الأقباط متحدون - لازم أقولك .. لا زم أدِلك
أخر تحديث ٠٦:٣٠ | الاثنين ١٨ اغسطس ٢٠١٤ | مسرى ١٧٣٠ ش ١٢ | العدد ٣٢٩٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لازم أقولك .. لا زم أدِلك

نبيل المقدس
أقدم أسفي للقراء لطول هذا الحدث .. لأنه حدث حقيقي .. لم استطع إختصاره أكثر من ذلك .. !!
لإمتى ح أفضل أخدعك .... أنا قلبي عمره , في يوم ماحبك .... ولا حتى فكّر يسمعك ....  حرام عليا أظلمك ... . وأشرب حنانك وأحرمك  .صعبان عليا . يضيع شبابك في وهم عايش فيه شريد .... ماأقدرش أشوف أبدا عذابك وفوق جراحك أعيش سعيد .....أرجوك حاول يوم ورا يوم تنساني .... أرجوك شوف لك قلب يحبك تاني ....حاول   يوم ورا يوم تنساني ... بهذه الكلمات انهت " ثمر" علاقتها بأول وأخر حبيب في عمرها .. !!!!

   تحكي لي "ثمـــر" : ده جزء من كلمات اغنية فايزة أحمد .. كنت وقتها جالسة في البلكونة التي تطل علي قطعة أرض فاضية , كانت في الأصل شبة قصر بحي مصر الجديدة .. و أثناء هذه اللحظات كنت اسمع هذه الأغنية التي أرجعت ذكرياتي المدفونة في اعماق قلبي . 
 منذ  23 عام دخلت محطة بنزين .. وكان ورائي سيارة أخري يسحبها شاب وسيم و أنيق ... ومن الحظ السييء , انفصل التيار الكهربائي عن المنطقة .. لكنني كنت قد اكتفيت بما هو موجود بالتانك وبالكمية التي ملأ بها عامل البنزين قبل إنقطاع الكهربا , ويا دوب بشغل العربية  , إذ اجد هذا الشاب يأتيني  بسرعة لكي يعرف اتجاه طريقي ..

وفي لحظة ما انهيت أخر كلمة عن اتجاهي .. إذ بي يقول لي بلطف وأدب  : لو سمحتي ممكن اركب معاكي .. وانزل أمام القضاء العالي لأن رقم الرول للعميل الذي سوف ادافع عنه رقم 2 .. وزي ما انتِ عارفة التاكسيات ترفض الذهاب إلي وسط المدينة تجنبا للزحمة .. قلت له مش مشكلة طالما في طريقي ... وبكلمة منه لعمال المحطة سحبوا عربيته وركنوها علي جنب .

 جلس بجواري .. وبعد فترة من الصمت  بدأ يكسر حاجز الصمت و يشتكي من سائقه الخصوصي له , ويقص عليّ أمانة واحترام  سائقه القديم ذو البشرة السمراء والذي جاء مع أخيه " عم حسونة " لخدمتهم منذ 60 سنة من جنوب اسوان .. وطبيعي كبرا في السن واستقالا لكي لا يكونا عبئا علينا . ثم جاء مكان نزوله , ولأول مرة أحسست ان المسافة قصيرة جدا ... وما أراحني هي كلمانه السريعة .. فقد أباح لي بنفس الإحساس علنا بما  شعرت به منذ لحظات ... فقد قال لي : تتصوري يا افندم لأول مرة احس انني وصلت المحكمة بسرعة ... وتعمّد أن يخلع نظارته السوداء لينظر إليّ نظرة شكر ممزوجة بإبتسامة  وسحب شنطته وإختفي .

 لم اعرف اسمه ولم يسألني عن اسمي او حتي أين مكان عملي .. كل ما عرفت عنه هو انه محامي و أن " أخو السائق الخاص بعائلته و الذي اعتزل .. أسمه " عم حســــــونة " ... ضحكت في نفسي .. لكن شعرت بنشوة جميلة تسري في عروقي . ثم ركنت عربيتي وصعدت  إلي زميلتي  والصديقة الحميمة لي في نفس الشركة .. نظرت إلي وفوجئت تقول لي .... أكيد حصل ..!! دي الإبتسامة علي شفايفك "فضحاكي و كشفاكي  يا واعية" .. حكيتُ لها ماحدث علي إعتبار انه امر عادي .. سألتني اثناء شرب القهوة عن عمله ... جاوبتها بسرعة .. " محامي " ... ضحكت  بسخرية .. بالسرعة دي عرفتي عمله ؟  وفي اثناء ضحكتها سألتني : وياتري المحظوظ ده اسمه إيه وساكن فين .. عازب ولا شابك ولا متزوج .. ... إلخ ؟؟؟ . صمْتُ طويلا . وهي تنتظر ,قلت لها هو اكيد محامي ... ردت عليّ : " ياسلام يا أختي قديمة " .. المهم باقي الأسئلة .. وقفت  ووضعت شنطتي علي كتفي وقلت لها " الحاجة الوحيدة اللي عرفتها عنه , "ان عم حسونة كان اخو السواق بتاعهم القديم " .. واخذت بعضي بسرعة  وجريت خارج مكتبها لأنني رأيتها تتناول احدي الدوسيهات و ستلقيه عليّ ..... طبعا ليها حق !!

بإختصار كان طريقي للشركة هو عن طريق أخر .. لكن من يوم ما قابلته جعلته طريقي الدائم , وإتعودت أن ألقي نظرة يوميا علي محطة البنزين آملة أن أراه . بيني وبينكم حبي له بدأ يزيد يوم ورا يوم .. وفي إحدي الأيام وكالعادة وصلت مكتبي .. وبلغت المدير انني موجودة وسألته إن كان يريد شيئا مستعجلا فكان رده أن لا انسي تجميع الأوراق التي تخص قضية ما .. ضد إحدي الشركات الأخري  . وبعد لحظات  يخبرني عم مختار الساعي ان أذهب فورا للمدير ومعايا الفايل الخاص بالقضية . ذهبت مباشرة وفتحت باب مكتب المدير لكي اجد نفسي امام مَنْ كنت اتمني رؤيته ... إندهشت وفي نفس اللحظة اندهش الضيف نفس الدهشة ..

مدّ يده لكي يصافحني بسعادة , لدرجة ان المدير سألنا : هو انتم معرفة ؟؟ قلت للمدير وانا انظر إلي عيون الضيف .. انا ما عرفش عنه إلا " إن اخو السائق بتاعه اسمه " عم حسونة " .. وانفجر الأستاذ " منير" في الضحك وهذا اسمه, وبعد ما اطلع علي الفايل وإنتهي من تسجيل بعض الملاحظات.. بدأ يخرج من مكتب المدير وعند توديعه , إذ يفاجئني بالكارت الخاص به مدون فيه ارقام التليفونات .. وقال لي انا منتظر منك مكالمة ضروري بالليل يا أستاذة " ثمر" وهذا هو إسمي .  

 دخلت عند زميلتي وقصيت عليها ما حدث .. ومن فرحتي أحببت أن تبقي معي هذا اليوم أطول مدة ممكنة فعرضت عليها أن تذهب معي إلي معمل  التحاليل  للكشف الدوري السنوي . وهذا تقليد يسري علي جميع العاملين بالشركة وبعد الإنتهاء جلسنا في احدي الكازينوهات , ثم إفترقنا .. دخلت البيت في تمام الساعة التاسعة .. وبعد لحظة رن جرس التليفون . قلت لنفسي وده وقته .. لم ارد علي التليفون .. لكنه استمر في الرنين , فإضطريت ارفع السماعة وإذ افاجيء ان منير هو الذي كان يطلب .. قال لي لم استطع الإنتظار وخشيت  أن لا تتصلي بي .. فطلبت سويتش شركتكم وأخذتُ منهم الرقم . عندك استعداد نتقابل دلوقتي .. ضحكت وقلت له مش تقول مساء الخير الأول .. وضحكنا علي امل اننا سنتقابل !

 قضيت معه وقت جميل وصارحني بحبه من لحظة جلوسه بجانبي في عربيتي .. وانه حاول ان يجد خيط يتتبعه لكي يجدني .. ارتحت له , ولم يلح عليّ أن ابادله الكلمات .. بل عرض عليّ الزواج .. طبعا لم اكن مصدقة .. وكأي فتاة قلت له نأجل الموضوع ده شوية .. !! وانا نازلة من عربيته قال لي .. صدقيني بحبك ومنتظر منك تليفون , وتكررت اللقاءات حتي قررنا في اللقاء القادم تحديد  ميعاد مقابلته مع والدي .

    ذهبت انا وزميلتي إلي مركز التحاليل وانا اسير بفرحة غامرة .. فقد أحببته جدا , وصممت ان بعد إستلام النتيجة .. سوف اطلبه واصرخ في التليفون واقول له .. تعالي ومعاك المأذون .. انا حبيتك وما اقدرش اعيش من غيرك  ؟ .. إستلمت زميلتي نتائج كشفها .. ثم طلب مني الدكتور ان يحادثني علي انفراد .. علمت منه ما سوف يحادثني عنه من قبل ما يصارحني .. فعلمت أنه المرض الوراثي الخبيث.. فقد اصاب والدتي واختي الكبيرة . حتي خالتي من قبل... إنهارت قواي .. وبدأت أخاف ليس من المرض , بل من موقفي مع حبيبي .. فأخذت قرارا فوريا كان صعبا عليّ .. فبعد يومين طلبته في التليفون .. شعرت بسعادته .. وعندما تقابلنا ..

ضغطتُ علي نفسي مرددة عليه بعض من كلمات فايزة أحمد .. كانت هذه الكلمات كالصاعقة عليه .. كل ما قاله .. رينا يسعدك . لاحظت الدموع تنهمر كجداول مياه ... تماسكتُ وتركتُهُ لوحده بسرعة .. وتلفتُ ورائي وجدتُه ما يزال يمسح دموعه .. ولم اعرف شيئا عنه حتي هذه اللحظة .. بدأت رحلة العلاج , ومع كل صباح ينتقل المرض من مكان إلي مكان أخر .. عانيت منه حوالي 23 سنة .. عشت وحيدة في ما عدا زميلتي التي كانت تسأل عني بإستمرار ... وأيضا كنت أعيش في ذكرياتي الحلوة الخاطفة مع "منير" من لحظة ما رأيته في محطة البنزين والخمس مرات التي تقابلنا فيها . ويا ما كتبت قصص في خيالي أغلبها عن كيفية البحث عن بعضنا .... !! وساءت حالتها جدا وبدأت تستعد لرحلة القراق ..!!

في إحدي زياراتي لها  سمعتها تردد سطرا من نفس الأغنية لكن بطريقنها الخاصة :
"مهما قربت نهايتي  فمستحيل أطوي صفحة من حياتي ... فيها قلب لا من قبله ولا من بعده نداني... إلا ربي الذي كان يأتيني يوميا .. قائلا لي : هانت يا " ثمـــــــــــر " !!!!

**  يوم الأحد السابق تم توديع "ثمر " ارق واجمل انسانة تحملا وتضحية .. صبرتي يا ثمر و عانيتي الكثير لكي تنالي ما هو افضل في الحياة الأفضل .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter