قصة للاطفال بقلم : زهير دعيم
منذ أن عاد أمير من عند الحلاق ، وبراء الصّغيرة ابنة السّت سنوات لا تتوقف عن البكاء.

  تريد أن تقصّ شعرها ....

  وبراء الصغيرة ، جاءت إلى الدُّنيا بعد أربعة صبيان ، فكلّ شيء ٍ في البيت ولّاديّ : الألوان ، الألعاب ، والهوايات ، فسارت على نفْس النَمَط ، فهي تلعب بالكرة كإخوتها ، وتلبس البنطلون وتأبى بشدّة أن تلبس فُستانًا ، بل وحتّى أن تشتريَ فستانًا جميلاً.

  كانت براء حُلم والديها ، إنهما بعد الصبيان الأربعة قد اشتاقا إلى فستانٍ ليلكيّ يتمشّى في بيتهم ، واشتاقا إلى جديلتين تنسابان على الكتفين .

لكنَّ براء خيّبت ظنّهما ، رغم أنّها جميلة ، ذات شعر ذهبيّ ، وعينينِ زرقاوينِ ووجهٍ تُفاحيّ .

  وعانقتها امُّها ومسحت دموعها السّاخنة ، وهي تحاول إقناعها بأنَّ شعرها الذهبيّ جميل ، وأنّ طوله يزيده جمالاً ، وأنّها عروس ...إنها بنت ، والبنت تفتخر بشعرها .

  وبراء تهزُّ برأسها رافضةً.

واحتضنتها الامّ ثانية ، وبراء  تبكي وتصرخ  : أريد أن أقصّ شعري  كأمير ـ ولا أريد هذين القُرطيْنِ .

  وللقرطين قصة ، فلقد زيّنا أذنيها وهي بعد في شهرها الثالث من العمر ، "وكلّما دقّ الكوز بالجرّة "ِ تتذكّر  براء  القرطين وتطلب إزالتهما  ..إنها لا تحبّهما ، وكفى...

  ونامت براء  وهي تتنهّد ، نامت في حضن امِّها .

  وأومأت الامّ إلى أمير أن يأتيها بمِشطٍ ، وأخذت تُسرّح شعر براء الذهبيّ بحذر شديد وهي تقبّله قائلة : " خسارة أن يذهب هذا الشَّعْر هباءً ...خسارة .

  كم تمنّت الامّ أن يكون لابنتها جديلتانِ ذهبيتان تُزينانِها ، ولكنّ براء  رفضت ، وها هي الفرصة مؤاتية ..

 وبحذر شديد وفنيّة رائعة وشوق غامر ، رسمت الامّ من شعر صغيرتها جديلتين جميلتين ، ختمتهما بعقدتين من شريط بنفسجيّ .

 ونظرت إليها من جديد ، إنّها دُمية جميلة ، هذه البراء  !! وتزيدها الجدائل جمالًا .

   وطبعت الامّ أكثر من قبلة ، مرّة على  الجبين  ، ومرّة على الجديلتين ..وانتظرت .

  ولم يطل انتظارها،  فها هي براء تتململ ثم تستفيق،  وقد نسيت كلّ شيء ، فقامت تلعب وتركض هنا وهناك،  والامّ تراقبها من بعيد .

  وأثناء لعبها مرّت بجانب المرآة ، ووقفت طويلا ، تداعب الجديلتين وتبتسم ، ثمّ ما لبثت أن صرخت : " أمي ، أمي أريد أن اشتريَ فستانًا ".

  وزغردت الام زغرودة كبيرة .