الأقباط متحدون - في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
أخر تحديث ١٢:٥٥ | السبت ١٢ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

القس رفعت فكري
القس رفعت فكري

يحتفل العالم في العاشر من شهر ديسمبر من كل عام  بذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هذا الإعلان الذي تبنته الأمم المتحدة وأصدرته يوم 10 ديسمبر عام 1948م في قصر شايو في باريس، وهذا الإعلان يعتبر وثيقة حقوق دولية تتضمن رأي الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان أيًا كان لونه أو دينه أو جنسه، وهذا الإعلان العالمي يتكون من 30 مادة كلها متعلقة بحقوق الإنسان المكفولة لجميع الناس.

ويعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو أحد الوثائق الدولية الرئيسية والهامة لحقوق الإنسان، حيث نالت تلك الوثيقة موقعًا هامًا في القانون الدولي، وذلك بالإضافة إلى وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر 1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر 1966، وهذ الوثائق الثلاثة معاً تشكل ما يسمى ب"لائحة الحقوق الدولية،  وفي عام 1976 بعد أن تم التصديق على الوثيقتين من قبل عدد كاف من الدول، أخذت لائحة الحقوق الدولية قوة القانون الدولي.

وعلى الصعيد الدولي كانت النقلة الفعلية لاحترام الحريات والمعتقدات مع صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وويلاتها وما أصاب الإنسان في العالم كله من قتل وتشريد، وبعد خلاص العالم من الحركات النازية والفاشية وما ارتبط بها من اضطهاد وتعذيب وإهدار لآدمية الإنسان وتمزيق لوحدة الأسرة البشرية، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر سنة 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأعلنته ودعت جميع الدول الأعضاء إلى نشر هذا الإعلان وتعميق معانيه ومفاهيمه في مختلف أوجه الأنشطة الإنسانية، وهذا الإعلان يعتبر هو البداية الحقيقية للشرعة الدولية بمفهومها الحديث.

والإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعتبر وثيقة إنسانية رائعة لأنه في مجمله يدعو إلى قيم المساواة والحرية والرحمة والحب، كذلك فإننا نجد الإعلان العالمي يرفض كل أشكال التمييز بين البشر كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة، كما أعطى الإعلان لكل فرد الحق في الحياة وحرية الفكر والضمير والإبداع والاعتقاد وسلامة شخصه دون أية تفرقة مطلقاً بين الرجال والنساء، وعلى الرغم من أن كرامة الإنسان مهدرة بقوة ووضوح لا تخطئه العين في منطقتنا العربية، إلا أنه من اللافت للنظر، إننا نثور ونغضب عند ازدراء الأديان ولا يتحرك لنا ساكن عند ازدراء الإنسان!!

إن إحترام حقوق الإنسان – أي إنسان– هي المعيار الحقيقي لتقدم المجتمعات والأمم، فإذا أردنا أن نقيّم مستوى دولة ما فلنطلع على مدى احترامها لمعتقدات الآخرين ومدى احترامها لحرية العبادة وإقامة الشعائر الدينية، ومدى حرية بناء أماكن العبادة، ومدى حرية تغيير الدين والمعتقد، ومدى احترام الدولة للمرأة واعتبارها كائنًا إنسانيًا كامل العقل وإعطائها كافة الحقوق أسوة بالرجل، إن مدى تقدم أية دولة يقاس بكيفية معاملة المريض بالمستشفيات بها، ففي المستشفى يمكننا أن نكتشف إلى أي مدى يُحترم الإنسان، وكذلك يقاس مدى تقدم الدولة بكيفية معاملة الأجنة، والأطفال، والفقراء، والضعفاء الذين ليس لهم سند، والمعاقين وذوى الاحتياجات الخاصة، والعاجزين، والمسنين، فهنا تحديدًا نجد معيار التقدم لأنه في هؤلاء الأشخاص نجد ضعف الإنسان، وإذا كان هناك احترام وتقدير وابتسامة لهؤلاء الأشخاص الضعفاء، فهذا هو الدليل الأكبر على تقدم شعب ما، وكذلك الحال في احترام المهمشين، والأقليات، واحترام المواطن العادي البسيط الذي ليس له وساطة.

إننا في ذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونحن نرى حقوق الإنسان وهي مهدرة في بلادنا وفي منطقتنا العربية وبعض البلدان الأخرى من حولنا، نتمنى أن تسود مبادئ هذا الإعلان الدولي وأن تطبقها الدول والحكومات وأصحاب السلطة حتى تبقى الكرامة الإنسانية مصانة من أي إهانة أو إهدار، كما نتطلع أن تكون هناك مادة دراسية خاصة يتعلمها الطلبة منذ نعومة أظافرهم، تكون هذه المادة خاصة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبكافة المواثيق الدولية، فلا يمكن مكافحة التعصب والإرهاب بدون نشر ثقافة حقوق الإنسان وتعلمها منذ الصغر، كما أنه لا يوجد شيء يمكن أن يزعج المتطرفين ويقض مضاجعهم سوى حقوق الإنسان، فهل نحن فاعلون؟!!
نقلا عن دوت مصر


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع