الأقباط متحدون - شركاء الفشل
أخر تحديث ٠٠:٠٧ | الخميس ٢٥ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ١٩ | العدد ٤٠٣١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شركاء الفشل

سهير جودة
سهير جودة

 لسانى معه وقلبى ويدى عليه.. إنه حال جمهور النادى الأهلى الذى اقتحم الملعب واعتدى فعلاً وقولاً على فريقه بهتافات وأفعال هابطة، هذا الجمهور هو عينة من انحطاط السلوك الاجتماعى فى المجتمع المصرى الآن، وعينة واضحة وصارخة فى الفشل الاجتماعى أيضاً، فمؤكد أن هذا السلوك ليس وراءه الحماس والخوف والحب ولكنه سلوك بلطجة وإجرام وجهل، إذا قبلنا أن هذا السلوك موجود فى المجتمع نتيجة إحباط أو قهر أو تعبير حر عن الغضب، إذا قبلنا أن ممارسات الألتراس كانت نتيجة للأذى والقهر من وزارة الداخلية، فهل هذا يبرر أفعالهم بإسقاط النادى الذى غضبوا من أجله، سلوك هذه الجماهير يتجاوز المرض ويتجاوز العبث، فإذا كانوا يمارسون العنف والفوضى والتعصب تجاه المجتمع والحكومة وأجهزة الأمن إلى حد تعطيل صناعة مهمة كمباريات كرة القدم ثم الاعتداء على الكيان الذى ينتمون إليه فهذا يؤكد أن العنف والغضب مكون أصيل فى تركيبة هذه المجموعة، ومؤكد أن هناك أطرافاً تستخدم بذكاء وبإصرار هذا السلوك لمزيد من الهدم والإسقاط وإشاعة الفشل، وكأن المجهود الذى فعله هذا الفريق وكل البطولات التى فاز بها أصبحت هباء منثوراً لأنه فقد بطولة أو لأنه تعثر بعض الوقت، وإذا كان البعض فى المجتمع يعيش حالة غضب لعدم الاقتناع بأنه لا شىء يتحقق، ففريق الأهلى صورة مغايرة ولكن الدور الذى يفعله هذا الجمهور ليس دوراً داعماً لمحافظة هذا النادى على بطولاته ولكنه يربكه ويعرضه لمواقف سياسية ويحبط معنويات لاعبيه ويربك إدارييه ويسىء لسمعة هذا الكيان والأهم سمعة هذا البلد، فمن سيدفع فاتورة فضيحة أن مدرباً أجنبياً يترك مصر لأن حياته مهددة فيسدد ضربة للسياحة المتعثرة أصلاً، ناتج فعل هذا الجمهور ليس فقط لا شىء وإنما ناتج سلبى ومعطل وضار وقاتل،

هذا النموذج وهذه الواقعة ليست حالة استثنائية وليست حالة طارئة وإنما أصبحت حالة عامة ومعتادة، فهناك فشل أخلاقى وهناك حالة فشل عامة سواء فى الحكومة أو القطاع الخاص أو المواطنين، كلناء شركاء فى الفشل، والمؤسف أن هذا المجتمع ليس على درجة عالية من الانتباه وهو يواجه أعلى درجات الخطر، المجتمع يتعامل وكأننا فى نزهة يصرخ أو يسخر أو يهزأ أو ينتقد أو ينافق أو يمارس البلطجة وكأنه يعمل مراقباً وليس طرفاً أصيلاً فى الأزمة، والمصيبة أن كل الأطراف تتصور أن المشكلة ليست فيها ولكنها فى الأطراف الأخرى، الحكومة ترمى بكرة الفشل على المواطن والمواطن يلقى بالكرة فى ملعب الحكومة، والواقع أننا نواجه خطراً حقيقياً وأننا فى مرحلة حرب عاتية إذا أخذنا بنظرية المؤامرة أو لم نأخذ بها نحن فى حرب وجود ليس على مستوى الدولة فقط وإنما هى حرب اقتصادية وحرب تستهدف الحياة الاجتماعية وتستهدف إلغاء مجتمع ليكون منعدم الأهمية فى المنطقة وفى العالم، فنحن فى حرب مع حالة الفشل المستشرية والناتجة عن أزمات طاعنة فى الفساد والجهل منذ سنوات طويلة، ونحارب خصوماً بالداخل هدفهم إشاعة روح الفشل وأعداء بالخارج يريدون إسقاط الدولة، ونحن جميعاً نساهم فى كوننا شركاء فشل ولا ندرك أنه ليس لنا حل سوى العبور فما عدا ذلك هو الغرق، ولكن للأسف ما زالت درجة الوعى والانتباه فى أدنى مؤشرات الهبوط فنحن نشارك جميعاً فى عزف سيمفونية النجاح فى الفشل وأدوات الدولة معطلة ونعانى ندرة الكفاءة وعدم وجود أفق وهى مسئولية مجتمع وليست فقط قيادة حكومية، ما زال طغيان الفساد جامحاً، الفساد أكبر من الدولة وإشاعة روح الفشل هدف من يخططون لفناء هذا الوطن، ونحن جميعاً نشاركهم فى هذا الخطأ، فمن يتاجرون بالوطن بأفعال وخطط وأهداف وإصرار على تفكيكه ومن يحبون الوطن مشاعر دون أفعال إيجابية، وما بينهم منافقون أو متشككون أو محبطون، نحن جميعاً نتعامل مع الوطن بمبدأ «لسانى معه وقلبى ويدى عليه»، وأصدق توصيف للحالة التى نعيشها الآن توصيف د. هالة سرحان نحن كقطار مندفع فوق قمة شاهقة بدون فرامل وأننا بحاجة إلى عملية زرع عقل جماعى.

 
المصيبة أن كل الأطراف تتصور أن المشكلة ليست فيها ولكنها فى الأطراف الأخرى الحكومة ترمى بكرة الفشل على المواطن والمواطن يلقى بالكرة فى ملعب الحكومة والواقع أننا نواجه خطراً حقيقياً وأننا فى مرحلة حرب عاتية إذا أخذنا بنظرية المؤامرة أو لم نأخذ بها نحن فى حرب وجود
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع