الأقباط متحدون - لماذا.. وزارة للقطاع العام؟
أخر تحديث ٠٨:٣٦ | الخميس ٢٤ مارس ٢٠١٦ | ١٥ برمهات ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٧٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

لماذا.. وزارة للقطاع العام؟

عباس الطرابيلي
عباس الطرابيلي

وسط خضم الكلام عن التعديل الوزارى الجديد، الذى انتظره الناس، ليعرفوا أين «ترسو» سفينة البلاد، أتمنى أن نرى وزارة لقطاع الأعمال- وهذا اسمها الشرعى - وإن كان الناس يعرفونها باسم «القطاع العام» ليس حباً فى تملك الدولة لشركات ومصانع القطاع.. أو ما تبقى منه.. ولكن لأسباب أخرى عديدة.

مثلاً: لأن ما تم بيعه من شركات، عندما تولاها د. عاطف عبيد، ثم دكتور مختار خطاب ذهب إلى بلاعة الخزانة العامة، ولم يحس أحد بنتائج البيع، رغم أن قانون بيعها كان ينص على أن يذهب الثلث لمواجهة الخروج المبكر للمعاش للعاملين فيها، والثلث الثانى لتطوير ما بقى من شركا،ت والثلث الثالث للمالك، أى للدولة، ولكن الدولة، أيامها، استولت على الثلثين، أقصد ذهبا إلى بلاعة لا قرار لها!! وبذلك تركنا ما بقى من شركات دون أى تحديث أو تطوير - وكان هذا متعمداً للأسف - لكى تسقط هى أيضاً.. وبالتالى يكون مصيرها البيع.. أيضاً.

وبسبب ذلك فقدنا العديد من المصانع الاستراتيجية الخطيرة مثل المراجل والكتان والأسمنت.. فضلاً عن مصانع زيت الطعام والغزل والنسيج.. وكدنا نفقد مصانع الحديد والصلب وكيما.

ولكن من اشتروا ما تم بيعه لم تكن عيونهم على تطويرها وتحديثها من أجل إنعاشها واستمرارها.. ولكن من أجل أصولها الثابتة من أرض، وهى بمساحات هائلة.. وهكذا فقدت مصر ثروة صناعية عظيمة كانت هى مفخرة العصر الناصرى.. حتى ولو كانت مثل مصانع منتجات الألبان والخشب المضغوط فى دمياط والقاهرة.. وقها وإدفينا.. وغيرها.. مثل الكابلات ومواسير الأسمنت والشبة.

والجريمة التى تمت - ببيع أمهات الصناعة المصرية - ندفع ثمنها الآن غالياً مثل معاصر الزيوت، ويكفى أننا نستورد الآن 90٪ مما نستهلك من زيت الطعام.. وإذا أردنا أن نقيم صناعات تعوضنا عما بيع فإننا سندفع أرقاماً لا يصدقها عقل.

ولكن لماذا أطالب اليوم بعودة وزارة قطاع الأعمال؟ لسبب بسيط هو أن نخرج من تحت سيطرة مافيا الاستيراد، حتى ولو كان باكو بسكويت.. ودخلنا إلى عالم المستوردين - بكل شىء - بعد أن كنا نعيش فى رغد عالم المصدرين، وما الكارثة التى نعيشها الآن إلا بعض نتائج سياسات جاهلة، حتى إننا الآن نستورد بحوالى 85 مليار دولار سنوياً.. ولا نصدر إلا بحوالى 22 ملياراً!!

أقول ذلك رغم أننى من مدرسة سياسية - اقتصادية ترى بحرية الاقتصاد، وأن الدولة - عندنا - صانع سيئ.. وتاجر أكثر سوءاً، إلا أننا مازلنا نجد الدولة - فى كثير من الدول المتقدمة - تمتلك العديد من المصانع الاستراتيجية الحيوية التى لا يمكن تركها فى يد القطاع الخاص فى أوروبا وأمريكا وأستراليا!! ويكفى فى مصر: شركة المراجل البخارية.

أقول ذلك، لكى تتواجد بيننا وزارة ترعى المصانع الحيوية.. خصوصاً بعد أن باعت الدولة معظم شركات الأسمنت، وهى من أهم الصناعات الحيوية، فى دولة تسعى إلى إعادة بناء كل شىء فيها.. وأن تتولى الدولة إحياء المصانع التى قتلناها لأننا أهملناها بعدم التحديث والتطوير لا أن تسعى الوزارة إلى تصفيتها.. وهنا أضرب مثالاً بوزارة التموين، التى اتهمنا الدكتور أحمد جويلى - عليه رحمة الله - بأنه جاء لتصفية دورها.. فتولى إحياءها حتى أصبحت وزارة الغلابة ويكفى ملايين البسطاء الذين يعيشون الآن على مواد بطاقة التموين.

■■ لكل هذه الأسباب أرى ضرورة عودة وزارة قطاع الأعمال لكى تنقذ ما بقى من «تراث صناعى مصرى أصيل» يتمثل على الأقل فى مصانع الغزل والنسيج فى المحلة الكبرى وكفر الدوار ودمياط وشبين الكوم والدقهلية.. فقد «كان» يعمل بهذا القطاع النسيجى وتوابعه أكثر من ثلث عمال مصر.

نعم للوزارة.. قبل أن يدهمنا الوقت، وتؤدى الوزارة اليمين الدستورية.. وكان يمكن أن أقبل بيع القطاع العام.. لو كانت مصر غنية.. أما وهى الآن فى القاع.. فإن هذا القطاع يبلع أى حصيلة بيع.. ونفقد ما بقى من ثروات مصر.

نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع