الأقباط متحدون - حُلَّ المَأْسُورِينَ
أخر تحديث ١٠:٢٢ | السبت ٧ ديسمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٢٨ | العدد ٣٠٣٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

حُلَّ المَأْسُورِينَ

صوره أرشيفية
صوره أرشيفية

بقلم:القمص أثناسيوس چورچ

نحن في عين العاصفة ، وكل من يقتلنا يظن أنه يقدم خدمة لله ، ففي كل يوم نشهد الخطف والذبح والنحر على أيدﻱ الإرهابيين الذين أظلمت قلوبهم وأذهانهم وعاثوا في الأرض تقتيلاً وتخريبًا وتخطيفًا . وقد تزايدت أعمال الخطف وطلب الفدية والتنكيل بالمخطوفين وإقتيادهم إلى الأسْر ، مسوقين تحت القهر في بشاعة تُضمر إقصاء المسيحين تحديدًا من معيّتهم ومحاولة محوهم من الوجود ... فالوطن مكانهم (الحيز) الذﻱ يشغلوه ، والله وحده هو غير المحوﻱ ولا حيز له ، وهو فوق الزمان والمكان . نحن كمسيحين مستهدفين من أعوان الشيطان الذين يقومون بعمليات الخطف ليغيبوا المخطوفين ويسلخوهم من وجودهم ، يلغونهم ويشردونهم عن واقع حياتهم وأرضهم وأهلهم ، وقد قيل أن الخطف نصف الإبادة وهو مخيف ومُرّ على أهل المخطوفين ، حيث لا يعرف أحد شيئًا عن شيء . فقط لا نسمع من الحكومات العاجزة والمتواطئة ، إلا الشجب والإستنكار والمشاطرة ، من دون ردع أو قانون ، لكنهم يمطروننا بتصوراتهم وتخوفاتهم ومناوراتهم... ونحن في كل شيء لا نعول كثيرًا إلا على الحاكم ضابط الكل ، لأننا نعلم أن ما يحدث ؛ ما كان ليحدث لو لم يكن بسماح من الله ، الذﻱ تؤل كل تدابيرة للخير لجميع الذين يحبونه من كل قلوبهم ، وهو الذﻱ يعطي المتوكلين عليه الأشياء التي تشتهي الملائكة أن تراها . إن أحداث الخطف الجارية حولنا ؛ هي لا تخص المخطوفين والمأسورين وحدهم ، لكنها تخص الكنيسة كلها ، وتخص الوجود المسيحي في هذا الشرق ، ولاشيء يحدث خارج مقاصد القدير ، الذﻱ نثق أنه لن يتركنا لمقادير قدر ، لكنه أعد كل شيء من أجل تكميل خلاصنا ، إن عشنا له نعيش ؛ وإن مِتنا له نموت ، وجميعنا

في يده ؛ فمن ذا الذﻱ قال فكان وهو لم يأمر؟! هو معنا في الأتون وسط نيران الكراهية والنهب وسلب الغنائم ، هو معنا في جب الأسود المسعورة مصاصة الدماء والمستبيحة لكل ما هو آدمي وطبيعي .

لا شك أن قلوبنا تعتصر على إخوتنا وأحبتنا المخطوفين ، لكننا لن نقف فقط عند حد الانفعالات البشرية ، بل نطلب مشيئة الله وحفظه وستره ورضاه ، كي نمر من الباب الضيق المؤدﻱ للحياة الأبدية حسب التدبير ، عالمين أن كل شيء هو من أجل خلاصنا لا لهلاكنا .

المخطوفون الآن يواجهون الموت البطيء ، الذﻱ لا يمكن أن يتصوره إلا المأسورون أنفسهم... يُقهرون وتنزع عنهم صلبانهم ؛ ويُقيَّدون ويتعذبون عذابات الشهداء والمعترفين . لأجل هذا نصلي جميعًا ونلحّ بلجاجة ونترجَّى النعمة والقوة التي تكمل ضعفهم وتشدد عزيمتهم وتثبت رُكَبهم المخلعة وأياديهم المرتعشة ، ونطلب من الله مادام قد سمح بذلك أن يمنحهم العون والعزاء والمنفذ وملء الثقة كأشارة مسرة الملك لأمين سِرِّهِ ... جميعنا مستهدفون من دون استثناء ؛ فالمخطوفون هم من كل الأعمار والرتب والفئات . فهو امتحان للكنيسة وللكيان كله ، كي يجمعنا الصليب وتجمعنا جثسيماني قبل الجلجثة ، الدعوة للعبور مفتوحة لكن لا يعرف أحد الساعة ولا وقت الرحيل .

إنه درس لكل مسيحي كي يعي أنه ليس بإمكانه أن يبقَى عضوًا في الكرمة من دون أن ينال الصبغة ؛ ويجتاز المعصرة حاملاً صليب الإيمان وتاج الخلاص ، ولله إلهنا توقيتاته ؛ لا من يُنقص منها ولا من يزيد عليها .

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter