زهير دعيم
اليوم السبت وفي السادس والعشرين من تمّوز2025 سكت البيانو في زاوية الغرفة... وخرس المزمار .
 ونام اللحن  الجميل على كتف حزين ، وتوقّف الحوار مع العقل والعاطفة معًا. 
فقد رحل زياد الرّحبانيّ.

رحل صاحب النَفَس المختلف، العاصف حينًا  والعاقل احيانًا كثيرة . 
الناقد بجرأة، والعاشق للكلمة وللحن الطائر في فضاء الاكوان.  

الساخر من وجع وطن، والمُعرّي لزيف زمن أبى الّا ان يحطّ فوق لبنان والشّرق .
كان ابن فيروز... نعم ، وكان ابن عاصي الرّحبانيّ  الموسيقار العظيم .... نعم .
ولكنّه كان زيادًا بكيانه  وبفنّه وبموسيقاه وبتمرّده،  وبحرفه الذي يجرحُ لينزفَ صِدقًا  وجرأةً ، وبلحنه الذي لا يُشبه أحدًا حتى نفسه .

زياد لبنان والشرق الجريح ،  أذكر بعض دررك المتلألئة  :  
   " عندما أرسلوني  يومًا الى المدرسة وكنتُ انتظر ساعة الرجوع ، علّموني أن أحكي مع الله صديقي  "

 " ليتهم يعرفون أنّ لحظة العمر الأخيرة  ، قد تنزل علينا وتأخذنا ونحن نتخاصم " .

 فنحن- يا نجم الشرق -  لا نريد رحيلك ، ونبكي افتقادك  ونتوجّع لصعودك الى السماء.  علمًا  أنَّ السماء وجوقاتها فرحةٌ بك .  
ولكنّ رحيلك  قد صار وحدثَ فعلًا ،  واصبح صمتك الآن أعلى من كل موسيقى.

نم بسلام في حضن ربّ المجد 
نم بسلامٍ على كتف الرَّحبانيَّات،  وبرفقة من صنعوا ذاكرة الأغنية الشرقية والغربية عاصي ومنصور والياس .
نم فستبقى ذكراك الجميلة في حضن الفيروزة  حنجرة السماء.

وإن سألونا بعد اليوم ماذا خسرنا؟  
سنقول : خسرنا من كان يضع الحقيقة في قالب موسيقيّ جميل ، ويغرّد على قمم الجبال موسيقى الاصالة والحياة ،  
ويتركنا نبكي... ونضحك... ونفكر.

سلامٌ على روحك،  
يا من صعدت... تاركًا لنا شيئًا منك في كل وتر،  

وكل كلمة صدحَ بها قلبك قبل صوتك .
وتعازينا الحارة لأمّ الفنّ الأصيل وامبراطورة الغناء على مدى الأجيال فيروز ، امّك الحنون التي سيتفطّر قلبها الجميل حزنًا عليك.
 نمْ يا غالي ؛ نم يا لحن الالحان ونغم المجد الأصيل .

 فأنت في رحابِ  ربّ المجد ، وفي قلوبنا في الجليل – جليل الربّ. 

لروحك الف سلام .