الأقباط متحدون - كفاكم طبطبة واعملوا بجدية لترسيخ ثقافة المحبة والتعايش والتآخي
أخر تحديث ١٧:٢٦ | الجمعة ٧ سبتمبر ٢٠١٢ | ٢ نسيء ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٧٦ السنة السابعة
إغلاق تصغير

كفاكم طبطبة واعملوا بجدية لترسيخ ثقافة المحبة والتعايش والتآخي


بقلم: د. ندى الحايك خزمو

بين الفينة والأخرى تخرج علينا عناصر من الفئات الضالة في مجتمعنا تحاول أن تعيث فساداً وخراباً، ويقومون بأعمال تثير النعرة الدينية والطائفية .. ربما يقولون عنهم انهم شبان جاهلون ، أو حتى قصّر لا يفقهون ما يفعلونه، وربما يقولون انهم سكارى أو منتشون أو.. ولكن وان صح هذا أو ذاك فأين من يعقلون؟! ولماذا لا نجد اجراءات قوية وصارمة تردع هؤلاء، وتمنع تكرار اية حادثة حتى وان كانت صغيرة.

 
ففي مساء يوم الاثنين 20/8 قامت مجموعة من الشبان بالاعتداء على مشروع اسكاني في منطقة الشياح في القدس، بني قبل عامين، ويقطن فيه أكثر من تسعين أسرة مسيحية مقدسية وتابع لدير الفرنسيسكان. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعتدي فيها هؤلاء الشبان على هذا الاسكان، فقد كانوا يقومون بتسميع الكلام البذيء للنساء والفتيات، وإلقاء المسبات والشتائم على سكان المشروع، ولما لم يجدوا من يردعهم بشدة وقوة استمروا في غيهم وفي زعرنتهم حيث اعتدى هؤلاء الشبان، قيل انهم من سكان الطور، على الأفراد والممتلكات التابعة للمشروع، مما أدى إلى التسبب بأضرار وخسائر مادية كبيرة، وأسفر عن وقوع عدد من الجرحى. مجموعة من الزعران، تحدثت عن أمثالهم كثيراً في مقالات سابقة تطرقت فيها الى الظواهر السيئة في القدس.
 
وحذرت مراراً وتكراراً من مغبة ترك الحبل لهم على الغارب ، لأنهم وان لم يرتدعوا، سيستمرون في القيام بأعمالهم العدوانية، وسيظلون يعيثون فساداً بين ظهرانينا ويشعلونها ناراً طائفية شئنا أو أبينا أن نعترف بذلك.. هذه المرة هم شبان.. فقالوا أنهم سكارى وجهلة وزعران الخ.. وفي مرة سابقة كانوا رجالاً ومزيفي أراض اعتدوا على أرض كانت مخصصة للقيام بمشروع اسكاني ضخم كان سيضم أكثر من ستين عائلة مسيحية، وباعوها بأسعار بخسة للبعض والذين بدورهم اقتحموها وبنوا عليها وأفشلوا مشروعاً كان من المفروض أن يخدم، ليس سكان المشروع فقط، وانما كل المحيطين به.
 
حيث كان من المقرر أن يقام به نادٍ وبركة سباحة وخدمات أخرى.. ورغم كل النداءات وقرارات المحاكم التي اثبتت أن هؤلاء اعتدوا على الأرض بتزييف أوراق الملكية وبأن عليهم اخلاء الأرض، الا انه ولمنع فتنة دينية وطائفية أُجبر المشرفون على المشروع على أن يبيعوا الأرض لمؤسسة مقدسية وبثمن بخس ليستطيعوا اعادة أموال المشتركين في المشروع، بعد أن فشلت كل الجهود لأن يجدوا حلاً آخر، والسبب للأسف التراخي في التصدي لمزيفي الأراضي والمعتدين، وبالتالي شجع العديد منهم على الاستمرار في الاعتداء على الأملاك وبخاصة أملاك المسيحيين..
 
بعد أن لم يجدوا من يقف أمامهم ويصدهم بقوة، بل وبكل الأسف أقول، بأنه تم الاتفاق على بقاء المعتدين في الأرض. وحوادث أخرى كثيرة لاعتداءات على ممتلكات أخرى من بيوت وأراضٍ وما الى ذلك وحتى على أشخاص.. لنعود الى حادثة بيت فاجي في الشياح، نعم أنهم زعران، ونحن نرفض أن تتحول هذه الحادثة الى فتنة طائفية أو تفسر تفسيراً طائفياً، ولكن هذا لا يعني بأنه ومن اجل منع حدوث فتنة يجب أن يطبطب الموضوع كالعادة في كل مرة يحدث فيها مثل هذا الاعتداء، بعض الاستنكارات، وزيارات تضامنية، و\"بوسة رأس\" وفنجان قهوة وتطييب خواطر وانتهى الموضوع وليتكرر الأمر مرة أخرى وأخرى وأخرى... فكل يوم نسمع عن مثل هذه الحوادث التي أصبحت أكثر من الهم على القلب، اعتداءات مستمرة، فلماذا تتوقف طالما هي تحل شكلياً فقط وأما أصل المشكلة فيظل موجودا!! لماذا تتوقف ما دام المعتدي لا يجد من يوقفه عند حده!!
 
تطييب الخواطر لن يحل المشاكل والخلافات، والاستنكارات لن تعيد للمعتدى عليه حقه بالكامل، بل ولا تشفي الجرح الغائر في قلبه، لأن الاعتداء عليه لم يتم من قبل عدو غاشم بل من بني وطنه، الذين يعيش معهم حتى وان اختلف عنهم في الدين، فكلنا يفترض بنا أن نكون قلباً واحداً، وجسداً واحداً، نهب لمساعدة بعضنا البعض وليس نهش بعضنا البعض.. لذلك يجب أن يكون هناك حسم تجاه كل من يحاول اشعال نار الفتن والخلافات، فكل ما يحتاجه الأمر شرارة صغيرة واحدة لتشعل حرباً ستأكل الأخضر واليابس، فدعنا نوقفهم بكل قوتنا ولا ندعهم يحرقون تعايشنا، فالعدو ينتظر أن تتطور خلافتنا.
 
بل في معظم الأحيان هو يرسل من يشعلها، فلنقطع عليه الطريق بالوقوف الى جانب الحق وبالتصدي لكل مثيري الفتن بحزم وحسم وجرأة. هكذا تهدأ النفوس وتطيب الخواطر ونزيل الأحقاد من النفوس، وهكذا فقط سنمنع حفنة أخرى من \"الزعران\" من القيام باعتداءات أخرى طالما واجهناهم برادع قوي، والا فان ظاهرة الانفلات والتسيب والزعرنة ستستمر وستشعل نار فتنة دينية وعائلية و... وستعيث فساداً وخراباً ودماراً بين أبناء شعبنا .
 
أمر آخر هام للقضاء على مثل هذه الحوادث الخطيرة فيجب تربية أطفالنا على ثقافة التآخي والتعايش وتقبّل الغير واحترامه منذ صغرهم ليشبوا على هذه الثقافة، لذلك فاننا نتوجه لكل قادتنا وبخاصة الدينيين منهم، ولكل مدراء المدارس والمعلمين، ولكل أولياء الأمور، بأنه ان أردنا أن نمنع الفتن الدينية، فعليكم واجب القيام بهذه المهمة.. لنعمل على ترسيخ حضارة المحبة في الحق، المحبة القوية المتينة التي لا تسمح بهدر حق أي كان، وليس على المحبة الشكلية الكلامية التي تهتز عند اول نسمة ريح لتظهر البغضاء..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع