CET 00:00:00 - 01/03/2009

قرأنا لك

غلاف الكتاب محور العرضالكلمات القادمة ليست للقراءة بل للإدراك.. هي جهد وعصف ذهني إستغرق منّي أياماً عديدة لتشخيص واقع مأساة عاشتها مصر.. رجاء فهم النقاط القادمة لأن فهمها هو تجسيد الأزمة المصرية التي نعيشها الآن فهي تراكم أزمات منذ 1952.
كتاب الخطايا العشر من عبد الناصر إلى السادات.. للدكتور إبرهيم دسوقي أباظة.
ملحوظة هامة (أمرت الحكومة بإعدام الطبعة الأولى فور صدورها سنة 1988 وفرضت حظراً على نشرة أو التعليق عليه أو نقدة أو أي حديث عنه وقامت أجهزه الرقابة في تعقب الأسواق لمنع صدوره.. وتعقب مراكز التوزيع لما يحويه من تفنيد للأزمة المصرية... ولكن عندما سمحت الأجواء وتم طباعة الكتاب ونشره... فكان لنا هذا العرض..)

الخطيئة الأولى :التستر على الأخطاء
كانت هزيمة يونيو الحد الفاصل بين الأسطورة (جمال عبد الناصر) والواقع كان تبرير عبد الناصر الوحيد هو أنه كان ينتظرالعدو من الشرق فجاءه من الشمال والغرب واكتفى بإتهام سلاح الطيران وأن ماحدث نكسة وليس هزيمة، كانت الهزيمة هزيمة نظام وليس جيش لأن النظام كان منقسم لفريقين جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر ولكل منهم قيادته تحت أمره وهذا بشكل سري لا يعرفه إلا المقربون منهم.
الجيش المصري لم يكن تحت قيادة عبد الحكيم عامر بل يخضع لحفنة من صغار الضباط المقربين لعبد الحكيم عامر الذين تم إختيارهم لا لكفاءتهم بل إلى الثقة فيهم وولاءهم، وعبد الناصر نفسه كان على مسافة من الجيش لا يستطع تخطيها بسبب صراعه مع عامر، لذا فصاحب السلطة السياسية عن النظام لم يكن يملك شيئاً من السلطة العسكرية.
الصراع بين المقربين لعبد الناصر بعد الهزيمة وأقوى النفوذ كان لليسار متمثل في "علي صبري" الذي كان يكرهه السادات وحاربهم بعد توليه الحكم.
تولى السادات وقام بثورة التصحيح والتي هي ما كانت إلا أنه اختار بشكل إنتقائي ما يثبت حكمته وشعبيته ولكنه ترك الأخطاء الجوهرية لنظام عبد الناصر وهي عدة ملفات خطيرة:
1) ملف حرب 1956 وما نتج عنها من أخطاء سياسية وعسكرية وقرار الإنسحاب الفوضوي وموقف التسليم أدى لضياع سيادة مصر على مضيق القعبة.... كل ذلك ظل مجهول الأسباب.
2) ملف حرب اليمن وسبب دخول مصر الحرب الذي أدى لتدهور علاقتها العربية والدولية.. ولا زالت أخظاء حرب اليمن والأموال الهائلة التي نزفتها مصر... خافية عن أعين الرأي العام.
3) ملف الوحدة السورية والإنفصال السوري الذي كلف مصر مادياً ومعنوياً.. فما الأسباب الحقيقية للوحدة والإنفصال والخسائر التي تكبدها مصر؟
4) ملف هزيمة 67 وأسباب الهزيمة؟ بالرغم من أن السادات شكل لجنتين لكتابة تاريخ ثورة52 وسبب هزيمة 67 إلا أن أعمال اللجنتين لم يسمع أحد عنهما حتى الآن.. كان السبب هو دفن أسباب هزيمة النظام الذي خرج منه.
5) أين ذهب رصيد مصر الذهبي الذي يقدر بخمسمائة مليون من الجنيهات الإسترلينية في خزائن البنك المركزي المصري وأين مجوهرات أسرة محمد علي؟

لم يفتح السادات أي من هذه الملفات ذلك لانتسابه للثورة وحرصاً منه على المؤسسة التي خرجت منها الثورة.. وهي الجيش وهي المؤسسة التي لا زال يحكم بها

الخطيئة الثانية: رموز الفساد
قبل ثورة 52 كانت...
1) صحافة حرة تكتب ومعارضة تتكلم وجهاز للرقابة المالية وهو ديوان المحاسبة.
2) الإدراة محدودة وموظفون قلائل والدولة لا تتدخل لإدارة مشروعات إقتصادية إلا نادراً.
3) الرواتب كافية للموظفين، لذا فكانت الرشوة والفساد شيء إستثنائي تهتز له الصحف والمحاكم.
بعد الثورة حدث الآتي:
1) إتسعت أعباء الإدارة وجاءت التأميمات لتضيف أعباء إمتلاك الدولة وإدارتها لمئات المشروعات الإقتصادية لم تكن تملكها من قبل.
2) لم ينته 1961 حتى ابتلع القطاع العام النشاط الإنتاجي بالكامل (التوجه الإشتراكي) وأصبحت مصر دولة موظفين.
3) تم إلغاء ديوان المحاسبة ولم تطلع حكومة الثورة الديوان على مصروفاتها.
4) سرقة ونهب مجوهرات أسرة محمد علي وإختلاسات في قاطعات هامة بمصر.
5) أقالت الثورة القيادات الإدارية وحلت محلها قيادات تعتمد لا على الكفاءة بل الثقة والولاء للثورة والتي أصبح معيار إختيار القيادات.
5) أصبحت مئات المؤسسات الإقتصادية مفتوحة أمام من يريد نهبها في ظل غياب الرقابة على الجهاز الإداري المتضخم وكان عند إفتضاح أمر مسؤول كبير كان يقدم ككبش فداء للجماهير للتسترعلى الآخرين.
6) نهب وإختلاس أموال الحراسات..
7) لم تكن سلطة لوزير المالية أو حتى الإطلاع على كيفية إنفاق مصروفات الدولة.
8) الإدارة كلها فاسدة مرتشية لا رقابة عليها ولكن تم إنشاء جهاز الكسب الغير مشروع لتقديم كبش فداء من الحين للآخر للرأي العام... وقد تم كشف جرائم بعد زمن وقوعها بوقت طويل كانت من المستحيل جمع أدلتها وكانوا مسؤولون ووزراء في قيادة الثورة
كل هذا أدى إلى إنهيار مصر ونهب إقتصادها في عهد عبد الناصر.

الخطيئة الثالثة: الإنفتاح المنحرف
ميراث عبد الناصر هو خزينة خاوية وديون متراكمة وهيكل إقتصادي منهك خاصته بعد هزيمة يونيو التي حرمها من بترول سيناء ورسوم العبور بقناة السويس وموارد أكلتها الحروب وبيروقراطية مستفحلة وإنفاق عسكري ومدني متصاعد والمعونات العربية والقروض الخارجية.. وجاء عام 1970 ليكون عجز في الإقتصاد المصري بلغ 12.6% ومديونية بمبلغ 1.6 مليار والبنية الأساسية التحتية منعدمة وأمّية تمثل 75% من السكان، لذا رأى السادات الحل في الإستثمار والإقتصاد المفتوح الذي تحركة قوى السوق بتحكم من الدولة، فأعلن السادات (سياسة الإنفتاح) أي تحرير الإقتصاد المصري من القيود وبعث الطاقات الفردية مع الحفاظ على القطاع العام ودعمة وإتّخذ إجراءات
1) فتح باب الهجرة والعمل بالخارج للمصريين.
2) رفع موانع تأسيس الشركات الخاصة وفتح باب الإستثمارت العربية والأجنبية وتخفيض وإلغاء الحواجز الجمركية وتداول العملات الحرة.
3) أسس عام 1974 هيئة إستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة... فكان هدف الإنفتاح هو الإستثمار الإنتاجي في الصناعة والزراعة والخدمات... ولكن فشلت سياسة الإنفتاح لعدة أسباب هامة:
1) الهيكل الإداري العام للإقتصاد المصري لم يتم إصلاحه.
2) تهالك الهيكل التشريعي المصري الذي يضمن القوانين والوائح الإقتصادية والمالية.
3) عدم إصلاح هيكل النقل والإتصالات السلكية واللا سلكية.
4) عدم إعادة تنظيم القطاع العام ومراجعة حجمه المترهل.
5) عدم وجود الكفاءة الفنية والمهنية في الإدارت العامة مما أدى لإنهيار الإقتصاد المصري
6) الأجيال تربت على الإشتراكية ولا تعرف شيئاً عن قواعد العمل في سوق حر مفتوح
7) ضعف الإنتاج المحلي مع زيادة الإستهلاك المحلي فتح باب الإستيراد لكل السلع فانتفع كل التجار والمستوردين وشجعهم.
8) نزيف الإنفاق في القطاعين الحكومي والعام بسبب سوء الإنتاج والعمالة الزائدة والبيروقراطية.
9) تضخم نفقات الإستثمار والإتجاه للإستهلاك لأن تكلفة الإستثمار بلغت 300% لذا اختفت السلع المصرية من السوق وأصبح الكل مستورد.
10) لم يكن في مصر رجال أعمال يقومون بالسوق الحر بل مجموعة منتفعين غير أكفاء وسماسرة ومضاربين هذه الفئة التي نهبت مصر واشترت القطاع العام ومواده الأولية وبيعها.. وفشل الإنفتاح.

الخطئية الرابعة: سلام بغير سلام

كان السلام مع إسرئيل بإتفاقية مطاطة (إنسحاب إسرائيل إلى حدود ماقبل 67 والإعتراف بالحقوق المشروعة لشعب فلسطين) ثم تحولت إلى إقامة دولة فلسطينة على جزء من أرض فلسطين...
بعد حرب 73 المواقف العربية التي رفعت شعار مسالمة إسرائيل مجتمعين أو نحاربها متفرقين وردت المحافل العربية تعبير السلام العادل دون فهم حدود العدل المقرون بالسلام،
مصر تم استنزافها في أربع حروب دمرت إقتصادها من إحتياجات سلاح وطعام وكساء ودواء للجنود وتأمين لأسر المحاربين وأولادهم ولن تقوى على محاربة إسرئيل المدعومة من الولايات المتحدة، وحاول السادات عبر الدبلوماسية السرية إيضاح ذلك للعرب ومحاولة أخذ عون مالي منهم فما كان منهم إلا الوعود أو العون بالشروط أو المال الذي لا يشبع من الجوع.
تَنَصل بعض الدول العربية من القضية الفلسطينية نظراً لبعدها الجغرافي عنها ولكن مصر هي المواجهة لها وعلى حدودها.
كل هذا جعل السادات يفكر في السلام مع إسرائيل بشكل سري أي عن طريق الدبلوماسية السرية وعدم إعلان ذلك أمام العرب، لذا جاء قرار ذهابه للقدس صدمة للعرب... وقرر السرية للإستفادة من الدعم العربي المادي أو المعنوي حتى آخر لحظة وضمان سكوت الدول العربية وعدم ثورتهم عليه وهو يهيء لمبادرة السلام.
لذا عندما أعلن السادات عن ذهابه للقدس لعمل سلام مع إسرائيل نظر العرب له على أنها طعنة من الخلف لهم (خاصة أنه تربى على مدرسة عبد الناصرالسرية في إتخاذ القرارت) وقام بالسلام مع إسرائيل وخسائر مصر نتيجة السلام مشكلتين:
1) النص المتعلق بالوضع الفلسطيني كان غامض، هل هو تقرير مصير أو حكم ذاتي؟ وهذا معناه تعليق تسوية القضية.
2) فقدان مصر سيادتها الكاملة على شبه جزيرة سيناء لأنه جرّدها من تواجد عسكري مصري كامل على أرضيها عكس إسرائيل المتواجدة بكل قوتها العسكرية على الحدود فأصبحت مصرمفتوحة عسكرياً على إسرائيل عبر سيناء، وفي كل الحروب كانت إسرئيل هي البادءة مثل حرب 56 و67 فهل هذا الوضع أمان للحدود المصرية؟

الخطيئة الخامسة: الطبقة العازلة
كانت تسمى في عهد عبد الناصر مراكز القوى والذي أعطى الديموقراطية أجازة مفتوحة وبعد هزيمة 67 أنهارت الآسطوره الدكتاتورية بعد أن قاد بلاده للخراب والإحتلال والهزيمة، وكان عبد الناصر شكّل قياداته من أهل الثقة وليس من أهل الخبرة أو الكفاءة وهؤلاء القادة اختاروا معاونيهم بنفس الكيفية، ولم يكن في مصر أي قيادة ذات كفاءة.. لذا عندما قام السادات بثورة التصحيح كان لا بد أن يتخلص من مراكز القوى التي أدّت إلى أنحراف الثورة.
رأى السادات بعينيه كيف كان الصراع بين مراكز القوى المنقسم لفريقين وهم عبد الناصر وعبد الحكيم عامر لذا قرر أن لا ينافسه أحد في السلطة حتى لا يكون خطر عليه.. لذا كان دائم تغيير الوزارت والكوادر حتى لا يشكل أحد فيما بعد ما يهدده مثلما فعل عبد الحكيم في عبد الناصر.
عُرفت مصر بدولة المخابرات في عهد عبد الناصر والسادات معاً وكل الخطوات أساسها تقارير المخابرات مثل دخول مصر حرب اليمن والوحدة السورية.. المخابرات التي هي جزء من الطبقة العازلة.
في ثورة التصحيح حمّل السادات هذه الطبقة ما آلت إليه مصر ولكنه عمل على تكوين الطبقة العازلة الخاصة به للقضاء على مراكز القوى القديمة والإختلاف في إختيارهم عن أسلوب عبد الناصر هو إختلاف في المظهر لا الجوهر.

الخطيئة السادسة: أحزاب القمة
الديموقراطية.. من أهم معارك السادات.. وقام بحل ما يسمى الإتحاد الإشتراكي وتنظيمه الطليعي (اليسار) والذي شكل 3 تنظيمات سياسية وهم اليسار والوسط واليمين فقرر تحويلها لأحزاب سنة1976، وبالفعل أصبح حزب الأحرار ممثل اليمين وحزب مصر الوسط (حزب السادات) وحزب التجمع ممثل اليسار وكان حزب مصر هو حزب الحكومة والموالين للسادات ولكن لا زالت السلطة الحقيقية في أيدي السادات ووزع الإختصاصات بين أقطاب الطبقة العازلة الجديدة في الحزب والإدارة والصحافة وعمل على إضعاف هذه الأحزاب فهي بالنسبة له أحزاب ورقية لإستكمال الشكل الديموقراطي، أما حزبة فكل الذين فيه كانوا أصحاب منافع وكان منطق التفكير هو تنفيذ التعليمات لا المبادرة الذاتية، وهكذا كانت مشكلة الرئيس مع حزبه هي مشكلة عناصر وكوادر وقيادات فلا أحد فيه يحترف السياسة ولا يعرف يدير أزمة.
ولم تكن الحكومة حيادية في الإشراف على الإنتخابات التي يخوضها حزبها ففقهاً وقضاءاً لا يجوز أن يكون الخصم حكماً لذا كان دائماً ينجح حزب الرئيس.

الخطيئة السابعة: القمع بالقانون
كان عبد الناصر ديكتاتور يحكم كما يشاء ويبرر ما يشاء من الإعتقال ومصادرة الأموال وإنتهاء بالتصفية الجسدية وكان يكتفي بالمادة 153 لسنة 1958 الخاص بحالة الطوارئ لقمع معارضية، ولكن عندما جاء السادات بمسلسل الديموقراطية الذي يستدعي إعمال القانون والدستور فكان يبحث عن شرعية تساند نظامه لذا عمل السادات على إنشاء دستور 1971 ليشمل قوانين تدعم سلطانه ودستور يطلق حرية تكوين الأحزاب ولكنه لا يضمن حريتها.. دستور يبيج الإستفتاء الشعبي ولكن لا يقيده.. دستور يحرم تجريم الأفعال السياسية ولكنه لا يمنع من هذا التجريم.
حدد السادات معارضية لقمعهم بالقانون وهم الوفد والتجمع الذين سحبا البساط عنه خاصة بعدما صرخ الوفدي الشيخ عاشور في البرلمان (يسقط السادات) كان لا بد من تقويض حركة المعارضة.
إجراءات القمع:
1) قانون تنظيم الحياة الحزبية وحماية الوحدة الوطنية وكان هدفه تقويض حركة الأحزاب وذلك لمنع الأحزاب من إمتلاك الصحف وحصار الوفد وتجريم أفعال من صميم العمل السياسي مثل التشكيك والبلبلة وهي أفعال لا يمكن تحديدها ولكن السب والقذف معروفان... لجأ السادات للإستفتاء الشعبي لصدور القانون (كان نتيجتة99% مؤيدة) وبالتأكيد إستفتاء مزور ولا يمكن الطعن في دستوريته، فالسادات كان يريد ديموقراطية مستأنسة لأنه لا يرى الديموقراطية كما يراها الإنجليز أو الفرنسيين أو الأمريكان بل يراها من منظور (كبير العائلة).
2) حل البرلمان المصري وحزب مصر كان لا بد من إسكات المعارضة لأنه قادم على إتفاقية سلام مع إسرائيل فكان لا بد من تهيئ الرأي العام المصري دون أي معارضة، ودستور 1971 يعطي الرئيس حق حل البرلمان ليبدأ من أرض جديدة وحزب جديد أسماه الحزب الوطني الديموقراطي وكوادر جديدة، ولم يتبق من الأحزاب المعارضة إلا حزب العمل بموافقة السادات.
3) إصدار قانون العيب (والمقصود به هو الخروج عن آداب المعارضة).. لقمع الحريات ووأد المعارضة لكل من يخالفه.
4) حارب القضاة المستقلين والذين عارضوا استخدامه السافر للقانون، فبدأ السادات بجعل القضاة أتباعه في الدخول لرئاسة نادي القضاة ولكن فاز المعارضين فأقال السادات وزير العدل وعين القاضي المنهزم أمام معارضيه ليتحكم بهم.
5) قام بحل نقابة المحامين وهي الأولى من نوعها وذلك لمعارضة النقابة لسياساته.
لقد حارب السادات كل القوي الوطنية والنقابات والاحزاب ولكن بالقانون.

الخطيئة الثامنة: صحافة السلطان
كانت الصحافة قبل الثورة مفتوحة على كل فئات الأمة وحق إصدار الصحف مكفول للجميع وتنشر الصحف كل الآراء في إطار القانون وجاء عبد الناصر لوأد الصحافة وحبس كل الصحفيين الذين يختلفون معه في الرأي وأمم الصحف وجاء السادات بمسلسل الديموقراطية وتعامل مع الصحف ولكن بعد أن حوّلها لمنشورات إدارية ولا ترى إلا ما تراه الحكومة ولا تكتب إلا مايمليه الحاكم وقال السادات (أعاهد نفسي على ألا يُكبت رأي وألا يُقهر قلم) لذا فكان لا بد من إظهار حرية للصحافة ولكن خوف السادات والطبقة العازلة من الصحف لنشرها أكاذيبهم وكشف حقائق الفساد في السلطة كان لا بد من تقويض الصحافة وبشكل قانوني أيضاً لأن الصحافة المؤممة أو المكممة هي الدرع الواقي للطبقة العازلة... لذا إخترعت الطبقة العازلة فكرة للسيطرة على الصحافة للأبد وهي جعلها من ضمن السلطات في الدستور لتكون مؤسسة من مؤسسات الدولة وسلطة رابعة، وبالتالي أمام الرأي العام هي حرية للصحافة وتقف على قدم المساواة أمام السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ولكن الباطن هي تحويلها لصحافة السلطان وآلت 51% من ملكية الصحف لمجلس الشورى وأصبحت مجالس إدارة الصحف القومية بنص قانون الصحافة تابع لمجلس الشورى الذي يشكل الجمعية العمومية للمؤسسة الصحفية وتعيين رؤساء مجالس الإدارت من رئيس الجمهورية نفسه ومنع حق الأفراد في إمتلاك الصحف.
وقام السادات سنة 1981 بإصدار قرار رقم 489 لضرب كافة الصحفيين المعارضين بنقلهم من الإذاعة والتليفزيون إلى جهات إدارية.

الخطئية التاسعة: إدرة الأزمة مع الإخوان والقوى الوطنية
أحس السادات أن أسلوب قمع عبد الناصر لا بد من تغييره، لذا وجد أن مطلب الحرية سيحقق له الشعبية في مواجهة معارضية، وفعلاً قام بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وضرب النفوذ السوفيتي وقام بتصفية الحراسات ورد أموالها لأصحابها وأعلن نهاية الشرعية الثورية وبداية الشرعية الدستورية، كل هذا ولكن دستور 1971 الذي وضعه لم يغيره ليحفظ له سلطانه.
قام بعمل إستفتاء (معروف نتيجته مسبقاً) بتعديل المادة 77 من الدستور سنة 1980 لتكون مدة رئاسة الرئيس ليس مدتين بل أكثر من مدة لتكون نتيجة الإستفتاء 99% موافقة ليضمن وجوده وإستمراره في قمع معارضية بالقانون.
الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية.. إستبعدهم في البداية من المسيرة الوطنية وحاول كسبهم بوضع الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع وعمل على أسلمة الشارع المصري مما كان له أثر سلبي على الوحدة الوطنية المصرية، ولكن عندما أقر أن لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة جلب عداءهم وعارضوه لذا كان لا بد من قمعهم، ولكنه لم يدرك أن القمع المباشر معهم غير مجدي حيث جرّب أكثر من مرة في 48 و54 و 1956 عهد عبد الناصر، فأكد الباحثون أن الأفضل على السادات عمل دراسات علمية ومناقشات فقهية لتحيل مواقف الجماعات والإخوان لأنهم تيارين مختلفين، ولكن السادات لم يفرق بينهم وقال أمام البرلمان أن الجماعات الإسلامية هم التنظيم السري المسلح للإخوان المسلمون وهذا يرجع لتقارير الأمن التي قدمتها الطبقة العازلة له خوفاً منهم.
وانتهز السادات أحداث الزاوية الحمراء للقضاء على كل المعارضين المسلمين والمسيحيين والمستقلين بحجة الحفاظ على الوحدة الوطنية وساق الآلاف للسجون واعتقل أقطاب اليسار المصري بتهمة التآمر مع السفارة السوفيتية لقلب نظام الحكم.
أدّى ذلك إلى قتله في النهاية لأنه بذلك حمل عداء لكل الشعب المصري بأطيافه.

الخطيئة العاشرة: الأسلوب القديم والزمن الجديد
لم يغير السادات منهج عبد الناصر إلا في المظهر لكن الجوهر واحد أساسه القمع ولكن بشكل قانوني وذلك لتطور الزمن ومسلسل الديموقراطية الذي إدّعاه.
فكان السادات معه أجهزة الدولة والجيش وأقطاب الطبقة العازلة التي صنعها وفي الشارع كانت الجماعات الإسلامية والأحزاب السياسة المعارضة وكل الساخطين من البسطاء من الفقر الذي أحاط بهم.
عندما أراد السادات ضرب المعارضة ضربها بأخطر وتر هو الفتنة الطائفية.
الأسلوب القديم في تنظيم الإدارت وحل الأزمات الإقتصادية واستمرار مسلسل العنف وقمع الشعب والمعارضة.
إعتماده على الأسلوب القديم وهو التقارير السياسة التي كانت وراء تصعيد الأزمة بين السادات والمعارضة، هذا هو الأمن الذي كان في كل مصر وكان عاجز أيضاً عن تحقيق الأمن بدليل إنتشار الإرهاب والقتل والسرقة والرشاوى... ولكن كل دوره عمل تقارير لزيادة الفجوة بين الرئيس والشعب حيث كان يحركها الطبقة العازلة التي تخشى على نفوذها لأن السادات لو سمع كلام المعارضة كان سيطيح بهم.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٢ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق