CET 13:27:47 - 14/06/2009

مساحة رأي

بقلم: نبيل المقدس
هل إلهنـا له المجد أتى لنا بديانـة كما يدعي للأسف الشديد كثير من الأخوة المسيحيين؟ قرأت كثيرًا من التعليقات في مواقع قبطية حول الديانة المسيحية وأنهم يدافعون عن الديانة المسيحية, ولهم الحق بالرد حتي بأعنف الكلمات وبأحقر الكلمات على كل من يتكلم عنها بالحق أو بالسوء، واهمين أنفسهم أنهم يدافعون عن مبادئ دين يُسمى بالديانة المسيحية. وواضح أن هؤلاء الذين يدافعون عن الديانة المسيحية ما إلا جماعة متخذين قشور الكتاب المقدس ولم يتعمقوا فيه، أو ورثوا هذا الإسم من أجدادهم والمكتسبة من بعض العقائد الأخرى.
فقد أخذت أبحث في صفحات الكتاب المقدس عن التنبؤ بقدوم ديانة أسمها الديانة المسيحية وسوف يكون مؤسسها شخص اسمه المسيح, ولم أجد.. كما سوف يأتي ومعه مجلدات من الشرائع لكي يكمل بها ناموس موسى الناقص.
لم ألحظ منذ صغري أن يسوع أتى ومعه قاموس أو خريطة توضيحية في كيفية ممارسة عبادته، لم ألحظ أو أقرأ كلمة خرجت من صاحب هذه الديانة تشير أنه علينا أن نأخذ وضع الهجوم على أعداء ديانته، لم يأتِ المسيح صاحب هذه الديانة الجديدة ومعه جيش من الغزاة ودخلوا في بلدان رافعين سيوفهم الشفهية والمملوءة سباب وشتائم لمجرد أن الغني ترك يسوع بعد أن قال له لكي ترث ملكوت السموات "بع كل ما عندك, ووزع علي الفقراء فيكون لك كنز في السماوات, ثم تعال إتبعني".
إلهنا ليس إله ديانة أو قوانين أو طقوس أو حتى شرائع، إلهنا إله حياة.. تعامل.. محبة.. عشرة وتجارب معه.. تواصل في الصلة معه.. إيمان بأن به كل شيء مستطاع.. ثقة أنه يعمل في قلوبنا.. ثقة بوعوده بأن من آمن وخلص بإسمه يصير إبنًا لله.
يسوع كان يهوديًا بالجسد, لكنه الإله المتجسد لجميع الكون.. لم يحتاج الرب إلى إسم مُميزلنشر دعوته، لأنها ليست دعوة دينية ولا تخص طائفة معينة ولا جنس محدد بل جاء لعمل معين هو خلاصنا من الموت الأبدي، لذلك فالمؤمن الحقيقي يرفض رفضًا باتًا تسمية ما عمله الرب من أجلنا بالديانة المسيحية, ومنها تفرعت الطوائف والكل يتهم الآخر بالكفر.
أكتب هذا الموضوع ليس من منطلق هذه الظاهرة التي انتشرت أخيرًا بتجريح الإخوة لبعضهم البعض والذين هم في الجسد الواحد بل من منطلق أن نترك هذه الخلافات السطحية ونتوجه إلي ما هو أهم وأجدى حاليًا، لنا أزمنة عديدة ونحن نقاسي الإضطهاد وسلب بعض الحقوقيات التي تخصنا، هذه الإضطهادات إحدى مصادرها تركنا الساحة السياسية للآخرين وكأننا نحن أغراب عن البلد، وقبل أن نتحدث عن دخولنا العمل السياسي والذي إتضح فعلاً أنه هو الوحيد الذي يجعلنا نستعيد حقوقنا وأولها إعلان رسالة الرب للأمم، علينا بوحدة الطوائف أولاً وأخيرًا.. نحن أبناء الجسد الواحد.. مسيح واحد.. قانون إيمان واحد.. فلماذا هذا التشتت؟.. تذكرت قصة عندما كنت طالبًا في المرحلة الإعدادية:
تقول القصة أن شخصًا مات فأخذه ملاك لكي يعطيه فكرة شاملة عن الملكوت وجهنم, فأخذه أولاً إلى جهنم, وعند البوابة سأله الشخص هل يوجد هنا في جهنم أرثوذكس؟.. فرد عليه الملاك بالملايين.. سأله الشخص مرة ثانية هل يوجد في جهنم كاثوليك أيضًا..؟ فأجابه الملاك.. نعم بعدد الأرثوذكس.. إندهش الشخص وصرخ وقال للملاك ياللأسف الشديد أنني لم أكن إنجيليًا.. فلو كنت إنجيليًا لكان نصيبي الملكوت!! لكن رد عليه الملاك بل يوجد أيضًا ملايين من الإنجيليين في آتون النار مثلهم مثل من كانت ملتهم الأرثوذكسية أو الكاثوليكية. ثم أخذه الملاك عند باب الملكوت وسأله الشخص نفس الأسئلة السابقة.. فكان رد الملاك لـه ولا واحد من الأرثوذكس أو من الكاثوليك أو الإنجيليين موجود في الملكوت!! اندهش هذا الشخص فسأل الملاك.. إذًا من هو الذي له النصيب في ملكوت الله؟؟ أجاب الملاك أن كل من آمن بعمل الآب السماوي والذي أتمه في الإبن الرب يسوع المسيح وأتخذ من روحه القدوس الشفيع والمعين في حياته هو الذي لـه النصيب الصالح أن يجلس في حضرة الله في ملكوته الأبدي!!
