سليمان شفيق 
كلنا نذكر تهديدات ترامب لسوريا ثم كوريا ثم افغانستان واخيرا ايران ، ولكنة علي العكس أمرالقوات الامريكية بالانسحاب من سوريا ، ولازال يحاول التفاوض مع كوريا الشمالية ، ويتفاوض مع طلبان ، واخيرا يدعوا طهران للتفاوض . 
 
دونالد ترامب المعروف بتصريحاته الحربية وتهديداته بزرع القتل والدمار، هو أيضا من أشد منتقدي التدخلات العسكرية الأميركية، كما يؤكد بشكل واضح إعلانه عن إلغاء ضربات جوية على إيران في اللحظة الأخيرة.
 
والملف الإيراني الذي بلغ مستويات جديدة من التوتر بعد تدمير طهران طائرة مسيرة أميركية الخميس، يكشف إلى العلن تردد لا بل تناقضات ترامب الذي وصل إلى سدة الحكم دون أي خبرة سياسية أو دبلوماسية.
 
ودافع ترامب اول امس الخميس عن قراره التراجع في اللحظة الأخيرة -- قبل عشر دقائق من بدء الضربة -- لانه أراد تجنب اتخاذ خطوة غير متكافئة بالنسبة للهجوم الذي لم يؤد إلى سقوط ضحايا أميركيين.
 
لكن أحداث الأيام الأخيرة التي قد تكون من اللحظات المهمة في رئاسته، تثير تساؤلات حول استراتيجيته ومقاربته للملفات الجيوسياسية المعقدة.
 
وترامب الحريص على الحفاظ على قاعدته الانتخابية والوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية في 2016، يؤكد أن الحروب العديدة في الشرق الأوسط كلفت الولايات المتحدة كثيرا من الناحية المادية والخسائر البشرية.
 
وقال الخميس في المكتب البيضاوي "قلت اني أود الخروج من هذه الحروب التي لا تنتهي. ركزت حملتي على هذا الموضوع".
 
لكن الرئيس الأميركي غالبا ما يستخدم لهجة حربية من التغريدات العفوية إلى الخطابات الرسمية.
 
فبعد أن توعد كوريا الشمالية ب"نشر النار والغضب" هدد إيران بتدميرها بكل بساطة. وكتب في تغريدة منتصف مايو "إذا أرادت إيران المواجهة ستكون نهايتها رسميا. لا تهديدات بعد اليوم للولايات المتحدة"!!
 
ويفتخر ترامب بانتهاج استراتيجية مغايرة لأسلافه ارفقت برفع الموازنة العسكرية، ما قد يرغم خصوم واشنطن على اللجوء إلى التفاوض. لكن مراقبين ومعارضين يشعرون بالقلق من مخاطر إنزلاق.
 
وأعلن زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر الخميس أنه "لا يريد الرئيس ربما خوض حرب لكننا نخشى من أن يقع في حرب عن طريق الخطأ".
 
من جهته قال روبرت غاتمان من جامعة جون هوبكينز "إنه متردد. ليس لديه استراتيجية واضحة".
 
- مقارنة مع أوباما؟ -
يرى روبرت مالي رئيس مجموعة الأزمات الدولية أن دونالد ترامب حائر في الملف الإيراني أكثر من أي شيء. وتساءل "هل يتوخى الحذر أو يظهر كالرجل القوي الثابت في مواقفه".
 
ويقول مستشار باراك أوباما السابق لوكالة فرانس برس "لا يريد أن يكون محاربا لكن في المقابل لا يريد أن يظهر كشخص يخاف الحرب".
 
والنقيض الآخر هو أن ترامب الذي سخر دائما من تردد سلفه وأكد أنه سيسلك خطا مغايرا تماما لأوباما، أصبح يقارن بالأخير لتردده في استخدام القوة.
وفي 2018، كتب ترامب في تغريدة "لو احترم الرئيس أوباما الخط الأحمر الذي حدده بنفسه لكانت الكارثة السورية انتهت منذ زمن بعيد"!!
 
وبعد أن أعلن أن الولايات المتحدة مستعدة لضرب أهداف للنظام السوري بعد هجوم بالأسلحة الكيميائية، تراجع الرئيس الديموقراطي عن قراره ما فاجأ الجميع.
 
والأكيد هو أن نظيرتي الرئيسين الأميركيين ال44 وال45 إلى العالم مختلفتان تماما لكن استنتاجاتهما واحدة : لم يأت التدخل العسكري الأميركي في الشرق الأوسط بالنتائج المرجوة منقبل الذين دافعوا عنه.
 
وفي هذا الخصوص يؤكدان أن العديد من الأميركيين سئموا من التدخلات الخارجية غير الواضحة المعالم والجدول الزمني غير المحدد.
 
وتبقى مسألة استراتيجية ترامب على الأجل المتوسط حيال الجمهورية الإسلامية عالقة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي تفاوضت بشأنه إدارة أوباما.
 
ويرى روبرت مالي أن ترامب يعتمد نظرية مماثلة مع إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية : تصريحات حربية وضغوط اقتصادية ودبلوماسية قصوى ووعد واحد "إذا كنتم على استعداد لقبول شروطنا الباب مفتوح لعلاقة استثنائية مع الولايات المتحدة".
 
وتساءل الخبير "ما مصير هذه الاستراتيجية الثنائية إذا وصلت إلى طريق مسدود؟". ما مصير استراتيجية الرئيس الأميركي "إذا كانت الضغوط تزيد من التشدد الإيراني عوضا عن دفع طهران نحو الاعتدال كما هو الحال؟".
 
من جهة اخري ذكرت وكالة تسنيم للأنباء أن إيران قالت السبت إنها سترد بحزم على أي تهديد أمريكي لها وسط تصاعد التوتر بين البلدين، بعد أن أسقطت طهران طائرة أمريكية مسيرة. من جهتها صرحت واشنطن أنها كانت في حالة تأهب لضرب ثلاث مناطق إيرانية عسكريا، ولكن ترامب تراجع عن الفكرة. وسبق وأن اتهمت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الخليج إيران بالاعتداء على ناقلات نفط في خليج عمان.
 
ونقلت وكالة تسنيم عن عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية قوله "بغض النظر عن أي قرار يتخذه (المسؤولون الأمريكيون) لن نسمح بأي انتهاك لحدود إيران. ستواجه إيران بحزم أي عدوان أو تهديد أمريكي".
 
وتصاعدت المخاوف من مواجهة بين إيران والولايات المتحدة لكن ترامب قال إنه ليس لديه أي ميل للدخول في حرب مع إيران. وتقول طهران بدورها إنها لا تريد حربا لكنها حذرت من رد "ساحق" إذا تعرضت لهجوم.
 
رصاصة في برميل بارود
وقال أبو الفضل شكارجي كبير المتحدثين باسم القوات المسلحة الإيرانية لوكالة تسنيم للأنباء السبت "أي خطأ يقترفه أعداء إيران، خاصة أمريكا وحلفاؤها في المنطقة، سيكون شبيه بإطلاق النارعلى برميل بارود سيحرق أمريكا ومصالحها وحلفاءها تماما".
 
وأصدرت إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية الخميس أمرا طارئا يحظر على شركات الطيران الأمريكية التحليق في مجال جوي تسيطر عليه إيران فوق مضيق هرمز وخليج عُمان.
واتخذت بعض شركات الطيران العالمية الأخرى تدابير وقائية.
 
إيران: "مجالي الجوي آمن تماما"
لكن وكالة تسنيم ذكرت أن إيران قالت السبت إن مجالها الجوي "آمن تماما" أمام جميع الطائرات.
 
وتتهم الولايات المتحدة والسعودية، خصم إيران الرئيسي في المنطقة، طهران بالمسؤولية عن الهجوم الذي استهدف ناقلتين للنفط في خليج عمان في الآونة الأخيرة والهجوم على أربع ناقلات قبالة سواحل الإمارات يوم 12 مايو ،ووقع الهجومان بالقرب من مضيق هرمز الإستراتيجي أحد الممرات الرئيسية لإمدادات النفط العالمية.
 
وتنفي إيران ضلوعها في أي من الهجومين.
موريسون في إيران غدا
 
وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن أندرو موريسون وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية سيزور إيران غدا الأحد وسيعبر عن المخاوف إزاء "سلوك إيران في المنطقة وتهديدها بالكف عن الالتزام بالاتفاق النووي".
 
وتهدد إيران بتقليص التزاماتها وفق الاتفاق النووي إذا فشلت الأطراف الأوروبية الموقعة عليه في إنقاذه بحماية طهران من العقوبات الأمريكية
وقال موسوي "لن نمنح الأوربيين وقتا إضافيا بعد يوم 8 يوليو لإنقاذ الاتفاق" مشيرا إلى نهاية مهلة ستين يوما أعلنتها طهران في مايو .