الأقباط متحدون - حوار مع الكاتب و المفكر المصرى طلعت رضوان
أخر تحديث ١٧:٠٣ | الخميس ١٧ ديسمبر ٢٠١٥ | ٧ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

حوار مع الكاتب و المفكر المصرى طلعت رضوان

الكاتب و المفكر المصرى طلعت رضوان
الكاتب و المفكر المصرى طلعت رضوان

قام بأعداد الأسئله : سامح سليمان
نرحب بك استاذ طلعت و نرجوا منك ان تحدثنا عن شخصك الكريم .
ج : اسمى طلعت رضوان ، أنا من مواليد 18/7/1942 محافظة القاهرة – حى العباسية.

وكان أبى يسرح بعربة خشب لبيع العيش وكنتُ أساعده فى توزيع العيش على البيوت .

صدر لى 26 كتاب فى فروع مختلفة ما بين الرواية والقصة القصيرة والقضايا الفكرية ، حول علمنة مؤسسات الدولة ، وبعض كتبى صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ، والهيئة المصرية العامة للكتاب ، والمجلس الأعلى للثقافة ، وكتاب وحيد عن دار الهلال بعنوان (مصر الحضارة والانتصار للحياة) وكتاب وحيدعن دار أخبار اليوم (مجموعة قصص قصيرة بعنوان (روح الفراشة) وباقى الكتب إصدارات خاصة .

س : هل يلعب الأعلام العربى دوراً إيجابياً فى توعية و تثقيف المواطن أم تضليله و تجهيله ، و هل السبب فى ذلك السلطه أم رؤوس الأموال؟
ج : الإعلام العربى أرى أنه واحد من أسوأ أشكال الإعلام فى العالم ، لأنه يعتمد على ثوابت من التراث العربى/ الإسلامى بكل ما فيه من كوارث حطــّـتْ على البشرية. وكذلك هو إعلام مع رموز السلطة ، مهما ارتكب الحـُـكام من كوارث ضد شعوبهم ، كما أنه إعلام لا يهتم بمصلحة الجماهير الشعبية ، بل بالعكس هو يساعد فى تضليل الجماهير.

س : هل المثقف العربى عنصر فعال و مؤثر أم مؤدلج و متعالى و ألعوبه فى يد من يملك المال أو السلطه ؟
ج : أعتقد أنّ أغلب المثقفين العرب وأغلب المثقفين المصريين أدوا أدوارًا كارثية فى تمجيد السلطة الحاكمة ، ولو ركــّـزنا على مصر نكتشف أنّ (المثقفين) المصريين ردّدوا مزاعم عبد الناصر حول (عروبة مصر) وصدّقوا تلك الأكذوبة ، ولم يهتموا بدراسة الموقف من ناحية التعريف العلمى لمفهوم (الثقافة القومية) التى هى مجموع أنساق القيم التى أبدعها شعب من الشعوب عبر تاريخه الممتد ، وذلك يتضح فى (الميثولوجيا) وفى كل أشكال الإبداع الشعبى من نكت وأمثال ومواويل وعادات (الموالد ، سبوع الطفل ، أربعين الميت.. إلخ) ولو أنّ (المثقفين) اهتموا بدراسة تلك الأبواب لعرفوا أننا لا ننتمى للعروبة إطلاقــًـا . كما أنهم سكتوا على جريمة عبد الناصر عندما شطب اسم مصر وصار الاسم الحروف الثلاثة الشهيرة (ج. ع. م) وتلك جريمة لم يرتكبها الغزاة الذين احتلوا مصر بما فيهم العرب ، ولذلك فإننى أتحفظ على تعبير (مثقفين) وكتبتُ عنهم أنهم (متعلمين كبار) وعلى رأسهم العروبى الكبير الأستاذ الدكتور جمال حمدان الذى ردّد أكاذيب العروبيين والناصريين والماركسيين عن أنّ (مصر عربية)

س : ما تقييمك لما يسمى بثورات الربيع العربى، هل كان ربيعاً عربياً أم خريف أصولي صناعه أمريكيه؟
ج : أعتقد أنها انتفاضات وليست ثورات.. ولو أخذنا تجربة مصر، نكتشف أنّ كل انتفاضة يعقبها (نوم طويل) وأنّ الانتفاضة لم تحقق مطالب الجماهير الذين خرجوا من أجل تحقيق مطالب محددة وعلى رأسها نظام يحترم الإنسان ، وهذا لا يكون إلاّ من خلال (دولة القانون) ودولة القانون لا تتحقق إلاّ بواسطة (علمنة مؤسسات الدولة) وبعد مرور خمس سنوات على انتفاضة يناير2011 نجد أنّ هذا المطلب لم يتحقق ، كما حدث مع انتفاضة يناير1977 التى قضى عليها السادات بقراره الخبيث عندما أصدر تعليماته بإلغاء قرار زيادة الأسعار، وبعد ستة شهور ارتفعت الأسعار تحت شعار (تحريك الأسعار) تنفيذا لأوامر صندوق النقد الدولى . ولذلك أنا كتبت فى هذا الموضوع وقلت أنّ شعبنا (ينتفض وينام) والكارثة أنّ انتفاضة يناير2011 نتج عنها سيطرة المجلس العسكرى الذى منح الأصوليين فرصة عمرهم ليمارسوا أدوارًا سياسية لتخريب مصر .

س : هل الثقافة العربية ( أدب _ فن _ فكر _ سلوك ) ثقافة قمعيه عنصرية تراثية أم تقدميه حداثية، وهل توجد علاقه بين الموروث الديني والاجتماعي و الثقافي و بين ما تتعرض له المنطقة العربية من صراعات و أزمات؟

ج : أعتقد أنها ثقافة معادية لروح العصر الحديث ، بسبب طغيان الماضى على الحاضر، والعداء للعلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية ولحرية المواطن (الفرد) فى استقلال فكره ، وتعظيم آلية (التلقين) فى التعليم وبالتالى تجريم الحق فى الاختلاف وقمع أى تفكير حر. ولعلّ من بين أسباب التخلف الحضارى والتكنولوجى فى المنطقة (سواء عند العرب أو فى مصر) هو عدم الانتباه لجوهر التقدم الذى حدث فى أوروبا ، عندما تم الانتصار على الكهنوت الدينى ، حيث أنه (بفضل العلماء والفلاسفة) تمّ ترسيخ حقيْن للمواطن : الأول حق الاختلاف والثانى (وهو أهم من الأول) حق الخطأ ، على أساس أنّ : صواب اليوم قد يكون خطأ الغد ، والعكس صحيح.

س : ما رأيك فى التجربه شبه الليبراليه التى خاضتها مصر منذ عام 1923 حتى 1952 هل نحتاج الى العوده الى هذا النموذج ، أم تلك أصوليه فكريه و نحتاج إلى نموذج جديد ذو خصوصيه مصريه ، وما هى طرق تحقيق تلك الرؤيه و ما هى المعوقات ؟ و هل بالفعل العلمانيه لا تتناسب مع المجتمعات العربيه كما يرى الدكتور يوسف زيدان ام انها هى الحل ؟

ج : أعتقد أنها تجربة غاية فى الأهمية. وأنا لى كتاب فى هذا الشأن صدر عن مكتبة الأسرة عام 2010 بعنوان (الليبرالية المصرية قبل يوليو52- النشأة والأفول) وفرّقت فيه بين الليبرالية الفكرية والليبرالية السياسية ، وأنّ سقف الأولى كان أعلى بكثير من سقف الثانية ، بسبب ألاعيب السياسة وسحر كراسى السلطة.. إلخ بينما كان المفكرون الليبراليون على وعى بأهمية دولة القانون ودولة المواطنة ، لدرجة أنّ عميد الثقافة المصرية (طه حسين) كتب دراسة فى مجلة الحديث أمشير/ فبراير1927 انتقد فيها اللجنة التى وضعتْ دستور1923 بسبب المادة رقم 149 التى نصـّـتْ على أنّ ((دين الدولة الإسلام)) وقال إنّ تلك المادة لن تفرّق بين المسلمين وغير المسلمين فقط ، وإنما سوف تفرّق بين المسلمين أنفسهم ، لأنّ كل (مسلم) يفهم الإسلام بطريقته الخاصة ، وأنّ المسلمين لم يتفقوا على مفهوم واحد للإسلام ، وشارك معه د. محمود عزمى وآخرون ، كما أنّ تلك الفترة شهدتْ (ثورة فكرية) حقيقية لدرجة أنْ يكتب عبد الحميد الحديدى ومحمود عزمى وآخرون أنّ تدريس الدين يكون مسئولية (البيت) وليست مسئولية المدارس ، خصوصًا عندما يكون بالوطن تعدد أديان ، وكتب كثيرون (مثل فكرى أباظة) وطالبوا بإلغاء خانة الديانة من جواز السفر ومن كل المحررات الرسمية. كما أنّ تلك الفترة شهدتْ (ثورة) حقيقية فى تعظيم دور المرأة ، حيث نجد العديد من الأسماء التى ساهمتْ فى حركة التنوير، أمثال منيرة ثابت ودرية شفيق وسعاد الرملى وهدى شعرواى.. إلخ .


س : هل النص الدينى مشكله فى حد ذاته ام ان التفسير فقط هو المشكله ، و ما هو الحل ؟

ج : يذهب ظنى أنّ الأنظمة التى تتعامل مع أية مرجعية دينية هى أنظمة مُستبدة ، ولا يهمها مصلحة المواطن الشريف ، خاصة الفلاحين والعمال إلخ ، لأنّ أية دولة تود التقدم والحرية لشعبها لابد أنْ تعى الحقيقة التى لا خلاف حولها وهى تكريس (دولة القانون) ومصر عرفتْ تلك الدولة القانونية (مع بعض التحفظات) منذ عهد محمد على ، ثم كان التراجع بعد كارثة أبيب/ يوليو52 ، عندما حوّل عبد الناصر الأزهر من جامع إلى جامعة. وأنشأ محطة إذاعة (القرآن) والمُـموّلة من جميع دافعى الضرائب (مسلمين ومسيحيين) كما أنّ النص الدينى (القرآن) الذى هو كتاب الأغلبية من المواطنين فيه تفرقة بين الرجل والمرأة وبين المسلمين وغير المسلمين ، وفيه نصوص مسكوت عنها مثل (الجزية) ومثل منظومة (ما ملكت أيمانكم) وأعتقد أنه لو جاءنا (خليفة) مسلم – حتى ولو كان من ماليزيا – كما قال مهدى عاكف – وأراد أنْ يطبق (شرع الله) فى الجزية وما ملكت أيمانكم ، فإنّ أحدًا لا يستطيع مخالفته ، وإلاّ كان سلاح (الكفير) جاهزًا للقضاء عليه.

س : كيف ترى الأخلاق هل هى نسبيه ام مطلقه ، و هل يوجد ارتباط شرطى بين الدين و الأخلاق ؟

ج : أرى أنها نسبية : فأخلاق العصور القديمة تختلف عن أخلاق العصر الحديث ، وأخلاق سكان الاسكيمو تختلف عن أخلاق غيرهم من الشعوب . و(الأخلاق) فى دولة مثل السعودية أنّ (كعب) المرأة يــُــثير الرجل ، والمرأة ليس لها حق قيادة السيارة ، وكل ذلك من منظور أنها (تفتن) الرجل ، بينما الأخلاق فى أميركا وأوروبا واليابان والصين والهند إلخ (كراهية الكذب) ولدينا فى الحضارة المصرية بردية فيها نص يقول أنّ الآلهة ((تمقت الكذب كما تمقت البراز )

س : كيف تعامل النص الدينى مع المرأه ، و ما هى اهم قضايا المرأه العربيه و كيف يمكن حلها ؟

ج : النص الدينى فى الديانة العبرية بشعبها الثلاث (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) ضد المرأة . وعندما تم اكتشاف البنج لأول مرة فى أوروبا منع الكهنوت الدينى استخدامه فى حالة عمليات الولادة القيصرية ، واستندوا إلى نص ((وبالوجع تلدين أولادًا)) (تكوين : إصحاح 3/16) وبالتالى منعوا استخدام مخدر الكلورفورم . وفى نفس الإصحاح فإنّ الرجل يسود على المرأة.. والأمثلة كثيرة ، وهو ما تردّد بعد ذلك فى العهد الجديد . وفى القرآن سيادة الرجل على المرأة ((الرجال قوامون على النساء)) (سورة النساء/34) وتكريس منظومة ما ملكت أيمانكم (النساء/ 36) وللذكر مثل حظ الأنثيين (النساء/11) وفى الشهادة شهادة رجل وامرأتين إلخ بل إنّ الزوج فى القرآن هو (بعل) ومع ملاحظة أنّ (بعل) كان أحد الآلهة الكنعانيين ومع ذلك استخدم القرآن ذاك الاسم وأطلقه على الزوج ، والاعتراف ب (بعل) جاء فى آية موجـّـهة للمُـعترضين على دعوة الإسلام ونصّـتْ على ((أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين)) (الصافات/ 125) ثم تأكــّـد ذلك فى آية (وإنْ امرأة خافت من بعلها نشوزا.. إلخ)) (النساء/128)

