القمص رويس الجاولى
تابع التركيبة السكانية
++++++++++
اللاذقية:
+++ شكلت اللاذقية ومنذ القرون الأولى مركزًا هامًا للمسيحية، وتعود أقدم الكنائس المكتشفة إلى القرن الثالث، في حين أن المسيحية في سوريا الداخلية لم تصبح دين السكان حتى أواخر القرن الرابع. وبطبيعة علاقاتها التجارية مع اليونان فقد طغى المذهب البيزنطي الأنطاكي عليها، على عكس سوريا الداخلية خصوصًا في أريافها حيث انتشر الطقس السرياني، لكن للطقس السرياني وجوده التاريخي في المدينة إذ يذكر التاريخ رسامة أسقف من كنيسة السريان الأرثوذكس عام 578. خلال حقبة الإصلاحات العثمانية في القرن التاسع عشر، تحسنت أوضاع المسيحيين في اللاذقية وعملوا في التجارة، وكانت الثروة بالمجمل في يد الطائفة الأرثوذكسية. وكان المستوى العلمي والثقافي بين المسيحيين أعلى بالمقارنة مع الطوائف الإسلامية في المدينة.
+++ وتختلف النسبة التقريبية للمسيحيين في اللاذقية بحسب التقديرات المختلفة وهي تتراوح بين 10% إلى 18% من مجموع السكان، يأت في مقدمتهم الروم الأرثوذكس الإنطاكيون وهم يشكلون غالبية ساحقة من مسيحيْ المدينة، يليهم الموارنة والأرمن الأرثوذكس رغم أن أغلب نفوسهم في بلدة كسب الواقعة على الحدود مع تركيا، إلا أن قسمًا كبيرًا منهم يقيم في المدينة بشكل دائم. تاريخ الأرمن في المدينة يرقى للقرون الوسطى، أي قبل النزوح الأرمني العام 1915، إذ كان للأرمن كنيسة وفندق في اللاذقية في القرن الرابع عشر، محولين المدينة إلى مركز في طريق الحج إلى القدس. هناك أيضًا عدد من اللاتين ويتبع لهم أيضًا عدد من العائلات السريانية الكاثوليكية والأرمنية الكاثوليكية، إذ إن أبناء هاتين الطائفتين لا كنائس لهم بسبب قلة عددهم؛ هناك أيضًا عدد قليل من الروم الكاثوليك والإنجيليين موزعين على ثلاث كنائس معمدانية وكنيسة لوثرية.
+++ ويعيش المسيحيون في ما يُعرف بحي «الأمريكان» الذي سُمّي على هذا النحو تيمّناً بالمدرسة البروتستانتية التي أنشأتها المبشرون الأمريكيين.
المدينة هي أيضًا مركز لعدد من الأبرشيات المسيحية، ومن المعروف أن مجمع نيقية عام 325 اعتبر اللاذقية أسقفية قائمة بحد ذاتها؛ أقدم الأبرشيات هي أبرشية الروم الأرثوذكس، ثم الأبرشية المارونيّة التي استحدثت عام 1736 وكان كرسيّها في طرابلس ثم قسمت الأبرشية إلى أبرشية طرابلس وأبرشية اللاذقية ومركزها طرطوس عام 1979؛ أما أبرشية الروم الملكيين الكاثوليك فقد أنشئت العام 1964 وكان كرسيّها حتى عام 2000 في مرمريتا، في حين أن الرومان الكاثوليك المدينة يتبعون لأسقف حلب. أبرز معالم المدينة المسيحية هي كنيسة القديسة تقلا التي أعيد اكتشافها عام 1999 وترقى إلى القرن الرابع، وكنيسة القديس نيقولاوس تعود للقرن الخامس، وكنيسة قلب يسوع الأقدس للاتين التي بنيت العام 1933 ويطغى عليها الطابع المعماري لعصر النهضة الأوروبيّة، في حين أن كنيسة الأرمن أو كما يطلقون عليها اسم كيدون الأرمن» فهي تحوي على نقوش وأشكال نافرة تعود للقرن الثالث عشر.
++++++++++++
الجزيرة الفراتية
++++++++++++
تعتبر منطقة الجزيرة الفراتية من المواطن التقليديّة للسكان الأصليين الآشوريين المسيحيين الناطقين باللغة الآرامية في بلاد ما بين النهرين القديمة. وصل آلاف اللاجئين الآشوريين إلى الجزيرة السورية، قادمين من تركيا في أعقاب الإبادة الجماعية الآشورية خلال الحرب العالمية الأولى. بالإضافة إلى ذلك، في عام 1933 فرّ حوالي 24,000 مسيحي آشوري إلى المنطقة، في أعقاب مذبحة سميل في منطقة الموصل في شمال العراق. حيث أسسوا 35 قرية على ضفاف الخابور قرب الحدود مع تركيا. ومع ذلك، غيرّ العنف ضد المسيحيين التركيبة السكانية في هذه المنطقة حيث تعاونت بعض القبائل الكردية والفارسية مع السلطات العثمانية خلال الإبادة الجماعية للأرمن والآشوريين في بلاد الجزيرة الفراتية. وبدأ المسيحيون الآشوريون في الهجرة من سوريا بعد مذبحة عامودا في 9 أغسطس من عام 1937. وارتكب هذه المذبحة سعيد آغا الكردي، وأدت الحادثة إلى افراغ المدينة من سكانها الآشوريين. في عام 1941، تعرض المجتمع الآشوري في مدينة المالكية لاعتداء أخر. وعلى الرغم من فشل الهجوم، تم ترهيب الآشوريين وتركوا المدينة بأعداد كبيرة، ومع هجرة الأكراد من تركيا إلى المنطقة، أصبحت مدينة المالكية والدرباسية وعامودا إلى مدن ذات أغلبيّة كرديّة. كان لمدينة نصيبين ذات الأهمية التاريخية المسيحية مصير مماثل بعد مغادرة سكانها المسيحيين عندما تم ضمها إلى تركيا. وعبر السكان المسيحيون في المدينة الحدود إلى سوريا واستقروا في مدينة القامشلي، والتي كانت مفصولة بواسطة السكك الحديدية عن نصيبين، وأصبحت نصيبين مدينة ذات أغلبية كردية وأصبحت القامشلي مدينة ذات أغلبية آشورية مسيحية. لكن الأمور سرعان ما تغيّرت، مع هجرة الأكراد التي بدأت في عام 1926 في أعقاب فشل تمرد ثورة الشيخ سعيد بيران ضد السلطات التركية.
استحدثت مقاطعة الجزيرة من قبل الانتداب الفرنسي على سوريا بعد صدور مراسيم التقسيم عام 1920، لتكون كيانًا ذي وضعية خاصة داخل دولة حلب، نظرًا لأهميتها الاقتصادية، وتنوعها العرقي. استمرّ «الوضع الخاص» للجزيرة لما بعد إعلان الدولة السورية والجمهورية السورية الأولى. في عام 1953 شكل المسيحيون حوالي 24.4% من سكان مقاطعة الجزيرة أي حوالي 56,444 نسمة، توزعوا بين 42,626 آشوري وحوالي 12,535 أرمني وحوالي 1,283 مسيحي عربي. لا يزال هناك تواجد مسيحي كبير خصوصاً من أتباع الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة السريانية الكاثوليكية وكنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية والكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية، ويتواجدون بشكل في مدينة الحسكة ومدينة القامشلي وريفها وكذلك في مدينة المالكية وفي رأس العين وعامودا ودير الزور، إلى جانب القرى الآشورية الواقعة على ضفاف الخابور قرب الحدود مع تركيا. شهدت المنطقة نسبة عالية من الهجرة في العقود الأخيرة؛ كانت العوامل الرئيسية هي الجفاف وهجرة المسيحيين الآشوريين لتحسين الأوضاع الاقتصادية والصراع مع الأكراد.