الأقباط متحدون - سادة وعبيد..؟!
أخر تحديث ١٤:٤٦ | الثلاثاء ١٢ مايو ٢٠١٥ | ٤بشنس ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٥٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

سادة وعبيد..؟!

وليد الغمرى
وليد الغمرى

 اصنعوا تماثيل العجوة كيفما شئتم، وفى المساء لا تتواروا وانتم تلتهمونها، فستظل منصة القضاء فى مصر ليست من حق أشرفكم لو كان فقيرا، وسيظل فقيركم يدرك قوانين السادة والعبيد، ورغم انف الجميع هى باقية، باختصار.. لان جميعنا مشاركون فى الذنب، فنحن يا سادة من وضعنا قوانين مصر السرية، واستبحنا بمنتهى الجبروت ان يلتهمنا الخوف.

 
كل ما فعله المستشار محفوظ صابر وزير العدل فى تصريحات أبناء عمال النظافة، هو مجرد كشف صريح لعورة وطن، وبدا متسق مع ذاته، وهو يكشف عن قانون سرى من قوانين المصريين غير المكتوبة، وإقالة الوزير او استقالته هى مجرد ثمن لفاتورة كشف النقاب عن واحد من القوانين السرية لا أكثر.
 
فى بلدنا المحروسة هرم طبقي خسيس، تراصت أحجاره من دماء وعرق الغلابة، رأس الهرم، هم فئة قليلة تتخذ ما تشاء من قرارات وقتما تشاء وفى اى مكان شاءت، ويتم تفصيل القوانين طبقا لإرادتهم المطلقة، ثم فئة أصحاب الياقات البيضاء، ممن يمتلكون ادوات تنفيذ إرادة رأس الهرم، وهم أصحاب المناصب العليا فى الدولة ومنهم تتشكل الحكومات، ثم فئة جامعي المال وتجار النفوذ من طبقة الباشاوات، أصحاب دوائر المصالح المغلقة، وهم رجال أعمال وفنانين ورياضيين وإعلاميين...الخ ، والفئة الأخيرة فى هرم أصحاب دولة مصر، هم أصحاب الوظائف العليا المندرجين أسفل كل الشرائح السابقة، وهم الموكل لهم حماية قاع المنظومة من تسلل "الرعاع" الى داخل هرم الملكية، حائط الصد الأول ضد أحلام الأمة فى العدل، وفى المقابل يشملهم العطف السامي، بالحصول على كل الامتيازات من باق شرائح "الهرم المالك"- او لنقل - "الهرم الحاكم"... وأسفل كل هؤلاء يقبع الشعب بكل شرائحه وطبقاته المتبقية، ليشكلوا فى مجملهم قاعدة الخدم والعبيد.
 
 يناضل الطامحون منهم من أجل اختراق قاعدة الهرم للحصول على نصيب من الملكية، نصيب من حقهم فى المساواة، ويناضل السواد الأعظم الباقي من اجل الحياة.. وفقط الحياة؟!.
 
 عشرات من القوانين غير المعلنة وغير المكتوبة، والتي تنتهي جميعها الى كلمة واحدة، هى "الظلم"، وتصبح الوظائف السيادية للدولة، فى الخارجية، والمخابرات، والجيش، والداخلية، والرئاسة، جميعها تخضع للقانون السري.. لعبة العائلات والقبائل وتمثيلهم فى هرم الملكية، هى قانون سرى.. علاقة قبائل البدو مع الدولة الرسمية، بما يعرف بقانون"الاسلفت" هى قانون سرى.. قوانين الرشوة فى المرور والمكاتب الحكومية هى قانون سرى.. ثقافة "الكمبوند" فى التجمعات السكانية الجديدة، وإمبراطوريات القصور بالتجمع الخامس والمنصورية، وانتهاء بعيشة "البورتاوية" لصانعها منصور عامر، وغيره من أصحاب النفوذ الاقتصادي هى قانون سرى.. حتى قوانين الشهرة وعالم الأضواء فى الفن والثقافة والصحافة والإعلام، كلها مجرد تروس فى قوانين للظلم، تفصل بين عالمين، إحداهما يأكله الفقر وينهش قلبه حلم اختراق قاعدة الهرم، وعالم أخر يعتبر نفسه السكان الفعلين لدولة مصر ومن دونهم هم العبيد.
 
القوانين السابقة تعنى بالنسبة لى ولغيري ممن لم يحصلوا على شرف الانتماء الى الهرم الرابع، ان هذا الوطن لن يمنحنا أكثر من كثرة خبز، نسد بها ثورة البطون الجائعة، وسيجعلنا دوما نشعر ان اقصى غايات الوطن، جنازة عسكرية، حين تتشح النعوش التى تحملنا بعلم مصر، هنالك.. حين نسقط موتى، ونحن ندافع عن بعض الجالسون على حمامات السباحة، التى امتلأت أحواضها من دمائنا، وتنتهي رحلتنا مع الوطن، لمجرد رقم مكتوب على نعش، لا يذكر تفاصيله حتى من كانوا يسيرون أمام الكاميرات وخلف النعش.
 
فإذا خرجنا يوما عن صمتنا، لنشهر فى وجه الجميع السيف، بعد ان فقد الوطن دوره فى ان يطعمنا من جوع وان يأمنا من خوف، وقتها لن يكون هناك شفاعة لأحد، ولن ترحمكم فزاعات الخوف التى ملأت حياتنا، وسيكون التفويض هذه المرة للبطون الجائعة، سيكون التفويض لصرخات أطفالنا، التى نهشت أفئدتنا، فى رحلة البحث عن الكرامة المسلوبة أسفل أهراماتكم.
 
لقد قصمت قشة وزير العدل بعير الصمت الساكن فى القلوب منذ عقود، ولم تحتمل دولة "الهرم الرابع" بعض الصرخات التى خرجت عبر بوابات افتراضية او إعلامية لأكثر من عدة ساعات، وعلى المشهد الأخر لازالت معارك الهيبة تخوضها سيدة المطار فى سجن النساء بالقناطر، لترسم هى الأخرى ملمح جديد من ملامح قوانينكم السرية الفاسدة، حين تتصارع فى لعبة الهيبة والشموخ.
 
والحقيقة ان كل هيبتكم، وسلطانكم، ونفوذكم، وقوانينكم، لا تساوى فى ميزان فقراء المصريين، اكثر من حصى الأرض الزهيد، ذلك لان كلها قوانين مزيفة، وحتما سوف تنهار، شاء من شاء وابى من ابى، غدا ستشرق الشمس، سواء لصاحب التفويض، او لتفويض جديد، ربما كان هذه المرة لأحد أبناء عمال النظافة، خاصة اذا توافرت الإرادة لإعادة تنظيف هذا الوطن.
نقلا عن روزاليوسف

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع