الأقباط متحدون - طاقة إيجابية ميرى
أخر تحديث ٠٥:٢٤ | السبت ٢٤ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ١٤ | العدد ٤٠٦١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

طاقة إيجابية ميرى

مفيد فوزي
مفيد فوزي

لست معنياً بـ«الأفندية الأراذل» كما كان يطلق عليهم السادات.. الذين يرون الطريق السليم ويصرون على الاعوجاج. ولست معنياً بصغار النفوس حديثى الولادة فى الشأن العام الذين أفرزتهم «الينايرية»! ذلك أن الأوطان لا تبنيها الشعارات الرنانة ولا الحنجورية الطنانة. ومدى علمى أن سطورى قد لا تروق لمن لا يعرف الشعب المصرى، سماته ومكوناته وخصائصه، صحيح هو شعب طيب وغير ميال للعنف وفرّاز ويشم الفساد ولكنه يحتاج إلى من «يسوسه» ويحكمه ويبرز أجمل ما فيه.

الشعب المصرى «آفته النسيان» عند نجيب محفوظ، و«عبقرى» عند جمال حمدان و«متدين» عند سيد عويس، ومن هذه التوليفة جاءت عراقة هذا الشعب وفصاحته فى التعبير عن نفسه. فى تاريخ مصر جملة اعتراضية اسمها «الإخوان المسلمون»، لم تدم طويلاً لأنها ضد طبيعة المصريين المسلمين قبل أقباطها، ومهما صادفت مصر من غزاة، فهى لا تنكسر ولا تُهزم روحها، وطول العمر شامخة.


مصر - الآن - فى حاجة إلى «طاقة إيجابية» تشعل الأمل وتزيح الكآبة وتزيل التكشيرة من فوق الجباه، مصر الآن بالطاقات الإيجابية تختصر الطريق، شريطة أن يفهم المصريون أن الحكام ليسوا هواة يلعبون الكوتشينة مع الشعوب، وتخرج الأرانب من كم الجاكيت والمليارات من أنف الحاوى وفمه! الطاقة الإيجابية هى المطلب رقم واحد الذى ينبغى ضخه للمصريين. والتفكير بأسلوب «البحر طحينة» خطأ فى حق مصر الحضارة وحق المصريين بناة الأهرام. والطاقة الإيجابية هى الحماس الدائم ومقاومة الإحباط وضرب اليأس فى مقتل، والطاقة السلبية هى «تسويد» كل شىء و«التشكيك» فى كل ما هو مضىء.


مصر - الآن - وبصراحة مطلقة صادمة، ما كان موتورها يدور دون رجل من «جيشها» يرد لها وجهها الصبوح وقدراتها الخلاقة، ما كان باستطاعة «الخائف» فلان أو «المغرور» فلان أو «المرتعش» فلان أو «السطحى» فلان أو «المغمور» فلان أن يدير «موتور» مصر ولو ليوم واحد. ولنكن صرحاء مع أنفسنا. ذهب زمان سعد زغلول والنحاس ومكرم. والأحزاب المصرية أصابها العقم. ورجل بحجم حاكم لبلد كبير كمصر يخرج من صفوف جيشها. جيش مصر هو عزوة مصر، هو عباءتها هو سندها هو ظهيرها وظهرها، ولو هتفت بسقوط العسكر أكون الخائن والعميل والمأجور، تماماً كما أهتف - يقطع لسانى - بسقوط مصر.


فى مشوار عمرى الصحفى والمرئى، حاورت من رجال جيش مصر: يوسف صبرى أبوطالب وكمال حسن على والجمسى وعبدالحليم أبوغزالة والمشير طنطاوى، هؤلاء «أولاد» مصر، «ضنى» مصر، «قطعة من كبد» مصر. هناك طابور طويل طويل من رجالات جيش مصر، أعطوا أرواحهم للبلد ومازال المخلصون يعطون لا يبخلون دون قطرة أنانية.


أهم سمة فى الرجل العسكرى أنه يعادى الـShow، فعلم الإدارة ولد فى أحضان العسكرية، والقرارات فى القوات المسلحة ليست انفرادية وتحكمها أصوات القادة خلف الجدران، والسمة الأخرى فى الرجل العسكرى هى الجدية، وللصيادين فى المياه العكرة أقول إنه ليس معنى انحيازى كمصرى لجدية رجال جيش مصر أنى أنكر عقول مصر العظيمة التى أعطت لمصر ثقلها، ولا أنكر قوة مصر الناعمة التى صارت أستاذة العالم العربى فى الفن والطرب والمسرح والسينما مهما تعثرت المسيرة أحياناً. ولا أنكر «جيش مصر من فرسان العلوم الإنسانية، فلسفة وعلم نفس وعلم اجتماع سياسى وعلم الجمال.. وعلم النفس العسكرى» لا أنكر مطلقاً ثروتنا «المدنية» من الرجال والعقول التى أعطت مصر مذاقها ونكهتها وشخصيتها الفريدة على مر الأجيال. ويا حبذا لو أن جهابذة التعليم فى بلدى أضافوا علم «مصريات» لبرامج التعليم المتطورة لإعادة قيمة الانتماء التى سقطت فى السكة يوم رفض «قطيع» من الناس تحية العلم المصرى والنشيد المصرى، خسئتم! فعندما أتكلم بفخر عن جيش مصر «ثروتها العسكرية» لابد من توأمها «ثروة مصر المدنية بعقولها».


كان قد عاد أب مصرى وابنه الوحيد من إدارة التجنيد وقد قابلته صدفة فى مول العرب، وأخذ يحكى لى عن النظام والمفهومية والمعاملة الحسنة وهو يقدم أوراق ابنه بعد أن بلغ الستين وينتظر الكشف الطبى فى طابور ليس فيه تفضيل أو كوسة، عاد الرجل الذى لا أعرفه يحدثنى بانبهار. كان يريد أن يقابل «واحد من بتوع الإعلام» على حد قوله، ليقول لى «مصر مش ضلمة للدرجة دى»، واستمعت للرجل لأن معلوماتى القديمة أن إدارة التجنيد «مرّ وهلاك»، وصممت على الذهاب لأرى ما يقوله مواطن مصرى من كوم حمادة بيتفسح فى المول، وبمساعدة قيادة من جيش مصر ذات مكانة مرموقة لها خاصية الانصهار والتواضع رغم موقعها، وبالاتفاق مع مدير الشؤون المعنوية السابق لجيش مصر سمير فرج، تحدد لى زيارة لإدارة التجنيد وقائدها من رجال الصاعقة، ولا يفضل ذكر اسمه أو الإشادة بجهده «لأنه يا أفندم جهد مئات الضباط والأطباء والعساكر والأفراد مش جهدى وحدى»، ما أروعك فى تواضعك وقوتك وإحاطتك وقلبك المتعاطف مع أى عيلة مصرية فى مكان التجنيد. ورأيت بنفسى النظام والطابور الملتزم والتطوير بالتكنولوجيا حتى بالأوراق المطلوبة ومدة بقاء الفرد أمام الشباك «مفيش فوت علينا بكره، مفيش الورق عند الموظف الفلانى، مفيش شخلل جيبك، مفيش كل سنة وانت طيب عاوزين حلاوة تأجيل التجنيد»، كل هذه الصور لا تمت بصلة للمكان، بالإضافة إلى «آدمية» المكان «كافيتريا لأهالى المجندين» لا أحد يشكو ولا أحد يتذمر، ولا أحد سرق منه دوره فى الطابور، القائد يرى كل شىء على شاشته ويتابع مناطق التجنيد عبر مصر من شمالها إلى جنوبها، إنها الإدارة الناجزة لا مكان فيها لشبهة فساد أو خداع أو صفقات.


لهذا رحبت باختيار رجل الإمدادات والتموين بالجيش «محمد مصيلحى» وزيراً للتموين ليكون مسؤولاً عن «المعدة المصرية»، ومؤكد، سيعيد للمنظومة «دقة ساعتها» وانضباطها وسيقص الحشائش السامة.



لدىَّ طاقة إيجابية «ميرى».
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع