الأقباط متحدون - «28 ثانية = 5 سنوات سجناً»!
أخر تحديث ١٧:٠٥ | الأحد ٢٨ فبراير ٢٠١٦ | ٢٠ أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٥٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«28 ثانية = 5 سنوات سجناً»!

محمد الدسوقى رشدى
محمد الدسوقى رشدى

«اللهم اكفنى شر أصدقائى أما أعدائى فأنا كفيل بهم»..

يقولها هؤلاء الذين أتعبتهم محاولات تأمين حياتهم من الخصوم الواضحة، وحينما يظنون أنهم قد أكملوا الحصون اللازمة لحمايتهم من ذلك، تفاجئهم طعنة ما فى الظهر من شخص ظنوا أنه صديق.

هكذا حال مصر، منذ فجر تاريخها؛ مقبرة غزاة قادمين من الخارج، وضحية مَن هم فى الداخل سواء كانوا متآمرين عن عمد أو متآمرين بفشلهم وقلة حيلتهم، لذا فقد آن الأوان أن تصرخ مصر قائلة: «اللهم اكفنى شر المتآمرين اللى جوه أما المتآمرين اللى بره فأنا كفيلة بهم».

ماهو مافيش حد بيعمل فى بلده كده يا جماعة، مافيش حد بيبقى عنده الإصرار الغريب ده على تشويه صورة البلد، وتقديمها لقمة هنية على طبق من فضة للمنظمات الدولية والصحافة الأجنبية والإخوان عشان يفترسوها ويشوهوا صورتها، ماهو مافيش حد بيسجن طفل عشان لابس تى شيرت عليه «لا للتعذيب»، ومافيش حد فى قلب الظروف الصعبة اللى بنعيشها دى وتربص العالم بينا يسجن روائى سنتين عشان فصل فى رواية، ومافيش حد فى دولة بتدعو لتجديد الخطاب الدينى وحرية التفكير يفرح بسجن ناس بتهمة ازدراء الأديان..

وأكيد.. أكيد مافيش حد يسجن 3 أطفال عندهم 15 سنة بتهم ازدراء الدين الإسلامى.. ومش بس كده، ده يسجنهم 5 سنين كاملة، ومش بس كده، ده بيسجنهم بسبب فيديو مدته 28 ثانية، لأ ومش بس كده، ده فيديو كانوا بيسخروا فيه من داعش..

القصة كما لا يمكن أن يتخيلها كاتب سيناريو لفيلم هزلى تقول بأن جنح أحداث بنى مزار حكمت على ثلاثة أطفال مسيحيين (مولر عاطف داود، باسم أمجد، ألبير أشرف) بالسجن لمدة خمس سنوات والإيداع لدى مؤسسة عقابية للطفل الرابع (كلينتون مجدى يوسف)؛ على خلفية اتهامهم بازدراء الأديان فى القضية رقم 350 لسنة 2015.

قسوة الحكم، 5 سنوات مقابل فيديو 28 ثانية، لأطفال لم تتشكل عقولهم بعد، لم يصلوا لمرحة النضج العقلى التى تجعلهم مسئولين عن أفعالهم، تجعلك تسأل: وماذا فعل هؤلاء الأطفال «الوحشين» كى يستحقوا هذا العقاب؟. وهل أصلاً يجوز أن نحاكم أطفالاً بتهمة ازدراء الأديان، ألا تعرف أنك لو حاكمت هؤلاء الأطفال بقوانين الدين الإسلامى الذين تتهمهم بازدرائه، لن يكون عقابهم السجن لأن قوانين الإسلام ستخبرك بأنهم دون التكليف الشرعى، يحق عليك نصحهم، إرشادهم، قرصة ودن تعليمية، تعلّمهم الصح، لا أن تضعهم فى السجن وتخصم من مستقبلهم وعمرهم خمس سنوات كاملة.

هل تجرأ هؤلاء الأطفال مثلاً وهدموا جامعاً أو أحرقوا مصحفاً، أو نشروا رسمة مسيئة للنبى عليه الصلاة والسلام، كى يستحقوا هذا الغضب والحكم القاسى؟!، لم يحدث شىء من هذا، الحكاية أن شائعات غاضبة انتشرت فى أبريل من العام الفائت تقول إن أطفالاً صوّروا فيديو يسخرون فيه من شعائر الإسلام وتحديداً من الصلاة، وحينما عدنا للفيديو وجدنا مجموعة أطفال مثلهم مثل غيرهم من الآلاف الذين انتشروا على اليوتيوب بفيديوهات تسخر من داعش، أحدهم يمثل أنه يدعو بينما يتم ذبحه على الطريقة التى تنتشر فى فيديوهات داعش، هذا كل ما حدث، السخرية من داعش.. فهل أصبحت السخرية من داعش محرّمة؟

الحكم الصادر أكبر بكثير من مسألة السنوات الخمس، الحكم يعد تعبيراً عن عدم الأخذ بالظرف السياسى والاجتماعى قبل اتخاذ القرار، وهذا أمر من أركان الحكم القضائى السليم، لأنه سيكون مثيراً للاحتقان ومسبباً لفتنة، كما أن الحكم تبدو مشكلته أكبر فى أنه اعتراف ضمنى بأن داعش هى الإسلام ولا يجوز لنا أن نسخر من داعش، رغم أن التجربة أكدت أن السخرية من داعش كانت أقوى سلاح دمر خطة داعش لنشر الرعب فى صفوف العالم العربى.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع