الأقباط متحدون - الموت الإكلينيكى للبرامج السياسية
أخر تحديث ٠١:٥٤ | الاثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤ | ١٣كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٢٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الموت الإكلينيكى للبرامج السياسية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

خالد متصر
فوز برنامج «صاحبة السعادة» فى الاستفتاءات وحصده المركز الأول فى معظمها، واكتساح مسلسل مثل «هبة رجل الغراب» وحصده أعلى نسب المشاهدة، ولجوء معظم المشاهدين إلى برامج المسابقات والمنافسات، كل هذا يدل على أن إعلان وفاة البرامج السياسية قد اقترب أوانه

وأن التوك شو يلفظ أنفاسه الأخيرة، إذا لم تقرأ القنوات الفضائية دلالات هذا التحوّل وإذا لم يدرك أصحاب القنوات الفضائية والمسئولون عنها أن عنادهم سيقودهم إلى الإفلاس وعزوف المشاهدين عن متابعة شاشاتهم، وقد بدأت المشاكل المادية فعلاً تهدد كل القنوات بالإغلاق بسبب العناد مع المزاج المصرى الإنسانى المتغيّر الذى له قدرة احتمال محدودة، سرعان ما يعتريها الملل والزهق،

لا بد أن يدركوا أن الحل ليس فى برامج الجن والعفاريت، وليس فى القباحة، وليس فى التلصص على الحياة الخاصة للبشر والعمل كمخبرين للإبلاغ عمن يستحم فى حمام شعبى أو يجلس على مقهى ملحدين يقدم فيه أبولهب المشاريب للزبائن عبدة الشيطان! ليس هذا هو الحل، إنه مثل علاج إدمان الهيروين بتناول الترامادول، الحل هو الاقتناع بأن الإعلام شغلانة وصنعة محتاجة صنايعى بيفهم، الحل هو ضبط بوصلتك على بوصلة الناس، لا يعنى هذا أن تتاجر بآلامهم وتصورهم متسولين لكى تحصد إعلانات، ولا يعنى أن تداعب غرائزهم فتتحول إلى بوق أو تفتح قناتك ماخوراً

ضبط البوصلة الإعلامية هو أن تعرف أن اهتمامات البشر أكبر من مجرد صراخ سياسى حول انتخابات وقوائم وصراعات، ضبط البوصلة الإعلامية لا يعنى دائماً العوم على عوم المشاهد، فأحياناً تحتاج إلى أن تلقى بطوق نجاة ثقافى لكى تنتشله من دوامات الجهل والخرافة، ليسأل كل صاحب قناة نفسه سؤالاً صريحاً: هل ما صنعه وطلب التصريح من أجله قناة فضائية إعلامية أم طابونة وعزبة وفرن بلدى وفخ لصيد المعلنين؟!

أين البرامج الاجتماعية التى تناقش أحوال وعلاقات ومشاكل الأسرة المصرية بجد؟، مشاكل مثل العنوسة وعلاقة الرجل بالمرأة وتردى المستوى الأخلاقى وتفكّك التواصل الأسرى.. إلخ، أين برامج الأطفال؟، هل يُعقل أنه فى بلد الأغلبية الساحقة من سكانها فى هذه السن الحرجة من الطفولة والمراهقة لا تعرض شاشات فضائياتها أى برنامج أطفال؟!، ولو أخطأت قناة وتناست عداوتها وعدوانيتها تجاه برامج الأطفال وعرضت فيلم كارتون لذر الرماد فى العيون سنجد أنه كارتون صينى لغته غريبة وقيمه وأفكاره التى يبثها أغرب، أين البرامج العلمية فى مجتمع ينادى بتشجيع الابتكار العلمى؟

لا يوجد برنامج علمى واحد فى الفضائيات المصرية وهذه كارثة ومأساة ومصيبة، البرامج العلمية مختلفة عن البرامج الطبية الإعلانية الوضيعة التى تقدم على بعض الشاشات، والتى تضع لافتات مضيئة خلف الطبيب متواضع المستوى، وكأنه سيقدم فقرة فى كباريه أو سيؤدى فاصلاً بهلوانياً فى سيرك المولد، البرامج العلمية مختلفة عن برامج التكنولوجيا والموبايلات وصيانة الكمبيوتر، البرنامج العلمى الصح ليس ثقيل الظل

كما يتخيل البعض، إنه فى منتهى الجاذبية، البرنامج العلمى الصح هو الذى ينمّى منهج التفكير العلمى ويزرع حب العلم فى الوجدان والعقل ويعرّف المشاهد أن كل ما نعيش فيه من نعم، هو بسبب العلم. البرامج السياسية تعانى من موت جذع المخ وتحتاج فقط لإعلان وفاتها ونزع أنابيب الأكسجين والاعتراف بمفارقة الحياة الإعلامية وكتابة شهادة الوفاة، ثم تلقى العزاء فى سرادقات الخرابات.. الاستوديوهات سابقاً.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter