الأب رفيق جريش
لا شك أن الأذان هو دعوة للصلاة وتذكر المرء بالله سبحانه وتعالى، والأذان لا يذكر المسلمين فقط ولكن يذكر الكل مسلمين ومسيحيين، ويدعوهم لذكر الله والتعبدله والتأمل في أعمال يديه. لذا من المهم جدًا أن يكون صوت المؤذن جميلا وهادئا يدخل السكينة في قلب الناس دون مغالاة في الصراخ وكثرة عدد الميكروفونات، فيتحول الأذان من أداة لذكر الله إلى صوت منفر للناس خاصة المرضى والطلبة والمسنين وغيرهم فيضيف إلى ضوضاء الشارع ضوضاء نشاذًا يفقد للأذان احترامه ووقاره.

أقول هذا الكلام بمناسبة صدور تصريح من وزارة الأوقاف التي دأبت كل عام أن تصدره خصوصًا قبل بداية شهر رمضان الكريم «إذ وجهت وزارة الأوقاف مديرياتها في المحافظات بضرورة قصر مكبرات الصوت على الأذان وخطبة الجمعة فقط. وعلى قدر الحاجة ودون مبالغة في استخدام هذه المكبرات، مشيرة إلى أن ما يتصل بالدروس العلمية والندوات وصلاة القيام يقتصر على السماعات الداخلية داخل المسجد فقط. وعلى قدر الحاجة أيضًا دون مبالغة».

ومنذ تولى الأستاذ الدكتور حمدى زقزوق وزارة الأوقاف وكان هناك مشروع لتوحيد الأذان سألت عنه الأخ وزير الأوقاف الحالى محمد مختار جمعة الذي أفادنى أن المشروع سيرى النور قريبًا ولا يخفى على أحد أن مصادر الإزعاج هي الزوايا وليست المساجد التي رغم صغرها تركب مكبرات صوت خارجية مثل الزاوية التي أمام بيتى حيث تستعمل 9 مكبرات صوت عالية الأداء حتى في صلاة الفجر وتتبارز مع زاوية أخرى في الجوار- لها أربعة مكبرات صوت أيضًا- على من صوته أعلى وليس من صوته أجمل، مما يُدخل التوتر في قلب الناس بدل السكون والهدوء الذي تقتضيه كلمة الله.

إضافة إلى ذلك فإن معنى وجود كنائس ومساجد بجانب بعضها البعض كما هو الحال في أغلب الأحيان في بلادنا، هو أن يكون ذلك رمزًا للوحدة الوطنية والعيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد، ودحض ذهنية الأعلى صوتًا هو من سيرضى الله عنه.

في بعض البلدان العربية والإسلامية المجاورة لنا يأخذ الأذان كامل احترامه، ففى سوريا ولبنان ودول الأمارات في الخليج والأردن وربما غيرها يكاد المرء يسمع الأذان وبصوت رخيم وجميل وهادئ يساعد المرء مهما كان دينه أن يدعو الله، ولا أعرف لماذا لا نستطيع نحن في مصر حزم أمرنا في تلك المسألة رغم أن مصر هي التي علمت العالم العربى والإسلامى تجويد القرآن الكريم مثل المرحوم الشيخ محمد رفعت والنقشبنجى وغيرهما، حيث تقرأ الآيات القرآنية بلغة عربية صحيحة ومخارج الألفاظ واضحة التجويد يضيف للمعنى ولا ينتقص منه.

لذا أُهيب بوزارة الأوقاف أن تعمل سريعًا على وقف المبارزة بين الزوايا ولا تؤذن إلا لمؤذن مرخص لديها حسب المقاييس الصحيحة للصوت للإمساك بميكروفون واعتلاء المنارة للدعوة للصلاة يكون صوته وأداؤه صالحين ولا يؤذن برفع صوت المكبرات إلا إلى مستوى معين لا يعلو عنه حتى تكون صورتنا أمام أنفسنا وأمام العالم صورة حضارية ترتقى بشعب مصر وتاريخ مصر.
نقلا عن المصرى اليوم