الأقباط متحدون - ما قبل الفجر! (1)
أخر تحديث ١٤:٣٨ | الاثنين ٢٣ مايو ٢٠١٦ | ١٥بشنس ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٣٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ما قبل الفجر! (1)

كمال زاخر
كمال زاخر

تتلاحق الأحداث متسارعة، وفى أغلبها صادمة بل ومروعة، تؤكد أنها ليست ترتيباً قدرياً، عفوياً، ويمكننا ربطها فى سياق متصل، بعيداً عن نظريات المؤامرة، أو القراءات الأيديولوجية، والمواقف المبنية على انتماءات ضيقة، ترحل مفهوم وقيمة الوطن بعيداً، لنجد أن إسقاط تحالف 30 يونيو من وراء القصد.

فالبداية كانت بالترويج لمصطلح مراوغ ومفارق للواقع المصرى، (حكم العسكر)، بينما كل الدول الكبرى أسندت إدارتها إلى قيادات من خلفية عسكرية فى المراحل المفصلية التى أعقبت خروجها من أحداث جسيمة، (الحرب العالمية، إنجلترا مثالاً)، والحرب الأهلية الطاحنة، (الولايات المتحدة الأمريكية نموذجاً)، فطبيعة المرحلة تستوجب إعلاء قيمة الانضباط والنظام، ومواجهة الفوضى التى تتفشى عقب تلك الأحداث.

وعندما ننتقل لواقعنا المصرى لا نجد انفصالاً بين المؤسسة العسكرية والوطن، بل لعلها المؤسسة الأبرز فى تأكيد الاندماج الوطنى، سواء فى قاعدتها التى تتشكل فى تجدد متواتر من شباب مصر عبر آلية التجنيد الإلزامى، الذى لا يضع شروطاً فئوية أو اقتصادية أو مذهبية أو عرقية، أو عند قياداتها التى تحكمها قواعد صارمة فى التصعيد عبر هرمها التنظيمى.

ويظل الدستور هو الغطاء الذى يضبط العلاقات داخل مؤسسات الدولة الرئيسية التقليدية الثلاث فى توازن تحدده نصوص واضحة وملزمة.

علينا أن نقر بأننا نعبر مرحلة انتقالية، ما بين أنظمة فاشية وإلى دولة المواطنة، تأسيساً على قواعد أُرسيت عبر خارطة طريق صاغتها وثيقة دستور ما بعد 30 يونيو، وللمراحل الانتقالية ضوابط ملزمة، لا تعرف رفاهية الاحتراب، أو النكوص إلى انتماءات ضيقة، أو القفز على المراحل وتعجُّل النتائج.

ربما تتجلى الأزمة فى نمط التفكير الذى استقر فى الشارع، لا فرق بين نخب وعامة، والذى لا يعرف التدرج اللونى بين الأبيض والأسود، والذى استقر فى حضَّانة أنظمة حاكمة انحازت عبر عقود طويلة لنسق النظام الأبوى، منذ أممت الشارع السياسى، وحوّلته إلى قطيع ينتظر ما توفره الدولة، بحسب رؤيتها بامتداد يومه وحياته، من التعليم إلى الصحة إلى الوظيفة وبدعة الدعم الذى كان علاجات ساذجة لاختلالات اقتصادية فادحة، بدلاً من تفعيل ماكينة الإنتاج والعمل والإجادة والتنافسية.

الانتقال لن يحدث فى لحظة فى طرفة عين، ولن يتحقق بقرارات أو بتوافر النوايا الحسنة، لأنه يواجه مصالح ومواقع استقرت، لن تقبل بالخروج إلى دولة المواطنة والقانون والعدالة، لأنها ستأتى خصماً من مكتسبات تلك القوى المتغلغلة فى واقعنا، وسيواجه بسعى عودة الأنظمة التى سقطت، نظام دولة الفساد، ونظام الدولة الدينية، وكلاهما مدعوم بقوى إقليمية ودولية، ترى فى مصر عقبة كئود أمام مشاريع السيطرة والتفتيت.

وقد ندرك هذا إذا قرأنا بتدقيق توقيتات الأحداث المروعة التى تلاحقت فى السنتين الأخيرتين، من أعمال إرهابية، سيناء نموذجاً، إلى تفخيخ العلاقات بيننا وبين الدول الحليفة، إيطاليا واليونان وفرنسا وغيرها، عبر حوادث محكمة يسبقها ويلحقها وابل من نيران التشويه الإعلامى عبر شبكات محلية وإقليمية ودولية، وتجنيد لجانهم الإلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعى للتشكيك فى كل جهود البناء ومشروعات البنية التحتية، وجسارة اقتحام الحلول غير التقليدية.

الواقع محمل بأسئلة؛ هل كانت 30 يونيو لحظة فاصلة حملتنا على بساط سحرى ووضعت على الأرض نقطة فى نهاية السطر؟ وهل كان منتسبو الأنظمة الغاربة من الطوباوية إلى الدرجة التى سلموا فيها بقبول ما جاءت به ثورة 30 يونيو؟ نحتاج إلى التخلى عن سيناريو النهاية السعيدة التى رسختها أفلام سينما الأبيض والأسود، ونقر بأن للتدرج حساباته، ونعيد النظر فى آليات التفاعل والتواصل مع الشارع وخاصة الأجيال الجديدة من شباب تتشكل رؤاه خارج قواعد التوجيه والسيطرة التقليدية، والطرح متواصل.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع