الأقباط متحدون - مرصد أيام الرئيس ترامب في الحكم (13)
  • ٢١:٠٥
  • الثلاثاء , ٢٨ مارس ٢٠١٧
English version

مرصد أيام الرئيس ترامب في الحكم (13)

مقالات مختارة | جهاد عودة

٢٥: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢٨ مارس ٢٠١٧

جهاد عودة
جهاد عودة

كشفت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن خطط لتعزيز نفقات الدفاع العسكري بواقع 54 مليار دولار، مقابل تقليص تمويل المساعدات الأجنبية بدرجة كبيرة. وستسلم الحكومة الفيدرالية خطة الميزانية التي أعدتها إلى الكونغرس، لمناقشتها وتواجه وزارة الخارجية، التي تضطلع بالإشراف على جميع الشؤون الخارجية بما فيها المساعدات الأجنبية، خفضا في ميزانيتها بنحو 28 في المئة ولكن وزارة الخارجية اوضحت لاحقا ان المساعدات الامريكية لاسرائيل لن تتأثر بالتقليصات المقترحة كذلك تواجه وكالة حماية البيئة الأمريكية تقليصا في تمويل البرامج التي لا تجد قبولا لدى الرئيس دونالد ترامب، من بينها برامج التغير المناخي ومصادر الطاقة المتجددة.

وتشمل خطط التقليص عددا من المبادرات المتعلقة بالتزام الولايات المتحدة باتفاق باريس بشأن المناخ.  ومن المتوقع أن يصل تقليص ميزانية وكالة حماية البيئة إلى 31 في المئة، وفق ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز وستُعوض الزيادة المقررة في الإنفاق العسكري من خلال اقتطاعات كبيرة في أماكن أخرى، وفق ما نمى إلى علم بي بي سي.  وستزيد ميزانية وزارة الدفاع بواقع 10 في المئة، فيما ستحصل وزارة الأمن الداخلي على زيادة قدرها ستة في المئة. وتشمل الميزانية طلبا بقيمة 1.5 مليار دولار، مخصصا لمشاريع تجريبية لتحديد طرق التشييد والمواقع المناسبة لبناء الجدار الذي وعد به ترامب بين الولايات المتحدة والمكسيك.

ويسعى البيت الأبيض إلى تخفيض ميزانية إحدى إدارات وزارة الطاقة، بنسبة 30 في المئة، وهي الإدارة التي تروّج لتعزيز كفاءة الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة. ويُتوقع أن تواجه وزارة الطاقة تقليصا حادّا في تمويل معاملها الوطنية، البالغة 17 معملا، والمعنية بإجراء دراسات في مجالات عدة مثل الطاقة النووية والمواد المتطورة لتوليد الطاقة وتخزينها واستخدامها. كما ستوقف الإدارة الأمريكية تماما تمويل هيئة البث العام (سي بي بي)، وهي الجهة التي تحصل على أكبر نسبة من تمويل البث العام في الولايات المتحدة. وستُقلص الميزانية، المعروفة بـ “الميزانية الهزيلة”، إلى واحد تريليون دولار من الميزانية الفيدرالية السنوية، البالغة أربعة تريليونات دولار، التي تُدفع للوكالات والوزارات الأمريكية. ولن يُكشف عمّا تبقى من ميزانية ترامب قبل شهر مايو/آيار، وتشمل مقترحات تتعلق بالضرائب، وبرامج الإنفاق الإلزامي، والعجز المالي، والتقديرات الاقتصادية.

قلت وسائل الاعلام عن البيت الأبيض، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستقترح ميزانية للعام 2018، والتي تقضي بزيادة حوالي 10% في نفقات البنتاغون. وستخفض الميزانية جزءا كبيرا من أموال وزارة الخارجية يصل إلى 28%. علما أن الميزانية الحالية للوزارة تبلغ حوالي 50 مليار دولار.  وهذه الميزانية ستقلص تكاليف الإنفاق على المساعدات الدولية، وحماية البيئة والبرامج الاجتماعية. إضافة إلى خفض في موارد معظم الوزارات والوكالات الفدرالية الأخرى.  بالمقابل فإن الميزانية ستزيد نفقات الدفاع بشكل كبير يبلغ 54 مليار دولار. منها 52 مليارا ستذهب إلى وزارة الدفاع الأمريكية، والباقي سينفق على برامج الدفاع في الوزارات الأخرى.  واقترح جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، أن يخصص مبلغ 640 مليار دولار سنويا من أجل زيادة التسلح والدفاع. وتشمل خطة الميزانية التوسع في مكافحة الإرهاب، وبناء سفن جديدة للبحرية والحصول على طائرات إضافية من طراز إف 35. أما الميزانية المتوقعة للإنفاق على الأمن الداخلي للبلاد فترتفع بنسبة 7% تقريبا على أن يخصص 1.5 مليار دولار هذا العام لتشييد الجدار الفاصل على الحدود مع المكسيك، الذي وعد ترامب ببنائه، و2.6 مليار دولار في السنة المالية القادمة. ومن المقرر إنفاق 12 مليار دولار لحالات الطوارئ في الخارج، بما في ذلك المتعلقة بالعمليات العسكرية في أفغانستان والعراق وسوريا. أما بشأن ميزانية وزارة حماية البيئة فمن المقرر تقليصها بنسبة 31%، أو 2.6 مليار دولار. فضلا عن تسريح أكثر من 3 ملايين موظف، أي 19% من العاملين. وكذلك خفض ميزانية وزارة الزراعة الأمريكية بنسبة 21%. وميزانية وكالة الفضاء “ناسا” بنسبة أقل من 1% إلى 19 مليار دولار.

وفيما اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حديث بثته Fox News أنه سوف يتعذر اندماج المسلمين في الحضارة الغربية، مذكّرا بما تشهده أوروبا، رغم حب الكثير من المسلمين للولايات المتحدة. مضيفا أن “ما تشهده ألمانيا والسويد وبروكسل وغيرها من بقاع العالم، يشير إلى تعذر هذه العملية”، أي اندماج المسلمين في المجتمعات الغربية، مشددا على “نيته التعاطي بأكبر قدر من الجدية مع هذه القضية”. فقد أعقب تصريح ترامب حول اندماج المسلمين في الغرب، صدور قرار عن المحكمة الفدرالية في هاواي، قضى بحظر العمل بمرسوم الرئيس الأمريكي للهجرة بصيغته المعدلة. ووصف ترامب قرار المحكمة المذكور بـ”الخبر السيء والمحزن”، وأكد خلال تجمع حاشد لأنصاره في ناشفيل، أن مرسومه المعدل والذي كان من المنتظر دخوله حيز التنفيذ 16 مارس -3-2017، “نسخة مخففة” عن المرسوم بصيغته الأولى، وقال: “أرى أنه يتوجب علينا العودة إلى الوراء والمضي قدما في طريقنا حتى النهاية، وهو ما كنت أريده منذ البداية.”  وقد اعتبرت وزارة العدل الأمريكية من جهتها، الحكم “معيبا”، وجددت التأكيد على أن الرئيس الأمريكي “يتمتع بصلاحيات واسعة على صعيد الأمن القومي”، مشيرة إلى أنها “ستستمر وعبر قنوات القضاء المختص في الدفاع عن شرعية مرسوم الرئيس للهجرة”. يذكر أنه سبق لدونالد ترامب وعلق مؤخرا دخول اللاجئين عامة إلى الولايات المتحدة لأربعة أشهر، وحظر حتى أجل غير مسمى دخول اللاجئين السوريين إلى بلاده، كما علق منح التأشيرة الأمريكية لمواطني سبعة بلدان بذريعة حماية الأمريكيين من الهجمات الإرهابية. “اُنظروا إلى ما حدث الليلة الماضية في السويد، من يصدق ما جرى”، كلام لترامب ردت صحيفة واشنطن بوست عليه بالقول: “كان هذا تعليقا غريبا جدا، لأنّ شيئاً لم يحدث في السويد في الليلة الماضية، وقد رد عليه السويديون بمن فيهم رئيس الحكومة كارل بلدت”. الصورة التقطت في مدينة ماينز بألمانيا لقناع كرنفالي يمثل ترامب بأنف بينوكيو الكذاب. ” الإعلام غير الشريف، ما برح ينشر قصصا كاذبة، دون الاعتماد على مصدر، هم يلفقونها في الغالب”، قال الرئيس ترامب هذا في جولته بولاية فلوريدا في (18 شباط/ فبراير 2017) ، فردت عليه صحيفة “ذا واشنطن بوست” أنّ منافذ الإعلام الدولية جميعها لا تنشر أي قصة دون مصدر، ولا تلفق قصصا كما ادعى ترامب”. ومكتوب على الجدارية: “أرض اِكذب اِكذب”، وبجانبها رسم يظهر فيه ترامب وهو يراقص رئيسة الوزراء البريطانية. “إنهم يعودون (إلى أمريكا) كما لم يحدث من قبل، فورد، جنرال موتورز، فيات كرايسلر، ومعهم تعود ملايين فرص العمل”. ردت صحيفة “ذا واشنطن بوست” على عبارة ترامب هذه بنقل ما قاله رئيس مصنع فورد في المكسيك: “السبب الحقيقي لعدم بنائنا مصنع في المكسيك هو تناقص الطلب على السيارات الصغيرة”. “سمحنا لآلاف الناس بدخول بلدنا، ولم يكن ثمة سبيل للتأكد من هوياتهم وشخصياتهم”. ردت الواشنطن بوست بشدة على عبارة ترامب الآنفة الذكر بالقول: “هذا غير حقيقي، لأنّ التأكد من هويات وشخصيات اللاجئين يستغرق نحو سنتين ويشمل ذلك تحقيقات إف بي آي، وقسم الأمن الوطني”. الصورة ساخرة في كرنفال مدينة دوسلدورف بألمانيا لرأس قرصان على شكل ترامب مكتوب على قبعته: “اِجعلوا الفاشية عظيمة مرة أخرى”.  “خفضنا مئات ملايين الدولارات من قيمة طائرة كان سيجري إنتاجها”. وقد ردت واشنطن بوست على هذا بالقول: “يشير ترامب إلى مشروت المقاتلة F-35 ، وهو يحاول أن ينسب لنفسه أمراً سبق مناقشته وحسمه بتخفيض عرض شركة “لوكهيد” بقيمة 600 مليون دولار قبل أن يلتقي ترامب بمدير الشركة التنفيذي. “لا علاقة لي بروسيا، لم أتكلم هاتفيا مع روسيا منذ سنوات، ولا أكلم أناسا من روسيا “. ردت صحيفة وول ستريت جورنال على هذه الجملة التي قالها ترامب بالإشارة الى أنّه كان قد التقى بالسفير الروسي في الولايات المتحدة قبل دقائق من إطلاقه هذه العبارة في 11 كانون الثاني/ يناير 2017. ثم تسربت أخبار عن تفاصيل العلاقة، وهو ما تسبب في استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين.

ناقش رؤساء أركان جيوش تركيا والولايات المتحدة وروسيا، الثلاثاء 7 مارس 2017، في تركيا، وسائل تحسين تنسيق الأنشطة في سوريا لتفادي مواجهات بين القوى المتخاصمة التي تدعمها بلدانهم في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وضمَّ الاجتماع الذي يتواصل حتى الأربعاء رئيسَ أركان الجيش الأميركي جوزف دانفورد، إلى جانب نظيريه الروسي فاليري غيراسيموف والتركي خلوصي آكار، وهو الأول من نوعه على ما يبدو.  وتأتي محادثاتهم في مدينة أنطاليا الجنوبية، في وقت يحرز فيه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تقدماً في دفع تنظيم الدولة الإسلامية إلى الخروج من سوريا، حيث تكثف أنقرة جهودها في محاربة الجهاديين. ورغم دعمها لقوى متباينة في النزاع السوري، إلا أن الدول الثلاث تتفق على محاربة تنظيم داعش، فيما لا يزال التوتر العسكري قائماً نتيجة معارضة تركيا لمشاركة المقاتلين الأكراد السوريين في القتال ضده. وكانت أنقرة أعلنت أن مدينة منبج التي تسيطر عليها حالياً قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة التي يشكل المقاتلون الأكراد أكبر مجموعة فيها، هي هدفها المقبل في حملتها العسكرية عبر الحدود السورية. في غضون ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة في أنقرة “نحن الآن نجري محادثات ونقول إذا وضعتم جانباً تلك الجماعات الإرهابية، فسيكون بإمكاننا تنظيف منبج معاً، كما أن بوسعنا تنظيف الرقة معاً”، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وسيطرت قوات سوريا الديمقراطية، المؤلفة من تحالف فصائل عربية وكردية، على منبج منذ أن نجحت العام الماضي في طرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية منها، إلا أنها اشتبكت مؤخراً مع فصائل مقاتلة تدعمها تركيا.  وأفاد الجيش التركي في بيانٍ “يجري بحث قضايا مشتركة تتصل بالأمن الإقليمي، وخصوصاً سوريا والعراق، خلال الاجتماع” دون إعطاء مزيد من التفاصيل. واستضافت أنطاليا في السابق عدداً من اجتماعات حلف شمال الأطلسي، إضافة إلى قمة مجموعة العشرين عام 2015. من ناحيتها، أكدت وزارة الدفاع الروسية عقد الاجتماع، مشيرة إلى أن مباحثات “حول مسائل أمنية في سوريا والعراق مدرجة” على جدول أعمالها. وصرَّح رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم أن محادثات أنطاليا تسعى إلى تحسين التعاون لتفادي “خطر صدامات غير مرغوبة” مع تدخل بلدان كثيرة في سوريا. وأضاف في كلمة ألقاها في أنقرة، أن سوريا تحتاج إلى التخلص “من المجموعات الإرهابية كافة”، بما يشمل جبهة النصرة سابقاً والفصائل الكردية السورية المقاتلة وتنظيم الدولة الإسلامية. قال يلديريم “تهدف الاجتماعات إلى بحث كيفية التنسيق بأفضل طريقة ممكنة، وتجنب تأثير كل الأطراف على عمليات الآخرين، والتسبب في تطورات مزعجة أثناء محاربة الإرهاب”. وتابع: “طبعاً تشكل العناصر الإرهابية تهديداً مشتركاً وتفسد السلام و(إمكانية) الحل السياسي في سوريا”. يأتي الاجتماع الثلاثي غداة إعلان يلديريم، 7-3-2017، أن بلاده لن تتمكن من إطلاق عملية للسيطرة على منبج في شمالي سوريا “بدون تنسيق مع روسيا والولايات المتحدة”. ويتباين تصريحه الأخير مع تهديدات أنقرة السابقة، بأنها ستضرب المقاتلين الأكراد السوريين الذين تعتبرهم “إرهابيين”، في حال لم ينسحبوا من منبج. وانتقد يلديريم، الثلاثاء، خيار بعض الحلفاء “المؤسف”، الذي وقع على فصائل كردية تتهمها السلطات التركية بالاتصال بحزب العمال الكردستاني، بصفتهم شركاء في مكافحة الجهاديين في سوريا. لكن الوضع في محيط منبج أصبح معقداً في الأيام الماضية، مع نشر عسكريين أميركيين لضمان تركيز القوات المتنافسة في المدينة ومحيطها على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، بدلا من الاقتتال فيما بينها.  أطلقت تركيا حملة عسكرية داخل سوريا في أواخر أغسطس/آب، حيث دعمت فصائل من المعارضة السورية، وتمكنت من طرد تنظيم الدولة الإسلامية من عدة بلدات تقع قرب حدودها بينها جرابلس والراعي ودابق والباب. إلا أن الحملة التركية تهدف كذلك لوقف تقدم المقاتلين الأكراد الذين تتهمهم أنقرة بأنهم امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور. كذلك أبدت تركيا رغبتها في التعاون مع حلفائها للسيطرة على مدينة الرقة، معقل التنظيم المتطرف في سوريا، إلا أنها أوضحت أنها لن تقوم بأي عملية إلى جانب المقاتلين الأكراد. كما أنها تتعاون مع روسيا في الشأن السوري، رغم مواقفهما المتناقضة حيال مصير الرئيس بشار الأسد الذي تدعمه موسكو عسكرياً وسياسياً. ميدانياً سلمت فصائل كردية وعربية من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن عدداً من القرى التي تسيطر عليها في شمال سوريا إلى قوات النظام، في خطوة مفاجئة هي الأولى من نوعها، بهدف تجنب المواجهة مع القوات التركية، وفق ما أكد متحدث باسم هذه الفصائل لوكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء. من جهة أخرى سيزور أردوغان روسيا، في 10 مارس، حيث سيشارك نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ترؤس اجتماع وزاري لبلديهما، لبحث العلاقات الثنائية وملفات إقليمية ودولية، خصوصاً سوريا، بحسب بيان أصدره مكتبه.