س : س : متى بدأت العلاقه بين الدين و بين الجنس و السياسه و ما هى ابعاد تلك العلاقه ؟

ج : هذا سؤال يحتاج إلى كتاب أو دراسة من عدة صفحات ، وأعتقد – بإختصار- إذا كان المقصود بالجنس (العرق) فإنّ الدين مع التعصب للجنس وعندى أمثلة عديدة فى هذا الشأن لدرجة أنّ معاوية بن أبى سفيان قال ((وجدتُ أهل مصر ثلاثة أصناف : فثلث ناس وثلث يشبه الناس وثلث لا ناس . فأما الثلث الذين هم الناس فالعرب. والثلث الذين يشبهون الناس فالموالى . والثلث الذين لا ناس المُسالمة يعنى القبط)) المقريزى – المواعظ والاعتبار- بذكر الخطط والآثار- ص 50) أما نبى الإسلام (محمد) فقد فرّق بين العرب أنفسهم وبين أهالى قريش حيث قال ((لا تكون العرب كفؤا لقريش والموالى لا يكونون كفؤا للعرب)) (شمس الدين السرخسى فى المبسوط المجلد الثالث – دار المعرفة ببيروت – عام 1986 – ص 24)
أما عن علاقة الدين بالسياسة فأرى أنّ الخلط بينهما مفسدة للإثنين ، مثل ضرب الملوخية والبرتقال فى الخلاط ، فالملوخية مطلوبة والبرتقال مطلوب ، ولكن ضربهما فى الخلاط أفسد الإثنين ، كذلك ضرب الدين مع السياسة فى خلاط واحد ، اسمه أنظمة الاستبداد ، ولا مناص من (علمنة مؤسسات الدولة)

س : ما تقييمك الشخصى لتلك الحضارات : الحضاره المصريه القديمه _ اليونانيه _ الرومانيه _ الفارسيه ؟

ج : أعتقد أنّ الحضارة المصرية كانت البداية للحضارات الإنسانية ، وتلك الحقيقية أكــّـدها علماء المصريات ، خاصة عندما ركــّـزوا على تكريس أهم (قانون) يحكم علاقة الإنسان بالإنسان وعلاقة السلطة بالمواطنين وهو (قانون الضمير) ولم تكن مصادفة أنْ يؤلف العالم الكبير برستد كتابه (فجر الضمير) كما أنه الذى كتب ((مصر هى أول دولة متحضرة كبيرة ، فى وقت كانت فيه أوروبا ومعظم غربىْ آسيا لا تزال مسكونة بجماعات مُـشتتة من صيادى العصر الحجرى)) ونفس المعنى قالته عالمة المصريات (كريستين نوبلكور) فكتبتْ ((تروى لنا بعض الآثار التى حفظتها الصدفة روايات عجيبة تبرهن على المواهب الرفيعة التى تمتع بها المصريون القدماء ، ذلك الشعب الذى أبدع حضارة متقدمة ، فى ذات الوقت الذى كان أجدادنا فى أوروبا قابعين فى ظلمات الكهوف)) والمُـستخلص من تلك الكتب العديدة أنّ الحضارة المصرية انتقلتْ إلى اليونان ثم إلى روما ثم إلى أوروبا . كما أعتقد أنه من المهم لجيل الشباب التعرف على كل الحضارات الإنسانية ، ولكن مع الاحتفاظ – بل والدفاع عن – الخصوصية الثقافية لكل شعب وهو المعنى الذى عبـّـر عنه الأب الروحى للشعب الهندى (المهاتما غاندى) الذى قال ((إننى أرغب أنْ تهب على بيتى جميع ثقافات العالم ، ولكننى أرفض أنْ تقتلعنى من جذورى إحدى هذه الثقافات )


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter