CET 00:00:00 - 15/03/2010

حوارات وتحقيقات

• المسلمون يتعرضون للاضطهاد في بلادهم الأصلية أكثر بكثير مما يتعرضون له في الولايات المتحدة الأمريكية.
• أمريكا لا تشن حربًا على الإسلام وإلا ما عشنا كمسلمين في أمريكا.
• تعداد المسلمين يتزايد، وتعداد الأوربيين يتناقص، وهو ما خلق مخاوف أوروبية من المسلمين.
• الهوية المصرية صارت ضيقة لدرجة أنك لو لستَ مسلمًا، فإنكَ لست جزءًا من الهوية المصرية.
• يجب أن يتمثل دور الحكومة في ضمان المساواة بين مواطنيها.
• الصراع العربي الإسرائيلي ليس صراعًا دينيًا بل صراعًا على الأرض.
• سلطة الرئيس في أمريكا تقابلها على الجانب الآخر سلطة الكونجرس واللوبيهات وجماعات الضغط.

حوار: مايكل فارس

كنا قد تحدثنا في الجزء الأول من هذا الحوار الجريء مع فضيلة الإمام فيصل عبد الرؤوف، إمام جامع "الفرح"، أكبر جامع بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تناول بنظرة تحليلية متعمقة موضوعات هامة كمفهوم "الهوية"، وظاهرة ما يُسمى بالـ"الوطنية الإسلامية"، وسنتناول في الجزء الثاني والأخير من حوارنا مع فضيلته بعض الموضوعات الخاصة بأوضاع المسلمين في بلادهم وفي البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، ورؤيته بشأن الصراع العربي الإسرائيلي... فإلى الحوار..

- يُقال إن الأقليات والجاليات الدينية في أوربا وأمريكا تحظى بالمساواة القانونية وليس المساواة السياسية.. قياسًا على ذلك؛ كيف ترى الوضع في الشرق الأوسط بالنسبة للأقليات؟

- دعنا نرى الأمر من زاويةٍ أخرى، عندما يختفي عنصر المساواة ويتلاشى، فإننا بالتالي نبذر بذور الصراع.. وقِس على ذلك مثلاً ما حدث في أيرلندا بين الكاثوليك والبروتستانت.. والنموذج المقابل لهذا، والذي يمثل تجربة ناجحة في صهر عناصر المجتمع، وهو نموذج ماليزيا.. لقد خلقت ماليزيا مساواة بين عناصر المجتمع الثلاثة "الصينيون والهنود والمالاويون"، وقد حدث ذلك بنوع من التمييز الإيجابي affirmative action، وفي هذا الإطار، عملت الدولة الماليزية على إحداث تنمية اقتصادية في جميع الأقاليم.. لقد وجدوا أن العاصمة مزدهرة، وأن كل ما هو خارج العاصمة فقير ويحتاج إلى تنمية ضخمة، عندها تم وضع خطط قوية للتنمية في الأقاليم حتى لا يُقال هذه الولاية غنية وتلك فقيرة.. وهذا هو دور الحكومة في أن تضمن المساواة بين مواطنيها، ومع تحقيق هذه المساواة الاقتصادية، ستكون هناك أيضًا مساواة في المشاركة السياسية على جميع المستويات داخل المجتمع إقليميًا وقبليًا وطائفيًا ومن جميع فئات المجتمع.

- هل تعقتد أن حكومات البلاد الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية يضطهدون المسلميين المقيمين في بلادهم؟
- هنا علينا أن نتساءل: "هل يتعرض المسلمون في بلادهم للاضطهاد؟".. الحقيقة أن كثيرًا من المجتمعات في البلاد الإسلامية تضطهد مواطنيها، فالمسلمون يتعرضون للاضطهاد في بلادهم الأصلية أكثر مما يتعرضون له في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً.. فالولايات المتحدة دولة تحمي الحريات الشخصية، وتقف بقوة مع حرية التعبير وحرية الاعتقاد، وأنا لا أعتقد أن مجتمعنا كمسلمين مقيمين في أمريكا يعاني أي نوع من القمع.. ولا أتصور أن يُقال إن المجتمع الأمريكي يقوم بقمع مواطنيه مثله مثل مجتمعات أخرى..

-  ولكن الحقيقة أن لكل مجتمع قلقه واهتمامه بمسألة الأمن القومي.. وعلينا أن نعي جيدًا أن أمريكا في الأساس دولة مبنية على الحريات وليس القمع.. ولذلك فإن الدولة الأمريكية تحمي الحرية الشخصية وحرية الاعتقاد وحرية الصحافة وحرية الإعلام.. لكن الشيء الذي وجدناه مختلفًا، هو أنه وبعد أحداث 11 سبتمبر، قد حدث تهديد كبير للأمن القومي الأمريكي، وفي إطار ردة الفعل المنطقية تجاه هذه الأحداث، صار جهاز الأمن وجهاز الشرطة في أمريكا مهتمًا وبشكل كبير بمسألة الثقافات الأخرى، فصاروا يريدون دائمًا التأكد من أن المسلمين يعملون ويتحركون في ظل أطر الممارسات المشروعة قانونًا.

- أما عند دورنا كمسلمين، فقد تحركنا كثيرًا لتوضيح صورة الإسلام بعد هذه الأحداث.. فقمت بإلقاء محاضرات وسط عملاء جهاز المباحث الفيدرالية الأمريكية FBI، وفي كثير من وكالات إنقاذ وتطبيق القانون، وبدورها، قامت الحكومة الأمريكية بتعيين مسلمين لمشاورتهم في هذه الأمور، وأيضًا استشارة الكثير من القادة المسلمين هناك، للتأكد من عدم حدوث تهديد جديد للأمن القومي الأمريكي.

- هل ترى أن هناك حربًا يشنها الغرب على الإسلام؟ وهل ترى أن ذلك يعتبر تفسيرًا كافيًا ومنطقيًا لأي مشكلة نواجهها بما أننا نعتبرها جزءًا من الهجوم على الإسلام؟
-  لا أعتقد أن هناك حربًا على الإسلام.. ولو كان الأمر كذلك، لما استطاع أي منا أن يعيش كمسلم داخل الولايات المتحدة.. ولو كانت الأمور تسير على تلك الشاكلة وهذا المنهاج، لاختلفت الأوضاع تمامًا.. والحقيقة أن لكل مجتمع عقيدة ولكل مجتمع دينًا أو مجموعة من القواعد التي يلتزم بها تمامًا.. وفي أمريكا، العقيدة هي الديمقراطية وحرية الاعتقاد والفصل بين الكنيسة والدولة، وحتى لو كانت أمريكا تحاول تطبيق سياسة خارجية معينة، فإنها بالقطع تواجه مشاكل كثيرة إذا ما قامت بشيء يخالف مبادئها وما تعلنه من قيم تريد الدفاع عنها.. ولكني أقول إنه لا توجد نية بالمرة للحرب ضد الإسلام في أمريكا، وإلا لما عشنا كمسلمين في أمريكا..

- هل تعتقد أن هناك مخاوف أوروبية من انتشار الإسلام بها؟
- نعم .. الحقيقة أن تعداد المسلمين الآن يتزايد في أوربا، خاصة في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في الوقت الذي فيه صار تعداد الأوربيين يتناقص من حيث عدد السكان.. كما أنهم يحتاجون في أوربا إلى عمالة، ولذلك يأتي العمال من تركيا إلى ألمانيا، ومن الجزائر إلى فرنسا، ويأتي الهنود والباكستانيون والبنجلادشيون إلى انجلترا وهكذا، وفي هذه الدولة الغربية، يمنحون هؤلاء العمال المهاجرين حقهم في المواطنة في أوربا، ولا يحدث شيء كهذا في الخليج العربي مثلاً، حيث يمكن أن يقضي شخصٌ عشرين أو ثلاثين عامًا في أي دولة خليجية دون أن يصبح مواطنًا فيها، ولكن هذا الوضع كثيرًا ما يُقلق الأوربيين على الهوية القومية في أوربا، لأنه بعد عشرين أو ثلاثين عامًا سيصير الأوربيون أقلية، ويصير المسلمون أغلبية في هذه الدول، إنه خوف طبيعي لديهم كبشر، لأنه يشعرون أن ثقافتهم سوف تتحول بمرور الوقت إلى ثقافة فرعية وليس ثقافةً سائدة كما هو الحال الآن.

- هل تعتقد أن الصراع العربي الإسرائيلي صراع ديني أم أنه صراع على الموارد والأرض؟
-  لو أن شخصًا لديه مشكلة مع زوجته، قد يقول بنوعٍ من التعميم "كل النساء هكذا".. والعكس، قد تقول المرأة "كل الرجال هكذا مليئون بالقسوة ولا رحمة لديهم"، عندها ينشأ صراع رجالي/ نسائي.. إذن نحن ننظر إلى من هو "مختلف" عننا.. ويحدث هذا مثلاً بين الفلاحين و"الصعايدة"، وبين البيض والسود، أو بين السود والسود الذين من قبائل مختلفة.. الصراع يحدث لأن طرفين كلاهما ينافس الآخر على نفس الأصول.. كأن يتنافس رجلان على امرأة، أو قبيلتان على بئر ماء، أو مجموعتان على السلطة أو الثروة.. عندها يصبح الاختلاف هو علامة الهوية..

-  وهناك مثال نراه جليًا فيما حدث بأيرلندا، حيث نشبت هناك حربٌ طويلة بين البروتستانت والكاثوليك لأن الكاثوليك لم يكن لديهم نفس الأقدار من السلطة والثروة مثل البروتستانت، فإذا نظرنا إلى الصراع العربي الإسرائيلي بشكل موضوعي جدًا - وليس من منظور من معه الصواب ومن الخطأ – سنجد أنه بالأساس صراع على الأرض، واليوم نجد أن الذين لديهم السلطة على الأرض هم اليهود، والذين بدون سلطة أو أرض هم العرب، مسلمون ومسيحيون.. إذن يبدو الصراع وكأنه معركة بين دينين، ولكن أساس المشكلة كما أراها هو الصراع على امتلاك الأرض والسيطرة عليها.. ولكن الشيء الهام أن الجميع يسعون لتأمين حياتهم خوفا من الآخر، فهم يخافون من المرض، ومن أن يتعرضوا للأذى أو للاعتداء بواسطة أي شخص أو جماعة.. وفي هذا الإطار، أذكر كيف أن الدعاة على المنابر كانوا يقولون: "اللهم اشف مرضانا" وكذلك يقولون: "اللهم أهلك أعداءنا".. إن هذا معناه أن جميع البشر يبحثون عن الأمن القومي.. إذن علينا أن ندرك اليوم أن لدينا في العالم وضع مختلف.. هناك الدولة القومية والنظام العالمي والحكومات التي لها مصالح.
 
- أخيرًا ما تقييمكم لأوباما بعد عام من توليه السلطة.. وهل حقق ما وعد به خاصة بعد إلقاء خطابه التاريخي بجامعة القاهرة؟

-  ما أعلمه أن الرئيس أوباما يتعامل مع أشياء عديدة، ويخضع لضغوط كثيرة.. فالرئيس أوباما في الولايات المتحدة ليس قويًا مثل الرئيس مبارك في مصر، أو الملك عبد الله في السعودية.. إن سلطة الرئاسة في أمريكا تخضع لسلطات أخرى توازنها وتقوم بمراجعتها وتحجيم سلطتها.. كما أن سلطة الرئيس في أمريكا تقابلها في الناحية الأخرى سلطة الكونجرس واللوبيهات وجماعات الضغط.. ولذلك فإن نوايا الرئيس أوباما وخططه وسياساته الخارجية تراجع عليها قوى اللوبي التي تضغط في الكونجرس وما إلى ذلك.

  الإمام فيصل عبد الرؤوف: ليس هناكَ ما يُسمى بالدولة الإسلامية " 1-2"

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق