الأقباط متحدون - بائعـة البيـض
أخر تحديث ٠٠:٤٦ | الثلاثاء ٢ فبراير ٢٠١٦ | ٢٤طوبة ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٢٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

بائعـة البيـض

قصة طريفة ممتعة تتحدى ذكاءك
 
للأديب  والشاعر فايز البهجورى
    هنوات  فلاحة مصرية . كانت تعيش فى قرية صغيرة إسمها قرية  برما  وهى إحدى قرى مركز طنطا بمحافظة الغربية .
كانت هنوات تعيش سعيدة مع زوجها  حسان ، الذى كان يعمل فلاحاً أجيراً فى أرض الشيخ طنطاوى . وهو واحد من أغنياء القرية .
وكان لهما طفلين صغيرين  هما  تامر  الذى يبلغ من العمر   9 سنوات ، و هند  التى تبلغ من العمر 7 سنوات .
 
***
  وفى أحد الأيام كان حسان يقوم بقطع بعض الأشجار فى غيط الشيخ طنطاوى .
 وأصيب بجرح عميق فى ركبته . فقام بوضع كمية من الطين على الجرح حتى لا ينزف .
وتحايل على نفسه وعاد إلى منزله وهو يعرج .
 
إنزعجت هنوات عندما شاهدته فى هذه الحالة . ولما سألته عن السبب أخبرها بما حدث . وطلبت منه أن يذهب إلى طبيب الوحدة الصحية ليعالجه ،ولكنه رفض وقال لها إنها مسألة بسيطة ، وسوف يطيب الجرح بعد أيام قليلة .
 
ولكن الطين الذى وضعه حسان على الجرح كان ملوثاً ،  وأدى الى اصابته بتسمم فى الدم .

وكما أهمل حسان فى علاج الجرح فى البداية ، أهمل أيضاً فى علاج التسمم ، مما أدى إلى مضاعفات خطيرة ، إنتهت بموته ، بعد عملية جراحية أجريت له بعد فوات الأوان .
 
حزنت هنوات على زوجها حسان حزناً عميقاً . وكذلك الأطفال هند وتامر . وفجأة وجدت هنوات نفسها مسئولة عن رعاية الطفلين وتوفير الطعام لها ولهما .
ولم تكن تملك من المال ما يساعدها على ذلك
حتى المعونة المالية التى قدمها لها صاحب الأرض ، ضاعت فى محاولة علاج حسان . ولم يبق منها شيئاً .
 
ورفضت هنوات أن تعمل " خادمة " فى بيت الشيخ طنطاوى ، أو حتى فى أرضه حتى تتمكن من رعاية أطفالها .
 
وجلست فى بيتها الصغير تفكر ماذا تعمل ، وليس لديها أرض تزرعها ، أو حرفة تمارسها ، أو مصدر رزق تتكسب منه .
 
وبينما كانت تفكر ، سمعت صوت دجاجة تنقنق فإتجهت ببصرها ناحيتها ، وعرفت بخبرتها أن هذا الصوت معناه أن الدجاجة سوف تبيض .

 فظلت تنظر إليها وتتابعها حتى خرجت البيضة . ثم قامت وأخذتها  ووضعتها مع بقية البيض الذى جمعته من دجاجاتها السبع التى تقتنيها فى بيتها الصغير .
 
وخطرت فكرة على بال هنوات . لماذا لا تقوم بشراء كميات من البيض ـ من جيرانها الفلاحات ـ وتأخذها وتبيعها فى سوق المدينة ، بعد أن تضيف إلى ثمن كل بيضة منها قليلاً من الربح 
إن المشروع لا يحتاج إلى نقود كثيرة ، ولامجهود كبير .
ولكن مشكلتها كانت  أنها لا تجيد القراءة والكتابة ولا تعرف الحساب ،.
ومع ذلك فقد فكرت أن تستعين بإبنها تامر عند اللزوم
                                           ***
وفى يوم من الأيام جمعت كمية كبيرة من البيض ثم وضعتها فى " سلة " وذهبت بها إلى سوق المدينة لبيعها ، كما إعتادت أن تفعل ذلك من قبل.
 
    ولكن حدث شيء لم يخطر على بالها  سبب لها كثيراً من الحزن والألم .
 فقبل أن تصل إلى سوق  المدينة إصطدم بها رجل يركب دراجة ، فسقطت السلة على الأرض وتكسّر معظم ما بها من بيض .
 
 
حزنت هنوات حزناً شديداً ، وأخذت تبكى . وأمسك بعض المارة  بالرجل . وطلبوا منه أن يدفع لها ثمن البيض الذى تسبب فى كسره فرفض .
أخذوه إلى نقطة البوليس بالقرية .
 
وهناك سألها الضابط عن عدد البيض الذى كانت تحمله  ليدفع لها الرجل ثمن البيض الذى تسبب فى كسره.
ولم تذكر له هنوات العدد لأنها لا تعرفه . ولكنها قالت له:
إذا قسّمت البيض ثلاثة ثلاثة ،ً تبقى واحدة .
وإذا قسّمته أربعة أربعة  تبقى واحدة .
وإذا قسّمته خمسه خمسه تبقى واحدة .
وإذا قسّمته سته سته تبقى واحدة .
وإذا  قسّمته سبعهً سبعه لا يبقى شيئاً .
                     ***
دهش الضابط لهذا الطريقة العجيبة فى الحساب ، ولم يستطع بسهولة أن يعرف عدد البيض كله ، ليحسب عدد البيض الذى تكسّر منه
ولكنه بعد جهد كبير وصل إلى معرفة عدد البيض الذى كانت تحمله هنوات فى سلتها.
 وبعد أن طرح منه عدد البيض السليم طلب من الرجل أن يدفع لها ثمن البيض المكسور .
ولما عرف الرجل ظروف المعيشة الصعبة التى تعيشها هنوات دفع لها الثمن وإنصرف
 .
أخذت هنوات النقود من الرجل وإنصرفت وهى تدعو له أن يعوضه الله خيراً عن الخسائر التى تحمّلها .
وتدعو لضابط النقطة أن " يرفع الله شأنه . .ويعلّى مراتبه.  و يبارك فيه . ويحفظه لأولاده . ولصحته وشبابه  ... إلى آخر هذه الدعوات المخلصة التى تصدر عن هؤلاء القوم البسطاء .
 
   فى هذا الوقت كان يجلس مع ضابط نقطه البوليس صديق قديم له كان فى زيارته ، وكان الصديق يتابع كل ما دار من حديث بين هنوات والضابط   
                      .
وحاول هو بدوره أن يحسب عدد البيض الذى كان فى السلة ولم يستطع معرفته .
   فسأل صديقه الضابط عنه وكيف توصل إلى معرفته .
أجابه الضابط مبتسماً وقال له :
لقد حسبتها بطريقة بسيطة حتى عرفت أن عدد البيض كله هو ......
 ولم يكمل الضابط كلامه .
 فقد دق جرس التليفون وأمسك بالسماعة وتلقى المكالمة  وإذا بالمتحدث هو مأمور المركز يستدعيه على وجه السرعة لأمر عاجل جداً .

فهب الضابط واقفاً . وقبل أن يغادر مكتبه كان ساعى البوفيه يحمل " فنجاناً من القهوة " للضيف .
 ونظر الضابط " لفنجان القهوة " ولصديقه الضيف وقال له مبتسماً وهو يداعبه .
إشرب قهوتك وعاود التفكير فى الموضوع مرة أخرى .،  ولعل القهوة تنعشك وتقودك إلى الحل الصحيح .
 وأرجو أن أعود وأجدك قد عرفته .
وحياه الضابط وإنصرف .

وإبتسم الصديق إبتسامة عريضة وهو يشرب فنجان القهوة .
وعاد إلى التفكير من جديد فى " حسبه فلاحة برما "  لعله يستطيع الوصول إلى معرفة عدد البيض الذى كان معها قبل أن يعود صديقه ضابط نقطة البوليس إلى مكتبه فيسخر من ذكائه .
=======================
     عدد البيض   301

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter