الأقباط متحدون - «أباستقالة الوزير يصبح ابن الزبال قاضياً؟!»
أخر تحديث ٠٤:٥٥ | الجمعة ١٥ مايو ٢٠١٥ | ٧بشنس ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٦١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«أباستقالة الوزير يصبح ابن الزبال قاضياً؟!»

مارجريت عازر
مارجريت عازر

قامت الدنيا على تصريح وزير العدل الذى أهدر فيه مبدأً من أهم مبادئ الدستور، وهو المساواة بين جميع المواطنين فى كل الحقوق والواجبات. وكما أن التعليم حق لكل المواطنين دون استثناء بعض الكليات أو التخصصات، إذن مبدأ الكفاءة هو الذى يجب أن يسود فى شغل كل المناصب والوظائف بالدولة دون النظر إلى المستوى الاجتماعى أو المادى. والعجيب، أن التصريح صدم الجميع، وكأن الرجل أجرم. ورغم كل من كتب فى هذا الموضوع ولام على معالى الوزير، لكن الجميع يعلم علم اليقين أن هذا المبدأ يطبّق منذ سنوات بعيدة. وهذا يحدث علانية عند التقدم لبعض الكليات فى الملف الخاص بتقديم الأوراق. مثال كلية الشرطة والكليات العسكرية. نعم أتفهم أن تكون هذه الكليات لها طبيعة خاصة فى التحرى والاستعلام عن تاريخ الأسرة وليس القدرة المالية أو الوظيفية للوالدين.

لكننى أتساءل لمن تغنّى بخطأ الوزير: هل اللوم على أن الوزير صرّح تصريحاً لا يجب أن يقال ونحن فى ظروف استثنائية؟ نعم كان يجب على الوزير الانتباه إلى أى تصريح يجرح أو يسىء إلى مشاعر المواطن. وهل المواطن الذى قام بثورتين لتغيير الأنظمة البالية وتغيير المفاهيم المغلوطة يتقبّل هذه العنصرية الجارحة؟ سيدى القاضى الجليل لقد كان أحد أسباب الثورة قضية التوريث، فالتوريث فقط ليس لرئيس الجمهورية، بل لكل المناصب، فابن الزبال والمواهب المتعددة والتفوق العلمى يصلح قاضياً يقيم العدل بين الناس ولا ينظر إلى الناس بأصولهم أو أموالهم، بل بأعمالهم. ولا أستطيع أن أقول إن ابن الرجل البسيط الذى كافح لتربية أولاده وعمل طوال حياته متفانياً من أجل تعليم أولاده، فالبعض يعمل ساعياً فى مكتب حكومى أو خاص، ثم يعمل باقى اليوم فى عمل آخر أو سائق تاكسى حتى لا يمد يده على قرش حرام حتى يبارك الله له فى ذريته. هذا الرجل البسيط الذى تفوّق ابنه لشعوره بمعاناة أبيه يُحرم من بعض الوظائف التى يجوز ألا تتوافر الكفاءة المناسبة لابن القاضى أو دكتور الجامعة أو الطبيب أو خريج كلية الشرطة وغيره، لشغلها.

ومن يستطيع أن يجزم أن أبناء العائلات كلهم صالحون أو غير مرتشين؟ ومن يستطيع أن يحكم أن كل البسطاء من الشعب يمكن أن يمدوا أيديهم لمليم حرام؟ لقد رأينا العديد من الأسر البسيطة التى لا تستطيع أن تكفى احتياجاتها، لكنها راضية بما قسم الله لها من رزق، وتحاول جاهدة استثمار كل إمكانياتها فى تربية أبنائها. ورأينا أبناء عائلات مرتشين وأتوا باللعنات على عائلاتهم، فليس كل من يعمل حاجباً فى المحكمة مرتشياً، وليس كل من يعمل قاضياً شريفاً. وليس كل ابن الشيخ أو الكاهن قديساً. فلكل قاعدة شواذ.

لكن يبقى مبدأ مهم لا بد أن يكون المعيار الحقيقى فى العمل، وهو الكفاءة والتفوق والمساواة بين الجميع، وكما لا يوجد فرق بين عربى وأعجمى إلا بالتقوى، وأيضاً لا فرق بين أمير أو غفير إلا بالعمل والأمانة، فإنه يجب علينا من الآن أن نسعى لتغيير هذه المفاهيم الخطأ التى تسهم فى خلق أجيال معقّدة ناقمة على المجتمع ينبذون بسبب الأصول أو القدرة المالية، بغض النظر عن كفاءتهم، وأرجو أن تكون هذه الواقعة ناقوس إنذار للقضاء على هذه النظرة الطبقية العفنة التى تحرم المجتمع من الكفاءات، وتضع أناساً ليسوا أكفاء فى أماكن ليسوا مناسبين لها.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع