تساءلت صحيفة الجارديان البريطانية عما إذا كانت رياح التغيير بدأت تهب في تركيا، بعد أن فقد حزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عدد من المعاقل المُهمة مثل العاصمة أنقرة واحتدام المنافسة بشدة في مدينة اسطنبول في الانتخابات المحلية التي عُقدت الاحد الماضي.

أظهرت نتائج الانتخابات المحلية، أمس الاثنين، أن حزب العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد منذ عقد ونصف خسر العاصمة أنقرة واسطنبول، وأعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات سعدي غوفن أن مرشح المعارضة لتولي رئاسة بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو يتصدر النتائج بنحو 28 ألف صوت مع فرز معظم الأصوات.

أشارت الجارديان إلى أنه جرى التصويت في 30 مدينة و51 عاصمة و922 مقاطعة في جميع أنحاء البلاد في انتخابات كان يُنظر إليها على أنها استفتاء حول طريقة تعامل الرئيس التركي مع الأزمة الاقتصادية، التي تواجه البلاد التي يبلغ عدد سكانها 81 مليون نسمة، بالإضافة إلى حالة الركود التي تشهدها أنقرة للمرة الأولى منذ تولي اردوغان منصبه منذ 16 عاماً.

كما أن الانتخابات المحلية تعد اختبارًا بسيطاً لمعرفة ما إذا كان الرئيس التركي مستعداً لاستخدام صلاحياته المُطلقة، حسبما توضح الصحيفة البريطانية التي تُشير إلى أن رغبة اردوغان في اتخاذ تدابير أمنية وصفتها بالاستبدادية لضمان استمرار سيطرة حزبه على أهم مدينتين في بلاده تتزايد مع مرور الوقت.

وانخرط إردوغان بقوة في الحملة الانتخابية فصوّر الانتخابات البلدية على أنها معركة حياة أو موت، ورشّح أحد أنصاره، هو رئيس الوزراء السابق يلديريم، وأقام تجمعات انتخابية لأكثر من مرة في اليوم في أحياء اسطنبول.

تشير الجارديان إلى أن خسارة اردوغان لاسطنبول ليست سهلة، فهي مسقط رأسه ومنها بدأ حياته السياسية كرئيس بلدية في عام 1994، ثم تابع خطاه ليصل إلى ما هو عليه الآن، علاوة على ذلك فإن خسارة حزب العدالة والتنمية لمدينة مُهمة اقتصادياً وسياسياً مثل اسطنبول لصالح مُرشح علماني، منصور يافاش، بعث بصدمة في جميع أنحاء البلاد.

قالت استاذة العلوم السياسية في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة ايسي اياتا، لوكالة فرانس برس، إن "اسطنبول هي قلبه (اردوغان) وتحمل أهمية بالغة بالنسبة إليه. إنها المكان الأول الذي بدأوا (العدالة والتنمية) بالفوز فيه".

وتتوقع الجارديان أن تتسبب نتائج الانتخابات بالكثير من المشاكل لأردوغان داخل حزبه، ما يؤدي إلى تأجيج شائعات الانفصال عن حزب العدالة والتنمية، كما أنها ستحبط الشركات الدولية والشركاء الدبلوماسيين الذين افترضوا أن أنقرة ستكون قادرة على إعادة التركيز على بعض القضايا مثل إعادة بناء ثقة المستثمرين الدوليين، والقيام بالمزيد من الخطوات لتسوية الأوضاع في سوريا بعد انتهاء الحرب.

قال كيمبرلي جيلير، الباحث في مبادرة الشرق الأوسط بمدرسة هارفارد كينيدي، إن أردوغان دعا لجولة جديدة من الانتخابات، واستأنف حربه ضد حزب العمال الكردستاني، لجعل الأتراك يشعرون بانعدام الأمن الوطني، ما ساعده على الحصول على النتيجة التي أرادها.

وأضاف: "ولكن الانتخابات الأخيرة أثبتت أنه ليس فوق المعارضة ولن يستطيع تكميم كل الأفواه، ما حدث هزيمة كبيرة له، دعونا نرى ما هي خطواته المُقبلة."