الأقباط متحدون - الأزهر ودعواته لإرساء مبادئ التعايش والحوار مع الأخر
أخر تحديث ٠٧:٢٢ | الخميس ٢٩ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ١٩ | العدد ٤٠٦٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

"الأزهر" ودعواته لإرساء مبادئ التعايش والحوار مع الأخر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
كتب: هشام عواض
في ظل ما يشهده العالم اليوم من صراعات وانتشار للكراهية على كافة الأصعدة وفي  مختلف أنحاء العالم، يظل دائمًا خيار التعايش السلمي والحوار بين الثقافات هو الأصلح للبشرية لما يثمر عنه من خير واستقرار وسلام على المجتمعات والدول، وأيضًا للتقارب بين الشعوب ودرءً للأزمات الإنسانية التي يشهدها العالم، من ازدياد التطرف ولاسيما التطرف الإسلامي، تنامي زاهرة الإرهاب عالميًا، ومن هنا جاء الأزهر ليعلن عن تصديه بقوة لكل محاولات ترهيب الشعوب من قِبل الجماعات المتطرفة والمتشددة، ويحاول بجهوده الحثيثة على نشر روح الإخاء والتراحم والعمل على التقارب بين المذاهب الدينية المختلفة ومنها المذهب الشيعي، وأيضًا بين الإسلام وغيره من الأديان وعلى رأسهم الدين المسيحي الذي يحتك أتباعه في كثير في المجتمعات مع أقرانهم من المسلمين، وفي هذا التقرير نلقي الضوء على جهود الأزهر على رأب الصدع والحوار والتواصل مع الأخر.
 
مكانة الأزهر الدينية 
على مر مئات السنوات كان ولا ظل الأزهر هو المؤسسة الدينية الإسلامية الأكبر عالميًا والأكثر تأثيرًا ليس فقط على المصريون بل لها أثر روحاني وديني كبير على المسلمين حول العالم، الأزهر الجامعة والجامعة، ويعتبر الأزهر الشريف حامي لواء الدين والمدافع الأول عن العقيدة الإسلامية ووحدة الأمة، وقلعة دراسات مذهب أهل السنة والإسلام في العالم، تبني كل الدعاوى البناءة التي تهدف إلى جمع كلمة الإسلام والمسلمين، وكان على رأس هذه القضايا قضية التقريب بين المذاهب من أجل ذلك فقد كانت الدعوة التي اكتملت ونضجت بجهود مجموعة من كبار علماء الأزهر الذين تبنوا هذه الدعوة حرصًا على وحدة الأمة الإسلامية، وإيمانًا بدور الأزهر الذي يعمل على لم شتات المسلمين في كل أرجاء الأرض.
 
دور الأزهر في تقارب المذاهب الفقهية
تمتع علماء الأزهر بقدر من الاستقلال الفكري الذي دفعهم للتفكير في إحياء فكرة التقريب بين المذاهب الفقهية المختلفة، فجمعوا حولهم كبار العلماء من مختلف المذاهب. كان الدافع هو الغيرة على الإسلام والمسلمين فقط، من دون التطلع إلى منصب أو التقرب إلى نظام سياسي، ونجحت "لجنة التقريب بين المذاهب"، بزيادة الأزهر، في تحويل التقريب من مجرد فكرة إلى عمل مشترك جاد، أثمر الكثير من الإنجازات التي ساهمت في إزالة الحواجز النفسيّة، وتصحيح المفاهيم بين السنة والشيعة، ولذلك أُسست دار التقريب بين المذاهب بالقاهرة عام 1368 هـ / 1948م، من قبل عدد من كبار علماء السنة والشيعة، برعاية الأزهر الشريف برئاسة العلامة الشيعي الشيخ محمد تقي القمي، الذي قام في مصر سنين طويلة وأجرى اتصالات مستمرة مع شيوخ الأزهر، والشخصيات العلمية، واشترك مع فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم، والشيخ محمود شلتوت، وغيرهما في إجراء دراسة دقيقة بخصوص التقريب بين المذاهب الإسلامية، وهكذا تكونت جماعة التقريب ببين المذاهب، وعكفت على البحث الدائب، والعمل المستمر، والاتصال بالمراكز الدينية في كل بلد إسلامي اتصالًا هادئا مثمرًا، وابتعدت بنفسها عن الدعاية، ولكن الدعاية جاءتها من قبل المعارضين، فان المتعصبين ذوي النزعات والأغراض رأوا في نشاط الجماعة بدعة لا يصلح السكوت عليها.
 
وتكونت لجنة التقريب قرابة عشرين عضوًا، من بينهم محمد علي علوبة باشا وزير الأوقاف والمعارف وأحد كبار المصلحين في مصر آنذاك، والشيخ عبد المجيد سليم رئيس هيئة الفتوى بالأزهر، والشيخ أحمد حسين مفتي وزارة الأوقاف، والشيخ محمود شلتوت الذي كان عضواً في هيئة كبار العلماء ثم صار شيخاً للأزهر، وآخرين.
 
شيخ الأزهر يؤكد على ضرورة التقارب المذهبي ومع الأخر 
أكد شيخ الأزهر، الشيخ أحمد الطيب، مرارًا على ضرورة التقارب بين المذاهب الفقهية  وتدعيم مبدأ الحوار مع الأخر وحوار الأديان، فحذر شيخ الأزهر الشريف، من الاختلاف بين علماء الأمة، والذي قد يؤدي إلى الخلاف بين الناس والتعصب لفكر معين والتشدد في المذاهب، ومن فرض مذهب معين على أحد، مما يؤدي إلى صراع ديني، مؤكدًا سماحة الإسلام الذي يستوعب كل المذاهب الإسلامية بلا تعصب أو تشدد.
 
وقال إن الشيعة والسنة جناحا الإسلام، ومن الضروري التقريب بينهما، فهم إخوان، وبخاصة الشيعة المعتدلة"، مجددًا دعواته إلى الشيعة بالالتقاء مع الأزهر لتحريم قتل أي مسلم سني أو شيعي، موضحًا أن الخلافات بين السنة والشيعة فرعية ما عدا مسألة الإمامة التي تعتبر من الفروع ويعتبرونها من الأصول. ومشيرًا إلى أن "الشيعة المعتدلون مسلمون لا نستطيع أن نسجل عليهم مسألة تخرجهم من الإسلام وهناك تجاوزات ليست من علماء الشيعة المعتدلين الذين يرفضون سب الصحابة، غير أننا نرفض التشدد من بعض الشيعة ومن يعطون الرسالة لغير سيدنا محمد وينكرون ما ثبت من الدين"، منتقدًا من ينفقون الأموال من أجل فرض عقيدة أو مذهب بعينه.  وحذَّر شيخ الأزهر من الخلاف بين السنة والشيعة.
 
زيارة تاريخية لشيخ الأزهر للفاتيكان
في مايو 2015 قام شيخ الأزهر بزيارة تاريخية للفاتيكان واجتمع مع البابا، في لقاء يهدف إلى بحث سبل تنسيق الجهود بين المؤسستين من أجل نشر ثقافة الحوار والسلام والتعايش بين الشعوب والمجتمعات، وتضمنت الجلسة حوارية بين وفدين من الأزهر والفاتيكان لمناقشة إعادة تفعيل لجان العمل المشتركة بينهما. وأيضًا لتفعيل لجان العمل المشتركة بين الأزهر والفاتيكان والمنبثقة عن اتفاقية 1998 بين المؤسستين، بعد توقف عملها منذ 6 سنوات، تهدف إلى تقريب الأفكار الحضارية والتفاعل الحضاري والثقافي بين الجانبين، دون الأفكار العقائدية، وتعد ذلك من أهم أسباب زيارة شيخ الأزهر للفاتيكان والتي ستعمل على تفعيلها، حيث تعمل تلك اللجان على الحوار بين الطرفين وإزالة أي مفاهيم خاطئة وبموجب تلك اللجان يلتقي مسئولون من الأزهر والفاتيكان كل عام، وتعمل هذه اللجان المشتركة لها دور مهم في وضع الاستراتيجيات التي تكافح التعصب بين الجانبين والعمل على تعزيز التعامل بينهما.
 
شيخ الأزهر يزور نيجيريا لنشر ثقافة التعايش والسلام
خلال  مايو الماضي  التقى فضيلة الإمام الأكبر  أحمد الطيب ، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، نائب الرئيس النيجيري  يمي أوسينباجو في القصر الرئاسي بالعاصمة النيجيرية أبوجا، وجاءت تلك الزيارة لتدعيم العلاقات بين أتباع الدينين الإسلامي والمسيحي، وعبر الطيب عن أمله في أن تشهد الفترة المقبلة تكثيف التعاون بين الأزهر الشريف والحكومة النيجيرية في نشر ثقافة التعايش والسلام . ورحب أوسينباجو بزيارة فضيلة الإمام الأكبر والوفد المرافق لفضيلته، وأن هذه الزيارة الكريمة سيكون لها أثرها على الشعب النيجيري الذي دائما ما يتطلع إلى الرسالة السامية التي يحملها الأزهر الشريف في نشر ثقافة الوسطية والتعايش والسلام والحفاظ على السلم المجتمعي، وعن تقديره للجهود التي يقوم بها الأزهر الشريف في تفعيل الحوار بين أتباع الديانات المختلفة، موضحًا أن بيت العائلة المصرية يمثل تجربة رائدة أسهمت في إيجاد حلول لكثير من النزاعات التي يمكن أن يسعى البعض إلى تحويلها إلى نزاعات طائفية. 
 
زيارات لألمانيا لتدعيم مبادئ العيش في سلام 
  زار شيخ الأزهر ألمانيا وألقى خطابًا له في  البرلمان الألماني، وعدد من الحوارات و اللاءات مع الشخصيات الألمانية الدينية و السياسية وغيرها، وأحدث الخطاب والحوارات والمحاضرة في جامعة "مونستر" أصداءً بالغة الأثر في الشرق والغرب، من أهمها إزالة كثير مما علق بالإسلام وبمكانة مصر، وجاء ذلك ضمن إطار الجهود التي يقوم بها من أجل نشر السلام في كافة المجتمعات وبناء حوار حضاري بين الشرق والغرب يقوم على احترام وتقبل الآخر، وترسيخ مبادئ الديمقراطية والحرية وحَق الإنسان في العيش في سلام، وأوضح الطيب أن الأزهر كعادته عبر العصور دائم النظر والتنقيح في مناهجه وتطويرها بما يتوافق مع مستجدات العصر، وعن استعداده لزيارة كل أرجاء أوروبا لتعريفهم بالصورة الحقيقية للإسلام الذي هو دين السلام الذي لا يعرف عنفًا ولا تطرفًا ولا انحرافًا حتى لو أساء إليه قلة من تابعيه.
 
الإمام الأكبر يؤكد من فرنسا على ضرورة الدعوة للسلام والتعايش
والتقى الإمام الأكبر بعدد من الرموز الفرنسية خلال زيارته لفرنسا، وقال إن الأزهر الشريف لديه إصرار كبير على مواجهة الفكر المتطرف باستخدام وسائل مختلفة ، موضحًا أن الأزهر أنشأ مرصدا بثمان لغات أجنبية للرد على مزاعم داعش وتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب ، لافتا إلى أن هناك خطة لتطوير مرصد الأزهر خلال الفترة المقبلة وإضافة لغات أخرى،  مضيفًا أن هناك العديد من الوسائل التي نستخدمها أيضًا لمواجهة هذا الفكر سواء من خلال المؤتمرات والندوات والكتب والمراجع، إضافة إلى إرسال القوافل الدعوية وقوافل السلام التي تجوب قارات العالم المختلفة للتأكيد على سماحة الإسلام والدعوة إلى السلام والتعايش المشترك، وأكد فضيلته استعداد الأزهر الشريف تدريب الأئمة الفرنسيين على منهج الوسطية والاعتدال، داعيًا إلى أن ضرورة وضع لائحة موحدة للمساجد تلتزم بها في الدعوة بما يحقق حرية المساجد واستقلال المجتمع ومن يخرج عن هذا بما يسهم في نشر الفكر المتطرف يتعرض للمسائلة.

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter