس لبوابة روما القديمة إهداء من إيطاليا، ولوحة مثبتة عليها قطع من الفضة تحوى صور قادة المشروع النووى الروسى.