الأقباط متحدون - بقع سوداء
أخر تحديث ٠٥:٠٩ | الاثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥ | ١٥بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٩٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

بقع سوداء

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم - بيتر موريس زاخر
( من وعى التاريخ في صدره ...  أضاف أْعمارا إلى عمره )

ما شعورك وأنت توجه اللوم إلى شخص أعلي منك مكانة والمفترض فيه أن يكون قدوة لك و لأهل بيتك بل قدوة لأجيال كاملة ، ولكل المؤمنين ؟

هل تصمت ؟ و هل صمتك صمت مقدس أم هو خوف مقنع ؟ والخائفون لا يدخلون الملكوت (رؤ 21: 8)  ... هل تتكلم ؟ وهل يرجي من كلامك فائدة ؟ فيما تتذكر ما قاله يسوع رب المجد للفريسيين " إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ " ( لو 19: 40 ) ... هل تتهامس مع اصدقائك والمقربين إليك ؟ أم " تكفي على الخبر ماجور " كما نقول في الصعيد ؟ !!!

نعم هو شعور صعب ومشاعر مختلطة ومضطربة لم أستطع احتمالها حينما شرعت في سطر تلك الكلمات. لذا، آثرت أن أضعها في قالب يسهل وعيه و لا يثير غضب من لا أستطيع تحمل غضبهم ، و ليفهم القارئ .

من الطبيعي جدا أن تكون كتب تاريخ الكنيسة ، أي كنيسة ، فأنا هنا أتكلم عن كنيسة المسيح التي افتداها بدمه الثمين الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية ، من الطبيعي أن تكون تلك الكتب مليئة بقصص و سير الأبطال المجاهدين و المدافعين عن الإيمان سواء بفكرهم كالقديس أثناسيوس و ديوسقوروس و كيرلس الكبير أو بدمائهم كالشهيد مار جرجس و مار مينا و الشهيدة العفيفة دميانة . و أيضا تمتلئ كتب التاريخ بالمعجزات التي أجراها الرب علي أيدي قديسيه من اجل تثبيت الإيمان و تشديد قلوب المؤمنين . و لا ننسي تاريخ المجامع بداية من اورشليم ( 51 م )  ثم نيقية ( 325 م ) مرورا بالقطسطينية ( 381 م ) و وصولا إلي افسس الأول ( 431 م ) و أفسس الثاني ( 449 م )  ثم خلقيدونية المشئوم ( 451 م ).

و لكن السؤال المطروح ، هل حقا توجد بقع سوداء في تاريخ الكنيسة؟ !!! و إن وجدت تلك البقع السوداء هل من سجلوا التاريخ و دققوه ذكروا تلك الاحداث او الأشخاص الذين يسيئون الي كنيسة المسيح و يعثرون صغار النفوس؟ هل ذكرت كتب التاريخ الويلات التي حلت بهؤلاء المُعثرين كقول الكتاب " فَلاَ بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ! " ( مت 18 : 7 ) أم تغاضوا عن ذكرها متعللين بالصمت المقدس و عدم الإدانة ؟

حقا من السهل على المرء أن يتفاخر بجوانب قوته و نقاطه المضيئة ولكن من الصعب على أي انسان ان يتكلم عن ضعفاته و يكاشف الاخرين بها. و هذا لم يكن حال رجال الكنيسة الأمناء ممن سجلوا لنا تاريخ الكنيسة تسجيلا أمينا دقيقا بحلوه ومره ، بقوته وضعفه . فتاريخ الكنيسة يبدو كعقد من اللآلئ النفيسة تتخللها بعض الأحجار المزيفة ولكنها قد تبدو جميلة للناظرين من السذج الغير مدققين . هو ثوب أبيض جميل بل هو ناصع البياض لكن سقطت عليه بعض من نقاط الدم القرمزية فلطخته لكنها لم تدم طويلا فللكنيسة رب حنون رحيم غافر للخطايا و الآثام  و للكنيسة آباء عظام لم يتهاونوا و لم يكفوا حتي عاد الثوب كما كان أبيضا كالثلج " إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. " ( إشعياء 1 : 18 )  صحيح أن ما يسجل في سير الآباء هو ما يفيد في تعليم و إرشاد الابناء عملا بقول الكتاب " انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ " ( عب 13 : 7 )  و لكن لم يمنع ذلك يوما ان نري ان الآباء يشجبون انحرافا هنا او هناك و ذلك في سبيل خوفهم علي حفظ الايمان و ليس فقط من أجل حفظ الايمان بل أيضا من أجل حفظ عفة و طهارة أبناء و بنات المسيح . فمن لم يقرأ ماضيه لن يدرك الحاضر ولن يستوعب المستقبل ومما لا شك فيه إن من بين أصدق الدروس المستفادة من تجارب التاريخ الإنساني أن تستفيد من أخطاء الماضي وعِبره ومآسيه.

أكرر سؤالي مرة أخري: هل حقا توجد بقع سوداء في تاريخ الكنيسة؟ !!!
الإجابة و بكل أمانة : نعم .

فلولا الأمناء من مسجلي التاريخ لم نكن نسمع عن آريوس ولا ميليتيوس و لا أوطاخي  و لا مقدونيوس و لا  ديودور طرسوسي و لا  ثيودور موبسويستي  و لا نسطور  و لا سابيليوس  ولا أبوليناريوس. و جميعهم كانوا إما بطاركة و أساقفة أو كهنة عظام ، وعاظ مفوهين أو رؤساء أديرة لكنهم انحرفوا عن الايمان السليم و اتبعوا شهوات بطونهم .

و لولا هؤلاء الأمناء أيضا ما كنا نسمع عن البابا ثاؤفانيوس (952 - 956 م.) و البابا فيلوثاؤس (979 - 1003 م.)  و البابا كيرلس الثالث (ابن لقلق) (1235 - 1243 م ) و البابا ثيئودوسيوس الثاني (1294 - 1300 م)  و البابا شنودة الثاني ( 1032 – 1046م ).

و اشتهر كل منهم بحدة الطباع و سوء معاملة الناس و حب المال و السيمونية و البعد عن النسك و الزهد و انتشر في عصرهم الاضطهاد و البغض و الغلاء و القحط و انقسام الاقباط الي أحزاب و انتهت حياتهم جميعا نهايات مأساوية من مرض و قتل حتي ان البابا ثاؤفانيوس ( 952 – 965 م ) جعلوا على وجهه مخدة ورقدوا عليها إلى أن مات ورموه في البحر.

اهم ما نحتاج اليه يا سادة هو مصارحة النفس و مواجهة الأخطاء و المخطئين و الشهادة للحق مهما كان الثمن و عدم تبرير الأخطاء بل و أيضا نحتاج الي امتلاك تلك الأمانة و الشجاعة التي تحلي بها آباؤنا العظام في تسجيل التاريخ و عدم تزييفه من أجل الحفاظ علي صورة قد تبدو جميله لكنها ستظل كاذبه.

و الآن دعني اسأل سؤالا أخيرا ماذا لو كنت تعاصر أيا من هؤلاء الهراطقة او الرئاسات الكنسية ؟ ألعلك كنت تصمت و تدعي فضيلة الصمت ؟ ألن تدان علي صمتك ؟ أم كنت ستتكلم و تقول مع الرب " لاَ تَخَفْ، بَلْ تَكَلَّمْ وَلاَ تَسْكُتْ " ( أع 18 : 9 ) ؟ أتركك عزيزي القارئ تفكر و تقرر ماذا كان يجب أن تفعل . الرب معك .

( جميع المعلومات التاريخية السابقة من موقع  st-takla.org  و لمزيد من المعلومات راجع موقع الأنبا تكلا هيمانوت القبطي الأرثوذكسي -  اﻹسكندرية ، مصر. )


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع