الأقباط متحدون - منتصف الليل
أخر تحديث ١٣:٢٠ | الخميس ١٩ فبراير ٢٠١٥ | ١٢ أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٧٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

منتصف الليل

د. سلوى يوسف
منتصف الليل... وبرد قارس جعلني احكم الغطاء حول الكائنات الصغيرة التي ترقد بجانبي... كنت أتمني أن يهاجمهم النعاس سريعا فأتمكن من النزول للكنيسة لحضور الصلاة في رأس السنة... لكن هيهات .. ظلت العيون الصغيرة ترمقني في شك والوقت يمر .. ربما ملابسي توترهم وتوحي لهم إنني ذاهبة.. ربما لن استطيع الذهاب هذا العام..

ثم دق هاتفي فأجفلت... من المعتوه الذي يتصل في هذا الوقت ؟!... شاشة الهاتف أخبرتني انه ليس معتوها بل رئيس القسم ... لقد انفجرت الكنيسة التي أمام المستشفى فتعالي حالا ... يا إلهي !!!!

حشرت قدمي سريعا في حذائي وأنا اشكر الله إنني بكامل ملابسي.. أطفالي في عهدتك يا أمي.. لا أعرف متى سأعود؟ وهرولت لأقود سيارتي برعونة شديدة وأمر على رئيس القسم

في الطريق علمت منه ان الموقف مشتعل... وأن هناك ما يشبه حرب الشوارع بين المسلمين والمسيحيين..واتفق معي على خطة محكمة... إذا أوقفنا أحد من المسلمين فسأظهر أنا بطاقتي أما أن كان من المسيحيين فتظهرين انتي بطاقتك !!! فسألته السؤال المتوقع ... يا سيدي كيف نعرفهم من بعض ؟ المسلمون لا يلبسون فانلات حمراء والمسيحيون فانلات بيضاء ذات خطين باللون الأحمر.

وصلنا المستشفى بأعجوبة... وفي غرف العمليات رأينا الهول... لكنني رأيت أشياء أخري أيضاً.. رأيت اثنين من الجراحين اعلم يقينا أنهما لا يكلمان بعضهما البعض.. وقد امتدت القطيعة بينهما لسنوات... رأيت أصغرهم سنا يخضع للآخر ويقول له يا سيدي قل لي ماذا تريدني أن افعل... ويأخذ التعليمات وينفذها بدقة.. وتعجبت للتغيير لكنني فهمت سريعا.. انه في هذه الحالة يدافع عن صورة الإسلام

رأيت زميلة لي جاءت لتربت على كتفي وتقول لي لا تحزني ثم تقسم لي قسما مغلظاً إنهم (المسلمين) ليسوا هكذا... ثم تعيد "التربيت" والقسم... هذه ايضا تدافع عن صورة الإسلام.

رأيت فرقة من الجراحين يحاولون باستماتة انقاذ ساق معيد شاب في كلية الهندسة.. ويسهرون حتى الفجر في عناد شديد ولا ييأسوا... هؤلاء ايضا يدافعون عن صورة الاسلام.

ما اشبه اليوم بالبارحة..اليوم أيضا يقتضي الدفاع عن صورة الإسلام.. الدفاع بطريقة عملية جادة لا بتبادل الشتائم والتكفير... الدفاع بأن تربي ابنك وابنتك على المحبة وتقبل الآخر لا على التطرف البغيض... على احترام النفس الإنسانية التي خلقها الله لا على تحقيرها واعتبارها شيئا من الأشياء.. لو فعلت كل أسرة هكذا لانتهى التطرف في مهده... ولما رأينا أمثال هؤلاء الذين يجزون الرقاب.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter