الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ

اقترحَ بعضُ الأشخاص أن يكون عيد القيامة عطلةً رسميةً لجميع المواطنين في مصر. وقد يبدو هذا الاقتراح بسيطًا، بل بديهيًّا من زاوية المساواة والمواطنة. لكنّه في العمق أضاء على الارتباك العميق في فهم العَلمانيّة لدى كثيرين. فالمسألة ليست مجرّد فصلٍ للدين عن الدولة من الناحية الإداريّة، بل مسألة تفكيرٍ بنيويٍّ في طبيعة الدولة ووظيفتها.
 
الدولة، من حيث هي كيانٌ اعتباريّ، ليست ذاتًا تُصلّي أو تصوم، ولا هي مؤمنة أو كافرة، ولا تقوم فجرًا لتتوجّه إلى معبدٍ أو كنيسة. لذا، تحديد "دين الدولة" في الدساتير هو تعبيرٌ أسطوريٌّ في جوهره، لا يعكس واقع الدولة الحديثة، بل يعكس إرثًا لاهوتيًّا أُقحم في بناء سياسيّ.
 
أن تكون الدولة عَلمانيّة لا يعني أن "تلغي" الدين أو "تحاربه"، بل أن تعامل جميع الأديان والمعتقدات على قدم المساواة، بموجب مبدأ المواطنة. فإن كان داخل هذه الدولة جماعة من المواطنين يحيون عيدًا ما – كـ"عيد تعامد الشمس على كوبري الليمون" مثلاً – فالدولة ليست معنيّة بتحديد صدق هذا الاعتقاد أو بُطله، بل فقط بضمان حريّة ممارسة هؤلاء لطقوسهم ما داموا مواطنين يدفعون الضرائب ويخضعون للقانون.
 
وظيفة الدولة ليست لاهوتيّة. من شاء أن يقدّم نقدًا لاهوتيًّا لأي عقيدة، فليتفضّل إلى منبرٍ دينيّ، لا إلى سلطةٍ تشريعيّة أو قضائيّة.
 
أما الدولة، فكلّ مواطن فيها يجب أن يُعامَل بالقانون ذاته، لا بناءً على دينه، بل على جنسيّته ومواطنيّته.