الأقباط متحدون - نحو نقطة ما في المستقبل
أخر تحديث ١٤:٤٠ | الأحد ٢٩ نوفمبر ٢٠١٥ | ١٩ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٦١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

نحو نقطة ما في المستقبل

بقلم :مدحت بشاي
 
لا شك أن كل أمة تعتمد حياتها بل تتوقف على الأعمال الصالحة والمفيدة التي تؤدى بها الواجبات والإنجازات وتتحقق بها غايات الوطن ، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تصدى لتلك المهام رجال تؤهلهم الأرض والطبيعة والمناخ والبيئة للقيام بها .. وتاريخ الأمم المتقدمة يشهد بأن ماضيها قد أعد لها رجالاً امتلكوا جوهر تلك الرؤية فانبروا بإخلاص وروية وحكمة وانتماء حقيقي لصنع الحاضر وتشكيل ملامح المستقبل وأبجديات التقدم ..
الأمة برجالها
وإن لم يتوفر لأي أمة تلك النوعية من الرجال اضطرت إلى استقدام عناصر من غير بنيها ، وهم إن تولوا ومارسوا القيام بتلك الأدوار ومهما اجتهدوا في مواقعهم فإنما يجتهدون للنجاح في الوظيفة وأداء الواجب نحو تلك الأعمال فقط .. وفي أغلب الأحوال لا يكون أداء الواجب على هذا النحو فاعلاً نحو الوطن والأمة ، لأنه أداء قد يفتقد التناغم مع المنظومة العامة والرؤية الأشمل والأهداف ذات الصيغة والخصوصية الوطنية .. فهل كان لأجنبي مهما أعد من دراسات ومُنح من صلاحيات وتوافرت له أعلى درجات الخبرة والعلم أن يقدم لبلادنا إنجازاً واحداً من إنجازات طلعت حرب على سبيل المثال .. الأمثلة في هذا الصدد لا تُعد ولا تُحصى لرواد وأصحاب أدوار رفيعة تاريخية مؤثرة في كافة مناحي العلم والمعرفة والثقافة والفنون وفي عالم السياسة وساحات العطاء العبقرية في المجالات العسكرية والأمنية والقانونية والبلاء المشهود لهم في الحياة النيابية والدفاع عن حق المواطن ..
في انتظار رجال !!
وإذا كنا قد استشعرنا في بعض حقب حديثة تراجع في أعداد هؤلاء الرجال فإنني أرى أن ذلك قد يعود لعدد من الأسباب لعل من أهمها :
أنه في أحيان كثيرة تخدعنا الصور المزيفة من أصحاب الأدوار المتواضعة التي تجيد فنون الإعلام والإعلان عن نفسها فتصرفنا عن الأصيل من النماذج الصالحة الصادقة .
غياب التعامل العلمي والمنهجي والخالص لوجه الله والوطن مع هؤلاء الذين اختصهم المولى بسمات الرؤية الأشمل التي تؤهلهم لتقدم الصفوف .
لا يوجد نظام أو آلية لإعداد وفرز واختيار ثم رعاية أصحاب المواهب والملكات المتفردة وتقديمها للمجتمع بحفاوة ومساندة باعتماد فلسفة لاستثمار أمثل للعنصر البشري باهتمام هو الأولى بأمم تسعى للنهوض .
الإدارة وصناعة الكفاءات
سألت الدكتور أحمد درويش عندما كان متولياً وزارة الدولة للتنمية الإدارية ، والذي تم تعيينه بالأمس فقط ئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس،  لماذا يقتصر التدريب والتأهيل الوظيفي على القيادات العليا وهم على وشك الإحالة للتقاعد من خلال برامج تدريبية يُنفق عليها أموالاً هائلة لا تعودعلى الدواوين الحكومية بأي مردود حقيقي لدفع وتطوير الأداء الإداري ؟! ..  وكانت إجابة الوزير أن الميزانية المتاحة للوزارة لا تسمح بتغطية نفقات تدريب وإعادة تأهيل تدريب العاملين من الشباب أو حتى من يشغلون وظائف الإدارة الوسطى نظراً لأعدادهم الهائلة ، وعليه فإننا نكتفي في هذه المرحلة بتأهيل القيادات العليا اعتماداً على فلسفة نقل الخبرات وأنه في حال تطبيق نظم الإدارة الحديثة المتقدمة من قبل الإدارة العليا فإن ذلك يُعد تدريباً ضمنياً لشباب العاملين ..وفي واقع الحال أن الخبرات لا تنتقل ، وما نراه في مؤسساتنا الحكومية يشير إلى انتقال الخبرات الفلكلورية السيئة فقط والتي تتناقلها الأجيال باعتبارها ـ للأسف ـ خلاصة حكمة عمل السنين في دولاب الحكومة العتيد مثل      ( اشتغل كتير تغلط كتير تتحول للتحقيق ) و( احنا في النهاية بنفذ سياسة ) و( اللايحة ديني ومذهبي ) .. وغيرها كثير من المفاهيم السلبية تتناقلها الأجيال عبر أضابير ودوسيهات جهنمية نراها وكأنه قد حفر على أغلفتها وصايا تاريخية لجموع الشغيلة..
ولهذا كان من الضروري كسر هذه الحلقة الجهنمية عبر برامج تدريبية مكثفة وأرى أن ذلك يمكن أن يعالج حال الكفاءة المحدودة لدى حديثي التعيين من الخريجين الجدد والتي أقرها معظم نقباء المهن المختلفة ..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter