كتبت - أماني موسى
احتفل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، أمس الثلاثاء، ببلوغه عامه الـ95، ليصبح أطول الرؤساء الأمريكيين عمرًا في تاريخ بلاده، وهو الريس رقم 39 للولايات المتحدة، وتولى الرئاسة في الفترة بين عامي 1977 و1981.. حائز على جائزة نوبل للسلام 2002، كان عضو بالحزب الديمقراطي، ضابط في البحرية، ومزارع فول سوداني، خدم فترتين كسناتور بولاية جورجيا وفترة واحدة كحاكم للولاية (1971–1975).. نورد بالسطور المقبلة بعض المعلومات عن حياته وتاريخه.

نشأته في قرية بجورجيا بين أربعة أشقاء
ولد جيمس إيرل كارتر، في 1 أكتوبر 1924، في قرية صغيرة جنوب غرب جورجيا من السهول، بالقرب من بلدة أمريكوس، وكان والده يعمل مزارع للفول السوداني، وشغل منصب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا من عام 1963 إلى عام 1967 - ثم حاكم جورجيا من عام 1971 إلى عام 1975.

أما والدته السيدة ليليان، كانت تعمل في حقل التمريض، وغرست في أبنائها مبادئ المسيحية، حتى أنه كان يعظ بالكنائس، وهو ما لم يوجد بأي بمعظم الساسة الأمريكيين، كما غرست فيه عدم التفرقة بين الأشخاص بحسب اللون، وهو العرف الذي كان سائدًا في ذلك الوقت.


أحب كارتر اسم "جيمي" بدلاً من اسمه الحقيقي جيمس إيرل؛ فكان يطلب من أصدقائه ومساعديه، ألا يطلق عليه أحد اسماً غير هذا. وكارتر هو الأخ الأكبر لأختين (جلوريا وروث)، وأخ واحد (بيلي).

كان الأكبر بين أربعة أشقاء وعرف عنه شغفه بكرة السلة، بعد إلتحاقه بالمدارس العامة في بلينز، درس في معهد جورجيا للتكنولوجيا قبل التحاقه بالأكاديمية البحرية الأمريكية في عام 1943، التي تخرج منها عام 1946 وانضم إلى البحرية الأمريكية، وتخرج في المركز الـ 59 من أصل 820 من الضباط البحريين.

تزوج من روزالين سميث في عام 1946، ولديهم أربعة أطفال: وليام جون "جاك" كارتر (ولد في 1947)، جيمس ايرل، كارتر الثالث (ولد في 1950) ؛ دونيل جيفري "جيف" كارتر، (ولد في 1952) وايمي لين كارتر (ولدت في 1967).





ضابطًا في البحرية ودارسًا للفيزياء النووية
تأهل جيمي لقيادة غواصة تعمل بالديزل والكهرباء بعد أن أصبح ضابطًا صغيرًا في البحرية، وقدم بعد ذلك طلبًا لبرنامج الغواصة النووية الناشئ في البحرية الأمريكية الذي يديره الكابتن هيمان جي ريكوفر، ودرس الفيزياء النووية، واختير ضابطًا في الهندسة الميكانيكية في واحدة من أولى الغواصات الذرية، لكنه اضطر للخروج من البحرية لإدارة أعمال عائلته بعد وفاة والده في 9 أكتوبر عام 1953.

تجارة الفول السوداني
وبعودته إلى جورجيا توسع في تجارة الفول السوداني التي تسيرها عائلته، حتى أصبحت تجارتهم رائجة، وتضاغفت عدة مرات.

في عام 1976 اختاره الحزب الديمقراطي ليكون مرشحه في الانتخابات الأمريكية، وكان ذلك مثار دهشة من قبل كثيرين، إذ أنه لم يكن معروف خارج حدود ولايته، وبالفعل تم انتخابه من قبل الشعب الأمريكي، محققًا الفوز على نظيره الجمهوري جيرالد فورد.


مساندته للمساواة بين البيض والسود وفتح مدارس لهم
كما قلنا سابقًا بأن والدته غرست فيه عدة مبادئ وقيم منها عدم التفرقة بسبب اللون أو الجنس أو الدين، ولذا ساند كارتر فتح جميع المدارس للطلاب البيض والسود على حد سواء ما أدي إلى تعرضه لحملة أثرت على شعبيته، بل أنهم دعوا إلى مقاطعة كارتر وزراعته وتجارته.


أمريكا لم توجد حقوق الإنسان.. حقوق الإنسان هي من أوجدت أمريكا
كان يعمل على إحلال السلام، ومن أشهر أقواله "أريد فقط إبقاء العالم كله في سلام"، وكذلك مقولته الشهيرة "أمريكا لم توجد حقوق الإنسان.. حقوق الإنسان هي من أوجدت أمريكا".

دعم كبير للسود وإعادة عقوبة الإعدام
أثناء فترة ولايته لجورجيا اتخذ عدة إجراءات من بينها، المساواة بين الأموال المقدمة للمدارس في الأحياء الغنية والفقيرة، على السواء. كما تمكن من إصدار قوانين تشجيع توظيف المواطنين السود، في الحكومة، فقُدّرت نسبة الموظفين السود، الذين يعملون في حكومة الولاية بحوالي 40%. كما وضع صور شخصيات السود الشهيرة، في المعرض، الموجود في مبنى برلمان الولاية، وبدأ بصورة مارتن لوثر كينج.

عُرف بقسوته تجاه تجار المخدرات، وأصدر قرارًا بإعادة عقوبة الإعدام، التي كانت قد ألغيت في وقت سابق.


رئاسة أمريكا وأهم القرارات
شغل منصب رئيس الولايات المتحدة في الفترة من 20 يناير 1977 إلى 20 يناير 1981، حيث شهدت فترة ولايته العديد من القرارات الهامة بما في ذلك معاهدات قناة بنما ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ومعاهدة سالت II مع الاتحاد السوفيتي وإقامة علاقات دبلوماسية مع الصين.

وكذا قطع العلاقات وقطع المساعدات الإنسانية لأفغانستان بعد ذبح السفير الأمريكي في كابول في عام 1979.

إيران تأسر 52 أمريكي وكارتر يرد بقرارات صارمة
وفي نوفمبر من ذات العام قام أية الله الخوميني بأسر 60 أمريكيًا، ثم أطلقوا سراح بعضهم وظل 52 أمريكي في الأسر، لأكثر من عام، وكان المطلب الإيراني من أمريكا هو تسليم الشاه رضا بهلوي، لكي تتم محاكمته في إيران، وردًا على ذلك، فرض كارتر حظرًا على استيراد البترول من إيران، كما أصد قرارًا بتجميد أصول الأموال الإيرانية في الولايات المتحدة.

قوة عسكرية لتحريرهم ولكن!
وفي ديسمبر عام 1979، طرد الرئيس كارتر 183 دبلوماسيًا إيرانيًا من الولايات المتحدة. وفي أبريل عام 1980، فرض كارتر مزيدًا من العقوبات الاقتصادية على إيران، ومنع جميع الأمريكيين، من السفر لإيران، باستثناء الصحفيين، وقام بإرسال قوة عسكرية لإنقاذ الأسرى لكنهم فشلوا في تحقيق المهمة وقٌتل 8 من أفرادها.

اتفاقية لإطلاق سراح الأسرى الأمريكيين وتحريرهم قبل نهاية ولاية كارتر بيوم
وبوفاة الشاه في مصر، طالب الخوميني بعودة الأصول المالية للشاه المتوفي حتى يتم عودة الأسرى، وتم توقيع اتفاقية بين الجانبين بوساطة جزائرية، وتم إطلاق الأسرى مقابل إلغاء تجميد أصول إيران المالية في الولايات المتحدة. وغادر الرهائن إيران، في 20 يناير عام 1981، وهو اليوم التالي لليوم الذي ترك فيه كارتر رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.


الاهتمام بقضايا البيئة
عُرف عنه أيضًا أنه من الرؤساء الذين دعموا قضايا الاهتمام بالبيئة، ووقع على قانون لمنع دفن الصرف الصحي في قاع المحيط، عام 1977. كما وقع على قانون ألاسكا عام 1980، الذي هدف إلى حماية البيئة البحرية من الملوثات.

مباحثات كامب ديڤيد 1978.. السلام بين مصر وإسرائيل
بدأت مباحثات السلام في الشرق الأوسط، بالزيارة التاريخية للرئيس المصري، أنور السادات، إلى القدس، في 19 نوفمبر 1977 وقد دعا كارتر، كلاً من الرئيس السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين للاجتماع.

وبعد ثلاثة أيام من المباحثات المكثفة، وقّع الرؤساء الثلاث على وثيقتين. الأولى، لوضع إطار للسلام في الشرق الأوسط، والثانية، معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل. ويُعد هذا النجاح، أكبر الإنجازات في سياسة كارتر الخارجية.


بعد الرئاسة
في عام 1982، عاد كارتر إلى مسقط رأسه في بلينز، بولاية جورجيا، ليؤسس مركز كارتر للدفاع عن حقوق الإنسان، ونشر السلام في العالم. وقد نجح هذا المركز، في التوفيق بين الجماعات المتحاربة، في أفريقيا، وآسيا، وأمريكا الجنوبية، كما قام بأعمال خيرية إنسانية، في 65 دولة.

ومنذ تنحيه عن الرئاسة، ألف كارتر 14 كتابًا منها، منهم كتاب عن السلام الذي تم بين مصر وإسرائيل في عهد السادات، يحتوي على سرد للمحادثات بين مناحيم بيغن من إسرائيل وأنور السادات والتي أدت إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

ويعد الرئيس كارتر أحد الدعاة النشطين للسلام، ومن القلائل الذين يتمتعون بالاحترام في جميع أنحاء العالم.


من أشهر أقواله:
حب الطبيعة مثل الموسيقى والفن هي لغة مشتركة يمكن أن تتجاوز الحدود السياسية أو الاجتماعية.
الحقيقة هي الضحية الاولى للحروب.
يجب أن نعيش حياتنا كما لو كان المسيح قادم بعد ظهر اليوم.
يجب أن تكون هناك محاولة صادقة في تسوية الخلافات قبل اللجوء إلى القتال.
ليس من الضرورة الخوف من احتمالية الفشل ولكن يجب أن تكون مصمم على عدم الفشل.
أكره رؤية التهاون يسود حياتنا حيث أنه يتعارض مباشرة مع تعاليم المسيح.

وأمس أتم كارتر عامه الـ 93 وزوجته التي تبلغ من العمر 92 عامًا، يقدمان مزيدًا من العطاء لأجل الإنسانية والسلام.