الأقباط متحدون - متى يتصالح المسلمون مع العالم؟ (3)
أخر تحديث ١٩:٥٨ | الجمعة ١١ ديسمبر ٢٠١٥ | ١ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

متى يتصالح المسلمون مع العالم؟ (3)

خالد منتصر
خالد منتصر

طرحنا اجتهادات علماء الاجتماع فى بحث أسباب وجذور هذا الخصام وذلك العداء تجاه الغرب والعالم والمختلف والآخر الذى نعانى منه كمسلمين، هناك الفقر والجهل وضعف التعليم.. إلخ، ورغم أهمية تلك الأسباب فإن الاستثناءات الصارخة التى ذكرناها مثل الثرى المليونير الإرهابى وسليل العائلات والحسب والنسب المتطرف وحامل الدكتوراه الانتحارى.. كل هؤلاء جعلونا نوجه بوصلة تحليلاتنا إلى حيث الأفكار التى يستظل بها كل هؤلاء والتى تجعل منها منبع الإرهاب الأول الذى لا بد أن نجففه، فالبعوض لا تقتله أطنان المبيدات بل يبيده تجفيف المستنقعات،

لن نتصالح مع العالم إلا إذا تنازلنا عن أفعل التفضيل الذى ينفخ غدة التعالى لدينا رغم فقرنا وضعفنا ووهن اقتصادنا وخراب أوطاننا، إلا أننا نصر على أننا الفرقة الناجية من بين كل أديان ومذاهب العالم، وبما أننا نحن خاتم الرسالات السماوية فعلى الجميع الرضوخ لنا والدخول تحت مظلتنا الدينية، كل من هو لم يخرج من دينه أو اعتقاده ويلتحق بنا فهو إما ساذج أو عبيط أو متآمر أو مضحوك عليه، هذا هو ما يدور فى أذهان معظمنا، نمصمص شفاهنا ونقول أحياناً هامسين وأحياناً صارخين «كيف لهذا الرجل الذكى ألا يدخل حتى الآن إلى الدين الحق؟!، كيف لم يهتد؟! هل على عينيه غشاوة وعلى قلبه أقفال من فولاذ؟!!، لماذا لا نترك كل واحد فى حاله؟، مشكلتنا الأزلية هى الحِشَرية، نحشر أنوفنا بالعافية فى معتقدات وأفكار الآخرين، ولدينا جرعة زيادة ورغبة حارقة فى هداية البشر!!،

باختصار بنهدى على روحنا، وللأسف نصرخ بهذه الحشرية والهداية حتى فى المجتمعات الغربية، عندما نركب الباص ونفتح القرآن نقرأه بصوت عال، والأكثر من ذلك، نطلب من جيران ورفاق الباص الصمت لأن كلام الله تتم تلاوته وعليك أن تصمت وتنصت احتراماً، يعنى سيادتك كمسلم لك الحق أن تطق فى دماغك أية تصرفات تحت اسم الدين ومش مهم اللى حواليك، من حقك هناك فى أوروبا أن تصلى طبعاً لكن ليس من حقك أن تترك عملك فى عز زحمة الشغل بحجة أنك ستصلى الظهر جماعة مع زملائك المسلمين وتقفل مدخل السلم والمكاتب كما يحدث فى مؤسساتنا وشركاتنا!!، أنتِ حرة فى طريقة ملبسك لكن من حق الأوروبى أن يعرف من بجانبه فى الفصل أو الشارع أو السوبر ماركت أو الأوتوبيس، كاشفة وجهها وهويتها بدون لثام، أنت تتخيل أنك الأفضل والأنقى ومكلف من الله بحشر أنفك فى شئون الآخرين والسعى لهدايتهم بأى طريقة وعن أى طريق، هذه الحشرية وهذه الرغبة فى الوعظ اللا إرادى تجعلنا دائماً فى خصام مع الآخر، فنصنف على أننا طائفة مزعجة خاصة فى البلاد التى تعودت على الهدوء والسكينة، المسلم المهاجر يظل أسير فرض ثقافته، إما أن يفرضها وإما أن ينعزل فى الجيتو الخاص بأبناء دينه وليس أبناء جاليته، بعض المسلمين الذين كانوا على حافة الغرق وهم يصارعون الموج للوصول يريدون رفع الأذان فى الميكروفون فى البلد الأوروبى الذى كانوا يتمنون مجرد سقف يظلهم فيه!!، ليه وعشان إيه.. ما هو الداعى لهذا التحرش الدينى؟!،

المسلم لديه ساعة ومنبه وموبايل وألف شىء يشير إليه بوقت الصلاة ولكنه الصراخ والرغبة فى فرض العقيدة وفرد العضلات، وبالطبع من الميكروفون إلى الصلاة فى الشارع وعلى الرصيف إلى مشكلة المآذن فى سويسرا والنقاب فى فرنسا وختان البنات فى بلجيكا، وكأن من هاجر واستقر هناك لا يعرف قوانين هذه البلاد إلا إذا كان مسافراً مبيتاً وعاقداً النية على كسر هذه القوانين، من الممكن فهم هذه التصرفات من مهاجر حديث العهد بالبلد، ولكن المدهش هى أن مثل هذه التصرفات الصدامية مع بلاد الغرب تحدث من بعض المسلمين المولودين هناك والمتعلمين فى مدارسها والقابضين مرتباتها والمؤمّن عليهم صحياً فى مستشفياتها!!، لماذا هذا الفصام؟، ولماذا فى أغلب الأوقات تظل أفكار الحداثة والتنوير على سطح البشرة ولا تنغمس فى النخاع، هل يا تُرى سننجح فى تفسير ذلك التناقض؟!، عندما ننجح فى التفسير سننجح فى الصلح.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع