الأقباط متحدون - استئساد الفئران
أخر تحديث ١٥:٤١ | السبت ١٢ فبراير ٢٠١١ | ٥ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٠٢ السنة السادسة
إغلاق تصغير

استئساد الفئران

بقلم: عزت بولس
المراقب للساحة المصرية الآن ومن أسعده الحظ لكي يكون" معايشًا لها" مثلي يلاحظ جيدًا مدى التحولات المتلاحقة والمتباينة في ذات الوقت التي يعيشها المصري -صانع التغيير الحقيقي وصاحب الإرادة الواعية- حيث حالة شجاعة بالنقد للنظام السياسي المُنتهي من قبل ساسة وجماعات ظلوا طوال نحو ثلاثون عام ودعاء ومستأنسين للقيادات السياسية المُنتهية صلاحيتها حاليًا.
 ليبقي سؤال مهم وهو أين كانت تلك الأصوات الناقدة قبيل 25 يناير 2011؟ ولما كانوا يستخدمون أسلوب " الحنيه المفرطة" المختلط بـ" الحذر الشديد"  للمعارضة والرفض لما يتم ممارسته من سياسات مغلوطة تجاه جموع المصريين؟ الإجابة ليست صعبة لقد كان هؤلاء"المستأسدين الجدد" خائفين على مراكزهم المهنية ولا يريدوا المغامرة بإبداء رأي حقيقي قد يدفع بهم لفقدان وظائفهم التي حققت لهم الكثير مما يصبون له من تطلعات على جانب ورسمت للنظام السياسي دور داعم له من قبل هؤلاء المنتفعين على الجانب الأخر.
أنضم لتلك الفئة" المستأسدين حديثًا" وجوه كثيرة لرؤساء ورموز حزبية ديكورية-نشأت لخدمة النظام وإيهام العالم كله بأن هناك تعددية سياسية وفكرية بمصر- مطالبين بنصيبهم من كعكة السلطة التى هيئ لهم أنهم ناضلوا من أجل حمايتها لصالح المصريين، لكن هيهات ستذهب طموحاتهم الإنتفاعيه أدراج الرياح خاصة مع حالة الوعي الحالي لدي المصري الذي رأيته بعيني بميدان التحرير، لن يتمكن هؤلاء من تحقيق المزيد من القفز على نجاحات الشباب دافعي الثمن الحقيقي للتغيير والحرية والعدالة.
 
دراسي التاريخ يعرفون جيدًا من هى جماعة "الإخوان المسلمين" لذلك لم يندهشوا من سعي أعضائها البارزين وغيرهم من السعي الدءوب للانقضاض على ثورة الشباب، ومن ثم نيل النصيب الأوفر من الكعكة المصرية في انتهازية واضحة للفرصة الذهبية التي أتاحتها لهم الظروف الحالية، والتي أيضًا لم يكن لهم فيها أي دور قيادي أو تنسيقي يمكنهم من تغيير حدود دورهم الضيق المعروف والمتمثل في التحكم بأسم الدين بعقول بعض الشارع المصري المتدين لدور أخر واسع وكبير يحقق لهم الفوز بمناصب كبرى طالما حلموا بها للتحكم من خلالها في مصير شعب مصر بكامله.
تلك الفئات المُنتفعة انتقلت خلال الأيام بل والساعات الأخيرة" بقدرة قادر" إلى ميدان التحرير لمُشاركة الشباب فرحتهم بما حققوا، وكأنهم كانوا بالأساس مُشاركين في عرض المطالب الثورية للشباب أو  دفعوا ولو جزء ضئيل من ثمن الإصرار عليها،في حين أن الحقيقة تقول أن هؤلاء-المنتفعين- أصبحوا بخبث يسعون لإبعاد الشباب عن الظهور بالساحة الإعلامية وغيرها ليبدءوا هم صولاتهم وجولاتهم لنيل مطامعهم.
هل من المعقول أن يضع الشعب المصري وشبابه الواعي ثقته في هذه الفئات الوصولية التى هى من صنيعه النظام المُنتهي للعمل على إيهام العالم بديمقراطية غير موجودة وحريات غير محدودة- بالطبع كانت الحرية مكفولة لكل مؤيد للنظام- وكلنا نعلم ما ناله مُنتقدي النظام السابق بموضوعية من تعدي على حريات أفرادهم وملاحقتهم بشكل أو بأخر يتيح لقيادة النظام السيطرة والقمع والتشدق بحرية التعبير كقشرة ظاهرية ليس لها أساس.

هل من المعقول أن يقف شعب مصر العظيم إلى جانب جماعة- الإخوان المسلمين- كارهة لمصر ومحتقرة لتاريخها،وذلك موثق تاريخيًا وأبرز مظاهره الحديثة إعلان المرشد السابق للجماعة مهدي عاكف أن مصر لا تساوي إلا "طظ" هكذا أعلنها ذلك المُرشد القائد على الملأ ودون خجل أو مواربة؟
 هل من المعقول أن يقف الشعب المصري العظيم إلى جانب جماعه ذهبت إلى ساحات المظاهرات فى وقت لاحق بعد أن تأكدت أن خطر الأمن زال بمدرعاتة وقنابله المسيلة للدموع ورصاصة الحى والمطاطي،وقد نال من الشباب ما نال ولم يتبقى عسكرى واحد يقفون فى وجه؟
أين كان –الإخوان المُسلمين- من شهداء الشباب الذين ضحوا بحياتهم في سبيل مستقبل أزهي لمصر؟ لماذا لم يتواجدوا بثقلهم فى 25 يناير أو بجمعة الغضب 28 يناير؟ لماذا فجأة بدؤا يظهرون على شاشات الفضائيات للمناورة السياسية وساحات التحرير لالتقاط الصور وإثبات الحالة؟ أسئلة كثيرة بديهية الإجابة لمن يضع مستقبل وطنه وأبناءه أمام عينيه ويدرك جيدًا النتيجة التي يصل لها كل من يتاجر بأسم الدين.

العجيب حقًا هو دعوة نائب الرئيس السابق الحوار مع تلك الجماعة التي ظلت طوال ثلاثون عام"محظورة" بتعريفات وقواميس النظام السياسي المُنتهي،أنه لتناقض عجيب حقًا أن تحظر كيان وتتحاور معه بذات الوقت!!
الأحزاب الديكورية التي انتقلت للتفاوض في الساعات الأخيرة قبل الرحيل لقيادة النظام ليست أفضل حالاً من المحظورة أو أقل خطورة،فهم أيضًا استمتعوا بالجلوس على مائدة الحوار مع قيادات سياسية لنظام مُنتهي وامتلئوا شعورًا ببعض القوة من دقائق ظهورهم على شاشات الفضائيات بتلك الوضعية،لقد فعلوا كل ذلك ولم يكن بمخيلتهم أن الرحيل للقيادة السياسية التي طالما لعبوا معها وعليها سيكون خلال ساعات قليلة، وخسارتهم ستكون فادحة أمام جموع الشباب من مفاوضتهم تلك.
شباب مصر وشعبها العظيم لم يعد مغيبًا عن الواقع فهو متواجد ومراقب ومُشارك وقرر التغيير ونفذ ما قرره ودفع ثمنه بالدم لشهداء بعمر الزهور قتلوا برصاص الشرطة وتحت عجلات مصفحاتها.

إن  كل من يعتقد إنه لا يوجد فى مصر غير هذه الوجوه المستهلكة- قيادات المحظورة وأحزاب الديكور- للتفاوض على مستقبل مصر لهو واهم،هنا بمصر الكثير من الوجوه الشابة التي تستحق أن تنال شرف وضع أسس مستقبل أفضل للوطن الناهض فلنمنحهم فرصة القيادة،ولنرفض الوجوه الانتهازية المُستهلكة ليقود الشباب البلاد فهم الآن الأحق بذلك وقد أثبتوا بدمائهم مدى حبهم لمصر، دعنا نترك الأسباب الواهية التى يتحلى بيها الساسة كبار السن المُدعين لحكمة الشيوخ المُتهمين للشباب بالتهور وعدم الخبرة.
التغيير صنعه الشباب وليس مُدعي الحكمة كبار السن مُتجمدي العقول و الذين ظلوا لسنوات بلا صوت،ولهذا الأجدر للشباب أن يكملوا قيادة المسيرة التي بدءوها للتغيير، ولننظر لبلاد العالم  من حولنا سنجد أن من يقودها هم الشباب و ليس كبار السن المُصابين بكل أمراض التصلب في خلايا المخ مما يبعدهم عن روح العصر.
إن إمكانيات الشباب المصري الذهنية وحبهم الغير ملوث بأمراض عصور الفساد يؤكد بما لايدع مجالاً للشك أنهم الأقدر على القيادة لدفع مصر لملامسة شمس الحضارة من جديد، دعنا نتركهم للعمل والقيادة، فالفخر بحضارة سبعة ألاف سنة يجب أن يكون دافعًا لتحقيق مستقبل أفضل لأولادنا وأحفادنا وليس فقط التشدق بماض جميل هو تاريخ من المهم أخذه وقود لصناعه مستقبل وليس فقط الإكتفاء بالتوقف عنده وتأمل عظمته.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter