الأقباط متحدون | الأقباط صناع سلام (5) المواقف النبيلة (2)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٤:٣٦ | السبت ١٦ اكتوبر ٢٠١٠ | ٦ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٧٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الأقباط صناع سلام (5) المواقف النبيلة (2)

السبت ١٦ اكتوبر ٢٠١٠ - ٣٧: ١٠ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم :القس لوقا راضي
نتابع معًا سلسلة الأقباط صناع سلام. ونستعرض معًا المواقف النبيلة. لكن كنت أتابع التعليقات التى تُكتب على المواقع المختلفة، والتى وصلتنى على بريدى الإلكترونى، فاخترت منها للمشاركة معًا التعلقات الآتية: أحدهم لشخص يُدعى "الادهم"، وهو يقول إنه مسلم الديانة. والثانى لشخص يُدعى "صموئيل"، وهو "مسيحى"، والثالث لـ"فيبى".. وإليكم التعليقات:

الأول "الأدهم:
دور الأقباط كان ومازال مؤثرًا في "مصر"، ندعوا الله أن نحيا في سلام. شكرًا للقس "لوقا" علي مقاله الرائع، ولكن لي رجاء أن تصلي من اجل هذا البلد، وأن تصلي من أجل أن يعم السلام والاستقرار في "مصر"، وأن يعيش قطبي هذا القطر في وئام ومحبة ليردوا بذالك كيد أعداء الوطن الذين يبغون الفتنة. أنا مسلم ولي أصدقاء مسيحيين أخشي أن أخسرهم بسبب أن تتطور حالة الغليان... والله المستعان.

الثانى "صموئيل":
الأقباط هم أكثر الناس ميلاً وصنعًا للسلام، واكثرهم حبًا وإنتماءًا ووطنية وولاءًا لـ"مصر".. بلدهم وبلد أجدادهم . وقد ظن البعض إن سلامية الأقباط تعني الضعف والجبن.. بينما هي فى الحقيقة قوة وشجاعة في مواجهة دعاة الخراب والهدم، بمحبتهم الفائقة للعمران والبناء. وحينما يصنعون السلام إنما ينفذون وصية معلمهم الصالح القائل لهم: طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون. تعليق تحت اسم "صموئيل بولس".

الثالث "فيبى":
محتاجين بجد إننا نبحث فى ما مضى من مواقف تشهد إننا صنّاع سلام لنضعها سند حقيقى يقر به الآخر ويقدّره.

وبقدر ما تابعت التعليقات الباقية. والتى كانت لى حافزًا للاستمرار فى البحث داخل كتب التاريخ المختلفة عن المواقف التى تبنى فيها الأقباط خيار السلام .فأخذت أقرأ الكتب بنهم وشغف كبير .. باحثًا عن المواقف التى تدعم اتجاهات السلام.. ولم تكن لى مفاجأة أن أجد من الشخصيات الكثير جدًا الذين اتخذوا مواقف سلمية.. فقلت لنفسى: ولما لا يفعلون ذلك والوصية تقول لهم طوبى لصانعى السلام؟ فاخترت فى هذه الحلقة أربع شخصيات هم كالاتى:1- "إريانا والى أنصنا 2- القديسة "فيرينا" 3- البابا "بطرس" (البابا الـ17) 4- الأنبا "أبوللو" أسقف طيبة.. وهم نماذج مختلفة لصناعة السلام سواء تمت معهم أو تمت بواستطهم.

القديس "إريانا": نلاحظ تحوُّل فى حياة هذا الرجل من مضطهد ومفتري على أبناء الله إلى مؤمن مضطهد معهم. التصق اسم "إريانا" بـ"دقلديانوس" الإمبراطور الرومانى مضطهد المسيحيين، فإن كان الأخير قد عُرف بشراسته في اضطهاد المسيحيين، فإن والي "أنصنا" بصعيد مصر (بجوار ملوي) في عصر دقلديانوس، قد عُرف بتفننه في تعذيب المسيحيين، لا على مستوى صعيد "مصر" وإنما امتدت شهرته إلى خارج "مصر"، فكان الولاة يرسلون إليه من يرغبون في تعذيبه.
ذُكر اسم "إريانا" كوالي قاسي، في إحدى المرات إذ كان يستعذب عمليات التعذيب صوب سهمه ضد "فليمون" زمار أنصنا الشهير الذي قبل الإيمان المسيحي وتحوَّل عن وثنيته إلى الشهادة للحق/ فارتد السهم على "إريانا" فأصاب عينه، فكان يصرخ مجدفًا على الله. في هدوء سأله "فليمون" أن يذهب إلى قبره بعد استشهاده ويضع من التراب على عينيه ويدلكها به باسم السيد المسيح. وبالفعل إذ قطع "إريانا" رأس "فليمون" اشتد به الألم جدًا، فتسلل في الفجر إلى المقبرة وتمّم ما قاله له "فليمون" فانفتحت عينه. دخل "إريانا" مدينة "أنصنا"، وبجرأة فتح السجون لينطلق المعترفون منها، وكان يشهد لمسيحهم...

وكان الإمبراطور في ذلك الوقت يزور "الإسكندرية"، فسمع بما فعله "إريانا" ولم يصدِّق الخبر، فأرسل أربعة رجال من الحرس يتحققون الخبر ويأتون به إليه. دفع "إريانا" للحرس ذهبًا ليسمحوا له بزيارة مقبرة القديس "فليمون"، وهناك سمع صوتًا يصدر عن رفاته يشجعه على الاستشهاد، فانطلق مع الحرس مملوءًا بنشوة الفرح السماوي. إلتقى بالإمبراطور "دقلديانوس"، وأعلن أمامه رفضه لعبادة الإله "أبولو"، فما كان من "دقلديانوس" إلا أن أصدر أمره بحفر بئر يلقونه فيها ويردمون عليه، وكان الجند يرقصون حول البئر، قائلين: لنر إن كان مسيحه يأتي ويخلصه!.. لم يصدق "دقلديانوس" ما يجري حوله، كيف يتحول "إريانا" إلى الإيمان المسيحي؛ وفيما هو مرتبك نفسيًا إذا به يرى "إريانا" أمامه في حجرة نومه فخاف جدًا، إذ ظنه جاء ينتقم منه. وإذ وجده هادئًا سلمه للجند الذين لما رأوه وأمسكوا به وتحققوا من شخصه بعد الردم عليه آمنوا بمسيحه، خاصة إنهم رأوا "إريانا" يتعجل الإمبراطور أن يسرع ويقتله لكي ينطلق إلى السماء.
طُرح "إريانا" والجند الحراس الأربعة في البحر عند طرف جزيرة "لوقيوس"، لكن أجسادهم طفت عند شاطئ "إيلوزيس"، حيث حملها بعض خدام "إريانا" واهتموا بدفنها، وكان ذلك حوالي عام 305 م، وقد ظهرت منها آيات كثيرة.

القديسة فيرينا
القديسة "فيرينا" مثال لصناعة السلام بالسلوك والقدوة، ومن سيرتها نرى تأثيرها فى أماكن بعيدة عن "مصر" كـ"سويسرا" وكيف أثَّرت فيهم وفى حياتهم. كانت تصحب الكتيبة الطيبية بعض العذارى من القبطيات اللواتى يُعدّن الطعام ويقمن برعاية الجرحى وغير ذلك من الأعمال، وكانت من بينهن القديسة "فيرينا" التي نشأت في مدينة "جراجوس" بالقرب من مدينة "طيبة" (الأقصر). ويعنى اسم "فرينا" باللغة القبطية الثمرة أو البذرة الطيبة، ولما قتل أفراد الكتيبة الطيبية كلهم لم تغادر المكان راجعة إلى "مصر"، وإنما مكثت تهد إلى الرب يسوع في مكانها، فعلمت الشعب الوثنى المسيحية، وقامت بتعليمهم أسس العلاج من الأمراض باستعمال بعض الأعشاب الطبية، علمتهم النظافة الجسدية بالاغتسال بالماء، وكانت تزور مدافن شهداء الكتيبة الطيبية، ويعتقد الكثيرون أن القديسة "فيرينا" هي ابنه عم القديس "موريس" قائد الكتيبة الطيبية، وقد أعتبر كثيرون من المؤرخين إنها أم الراهبات في أوروبا. وحدث أن اكتشف أحد الحكام الرومان أمرها فأمر بسجنها، ولكنها بعد مدة خرجت من السجن وعادت لما كانت تفعله قبل سجنها مع زميلاتها العذارى، وكانت تسكن معهم أحد كهوف الجبال التي تنتشر في "سويسرا"، وتنيحت القديسة "فيرينا" في سنة 344 م وبنيت فوق جسدها كنيسة في مدينة "تمبورتاخ" بـ"سويسرا"، وعند منتصف الجسر المقام على نهر "الراين" بين "سويسرا" و"ألمانيا" يوجد لها تمثال وهى تحمل جرة بها ماء، ويبلغ عدد الكنائس التي تحمل اسمها في "سويسرا" وحدها (70) كنيسة وفى "ألمانيا" (30) كنيسة... وكنا لا نعرف نحن المصريون المسيحيون أن مصرية قبطية عاشت في وسط أوروبا، وجسدها مدفون في إحدى كنائسها – يرسمون صورتها وفي يدها أبريق ماء وفي الأخرى”المشط “ الذي تستخدمه المصريات منذ العصر الفرعوني، يرسمونها على هذا النحو تخليدًا للدور الذي قامت به هذه المصرية في العناية بالمرضى في هذه المناطق – وفي تعليم أهلها النظافة، منذ أكثر من خمسة عشر قرنًا، لكن نشكر الله على انتشار سيرتها بيننا الآن. ما تزال القديسة "فيرينا" تنال كل الاحترام والتقدير في جميع أنحاء "سويسرا"،عيدها أول ديسمبر ..

البابا "بطرس" البابا الـ17
فى حياة هذا الأب البطريرك مثال حى لصنع السلام الذى من خلاله حمى أولاده من بطش الرومان. هو ثمرة صلوات أمه "صوفيا" زوجة الكاهن الإسكندري "ثيؤدوسيوس"، إذ طلبت من الله في عيد الرسل أن يهبها ثمرًا، وفي الليل ظهر لها شخصان يلبسان ثيابًا بيضاء يعلنان قبول الله طلبتها، وبالفعل وُلد "بطرس" في عيد الرسل التالي. بعد ثلاث سنوات قدماه الوالدان للبابا "ثاؤنا"، وتدرّج فى الرتب الكنسية حتى سيم كاهنًا.. إذ كان البابا "ثأونا" في مرض الموت، رأى السيد المسيح يطمئنه على الخدمة، قائلاً له: "أيها البستاني للحديقة الروحية، لا تخف على البستان ولا تقلق، سلمه إلى "بطرس" الكاهن يرويه، وتعالْ أنت لتستريح مع آبائك". فأخبر البابا تلميذه الذي بكي لشعوره بعظم المسئولية، وسيم على الكرسى المرقسى. ورعى الرعية بخوف.

استشهاده:
أُلقيّ القبض عليه وأودع في السجن إما لظهور أول مؤلفاته ضد الوثنية، التي اعتبرها الإمبراطور تحديًا شخصيًا له، وإما بسبب شكوى قدّمها "سقراطيس"- أحد أشراف إنطاكية إلى الإمبراطور. "سقراط" هذا كان صديقًا للشهيد "أبادير"، أنكرالأول الإيمان إرضاءً لـ"دقلديانوس"، فسألته زوجته التقية أن يسافر معها إلى "الإسكندرية" لتعميد ابنيهما هناك فرفض خشية غضب الإمبراطور عليه. سافرت الزوجة ومعها الابنان وغلامان، وفي الطريق إذ هبّت عاصفة شديدة خشيت أن يموت الولدان بلا عماد، فبسطت السيدة يديها وحوّلت وجهها نحو الشرق وصلت، ثم جرحت ثديها اليمين ورشمت جبهتيهما بدمها وغطستهما في الماء، وهى تقول: "أعمدك باسم الآب والإبن والروح القدس". وإذ هدأت الريح وبلغت "الإسكندرية" قدّمت الابنين للبابا "بطرس"، فكان كلما أراد أن يغطسهما تتجمد مياه المعمودية. وإذ روت السيدة له ما حدث اكتفي البابا بالصلاة على الولدين ورشمهما بالميرون. اشتكى "سقراط" امرأته أمام الإمبراطور فاستدعاها وأمر أن تُربط من خلفها ويوضع الولدان على بطنها ويُحرق الثلاثة بالنار. بعد ذلك أمر الإمبراطور بالقبض على البابا الذي عمّد الولدان. وقد سجن عام 311م..

إذ علم شعب الإسكندرية بسجن باباهم المحبوب، تجمهر الكل حول السجن يريدون إنقاذه دون استخدام أية وسيلة عنيفة بشرية، مشتاقين أن يوقفوا قتله ولو تعرض الكل للموت.. اضطر القائد أن يؤجل تنفيذ الحكم يومًا خشية حدوث ثورة. وإذ حلّ الليل لم ينصرف الجمهور فارتبك القائد. أدرك البابا أن احتكاكًا لا بد أن يحدث في الصباح بسببه، وإذ لم يرد أن يُصب أحد من شعبه بسوءٍ، استدعى أحد الأراخنة الموثوق فيهم ليبلغ الوالي أن يدبر إرسال البعض إلى السجن من جهة الجنوب عند أسفل الحائط وسوف يقرع البابا لهم من الداخل فينقبوا الحائط ويخرج إليهم لينفذوا فيه الأوامر الصادرة إليهم. وبالفعل تم ذلك، وخرج البابا سرًا، وهو يقول: "خير لي أن أسلم نفسي فدية عن شعبي ولا يُمس أحد منهم بسوء . فاستشهد فى 29 هاتور عام 311م ..

الأنبا "أبوللو" أسقف "طيبة":
وُلد فى النصف الأول من القرن الرابع الميلادى فى الصعيد الأعلى، وكان أسقفًا لـ"طيبة" (الأقصر حاليًا)، وكان مشهودًا له ببشاشته وحبه للسلام، وروى عنه الكثير من الفضائل منها.. إذ تشاجرت قريتان معًا على الحقول فيما بينهم، أسرع الطوباوي ليلقي بذار السلام فيما بينهم، فكان أحد الفريقين لا يريد أن يصغى إلى كلمات السلام؛ إذ كانوا يحتمون في رئيس عصابة للصوص. فجاء رئيس العصابة إلى الأسقف "أبوللو" وكان محتدًا فى كلامه. فلاطفه القديس بكلام النعمة الخارج من فمه وكسبه، وانتهى النزاع بين الفريقين..

ومن العجيب أن هذا الرجل- رئيس العصابة- صار تابعًا للأنبا "أبوللو".

وايضا الآتى: حدث نزاع بين جماعة من الوثنيين والمسيحيين على أراضى زراعية، فجاء الطوباوي الأنبا "أبوللو" ليصنع سلامًا. لكن رئيس الوثنيين كان متعجرفًا، فقال للقديس: لن يكون بيننا سلام حتى الموت.. قال له الطوباوي: "ليكن الأمركقولك، لن يموت أحد من الفريقين غيرك. ولن تكون الأرض قبرًا لك .وفى ثانى يوم مات الرجل وأكلت النسور جثته، وحل السلام بين الأطراف جميعها.

هذا ولا يزال لدينا العديد من المواقف التى سنتناولها تباعًا. وها أنا أطلب إلى القراء الأعزاء إرسال المواقف التاريخية أو الحياتية لتدعيم تلك السلسة عن الأقباط كصناع سلام..




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :