الأقباط متحدون - التجربة التركية (٢)
أخر تحديث ١٣:٣٨ | السبت ٢٣ يوليو ٢٠١٦ | ١٦ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٩٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

التجربة التركية (٢)

 د. عماد جاد
د. عماد جاد

 بالغ «أردوغان» فى عدائه لمصر وشعبها بعد إسقاط حكم المرشد والجماعة، فردّت مصر بطرد سفيره وتخفيض العلاقات الدبلوماسية مع بلده، وردّت دول عربية خليجية تضامناً مع مصر وثورة شعبها بسحب استثمارات من تركيا، ووقف شراء المسلسلات التركى، ووقف مشروعات استثمارية جديدة.. وسرعان ما انكشف «أردوغان» ونظامه، فقد عصفت قضايا فساد بنظام «أردوغان»، ذلك النظام الذى جرى الترويج له باعتباره نظاماً يستند إلى الشفافية والمحاسبة، فقد كشفت وسائل الإعلام التركية عن تورّط عدد من وزراء «أردوغان» فى قضايا فساد، وأن الفساد طال نجل «أردوغان» الذى هرب خارج البلاد، تصاعدت الأحداث، فاستقال ثلاثة من الوزراء، سارع الرجل بإجراء تغيير وزارى استبدل فيه عشرة وزراء، ولم تنجح هذه الإجراءات فى علاج الأزمة، فقد بدأت المظاهرات تخرج مطالبة برحيل «أردوغان»، ولجأ الأخير إلى الأجهزة الأمنية لقمع المتظاهرين.

 
استضاف «أردوغان» فلول الجماعة الهاربة من مصر، وجعل من بلاده مقراً جديداً للجماعة، ومنها انطلقت الفضائيات المعادية لمصر. لم تتحقق طموحات «أردوغان» فى زعامة دولة الخلافة بسبب الإطاحة بحكم المرشد والجماعة فى مصر، فبدأ يبنى أساس دولة الخلافة فى تركيا، غيّر النظام السياسى فى البلاد، ليصبح جمهورياً بدلاً من البرلمانى، وأطاح برفقاء الأمس، الواحد تلو الآخر، فبعد الشقاق الكبير مع فتح الله جولن، أزاح الرئيس التركى عبدالله أوجلان، وحل محله، ثم أطاح برئيس الوزراء داود أوغلو، وبدأ ينفرد بالسلطة ويبنى نظاماً جمهورياً يجلس فيه على رأس السلطة.
 
جاء الإعلان عن محاولة انقلاب عسكرى فى البلاد كى يحقق «أردوغان» ما يتطلع إليه من وضع أسس دولة الخلافة، فقد دفع بقوات الشرطة المسلحة تسليحاً جيداً لمواجهة العسكريين الذين خرجوا عليه، واعتمد بشكل رئيسى على ميليشيات الجماعة الوافدة من دول أجنبية، كى تنتقم من الجنود والضباط الأتراك، ثم بدأ فى عملية تصفية كل المخالفين له فى الرأى داخل مؤسسات الدولة التركية وأجهزتها المختلفة من عسكرية، وأمنية، وتعليمية وقضائية، قوائم تضم آلاف الأسماء من العاملين بمؤسسات الدولة التركية تم فصلهم من العمل، وعشرات الآلاف تم اعتقالهم على نحو يقطع بأن الأسماء معدّة مسبقاً وفق تقارير الأجهزة الأمنية وأن «أردوغان» استغل محاولة الانقلاب الفاشلة فى تصفية، ليس خصومه فقط، بل والمختلفين معه فى الرأى والرؤية. أكثر من ذلك فقد دعا «أردوغان» إلى تعديل دستورى تعاد بموجبه عقوبة الإعدام، حتى يتمكن من إعدام بضعة آلاف ممن شاركوا فى الانقلاب، إضافة إلى خصومه السياسيين.
 
تكشف هذه القرارات من جانب «أردوغان» عن قرار من جانبه بوقف محاولات الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبى، ذلك الحلم التركى القديم الذى تطلع فيه إلى دمج تركيا بالغرب وجعلها جزءاً من أوروبا، رغم أن أكثر من ٩٥٪ من مساحتها يقع فى آسيا، فأخيراً أقر «أردوغان» بأن تركيا لن تدخل الاتحاد الأوروبى، ومن ثم عاد ليوجه بلاده صوب الشرق والجنوب مجدداً، لكن من موقع القيادة عبر حلم إعادة استنساخ دولة الخلافة، ويكون هو الخليفة الأول فى المرحلة الجديدة، وهو حلم سيتهاوى كحلم دخول الاتحاد الأوروبى وسيكون «أردوغان» المسئول عن نسف إرث أتاتورك وتفتيت الدولة التى أقامها مؤسس تركيا الحديثة، فالجماعة ما تولت مسئولية إلا وأضاعت أهلها.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع