CET 00:00:00 - 23/06/2009

حوارات وتحقيقات

المؤيدين
* مصطفى النبراوى: «الكوتا» السياسية قد تنشئ ديمقراطية ولكنها لا تكوّنها.
* عادل جندي: «الكوتا» في حد ذاتها ليست هدفًا، بل الهدف هو القضاء على التهميش السياسي للأقباط.
* نصري جرجس: «الكوتا» وضع استثنائي لعدد معين من الدورات الإنتخابية لتأهيل المجتمع ككل.

الرافضين
* رفيق حبيب: «الكوتا» نظام طائفي سياسي والأقباط أكبر من أن يكون لهم «كوتا».
* إلهامي الميرغني: «الكوتا» ليست الحل بل هي المزيد من تجزئة المجزأ وتفتيت المفتت.
* نبيل الأسير: موافقة الأقباط على «الكوتا» يعني موافقتهم على ضعفهم الدستوري وتحجيمهم.

تحقيق: عماد توماس – خاص الأقباط متحدون

قبل الكلام
«الكوتا» في اللغة الانجليزية quota تعني نصيب أو حصة نسبية، ويقصد بها تخصيص عدد محدد من المقاعد في الهيئات التشريعية للفئات الأقل عددًا، التي لا تستطيع أن تصل بصوتها.
ويرجع الأصل التاريخي لنظام «الكوتا» إلى مصطلح الإجراء الإيجابي Affirmative action حيث أطلق لأول مرة في أمريكا بهدف تعويض الأقليات والجماعات المحرومة وخاصة الأقلية السوداء، وأول من أطلقة الرئيس الأمريكي كيندي في عام 1961وتم تطبيقه بإلزام الجهات بتخصيص نسبة معينة من الطلاب المقبولين فيها الذين ينتمون إلى أقليات إثنية، ثم طالبت به جماعات أخرى مثل الحركة النسائية، وانتشر في بلدان أخرى كانت تشعر فيها الأقليات بأنها محرومة من الحقوق.
ومؤخرًا صدر في مصر قانون تعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972، في شأن مجلس الشعب، المعروف بالكوتا. تنص مادته الثالثة على "تقسم جمهورية مصر العربية إلى دوائر انتخابية، لانتخاب أربعمائة وأربعين عضوًا. كما تقسم إلى دوائر أخرى لانتخاب 64 عضوًا، يقتصر الترشيح فيها على المرأة، ويكون ذلك لفصلين تشريعيين."

وعاد بعض الأقباط ونشطاء حقوق الإنسان للمطالبة بـ «كوتا» خاصة بهم فى مجلس الشعب أو ما يسميه البعض "التمييز الإيجابي" باعتبار أن «الكوتا» تساهم في تعزيز وتفعيل دور الأقباط في المجتمع والبرلمان، ويرى آخرون أن «الكوتا» ضد الديمقراطية وإخلالاً للمساواة، وتُحجم الأقباط.
وبين هذا وذاك، التقينا ببعض المهتمين بشئون المواطنة من كافة أطياف المجتمع المصري المؤيدين والرافضين لـ«الكوتا»، لنستعرض آرائهم حول هذا القضية المثيرة للجدل.

المؤيدون لـ«الكوتا» السياسية:
الدكتور مصطفى النبراوي - الأمين العام لمرکز الحوار الإنسانيالدكتور مصطفى النبراوي - الأمين العام لمرکز الحوار الإنساني، يميل أولاً إلى تحديد المصطلحات فبحسب تعريف الموسوعة الأمريكية للأقلية والجماعة المهشمة فهم جماعة لها وضع اجتماعي داخل المجتمع أقل من وضع الجماعات المسيطرة في نفس المجتمع وتمتلك قدرًا أقل من النفوذ والقوة وتمارس عددًا أقل من الحقوق مقارنة بالجماعة المسيطرة في المجتمع. وأضاف النبراوى أن الانتخابات البرلمانية فى مصر لعام 2005 أفرزت عن فوز قبطي واحد وهو في نفس الوقت وزير حالي والحزب الحاكم لم يرشح على قوائمه إلا أثنين من الأقباط وأربع سيدات فقط من جملة المرشحات (أكثر من مائة) –وهذا يعنى أن من مجموع الشعب يمثله %1.5 من عدد أعضاء مجلس الشعب– بغض النظر عن المعينين. تعالت في أعقاب هذه النتائج موجة المطالبة باللجوء إلى نظام الحصص «الكوتا» السياسية لتحقيق تمثيل ديمقراطي في المجالس التشريعية و المحلية.
ويرى النبراوى أن نظام «الكوتا» السياسية قد ينشأ ديمقراطية ولكنه لا يُكّونها والفارق كبير بين تكوين الديمقراطية وإنشائها -فالديمقراطية المتكونة أكثر تمثيلاً لألوان الطيف السياسي وأكثر رسوخًا و قدرة على النمو بعكس الديمقراطية المنشأة-، وإن كان تأكيد المؤيدين لنظام «الكوتا» السياسية على أنه "نظام للتمييز الإنتخابى الإيجابى المؤقت" قد يقلل من تخوف المتخوفين، و لكن يجب أن نأخذ فى الاعتبار أن إلغاء التمييز سوف يكون أكثر صعوبة من إنشائه.
ويختتم النبراوي حديثه بدعوة الجماعة الوطنية الديمقراطية في مصر بغض النظر عن انتمائها الديني أو الطائفي أو العرقي أو النوعي على الدعوة إلى:
حرية تكوين الأحزاب دون أي قيود سياسية (يمنع فقط قيام أحزاب دينية أو عنصرية)، وحرية امتلاك الصحف للأفراد، والتأكيد والدعوة إلى تفعيل معيار الكفاءة خصوصًا عند اختيار الكوادر الحكومية بغض النظر عن أي انتماءات أخرى بالإضافة إلى الدعوة إلى «الكوتا» ترشيح وليس «الكوتا» انتخاب –بمعنى أن ينص في القانون وليس فى الدستور على ضرورة أن ترشح الأحزاب والقوى السياسية نماذج ممثلة للفئات المهشمة وأيضًا أصحاب الكفاءات التي أعتبرها أكبر أقلية مهمشة فى مصر، فاللائحة الدولية لحقوق الإنسان (1948) تنص على أنه "لكل فرد الحق بالمساهمة في إدارة شؤون وطنه". لذا يرى الناشط الحقوقي الدكتور مصطفى النبراوي أن نظام القائمة النسبية هو أفضل الأنظمة التي يمكن أن توفر درجة تمثيل جيدة للأقباط المسيحيين وفي نفس الوقت بعيدًا عن سلبيات «الكوتا»– قائمة نسبية على أساس مبدأ الصوت الواحد الإنتقالي أي إن العضو الذى يحصل على كفايته من الأصوات تنقل الأصوات الباقية لزميله. حيث يضمن هذا النظام تمثيل الأغلبية والأقلية على أساس عادل، ويتجنب الأصوات المهدرة، ويظهر الزعامات وينمي القيادات، ويقلل التزوير، ويؤكد على التصويت السياسي للحزب. وبالتالي يتشكل هرم سياسي طبيعي يعكس الواقع السياسي المصري وهو في تقديري يجنب تجربة الديمقراطية في مصر سلبيات نظام «الكوتا» السياسية و يدفعها عدة خطوات على طريق ديمقراطية التكوين وهي المستقبل الذي نشهده جميعًا.

المهندس نصري جرجس نسريتفق المهندس نصري جرجس نسر مع النبراوي في كون الكوتا كمبدأ عام لا تُكّون الديمقراطية ولكنه يتساءل: أية ديمقراطية؟! إنها ضد الديمقراطية بمعناها العام الأكاديمي ولكن بالنسبة لمن هم لم يصلوا إلى ابتدائي ديمقراطية تكون مطلوبة لثلاثة أسباب -كما يرى نسر-.
أولها: في ظل الاحتقان الطائفي الموجود مطلوب اعتياد المواطن المسلم على وجود عدد لا بأس به من المسيحيين في مجلس الشعب والاستماع إليهم الأمر الذي يجعله يرى أن هذا طبيعيًا.
السبب الثاني: يعطى النائب المسيحي وبالتالي المسيحيين عمومًا الفرصة للقرب من المستوى الفاعل في الحياة السياسية ومن المؤكد أنه سيغير نظرتهم وطريقة تفكيرهم في موضوعات مختلفة.
السبب الثالث في رأي نسر الذي يدعو له باعتبار «الكوتا» وضعًا استثنائيًا، وعليه فيمكن أن تكون الكوتا لعدد معين من الدورات الإنتخابية لتأهيل المجتمع ككل ثم تعود الأمور إلى الوضع الطبيعي بإلغائها أو الحد منها تدريجيًا.

المهندس عادل جندي -الناشط الحقوقي- المهندس عادل جندي -الناشط الحقوقي- يرى أن «الكوتا» في حد ذاتها ليست هدفًا، بل الهدف هو القضاء على واقع التهميش السياسي الفادح الذي يعيشه الأقباط. ويضيف أن «الكوتا» لها آلية معروفة في كل مكان وعندما طالب بها وطالب الكثيرون في الماضي بإتباعها كعلاج مؤقت حتى يعتاد الشارع المتأسلم على وجود شركاء في الوطن من الأقباط في مجلس الشعب، هاجت الدنيا وماجت. لكن أفضل رد –في رأي جندي- بشأن قانونية وفاعلية وجدوى أسلوب «الكوتا» جاء مؤخرًا من قمة النظام السياسي نفسه عندما قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة في صحيفة الأهرام ١ يونيو الماضي "أن طرح مشروع القانون الخاص بتمكين المرأة وتعزيز تمثيلها في البرلمان‏، إنما يجسد ما بات مستقرًا في الاتفاقات الدولية المعنية بالمرأة‏،‏ مثل اتفاقيه مكافحة ومناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة وكذلك ما بات مستقرًا حول مفهوم التمييز الإيجابي‏.‏ وأوضح أن التمييز بشكل عام هو عبارة ارتبطت في الأذهان بتداعيات سلبيه مثل التمييز العرقي‏، لكن التمييز الإيجابي بات مستقرًا في العديد من الاتفاقات الدولية وأشار  إلى أن مصر طرف أصيل في هذه الاتفاقيات المتعلقة بالتمييز الإيجابي باعتباره تعزيزًا وتمكينا للمرأة للحصول على جميع حقوقها وتعزيز تمثيلها في البرلمان وحصولها علي جميع حقوقها‏.‏ وقال إن ذلك التمييز الإيجابي ينطبق على تمييز المرأة،‏ بحيث يعطيها بعض الإجراءات الترجيحية التي تعزز تمثيلها في البرلمان‏،‏ لأنه لو تركت الأمور في مسارها المعتاد دون هذا التمييز الإيجابي‏، فان الإطار الثقافي السائد في المجتمع لن يمكن المرأة من الحصول علي حقوقها في التمثيل البرلماني وغيره من الحقوق‏".‏.

وأشار جندي، إلى أن جريدة الأهرام في عدد 2 يونيو وبعد اجتماع للجنة السياسات أكد السيد صفوت الشريف على أن "القانون المقترح يمثل خطوه مهمة في مجال التطور الديمقراطي وفي طريق الإصلاح السياسي‏. وأوضح السيد جمال مبارك أن التعديلات المقترحة ستستمر لفترة محدده من الزمن‏ (دورتين لمجلس الشعب) لأن هذا التخصيص يمثل شكلاً من أشكال التمييز الإيجابي ويجب ألا يستمر بصورة دائمة، وأن الهدف منه هو الحد من العقبات التي تحول دون تحقيق تمثيل أفضل للمرأة وزيادة تكافؤ الفرص بينها وبين الرجال‏".

وطالب جندي باستبدال اسم «المرأة» في النصوص أعلاه بـ «أقباط» أو «أقليات» وسنجد كلامًا جميلاً لا نحتاج بعده لمزيد!!
واختتم الناشط الحقوقي عادل جندي تأييده لنظام «الكوتا» قائلاً: بالطبع هناك آليات أخرى، لكن النظام لا يريد تنفيذ «الكوتا» أو أي آلية أخرى لعلاج المشكلة وذلك ببساطة لأن تهميش الأقباط هي سياسة متعمدة ومعتمدة كركن من أركان شرعية النظام أمام الشارع الإسلامي.

الرافضون للكوتا السياسية
المهندس سعيد أبو طالب –عضو جماعة مصريون ضد التمييز الديني- يرفض «كوتا» الأقباط و«كوتا» المرأة وأيضًا يرفض«كوتا» العمال والفلاحين وأي «كوتا» أخرى،ويؤيد بشدة القائمة النسبية، ويضيف: إذا كانت «كوتا» المرأة قد مرت بـ "العافية" لذلك فإنه يدعو جميع المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات وكل التيارات السياسية وعدم المشاركة في هذه المهزلة، ويضيف "كفانا ترقيعًا للأساس المهترئ"

الدكتور رفيق حبيب -الباحث والكاتبويشارك المهندس سعيد رفض نظام «الكوتا» الدكتور رفيق حبيب -الباحث والكاتب- لثلاثة أسباب:
الأول: لأن المسيحيين في رأيه أكبر من أن يكون لهم «كوتا» حتى لو كانت هناك مشاكل يرى البعض أن حلها بـ «الكوتا». إلا أن حبيب يرى أن «الكوتا» تجعل الأقباط طائفة سياسية لها حقوق محددة بالأرقام، إذا أخذتها فليس لها دور آخر.
السبب الثاني في رأي حبيب، أن تفاعل الأقباط واندماجهم في الأحزاب السياسية والحياة السياسية المصرية له تأثير إيجابي جدًا على هذه الحياة، إذا وضعوا نظام «الكوتا» سيكون دورهم غير فعال.
والثالث: أن «الكوتا» في رأيه نظام طائفي سياسي والنظام الطائفي السياسي الديني القائم على أن هناك طائفة دينية لها حقوق سياسية تأثيراته شديدة الضرر ويستشهد بذلك بنموذج العراق ولبنان. وحول مطالبة البعض بأن «الكوتا» مرحلة انتقالية؟ عبر حبيب عن مخاوفه أن تكرس هذه المرحلة الانتقالية أوضاعًا تصل بنا إلى حد نجد من يقول أن الأقباط هذا هو حقهم فقط وأخذوه وليس لهم علاقة بالحياة السياسية. وقد يكون بدخول الأقباط فى نظام «الكوتا» تتأسس فكرة الطائفة السياسية القبطية، ويرفض الأقباط الخروج منها بعد ذلك، ويكتشفوا أن «الكوتا» السياسية أسهل سياسيًا من العمل السياسي الحر وبالتالي يدخلون في هذا النظام ولا يخرجون منه مرة أخرى.

الأستاذ إلهامي الميرغني -الكاتب والناشط اليساري-الأستاذ إلهامي الميرغني -الكاتب والناشط اليساري- يرفض نظام «الكوتا» باعتبارها فكرة ضد الديمقراطية ولأنها تؤيد التقسيم والتمييز ولا تحقق التمثيل المطلوب.
وأضاف الميرغني أنه من السهل أن تمثل المرأة بـ 64 نائبة يختارها الحزب من محاسبيه وسيوافقون على كل التشريعات المعادية للمرأة لأنهم "نقاوة" الحكومة، ويتساءل الميرغني: هل تحل مقاعد البرلمان التمييز في التعيين بوظائف المحافظين والوزراء ورؤساء الجامعات؟!
ماذا نفعل لو طالب النوبيين بكوتا والأمازيغ بكوتا، أليس الأفضل أن تكون لدينا ديمقراطية حقيقية وتمثيل حقيقي للجميع يأتي بالأفضل بغض النظر عن وظيفته وانتمائه الحزبي أو السياسي أو الديني.
إذا قلنا أن تولي المناصب القيادية بالكفاءة والعدالة وباستخدام معايير واضحة ومعلنة إلا يكون ذلك أفضل لنا جميعًا... إذًا الموضوع هو الديمقراطية كمبدأ يطبق علي الجميع.
ويختم الميرغني حديثه قائلاً: «الكوتا» ليست الحل بل هي المزيد من تجزئة المجزأ وتفتيت المفتت.

القس الدكتور نبيل الأسير -عضو المجلس الملي الإنجيلي الأسبقالقس الدكتور نبيل الأسير -عضو المجلس الملي الإنجيلي الأسبق- يرفض «الكوتا» مشددًا على كون الأقباط ضعفاء واقعًا إلا أنهم غير ضعفاء دستوريًا، وعندما يوافق الأقباط على «الكوتا» فهذا يعني موافقتهم على ضعفهم الدستوري وتحجيمهم، فالأقباط أقلية عددًا وليس أقلية فكرية، ويُضيف الأسير أن النائب القبطي نائب عن الأمة وليس نائبًا عن «الكوتا» وعدم نجاح نائب قبطي فى منطقة شبرا ذات الكثافة المسيحية فهذا يعبر –في رأي الأسير- عن تكتل وعنصرية المجتمع نحو الأقباط ودليل على أن المجتمع يتجاهل الأقباط، والحكومة تُزايد على التصرف العنصري للإخوان المسلمين لترضي الجناح الإسلامي المتشدد، فما معنى تمثيل الأقباط في برلمان لا كيان ولا حضارة له.

آخر الكلام
ها نحن قد عرضنا وجهتي نظر المؤيدين والرافضين لـ «الكوتا»، وقد تندهش عزيزي القارئ/عزيزتي القارئة، من رفض قس مسيحي لنظام الكوتا وتأييد ناشط مسلم لها، ولكل فرد منهما له مبرراته وأسبابه
ونحن بدورنا في "الأقباط متحدون" نطرح القضية للنقاش الموضوعي على قرائنا الأعزاء.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ١٤ تعليق