الأقباط متحدون - تركيا والقدس
  • ١٣:٣٠
  • الجمعة , ١٥ ديسمبر ٢٠١٧
English version

تركيا والقدس

مقالات مختارة | بقلم د. عماد جاد

١٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الجمعة ١٥ ديسمبر ٢٠١٧

 د. عماد جاد
د. عماد جاد

استضافت مدينة إسطنبول التركية القمة الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامى والمخصصة للتصدى لقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، وقراره بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، استغل «أردوغان» الموقف وارتدى الكوفية الفلسطينية، وصال وجال فى الهجوم على إسرائيل وانتقاد قرار الرئيس الأمريكى، والحقيقة أن «أردوغان» حاول ركوب الموجة وأن يبدو فى نظر الرأى العام فى العالمين العربى والإسلامى البطل المغوار الذى سوف يحرر مدينة القدس، لم يقدم نفسه باعتباره صلاح الدين؛ لأن الرجل كان كردياً و«أردوغان» يقتل يومياً فى الأكراد الأتراك الذين يقطنون جنوب شرقى البلاد، كما أن قواته تخرج لتضرب أكراد العراق وسوريا، ومن ثم فهو معروف بعدائه الشديد للأكراد لاعتبارات قومية تركية.

فى نفس الوقت كانت تركيا ولا تزال ثانى دولة إسلامية فى العالم بعد إيران تعترف بإسرائيل وتقيم معها علاقات دبلوماسية كاملة، بل ووقعت معها اتفاقات للتعاون العسكرى والتكنولوجى، ومنحت تل أبيب الحق فى استخدام المجال الجوى التركى للتدريب ولمراقبة سوريا والعراق. انضمت تركيا فى منتصف خمسينات القرن الماضى لحلف بغداد، الذى كان هدفه الرئيسى ضرب الظاهرة الناصرية التى أخذت تبرز لإحياء القومية العربية، ثم انضمت تركيا إلى حلف شمالى الأطلنطى وأقام الأمريكان على أراضيها قاعدة عسكرية للحلف (قاعدة أنجرليك) بهدف حجز تمدد النفوذ السوفيتى باتجاه الجنوب أو منع موسكو من دخول المياه الدافئة.

سعت تركيا بكل قوة لاستغلال ما سمى بالربيع العربى والفوضى الأمريكية التى وصفت بالخلاقة من أجل تدمير الهوية الوطنية لعدد من الدول العربية مثل مصر والعراق وسوريا، تبنت جماعة الإخوان ودعمتها وتسلمت من «مرسى» وجماعته أدق أسرار الدولة المصرية ومنها أخذت طريقها إلى تل أبيب.

هذا الرجل الذى وضع الكوفية الفلسطينية وهتف من أجل القدس ما هو إلا تركى متعصب لقوميته، يسعى لركوب موجة أى حدث من أجل أن يبدو بطلاً فى عيون شعبه، وعيون الرأى العام فى العالمين العربى والإسلامى، ويجد فى القضية الفلسطينية وقضية القدس ضالته المنشودة. فى نفس الوقت لديه علاقات متطورة مع إسرائيل، ولديه عشرات الاتفاقات الخاصة بالتعاون العسكرى مع الدولة العبرية، لم يتخذ قراراً بقطع العلاقات ولا دعم الشعب الفلسطينى سوى بالحنجرة، لكنه يبذل كل جهد ممكن لتدمير هوية الدول العربية الرئيسية كمصر وسوريا والعراق، وفى الوقت الذى يعلو صوته دفاعاً عن القدس، يواصل مؤامراته على الدول العربية، ويكفى أن نشير إلى تفاخره بتوجيه الدواعش الذين دُحروا فى سوريا والعراق إلى شبه جزيرة سيناء فى مصر من أجل مواصلة أعمالهم الإرهابية ضد الجيش المصرى وضد المصريين ككل.

هذا الرجل ظاهرة صوتية مثله مثل كثير من الأشاوس، يتحدث كثيراً ولا يفعل، يستغل كل فرصة متاحة لاستعادة الخلافة ولو على جثث العرب وعلى تمزيق الهوية العربية، وهو اليوم يزايد على العرب فى قضية القدس والقضية الفلسطينية ولكنه لن يحرك ساكناً ولم يقدم على فعل إيجابى، فهو بالفعل ظاهرة صوتية، مزق أوطاناً عربية وقدم خدمات جليلة لإسرائيل والغرب عامة، ومن ثم لا بد أن يبنى العرب استراتيجيتهم لحماية أوطانهم واسترداد الأراضى الفلسطينية المحتلة وفق رؤية تضامنية نابعة من حسابات عربية دقيقة.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع