الأقباط متحدون - بيت الأمة في واشنطن
أخر تحديث ١١:٢٦ | الاثنين ١٠ يونيو ٢٠١٣ | ٣ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٥٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

بيت الأمة في واشنطن

"بيت الأمة" الذي أقصده في هذا المقال هو القصر الكبير الذي يتسع للمصريين جميعا علي اختلاف مستوياتهم ومراكزهم وتنوع توجهاتهم وعقائدهم، ويقع في إحدي ضواحي (واشنطن) عاصمة الولايات المتحدة، والذي يملكه أستاذ جراحة العظام العالمي الدكتور عادل كوبيش أو (عمدة المصريين) في الساحل الشرقي لأمريكا.

 
لا يوجد مصري – فيما أعرف – سواء كان مسئولا رسميا أو ينتمي لأجنحة المعارضة أو من الشخصيات العامة لم يزر " بيت الأمة "، فقد التقيت هناك وجوها مصرية غير مغشوشة ونماذج أصيلة من تراب وطين هذا الوطن الطيب، في معظم المناسبات الوطنية  والأعياد القومية للمصريين، وآخرها عيد " شم النسيم " وبحضور السفير المصري في واشنطن.
 
أما سبب تسمية هذا القصر بهذا الاسم: " بيت الأمة "، فهو إصرار المصريين وتأكيدهم علي " الهوية المصرية " الممتدة لآلاف السنين في عمق التاريخ والجغرافيا، وذلك في مواجهة محاولات مستميتة لطمسها وتزييفها وتشويهها، وربما كان استلهام المصريين العبقري لفكرة " بيت الأمة " - وبالفطرة الجماعية -  هو استحضار لروح ثورة 1919 الوطنية التي التف فيها المصريون جميعا حول سعد باشا زغلول ورفعوا هذا الشعار الأثيري: "الدين لله والوطن للجميع". 
منذ مجئ الإخوان المسلمين إلي حكم مصر  في يونيو الماضي، حدثت (فوضي) مقصودة في مفهوم "الأمة" المصرية، و" ردة " دلالية متعمدة تعود بالمصريين القهقري إلي العصور الوسطي الظلامية، حيث " الأخوة في الدين " وليست " الأخوة في الوطن " هي عماد التفسير والتأصيل والتخطيط لمحو " هوية مصر " لحساب هويات أخري لا علاقة لها بتاريخ المصريين أو مستقبلهم المنشود.
 
لذلك أصبحنا باستمرار أمام مفهومين للأمة لا يلتقيان أبدا، الأول كان معروفا قبل يونيو 2012 أو قل قبل أن (يخطب) ويخاطب الرئيس الإخواني محمد مرسي (أهله وعشيرته) عقب نجاحه في الانتخابات الرئاسية الماضية.
 
 أما المفهوم الثاني وهو مفهوم " الأمة الإسلامية " الذي يقصده الإخوان فهو (مفهوم ديني) يختزل دنيويا فقط في " دولة الخلافة "، وتلخص عبارة المرشد السابق مهدي عاكف: " طظ في مصر " – وتفسر أيضا – كل الكوارث التي حلت وسوف تحل بالأمة المصرية من " تفتيت للنسيج الوطني الواحد " إلي ضياع شريان الحياة (الوحيد) للمصريين (نهر النيل) وما بينهما من أزمات اقتصادية وانفلات أمني وعدم سيطرة علي كامل التراب الوطني، من سيناء شرقا إلي السلوم غربا وحلايب وشلاتين جنوبا!
مشروع الإخوان المسلمين والذي أطلق عليه (إعادة فتح مصر) يستهدف تأسيس دولة أخرى تستورد منطق وجودها من خارج الزمان والمكان، كما يقول صديقي الدكتور " حازم حسني " أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ومن ثم فقد قسموا بمشروعهم هذا مصر إلى فريقين متناحرين لا مجال للتصالح بينهما: فريق يريد مصر بكل معنى الكلمة التاريخى والحضارى، وفريق لا يريد مصر إلا إقليماً ضمن مشروع دولة أخرى لها إطارها الوجودى الذى لا يعترف بالأطر التاريخية والحضارية للدولة المصرية.
 
لقد أصبح تهديد الأمن القومي المصري – لأول مرة في التاريخ الحديث – من داخل مصر (وليس من خارجها) ومن جماعة يفترض أنها تنتسب للمصريين، وحسب المادة الأولي في الدستور المصري الجديد – الذي تم سلقه علي عجل وبالتالي لم يعبر إطلاقا عن التوافق الوطني أو عن جماع إرادة المصريين – فإنه لا يوجد شئ اسمه " الأمة المصرية " وإنما مصر هي جزء من الأمتين العربية والإسلامية، وهذه الهلامية في الصياغة الغرض منها محو " الهوية المصرية " واجهاض كل امكانية لبناء مشروع قومي عصري يلتف حوله المصريون جميعا للحاق بالألفية الثالثة التي (تهمل ولا تمهل أحدا).
 
في " بيان العبرمناهجية " للفيلسوف الفرنسي " بسراب نيكولسكو " رؤية مبتكرة (وبسيطة) لمفهوم " الأمة " – Nation  حيث يربط بينه وبين مفهوم " الطبيعة " – Nature  وفكرة " الجنسية " – Nationality  ، وذلك من خلال البحث عن الجذر اللغوي اللاتيني المشترك ، ويخلص إلي أن الأرض المشتركة هي الوطن الرحمي أو " الرحم المشترك " لمن يشكلون هذه الأمة الواحدة علي اختلافهم وتنوعهم، وهو ما (يتعارض) تماما مع (فكرة) الإخوان المسلمين من: أن المسلم الماليزي أو الباكستاني أو الحماساوي أقرب للمسلم المصري من المسيحي المصري، وهي الفكرة التي نعارضها (بقوة) كمصريين: مسلمين ومسيحيين ولا دينيين وغيرهم، في " بيت الأمة " بواشنطن.

نقلاً عن إيلاف

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع