سليمان شفيق
قبل ثورة ١٩١٩ كانت هناك جهود للمطالبة بإصلاح أحوال النساء ولعل أبرزها يتمثل فى كتابات قاسم أمين الذى تحول من موقفه المعارض لتعليم المرأة وخروجها فى المجال العام إلى داعم لقضاياها وحقها فى التعليم والعمل وكذلك ممارستها لحقوقها السياسية لكى تخطو على خطى مثيلتها بالمرأة فى الغرب، وسبب التحول فى أفكار أمين كانت نازلى فاضل إحدى حفيدات محمد على والتى اشتكت مقالات «أمين» إلى أحمد لطفى السيد ودعته لحضور صالونها الثقافى، فلما أعجب بشخصيتها وثقافتها كتب مدافعًا عن النساء وحقوقهن فى كتابيه «تحرير المرأة» و«المرأة الجديدة». فى نفس الوقت كانت هناك أقلام تنويرية تطوعت للدفاع عن النساء ورأت فى إصلاح أوضاعهن صلاح للمجتمع بأكمله، ومنها مجلة الفتاة لهند نوفل وذلك فى عام ١٨٩٢. كما أسست عددا من سيدات الطبقات الراقية جمعية باسم «الرقى الأدبى للسيدات» فى عام ١٩١٤ والتى كان تحضرها نساء الطبقات الراقية ويحاضرها بها عدد من الأجنبيات.

لكن القفزة الثانية بدات مع ثورة 1919 التي نحتفل هذا العام بمرور مائة عام علي ثورة 1919 ، واليوم 8 مارس عيد المرأة ولا يفوتنا ان ذلك العيد ارتبط بدور المرأة المصرية في تلك الثورة ، ونضالها حتي الاستشهاد ، وجاء هذا الدور العظيم الذي فاجأ العالم والمحتل البريطاني .. بعد سنوات من الحجاب ومنع النساء من الخروج إلى الأماكن العامة وعدم مخالطة الرجال، شاركت النساء لأول مرة فى تظاهرات نسائية للمطالبة برحيل الإنجليز عن مصر ، والسماح للوفد المصرى بالسفر لعرض مطالبهم وكذلك شاركت المرأة فى المظاهرات المطالبة بالإفراج عن سعد بعد نفيه خارج البلاد، حيث سقطت أول شهيدة برصاص الاحتلال البريطانى «شفيقة محمد» فى يوم السادس عشر من مارس عام ١٩١٩ وهو اليوم الذى اعتبرته الدولة بعد ذلك يومًا للمرأة المصرية تقديرًا لجهودهن الوطنية. وفى السادس عشر من مارس عام ١٩٢٣ شهد تدشين الاتحاد النسائى المصري، على يد «هدى شعراوي»، والذى كان يمثل أهم جمعية نسائية فى العالم العربى وأكثرها تقدمًا فى الفترة بين العشرينيات وحتى الأربعينيات. من ابرز تلك النساء والرائدة العظيمة :
 
هدى شعراوى
وبعد نجاح الثورة وتحقيق أهدافها، وجلاء الإنجليز عن مصر فى عام ١٩٢٢، وصدور دستور ١٩٢٣، وضعت هدى شعراوى على عاتقها مسئولية حماية حقوق النساء اللاتى شاركن فى الصفوف الأمامية منعا لضياع حقوقهن من قبل حزب الوفد، والذى عمدت قيادته إلى تنحية المرأة وممثليها من النساء، ولتحقيق هذه المهمة دشنت «شعراوي» الاتحاد النسائى العام فى عام ١٩٢٣ لحفظ حقوق النساء اللاتى شاركن فى الثورة وحتى لا يضيع جهودهن هباء، تمكنت من خلال التنظيم من مخاطبة المسئولين فى مصر وخارجها حول أوضاع النساء والمطالبة بحقها فى التعليم الابتدائى الإلزامى وكذلك تمهيد الطريق أمامهن للتعليم العالى لمن تريد منهن استكمال تعليمها، كما طالبت أيضًا بوضع حد أدنى للزواج يصل إلى ١٦ عاما -فى هذا الوقت- الذى كان يتم فيه تزويج الفتيات فى سن التاسعة والثالثة عشرة وبالتالى حرمانهن من التعليم.

ولم تكن هدي شعراوي بمفردها ،  بل  هناك السيدة صفية زغلول، وسيزا نيراوي، ونبوية موسي، كان من نتائج الثورة أيضًا تأسيس المعلمات جمعية المرأة الجديدة، وكان ملحقا بها مدرسة لتعليم البنات، وتألفت لجنة مركزية للسيدات بحزب الوفد، ورغم كل هذه الجهود صدر دستور ١٩٢٣ ولم يمنح المرأة حقها السياسى ولكنه ألزم بتعليم الفتيات.

لم تجعل «شعراوي» دور الاتحاد منصبًا على قضايا المرأة فقط بل جعلته أيضًا منبرا للإدلاء بآراء النساء فى الكثير من القضايا الوطنية ومن بينها انفصال مصر والسودان والقرار الذى ترفضه شعراوى واتحاد النسائى العام وهو ما سبب خلافا كبيرا مع سعد زغلول وحزب الوفد.

وضعت ثورة ١٩١٩ حجر الأساس للمطالبة بحقوق أكبر للنساء، ففى مارس ١٩٥٦ صدر قانون مباشرة الحقوق السياسية والذى أعطى النساء حق الترشح والتصويت لأول مرة بعد سنوات من المطالبة، وكان لاعتصام درية شفيق أثر كبير فى الاستجابة لهاصفية زغلول 

صفية مصطفي فهمي، كانت من أبرز الشخصيات  التي أسهمت بشكل كبير في إشعال دور الثورة ولقبت بـ"أم المصريين " لنضالها الوطني وكانت بشجاعتها تقود المظاهرات النسائية كما شاركت تكوين هيئة وفدية من النساء عام 1919، بهدف تحقيق المطالب القومية للمرأة المصرية

وكان لأم المصريين دورًا في إلهاب حماسة السيدات عندما كانوا مجتمعين في منزل سعد زغلول وأكدن مطالبهن القومية، التى كان على رأسها تعليم المرأة حتى مرحلة الجامعة، والسماح لها بالانخراط فى العمل السياسى، وتكوين الأحزاب، والإسهام فى دفع عملية التنمية والإصلاح

سيزا نبراوي:
زينب محمد مراد" عرفت في مصربـ"سيزا نبراوي " وتعتبر من رائدات الحركة النسائية  حيث اشتركت في تنظيم وقيادة أول مظاهرة نسائية  ضد سلطات الاحتلال الإنجليزي،هاتفة لثورة1919وبحياة سعد زغلول ومترحمة على أرواح الشهداء.
شهيدات الثورة:
 
 سقطت العديد من الشهيدات في ظل تلك المظاهرات الصاخبة ،إذا إختلفت الرواية في أولوية السبق لأولهم ولكنهم  الثابت أن كلهن شهيدات جمعتهم نفس الشجاعة  وخرجن في سبيل تحرير الوطن وهم "شفيقة محمد", و"فهيمة رياض", و"عائشة عمر", و"حميدة خليل, "سيده حسن "من عابدين و إلى جانب أخريات مجهولات.

حميدة خليل 
 خرجت تقود مظاهرة نسائية من حي الجمالية تترأس المظاهرة بهتافات أمام الإحتلال البريطاني،وتطالب بعودة الزعيم المنفي سعد زغلول، وأمام مسجد الإمام الحسين أصيبت برصاصة في صدرها في يوم 16 مارس   1919    .

  شفيقة محمد
كانت ضمن المشاركات في مظاهرة نسائية إلى مقر المعتمد البريطاني آنذاك “ملن سيتهام”وبالقرب من المقر لقو حصارًا من الإنجليز لإجبارهم على الإبتعاد ولم تهدأ  شفيقة بل إندفعت وهي تحمل العلم المصري في يدها وبيان الإحتاج في يد أخري ولكن سرعان ما أصيبت برصاصات في صدرها وبطنها  أنهت حياتها .

وهكذا يبدوا اننا لانتقدم فمن مائة عام خلعت المرأة الحجاب وخرجت والان هناك من يطالبون بعودتها للمنزل وللاسف لديهم نواب واحزاب .