لذلك أناشد جميع أبناء الله أن يتجمعوا في هدف واحد, ألا وهو التركيز بجدية من الآن إلى أهمية اقتحام العمل السياسي, وتشجيع كل من له الموهبة الجدية في ممارسة العمل السياسي بجميع أنواعه، التراشق بين النيران الصديقة عليها أن تتوقف وأن يوجهوا نيرانهم ضد عمل الإبليس، أول خطوة إيجابية أن نقتنع وأن نقنع أبنائنا أن صندوق الإنتخابات مهم جدًا بالنسبة لنا، ثانيًا علينا أن لا نعتمد على كوتة معينة تحددها الحكومة ولا حتى نطالب بها لأننا لسنا أقلية بالمعنى الحرفي بل نحن لنا شأن كبير في بلدنا وعلينا أن لا نستهين بتعدادنا.. كفى أننا نستطيع بالعمل الجاد أن يصير عددنا في جميع المجالات السياسية حوالي 35 %، وهذا عدد ضخم.. على الأقل يكون مصدر قلق في جميع هذه المؤسسات. الأيام الآتية خطيرة وإن لم نثبت أنفسنا من هذه اللحظة سوف يستمر الحال بنا في هذا الموال (صريخ, وصوات, والإدعاء بالظلم, وإلحقنا يا سيدنا البابا) علينا أن لا نُقحم الكنيسة في مشاكلنا, بل هو العكس الصحيح, نحن كشعب كنيسة الرب نحافظ ونأتي بحقوقها.
وكم كان فرحي عندما وجدت إقبال وترحيب من أقباط المهجر في إستعدادهم بإضافة هذا العمل على أعمالهم والتي لا ننكرها في سبيل إخوتهم بداخل مصر، نحن نريد خلق أو تصنيع نواب من الشباب المُدرك والواعي لكي يتحمل هذه المسئولية، لكن على شعب الكنيسة في الداخل والخارج أن يتبنوا هؤلاء بطريقة علمية وبطريقة منظمة, وعلى كل من يريد أن يتقدم لهذا العمل أن يخلي نفسه كما فعل رب المجد، عليه أن ينحني ويبدأ في غسل أرجل إخوته ليس فقط في الإيمان أو الطائفة بل أيضًا مع أخيه في أرض الوطن.
سوف نفشل.. لكننا سنحاول مرة ومرات.. حتى نصل إلى قوة صلدة.. فالفشل يقوي ويعلم ويجعلنا نكتسب الخبرات في هذا المجال..
كتبت هذا المقال بعد ما وجدت كما نوهت سابقًا, التشجيع من الأستاذ عزيز المصري والأخ الدكتور إيهاب الخولي وقبطي من كاليفورنيا من خلال تعليقاتهم البناءة في الحوار الذي قام به الأستاذ نبيل أسعد مع الأستاذ منير بشاي بتاريخ 13/6/2009 في موقعنا المحترم الأقباط متحدون.. وقد اعتبرت استجابتهم هي الأولى من إخوتنا أقباط المهجر بعد ما تكلمت عن هذا الموضوع الكثير والكثير في مواضيع سابقة.. أقدم جزيل شكري لهم وأترك هذا الموضوع لمن لهم الخبرة والحنكة في هذا المجال, لكنني ما زلت أزداد شرفًا بالعمل معهم أو مع الذين لديهم الآليات في هذا العمل.
الوقت لا يتحمل أكثر من هذا وعلينا أن نضع في حسابنا عدد مرات فشلنا والصعوبات التي سوف نواجهها، لكن حُكم علينا أن نخوض هذه التجارب من أجل أبنائنا القادمين ومن أجل رفع إسم الرب عاليًا!!
شكرًا لإيهاب الخولي ولعزيز المصري وقبطي من كاليفورنيـا!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٤٣ تعليق