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا يصدق نفي مكتب التحقيقات الاتحادية “إف بي آي”، طلب الرئيس السابق باراك أوباما، بمراقبة مكالماته الهاتفية عام 2016. وادعى ترامب، في تغريدات متوالية له السبت الماضي، بأن أوباما قام بالتنصت على مكالماته الهاتفية عام 2016. ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية،، في تقرير لها أمس الأحد، عن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، لم تكشف عن هويتهم، بأن مدير مكتب”اف بي آي”، جيمس كومي، قد طلب من وزارة العدل أن تقوم بتكذيب ادعاءات الرئيس الأمريكي الحالي، وفقا لما ذكرته وكالة”الأناضول” التركية للأنباء. وأشار التقرير إلى أن كلاً من وزارتي العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي لم يردا على طلب الصحيفة، بتأكيد أو نفي الخبر، إلا أن المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة هاكابي ساندرز، ردت في لقاء لها مع شبكة “اي بي سي” الإخبارية الأمريكية، اليوم، حول ما إذا كان ترامب سيقبل بنفي مدير مكتب التحقيقات الاتحادية للأمر بالقول: “لا أعتقد أنه  سيفعل ذلك”. وتابع: “أعتقد بأنه مؤمن بشدة، بأن هذه القصة قد تم تغطيتها على نطاق واسع”، في إشارة إلى قيام وزارة الأمن الوطني الأمريكية في عهد أوباما بجمع بيانات عن مواطني البلاد عبر التجسس على هواتفهم، وهو ما تم إيقافه لاحقاً عبر قرار للكونجرس يحد من صلاحيات الأجهزة الأمنية في جمع مثل هذه المعلومات.وتابعت: “لقد كانت الإدارة السابقة لأوباما تتنصت على المواطنين الأمريكيين”.

“وكأن الأمر أشبه بجبل جليدي ضخم تجثم قمته الصغيرة على سطح الماء، يراها الناظر إليها هينّة، ويستخّف بها، بينما كامل جسده المخيف يقبع في الظلام، مستعداً ومنتظراً اقتناص ضحاياه من السُذّج”. جاء “ترامب” وإدارته رئيساً للولايات المتحدة الأميركية على عكس غالبية إن لم تكن كل التوقعات وقياسات اتجاهات الرأي العام في العالم الغربي عامة وأميركا على وجه الخصوص. من غريب أن فوزه شكّل صدمة وقتية، ومفاجأة مؤلمة لغالبية البلدان من أصدقاء الولايات المتحدة وأنصارها وحوارييها من المحتمين بها. جاء وفي يمينه وجعبته أجندة عمل سياسية لإدارته تقوم على فكرة بسيطة، تحطيم كثير من “التابوهات” السياسية والثوابت الاستخباراتية الأميركية، وبخاصة في علاقاتها ببعض الدول في الشرق الأوسط. وثمة رأي منطقي، يشي بأنها أجندة تحمل نزقاً في إطارها الخارجي، لكنها أيضاً تتضمن بداخلها منطقاً قوياً يقوم على التحلل من كثير من الالتزامات والتعهدات مع الجميع، وبخاصة الأتباع، مركّزاً فقط على مصلحة داخلية آنية، وعلى هدف واضح، يتلخص في إعادة التركيبة العالمية في صياغة جديدة تصب في النهاية في مصلحة الإدارة الأميركية. ولعل جرأة ترامب قد تمثلت بشكل قاطع في صراحته، وفي خروجه عن المألوف والعرف السياسي السائد، والتعبير جهرة بما لا يجوز علناً، وهو أمر دعا كثيرين لنعته بصفات تتنافى مع المنطق، وتأبى أن نصدّقها في مثله ممّن يمتلك ثروة كثروته الهائلة، ويدير إمبراطورية اقتصادية تنتشر في بلدان كثيرة. ويبدو أن التحليل الأولي لشخصية ترامب بشأن جموحه واندفاعه، وتنبؤ بعض المؤشرات لصعوبة استكماله لفترة رئاسته الأولى، شكّلت عامل اطمئنان للكافة، ومن السخف أن نقرأ ترامب الآن كشخصية استثنائية تستلزمها طبيعة المرحلة بنفس أدواتنا التقليدية، فالرجل لم يصل للرئاسة الأميركية بليل؛ بل بنفس الآليات والأدوات المتبّعة، كل ما هنالك أن البعض وضعوا أصابعهم في آذانهم، واستغشوا ثيابهم وكأن بهم صمماً، حتى فوجئ الأتباع والحواريون بالوصول ثم اعتلاء سدة الرئاسة الأميركية. والسخف الأشد أن نسير وراء أي تفسيرات تنتقص من قدرات ترامب (العقلية أو تصمه وإدارته بعوار سياسي أو إداري)، كمن يبحث عن تفسير ساذج لمشكلة عويصة، ويكتفي بتبريرات لا تسمن ولا تغني من جوع. يبدو أن الإدارة الأميركية قد سئمت أو ملّت من أتباعها التقليديين، ورأت أن فاتورة حمايتهم تُعدّ عبئاً اقتصادياً ينبغي التخفيف منه أو التخلّص كليّة منه، في ظل تنامي قوى عظمى في الأفق “الصين”، وهو أمر حميد على كل حال، فالالتزام بالأعباء يعني احتمالاً أكبر في الغرق بمستنقع هوى فيه سابقاً الاتحاد السوفييتي. ويبدو أيضاً أن إدارة ترامب تعي جيداً طبيعة التهديدات والمخاطر التي صنعها أسلافها من الإدارات السابقة والتي ارتدت لصدورهم، والجزم الذي يصل لحد اليقين أن ترامب أتى لقيادة مرحلة “التخلص من الأنصار والأتباع” المحسوبين على الفكر السياسي الأميركي التقليدي، ثم إعادة صياغة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، يتحمل حُكامها، وبخاصة في الخليج، كامل الفاتورة، لكن بشكل مغاير، تعتمد على التهديد برفع الوصاية والحماية، مع تفكيك كامل لكل أطراف شبكات الحماية والمساندة العسكرية والسياسية للأذناب في المنطقة (من جماعات أو كتل). لذا من السخف الذي يصل لحد الغباء أن نعتقد أن إدارة ترامب على عداء أو ستكون مع إيران، والحديث ينبغي أن يكون عن إيران، الدولة ذات التوجه السياسي، القوة النافذة بالمنطقة، التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من امتلاك سلاح نووي؛ لذلك فمن الضرورة الاستراتيجية أن تظل إيران الدولة، فزّاعة المنطقة بكاملها، ومُدخلاً قوياً للترهيب، ولا تثريب على الحكام والأنظمة السياسية أن تلجأ بدورها لحماية نفسها وتجييش الموارد والطاقات لحماية استقرارها من استنفار العداوة مع مذهب ديني “الشيعة”، فالخلط متعمّد، والأخذ والترويج له ضرورة لا مفرّ منها.

كتب نائب وزير الخارجية السابق في إدارة أوباما، أنتوني بلينكن في نيويورك تايمز، أن انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاتفاق النووي الإيراني خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أخيراَ مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وقوله إن “صفقة إيران هي أحد أسوأ الصفقات التي تم إبرامها على الإطلاق” يتماشى مع موقفه السابق الذي يعتبر هذا الاتفاق “كارثياً” و”وصمة عار”، ومن ثم فإن إلغاء هذا الاتفاق سيكون على قائمة أولوياته كرئيس. ومع ذلك، فإن اللافت للنظر بالنسبة للكاتب أن كبار المسؤولين في إدارة ترامب أكدوا  لمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، التزام الرئيس ترامب بتنفيذ الاتفاق النووي بشكل كامل، وهو الأمر الذي جرى تأكيده أيضاً لوسائل الإعلام في محاولة لاحتواء خطاب الجنرال مايكل فلين الشديد اللهجة بشأن إيران، وذلك قبل استقالته من منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي. ويرى الكاتب أن تهديد ترامب ربما يخفى وراءه ادراكاً متزايداً داخل الإدارة الجديدة أن الصفقة التي تم إبرامها مع إيران “جيدة” وتصب في مصلحة أمن الولايات المتحدة وحلفائها؛ إذ تعزز وتؤكد التزام إيران بعدم الحصول على السلاح النووي وذلك بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، كما تفرض قيوداً قوية على قدرة إيران على جمع مخزون من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، فضلاً عن أن الاتفاق النووي يشمل نظاماً للتفتيش أكثر صرامة من غيره، وعلاوة على ذلك فإن المقابل الذي تحصل عليه إيران لقاء ذلك هو من أموالها الخاصة. وبحسب آدم زوبين، الذي كان حتى وقت قريب المشرف على عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، فإن إيران استعادت حوالي 50 مليار دولار من الأموال المجمدة (وليس 150 مليار دولار كما يزعم البعض)، ويقلّ هذا المبلغ بصورة كبيرة عن احتياجات إيران التي تتجاوز 500 مليار دولار لتلبية المستحقات الاقتصادية مثل رواتب موظفي الحكومة والمعاشات والديون والاستثمار في البنية التحتية ودعم عملتها. ويحذر كاتب المقال إدارة ترامب من القيام بأي تراجع واضح عن تنفيذ الاتفاق النووي؛ حيث أن الهجوم المباشر من خلال الانسحاب الأمريكي الأحادي من الاتفاق قد يفرق بين الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين والروس والصينيين (الأطراف الشريكة في الاتفاق النووي)، ومن ثم فإن مثل هذا التصرف سيقود إلى عزلة الولايات المتحدة بدلاً من إيران. وبدلاً من ذلك، يتصور بعض المستشارين المعارضين أنه يمكن إلغاء الاتفاق النووي من خلال وسائل أخرى. ويوضح الكاتب أن إحدى تلك الوسائل تتمثل في المطالبة “بصفقة أفضل”؛ إذ تساعد انتقادات ترامب على ترسيخ فكرة إعادة التفاوض الذي ربما يركز على زيادة فرص الوصول إلى مواقع عسكرية أو فرض بعض القيود على برنامج إيران النووي وكذلك اختبارات إيران للصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية التي لا يشملها الاتفاق ولا تزال خاضعة للمعاقبة بموجب قرار مجلس الأمن. ولكن بالنظر إلى الجهد المبذول للتوصل إلى الاتفاق النووي وتعقيداته، فإنه من غير المرجح، برأي الكاتب، أن تدعم الأطراف الأخرى التي وقعت على الاتفاق مبدأ إعادة التفاوض، باستثناء إذا قدمت الإدارة الأمريكية المزيد من المنافع الاقتصادية لإيران في مقابل موافقتها على فرض قيود إضافية على برنامجها النووي، ولكن من غير المعقول أن تكون إدارة ترامب على استعداد لمنح إيران أي شيء.

ويقول الكاتب: “ثمة نهج آخر يرتكز على زيادة الضغط على إيران في المجالات غير النووية، وهو ما سيقود إلى أزمة من شأنها أن تعطي للمعارضين المتشددين داخل طهران سبباً لإلغاء الاتفاق النووي، وبذلك تتخلص واشنطن من مأزق الانسحاب الأحادي. ولا شك في أن السلوك الإيراني بغيض؛ فعلاوة على تجارب الصواريخ الباليستية، يدعم نظام الملالي المتمردين الحوثيين في اليمن بالأسلحة المدمرة، إضافة إلى مضايقة الشحن في الخليج، والحفاظ على بقاء نظام بشار الأسد في سوريا، ودعم حزب الله وحماس وكذلك الميليشيات الشيعية العنيفة في العراق، فضلاً عن قمع الشعب الإيراني داخل البلاد”. ويلفت الكاتب إلى أن إدارة أوباما كانت واضحة في أن الاتفاق النووي لا يمنح إيران جواز المرور للقيام بأنشطتها العدوانية، ولذلك فقد حافظ الاتفاق على بقاء سلسلة طويلة من العقوبات المحلية والدولية غير النووية، والاستمرار في فرضها، جنباً إلى جنب مع تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي مع الحلفاء في دول الخليج. ولكن عقيدة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما خلصت أيضاً إلى أن التصدي لتلك الأنشطة العدوانية الشريرة التي تمارسها إيران سيكون أكثر خطورة وصعوبة إذا ما تمت المواجهة تحت مظلة نووية إيرانية، ومن ثم فإنه كان حريصاً على وضع ضغط إضافي من أجل الحفاظ على وجود الشركاء الدوليين ومنع انحراف الاتفاق النووي عن مساره. ويشير الكاتب إلى أن إدارة ترامب بمقدورها إعادة فرض العقوبات المرفوعة بموجب الاتفاق النووي بسبب المبررات غير النووية، الأمر الذي سوف تعتبره طهران انتهاكاً للاتفاق، أو يمكنها أيضاً إدراج الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وبالفعل أوردت تقارير أن هذه الخطوة قيد النظر. ويُعد الحرس الثوري الحامي الرسمي للثورة الإيرانية؛ حيث يضم 100 ألف جندي موزعين على الأقسام الجوية والبحرية والبرية، ويلعب دوراً كبيراً في الاقتصاد الإيراني، وفيلق القدس هو ذراعه العسكري الدولي الذي يدعم القوات الشيعية التي تحارب بالوكالة عن طهران. وكانت الإدارتان السابقتان لبوش وأوباما قد اعتبرت “إيران دولة راعية للإرهاب” وفرضت عقوبات على قادة الحرس الثوري الإيراني وعدد من المؤسسات الإيرانية ذات الصلة بالحرس الثوري، ولكن لم يصل الأمر إلى اعتبار الحرس الثوري ذاته منظمة إرهابية لأن ردود الأفعال السلبية المتوقعة كانت تفوق الفوائد. ويضيف الكاتب: “من شأن التحدي المباشر لقوات الحرس الثوري الإيراني أن يقود على الأرجح إلى قيام القادة بالضغط على إيران للانسحاب من الاتفاق النووي، إضافة إلى تقويض فرص إعادة انتخاب الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أبرم الاتفاق سعياً إلى تحقيق الاعتدال لسلوك إيران الدولي. وربما يدفع ذلك أيضاً الحرس الثوري لإطلاق العنان للميليشيات الشيعية لمهاجمة القوات الأمريكية في العراق أو ملاحقة السفن الأمريكية في الخليج، أو إغلاق مضيق هرمز التي تعبر من خلاله 25% من تدفقات النفط في العالم”. ويختتم الكاتب قائلاً إن “أيا من تلك الإجراءات كفيل بأن يسفر عن تفاق الأمر إلى صراع كامل، وبخاصة في ظل غياب قناة إدارة الأزمة الفعالة التي أنشأها وزير الخارجية السابق جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وفي هذه الحالة ربما تكون خسارة الاتفاق النووي أقل شيء في اهتماماتنا”.

أكد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس لدى وصوله إلى بغداد الاثنين أن الولايات المتحدة لا تسعى لنهب احتياطي النفط العراقي، في محاولة لتخفيف قلق الشركاء العراقيين من تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وكان ترامب أكد مراراً أنه كان على واشنطن الاستيلاء على النفط العراقي قبل أن تسحب جنودها من هذا البلد في 2011، وذلك لتمويل جهود الحرب ولحرمان الجهاديين من مصدر حيوي لتمويلهم، حسب قوله. لكن ماتيس الجنرال المتقاعد الذي كان حارب في أفغانستان والعراق سعى لطمأنة العراقيين. وقال “نحن في أميركا بشكل عام دفعنا مقابل الغاز والنفط، وانا على يقين أننا سنواصل القيام بذلك في المستقبل. وأردف قائلاً “نحن لسنا موجودين في العراق للاستيلاء على نفط أحد”. ومن المقرر أن يلتقي ماتيس مسؤولين عراقيين في أول زيارة له لهذا البلد بوصفه وزيراً للخارجية.

على الرغم من تأكيد نائب الرئيس الأميركي على الالتزام بالدفاع الجماعي عن حلف الناتو، إلا أن التفكير الغالب في مؤتمر ميونيخ للأمن تشوبه حالة من الجمود والذعر. التقى القادة الأوروبيون مايك بنس وسط حالة من الخوف في ميونيخ، السبت 18 فبراير  2017، وذلك في أول فرصة لتقييم نهج القيادة الأميركية الجديدة تجاه الدفاع المشترك في وجه التهديد الروسي المتزايد في نظر الكثيرين، حسبما أشار تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية. ولفت التقرير إلى أن الإشارات باتت مختلفة ومحيرة بالنسبة للأوروبيين منذ فوز دونالد ترامب بالانتخابات في نوفمبر 2016. ففي بادئ الأمر كانت إشاراته حماسية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يشوبها بعض الاستخفاف بالناتو. وفي الآونة الأخيرة، بدأ في اتباع سياسة معاكسة على كلتا الجبهتين. وأخفق نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، الذي شرع في أول زيارة له إلى أوروبا بعد توليه المنصب، في تهدئة تلك المخاوف في الخطاب الذي ألقاه يوم السبت في مؤتمر ميونيخ للأمن. وبدلاً من ذلك، ترك بنس بعض حلفائه الأوروبيين في حالة من الحيرة والارتباك، والغضب، حيال انتقاده للإخفاق في الأداء بفعالية في التحالف الدفاعي، وكذلك اهتمامه القليل جداً بمستقبل الاتحاد الأوروبي. الأمر الذي أثار القلق من الاعتداءات الروسية على أوكرانيا التي تعد شريكاً للناتو، والتخوف من توسع الممارسات الروسية مع دول أعضاء بالحلف.

وقابل الحضور، الذي كان يتكون من قادة وطنيين ووزراء دفاع وخارجية وبعض الشخصيات الحكومية الكبيرة الذين يفترض أنه من الناحية الأدبية يجب أن يرحبوا بحرارة بأحد السياسيين الكبار في الولايات المتحدة، قابلوا بعض تعليقاته بتصفيق متناثر. وحاول بنس الذي أكد التزام بلاده تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن يخفف من حدة القلق حيال تعامل ترامب مباشرة مع بوتين متجاوزاً غرب أوروبا. كما رحب الحضور بتعهده بأن روسيا ستتحمل مسؤولة أفعالها في أوكرانيا على الرغم من عدم الإفصاح عن كيفية ذلك. ولكنه فقد هذا الترحيب عندما علَّق على الانتقادات التي وجَّهها وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس في مقر حلف الناتو الأسبوع الماضي إلى أعضاء الحلف مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، والتي تتعلق بعدم دفعهم حصتهم من الميزانية المالية، مهدداً بأن تترك أميركا حلفاءها لمصيرهم إذا ما تعرضوا للغزو الروسي. ومن خلال ترديده لتهديد ترامب الذي قاله عام 2016 بأنه لن يتقيد بالمادة الخامسة في الحلف، التي تنص على التزام جميع الأعضاء بمساعدة أي عضو يتعرض للهجوم، كرَّر بنس تحذير ترامب القائل بأن المساعدة العسكرية التي يقدمها الحلف للدولة العضو التي تتعرض للهجوم، ربما تعتمد على قدر إسهامات هذه الدولة في الحلف. وذكَّر بنس الحضور في ميونيخ بأن الحلف يتمتع بمبدأين رئيسيين؛ أحدهما المادة الخامسة، والثاني هو المادة الثالثة التي عادة ما يتم إغفالها وتتعلق بالحصة المالية. وقال بنس “اتفقنا في هذه المعاهدة على أن نسهم بحصة كبيرة في الدفاع المشترك. ولم يلتزم الكثيرون ولوقت طويل بهذا التعهد الذي ينص على مشاركة العبء المتعلق بدفاعنا، وهو ما يُخل بأساس تحالفنا. فعندما يفشل أحد الحلفاء في أداء دوره، فإن هذا يُضعف قدرتنا الجماعية على مساعدة بعضنا البعض”. واتفق زيغمر جابرييل، وزير الخارجية الألماني الذي تحدث بعد بنس، مع كلام المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قائلاً إن بلاده لا تشعر بالتهديد كي تقوم بزيادة الإنفاق الدفاعي. وقال جابرييل “لا أعلم من أين ستحصل ألمانيا على مليارات الدولارات كي تدعم الإنفاق الدفاعي إذا أراد السياسيون تخفيض الضرائب”.

وفي تغريدة على تويتر عبَّر وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرو عن استيائه من أن خطاب بنس لم يحتو على “أي كلمة تتعلق بالاتحاد الأوروبي”. بينما رحَّب ترامب ببركسيت (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، وهذا يبدو سلوكاً عدائياً تجاه المنظمات متعددة الأطراف مثل الاتحاد الأوروبي. وأعرب كل من أيرو وميركل عن أهمية التعددية، وليس القومية فقط في الوقت الحالي الذي تزداد فيه الأزمات. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي في تعليقات يبدو أنها تستهدف سياسة ترامب الحالية في الولايات المتحدة: “في هذه الظروف العصيبة، يحاول الكثيرون التفكير بشكل منفرد، ولكن هذه العُزلة تجعلنا أكثر ضعفاً. فنحن بحاجة إلى العكس”. أكدت مهمة بنس في ميونيخ -التي صاحبه خلالها ماتيس وجون كيلي وزير الأمن الداخلي في الولايات المتحدة- فقط على الفجوة المتزايدة بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية الرئيسية، كما توقعت المملكة المتحدة، وتركت الحلفاء في حيرة من أمرهم كما كانوا من قبل، فيما يتعلق بالتزام ترامب تجاه حلف الناتو.  وغرَّد نيكولاس بيرنز، وكيل وزارة الخارجية الأميركية السابق في إدارة بوش، وسفير الولايات المتحدة في الناتو سابقاً، قائلاً: “بغضِّ النظر عن بيان نائب الرئيس بنس، فإن السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه في مؤتمر ميونيخ للأمن: هل يدعم الرئيس ترامب فعلاً الناتو والاتحاد الأوروبي؟”

يُعقد مؤتمر ميونيخ منذ ما يزيد على 50 عاماً، وأسسه إيوولد هاينريش فون كلايست سكيمنزين، أحد المسؤولين الألمان الكبار، الذي اشتهر بالدور الذي لعبه عام 1944 في التخطيط لاغتيال هتلر. اقترح هاينريش لقاء يضم القادة حول العالم، كوسيلة لمنع نشوب حرب عالمية أخرى. وأصبح المؤتمر أحد أكبر المنتديات الدولية، بعيداً عن الأمم المتحدة. فهو بمثابة حدث غير رسمي يتمتع بطابع فوضوي جذاب تسوده مناقشات كثيرة داخل غرف الاجتماعات المكتظة وأسوار فندق بايرش هوف، المكان الذي تلاشت فخامته -الأضواء والمفروشات والأرضيات الرخامية وتماثيل الشخصيات البافارية البارزة في القرون السابقة- ولكنه يتمتع بموقع متميز، إذ يقع في وسط مدينة ميونيخ. من بين الحضور الذين قدر عددهم بحوالي 500 شخص، كان ثمة 15 من قادة الحكومات و16 من رؤساء الدول و47 وزير خارجية و30 وزير دفاع و59 من ممثلي المنظمات الدولية، من بينهم الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لحلف الناتو، والمشاهير ومن بينهم بيل غيتس وبونو. وتعتبر الاجتماعات الثنائية مهمة، مثلها مثل الخطابات التي تُلقى في قاعة المؤتمر، حيث جرى التوصل إلى اتفاقية سلام سورية حتى ولو كانت وهمية بين الولايات المتحدة وروسيا في عام 2016. ووجه السيناتور الأميركي جون ماكين، رئيس لجنة التسليح في مجلس الشيوخ وأحد أبطال الحرب والمرشح الجمهوري للرئاسة سابقاً، هجوماً عنيفاً على ترامب يوم الجمعة 17 فبراير 2017. إذ قال متسائلاً “ماذا سيقول جيل فون كلايست مؤسس المؤتمر إذا رأى عالمنا اليوم؟ أشعر بالقلق من أن هذا كله مألوفٌ لديهم”. وعبَّر عن قلقه حيال عدم الرغبة في فصل “الكذب عن الحقيقة” والفوضى التي تنتاب إدارة ترامب، وكذلك الابتعاد عن القيم الدولية “والاقتراب من الروابط الدموية القديمة والعنصرية والطائفية”. وطرح مكين خلال اشتراكه في مناقشة إحدى اللجان حول القضية سؤالاً “هل ينجو الغرب؟”: “في السنوات الأخيرة، كان هذا السؤال يستدعي اتهامات بالمغالاة والتهويل. ولكن ليس خلال هذا العام. إذا كان هناك وقتٌ للتعامل مع هذا السؤال بجدية بحتة فإنه ممكنٌ في الوقت الراهن”. لم يستسلم مكين للمغالاة، وكذلك وولف إيسشينجر، الذي يبلغ من العمر 70 عاماً، وشغل منصب السفير الألماني في المملكة المتحدة والولايات المتحدة سابقاً، وحالياً يرأس مؤتمر ميونيخ، الذي قال إن أوروبا دخلت في حقبة من “التخبط الأعظم”، وهي الفترة التي تعتبر أكثر ضعفاً من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. تواجه أوروبا بالفعل مجموعةً من القضايا المتكدسة. وأخفقت أوروبا في التعامل مع الاجتياح الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي أدى إلى ضم جزر القرم عام 2014، ولم يؤد لفرض العقوبات -التي لم يتم تفعيلها حتى الآن- إلى إنهاء العنف. وجلس الطرفان الأوروبي والولايات المتحدة على هامش الصراع السوري الذي تعقّد نتيجة للتدخل الروسي. هناك مخاوف في أوروبا من التدخل الروسي من خلال هجمات الإنترنت أو انتشار الأخبار المزيفة في الانتخابات القادمة في هولندا وفرنسا وألمانيا، على الرغم من أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي تحدث في ميونيخ، رفض مزاعم الاستخبارات الأميركية بأن موسكو تدخلت في انتخابات الرئاسة الأميركية. معلقاً: “أود أن أقول: قدموا لنا بعض الحقائق”. إن المشاكل التي تواجه جناحي حلف الناتو الشرقي والغربي، حتى ولو كانت أكثر خطورة من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية، لا تعتبر جديدة. ولكن المشكلة الجديدة تتمثل في أنه ولأول مرة لا تستطيع أوروبا الوثوق في المساعدة الأميركية لها. كما يظهر تهديد آخر من الغرب، وهو احتمال أن يؤدي الخروج البريطاني إلى تفكك الاتحاد الأوروبي. يميل البريطانيون إلى تقبل ترامب بشكل أكثر من نظرائهم الفرنسيين والألمان. ورفض وزير الخارجية بوريس جونسون، الموجود أيضاً في ميونيخ وفي نفس اللجنة التي يوجد بها ماكين، التحذيرات التي تتعلق بمستقبل الناتو والغرب. وقال إنه ليس هناك جديد فيما يتعلق بهذه التكهنات، مذكراً بأن كتاب أوسولد سبنجلر الذي حمل عنوان “انحدار الغرب” The Decline of the West كُتب عام 1918. يوم الجمعة 17 فبراير 2017، تحدث وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون أمام جمع من وزراء الدفاع، وقال إن أوروبا عليها أن تقلق بشأن بوتين لا ترامب: “إن بوتين، وليس ترامب، هو من ينشر تلك الصواريخ. بوتين، وليس ترامب هو من يتدخل في شؤون الديمقراطيات الأجنبية”. إلا أن الجانب الأمني، خاصة المتعلق بروسيا والناتو، يُرى بعين مختلفة في ألمانيا وفرنسا وغيرهما من الدول الأوروبية عما يسود في أوساط المحافظين البريطانيين. ربما سيكون على الأوروبيين الانتظار حتى مايو  2017 إلى أن يحين وقت أولى الزيارات الرئاسية المقررة لترامب لحضور قمة الناتو السنوية المنعقدة في بروكسل هذا العام، بعدما فشل بنس في الإجابة عن كل تلك التساؤلات المعلقة. من المقرر أن تعقد روسيا، في سبتمبر 2017 أكبر مناوراتها العسكرية على مدار العشرين عاماً الماضية على حدودها الغربية، تعبيراً عن غضبها من توسع الناتو. وكانت التوترات قد تصاعدت بين الغرب وروسيا، إثر ضم الأخيرة لشبه جزيرة القرم عام 2014، واتهامها باستمرار الاعتداءات على أوكرانيا. وقد يتخلى ترامب عن العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا، في سبيل التقارب مع فلاديمير بوتين. تضم دول البلطيق عدداً ضخماً من السكان ذوي الأصول الروسية، وهو ما قد يُمكِّن بوتين من اختبار الناتو عبر الحرب الهجينة، وهي خليط من الهجمات الإلكترونية والدعاية السياسية والتدخلات التي يمكن إنكارها.  وذاقت إستونيا قبل عقد مضى، وسط خلاف مع روسيا، بعضاً من هذه الهجمات الإلكترونية التي طالت برلمانها ودوائرها الحكومية والمصارف وغيرها من البنية التحتية الرئيسية. يوافق مارس 2017 الذكرى الستين لمعاهدة روما، التي أسفرت عن إنشاء الاتحاد الأوروبي، وهو الشهر نفسه الذي يشهد مواجهة الاتحاد الأوروبي لأكبر تحدياته حين تُفعِّل المملكة المتحدة المادة 50.  كما يسود الخوف بين الأعضاء المتبقين من أن يشجع هذا الانفصال المزيد من الدول، خاصة مع إشادة دونالد ترامب ببركسيت. وعلى هذه الخلفية المضطربة، والموجة المتصاعدة من الشعبوية، تأتي الانتخابات في هولندا وفرنسا وألمانيا، بينما يسود الخوف من تدخل روسي محتمل، مثلما حدث في الولايات المتحدة.

تُقدر قيادات عسكرية عراقية عُمر بعض المعسكرات التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في صحراء الأنبار، بأكثر من 8 سنوات، وتمتد من الحدود السورية، شمال غرب الأنبار، مروراً بالحدود الأردنية وحتى السعودية، جنوب غرب المحافظة، وعلى مساحة تقدر بأكثر من 120 ألف كيلومتر مربع. وتربط داخلياً محافظات نينوى وصلاح الدين وكربلاء والنجف، مع المحافظة الأم الحاضنة لها، وهي الأنبار. وطالما شكلت هذه الصحراء البؤرة المناسبة لتكاثر وتدريب وإقامة أفراد التنظيمات الجهادية في العراق بدءاً من تنظيم “القاعدة” وصولاً إلى “داعش”. ولا يعود تاريخ ملف الصحراء الأمني إلى حقبة ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق. وتؤكد الوثائق التاريخية العراقية أن تلك المنطقة شكلت عامل قلق وإزعاج كبير للعثمانيين ومن بعدهم البريطانيين في القرنين الماضيين، توالت بعدها على العراق فترة الحكم الملكي ثم الجمهوري واستمرت المشكلة ذاتها والتي تختصر بعبارة “استحالة السيطرة على تلك الصحراء”. فكل من يرغب بالتواري عن الأنظار من الحكومات، يمكنه أن يتوجه للصحراء ويقيم هناك. وفي فترة حكم الرئيس السابق، صدام حسين، تحولت إلى مكان خصب لمهربي المواد الممنوعة والأغنام إلى كل من الأردن وسورية. وتكرر الحال مع القوات الأميركية التي اضطرت أخيراً، عام 2007، إلى الانسحاب البري منها بعد تكبدها خسائر جسمية على يد تنظيم “القاعدة”، مكتفيةً بالغطاء الجوي المروحي والحربي لعملياتها العسكرية هناك.  ” ووفقاً لمصادر رفيعة في مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، فإن “الأميركيين يخشون تحول داعش بعد خسارته الموصل، إلى تلك الصحراء ومنها يعيد تنظيم صفوفه مرة أخرى لمهاجمة المدن واستنزافها مجدداً بين حين وآخر”. ويقول مسؤول عراقي بارز بالحكومة لـ”العربي الجديد”، إن “داعش سينقل مقر خلافته إلى الصحراء بلا شك، وستكون خلافة الصحراء بدلاً من الخلافة داخل المدن الحالية”، وفق تعبيره. ويبيّن أن “إمكانيات العراق حالياً غير قادرة على التوغل في هذه الصحراء، لأن تضاريسها معقدة وصعبة للغاية، إذ هي مليئة بكهوف وأنفاق ووديان، ما يتيح إخفاء جيوش دول كاملة”، وفقاً لقوله. ويتابع أن “الحاجة للقوات الأميركية بشكل خاص والتحالف الدولي بشكل عام ستبقى ملحة لسنوات أخرى، ليس أقل من خمس سنوات، لأن الصحراء ستبقى البيئة الأكثر مناسبة لداعش وفيها سيستقر”، وفق اعتقاده.

ويشرح المسؤول الحكومي أن “داعش ينتشر حالياً في مناطق داخل الصحراء من الصعب اكتشافها حتى لو وصلت إليها قواتنا، فلديه أنفاق وكهوف طبيعية واصطناعية لا يعلم بها أحد، وحتى البدو الرحل تركوا تلك المناطق منذ سنين، فلا دليل ولا مصادر استخباراتية لدينا فيها”، على حد تأكيده. ويضيف أنه “في حال أردنا السيطرة عليها، فإننا سنحتاج لقوات لا تقل عن 100 ألف جندي تدخل مرة واحدة إليها، وهذا مستحيل”، بحسب قوله. وأعلنت وزارة الدفاع العراقية، في يناير الماضي، العثور على ما وصفته بمعسكر تدريب كبير لتنظيم “داعش” في منطقة الصكرة قرب قضاء حديثة، يستخدمه التنظيم لتدريب وإيواء عناصره، وفق الوزارة.

وصحراء الأنبار تشكل امتداداً لهضبة الجزيرة العربية مع السعودية التي تتصل بها من خلال مدينة جديد عرعر والنخيب العراقية التي تقابلها عرعر السعودية، وفيها المنفذ البري الوحيد بين البلدين ولا يفتح سوى بأوقات الحج ويغلق بعد ذلك. وما يميز هذه الصحراء كثرة التلال والسلاسل الجبلية والوديان العميقة فيها، فضلاً عن وجود أراض شديدة الانحدار وعالية الكثبان الرملية. وطقسها حار في الصيف، تصل درجة الحرارة فيها لأكثر من 55 درجة مئوية في بعض الأشهر، والشتاء بارد وجاف وتنخفض فيه الحرارة إلى ما دون الصفر أحياناً، وتضم عشرات الوديان، أبرزها وادي حوران والمحمدي وجباب والمانعي والأبيض ووادي الهلاك ووادي الجن، بعضها يتصل مع دول الجوار كسورية والسعودية. ويصل ارتفاع بعض هضابها إلى نحو 800 متر فوق مستوى سطح البحر كما في الهضبة الغربية قرب الحدود مع الأردن عند جبل عنزة.  إلا أنها تحوي على ما يوصف بكنوز الجيل العراقي المقبل، إذ قدرت تقارير وزارة التخطيط والنفط العراقيتين عام 2012، وجود نحو 53 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أبرزها حقل عكاس، إضافة إلى نحو 300 مليار برميل نفط، فضلاً عن معادن مهمة، مثل الفوسفات باحتياطي معلن يبلغ 10 مليارات طن، والحديد بواقع 5 ملايين طن، بالإضافة إلى الذهب واليورانيوم والكبريت والفضة. وكان رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، عطّل، لأسباب سياسية، مشاريع استثمار الصحراء. ويشار إلى أن البدء باستثمار حقول الغاز والنفط فيها ودخولها ضمن خارطة موارد العراق الأساسية يجعل من هذه المحافظة ضمن مشروع “البترودولار” الذي يكفل للمحافظات المنتجة للنفط والغاز، وفقاً للدستور، الحصول على 5 دولارات عن كل برميل يصدر من حقول تقع ضمن نطاقها الجغرافي. كما أن استثمار الحقول في تلك الصحراء يجعل المحافظة داخل مجلس الطاقة العراقي الذي يرسم سياسات البلاد الاقتصادية. وهما سببان كافيان جعلا المالكي يعطل عجلة الاستثمار في الصحراء، على الرغم من تقديم شركات نفط أجنبية معروفة عروضاً للاستثمار فيها. السيطرة على الصحراء تحتاج إلى ما لا يقل عن 100 ألف جندي

هذا فى الوقت الذى تشهد فيه الدبلوماسية السعودية نشاطاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة؛ فقد قام الملك بجولة أسيوية، فيما زار ولي ولي عهده البيت الأبيض والتقى بترامب. تدل تلك الجولات على أن المملكة تحاول انتهاج سياسة جديدة في سياستها الخارجية.  “اجتماع ولي ولي العهد والرئيس ترامب نقطة تحول تاريخية”، بهذه العبارة يلخص مستشار ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، العلاقات السعودية مع إدارة ترامب الجديدة. في الآونة الأخيرة، ساد خلاف حول العديد من القضايا العلاقات بين البلدين. إلا أن ولي ولي العهد يقول الأن وبكل مجاملة أن ترامب “صديق” للعرب. ويقول محمد بن سلمان بأنه لا يعتقد أن قرار منع مواطني ست دول من دخول أمريكا موجه ضد المسلمين. وأكثر من ذلك، فالأمير يقول أن أمريكا تريد حماية نفسها من الإرهاب.  يعتقد سيمون هيندرسون من “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” أن “ترامب وإدارته أوكلت للسعودية دوراً مفتاحياً في الشرق الأوسط. ويمضي سيمون قائلاً أنه بعد سنوات من فتور العلاقات يبدو أنه من الممكن الآن الانطلاق ببداية جديدة. من الواضح بأن محمد بن سلمان يرغب باستغلال ذلك، ومن خلال كلامات المجاملة، التي لا يجدها كل المنتقدين مناسبة، وخصوصاً بعد المظاهرات المحلية والعالمية ضد قرار منع السفر. غير أن كلماته أتت بمفعولها. “يشكل اللقاء نقلة كبيرة للعلاقات بين البلدين في كافة المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية”، يقول مستشار ولي ولي العهد السعودي بعد اللقاء. وعلى وجه الخصوص توافقت رؤيتي ولي ولي العهد السعودي مع ترامب في نقطة؛ ألا وهي “خطورة التحركات الإيرانية التوسعية في المنطقة”، والكلام دائماً للمستشار السعودي. في واقع الحال، فإن الرئيس ترامب وبانتقاده إيران أحدث قطيعة مع سياسة سلفه أوباما.

ومن المعلوم أن توتراً شهدته العلاقات السعودية-الأمريكية في عهد إداراة باراك أوباما؛ إذ رأت الرياض أن الحوار السعودي-الإيراني جاء على حساب الشراكة الأمريكية-السعودية، الممتدة عبر عقود من الزمن، حسب ما كتبت مجلة “فورين بوليسي” الشهيرة. “تعتقد السعودية أنّ أوباما أحدث عمداً فراغاً بالمنطقة، تملؤه إيران الآن. وتعتقد السعودية أن إيران تهدف لنشر الفوضى والعنف وصولاً لاستهداف العائلة الحاكمة السعودية نفسها”. في الوقت الراهن، تتنازع إيران والسعودية في العديد من الساحات وعلى مستويات عدة. فالسعودية تقاتل الحوثيين في اليمن، والذين تعتبرهم ممثليين لإيران في اليمن. وتعتقد السعودية أن إيران تريد الحصول على موطئ قدم لها من خلال الحوثيين في شبه الجزيرة العربية. وبالمثل تقف السعودية ضد إيران في سوريا. حيث تحولت الحرب هناك إلى نزاع متعدد المستويات ومعقد للغاية، تساند السعودية فيه المعارضة في حين تساند إيران بشار الأسد.  مؤخراً، اشتبكت إيران والسعودية دينياً. ففي موسم الحج لعام 2015 لقي مئات الحجاج الإيرانيين خلال هلع جماعي حتفهم. وقد حملت إيران العائلة المالكة السعودية المسؤولية. ولم يتوقف التوتر بين الجانبين على ذلك، بل تفاقمت الأمور بينهما. “بالطبع يلعب العامل الطائفي دوراً في النزاع، وقد تم توظيفه من الطرفيين. غير أنه وبالأساس فإن الصراع هو على النفوذ وعلى السيطرة الجيواستراتيجية في المنطقة”، حسب رأي الخبير الألماني في الشؤون السعودية، سيبستيان زونس.

من الناحية الأيدلوجية، فإن السعودية دولة قوية. وعلى الرغم من أن السعودية تعلن أنها ترغب بمحاربة الجهاديين، إلا أنها وفي الوقت نفسها تصدر الوهابية إلى أجزاء واسعة من العالم الإسلامي. الوهابية بمثابة أيدلوجية للمملكة وهي تفسير متشدد للمذهب السني. وحتى هنا في أوروبا نشطت السعودية ومنذ زمن بعيد. نورد هنا “أكاديمية الملك فهد” في مدينة بون كمثال. وقد جلب هذا النشر للوهابية كثيراً من النقد على السعودية؛ حيث يعتبرها كثير من النقاد راعٍ للإرهاب الجهادي. ومن جانبه، يعتقد الخبير زونس أن السعودية ليست مسؤولة بشكل مباشر عن ذلك. “يعود ذلك النشاط إلى دعاة دينيين وإلى جهات خاصة”. أولئك هم من جعل الوهابية في الثلاثين سنة الأخيرة، ومن خلال المؤسسات الوقفية والجمعيات الخيرية والحجاج، تحظى بالقبول، حسب ما يرى زونس. ويضيف الخبير الألماني: “يمكن رؤية ذلك من منظار أنها مقابلة لإحداث توازن مع السياسة الشيعية التوسعية في المنطقة”. بينما التقى ولي ولي العهد السعودي في أمريكا بالرئيس، اُستقبل والده، الملك سلمان، في الصين. وقد وقعت السعودية والصين في الزيارة على إعلان نوايا واتفاقات بفيمة 65 مليار دولار، حسب ما أوردت وسائل الإعلام الصينية الجمعة (16 مارس 2017). إلا أن العلاقات التجارية لم تكن وحدها ما تمحورت حوله الزيارة. فقد حدث تقارب بين البلدين من الناحيتين السياسية والعسكرية. ففي حين أن الصين تبحث عن حلفاء لها في وجه النفوذ الأمريكي في جنوب شرق أسيا، تحاول السعودية بعد أزمة علاقاتها مع أمريكا خلق شراكات جديدة. “أيقنت الرياض أنها لا يمكنها الاعتماد على علاقات دائمة ومستقرة مع الولايات المتحدة”. وبالتالي وجهت السعودية نظرها شرقاً، حيث تلعب الصين هناك دوراً كبيراً. “تريد الصين أيضاً توسيع العلاقات العسكرية مع السعودية”، حسب رأي زونس. “نريد جعل الزيارة مناسبة لرفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى أعلى المستويات”، حسب مصادر حكومية. وبالطبع تأتي العلاقات الدبلوماسية ضمن هذه الرؤية. في خريف 2016، انتقدت الصين قانون “جاستا”، الذي يسمح بمعاقبة رعاة الإرهاب. وتلقى تلك المبادرات ترحيب من الدول المشتبه بدعمها للإرهاب.

  عبر عقود من الزمن اُعتبرت العلاقات السعودية الأمريكية ثابتة ومستقرة. اليوم تدرك الرياض أن الأمر لم يعد كذلك. وحتى أن الشراكات الطويلة الأمد يمكن وبسرعة أن تنتهي. لم تنس الرياض هذا الدرس. وبالتالي تتجه اليوم إلى البحث عن شركاء لها في كل أنحاء العالم. تقدر الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة بأكثر من 1000 مليار دولار. وتزداد الخشية على هذه الأموال بعد اعتماد الكونغرس الأمريكي ما يسمى قانون تطبيق العدالة ضد الإرهاب. ما الذي تخفيه هذه الخشية وهل هي مبررة بالفعل؟  بعد هجمات الحادي عشر من سيتمبر 2001 الإرهابية هجرت أموال عربية خليجية تقدر بحوالي 200 مليار دولار الولايات المتحدة إلى أوروبا خوفا من التبعات السلبية للهجمات عليها. وزاد من هذه المخاوف قيام عدد كبير من أقارب الضحايا بعد الهجمات برفع دعاوى تم تجميدها لاحقا ضد أفراد من العائلة المالكة السعودية ورجال أعمال ومصارف ومنظمات خيرية إسلامية تحصل على تمويل سعودي. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الأموال التي انتقلت إلى القارة العجوز مصدرها الإمارات وقطر والإمارات بالدرجة الأولى. أما الأموال التي تعود إلى السعودية فلم تسجل هجرة بنفس الحجم لأسباب أبرزها التحالف السياسي والعسكري الوثيق بين الرياض وواشنطن. وتذهب معظم التقديرات إلى أن قيمة السندات والأصول السعودية في الولايات المتحدة تزيد على 1000 مليار أو تريليون دولار في الوقت الحالي.

اليوم وبعد مرور 15 عاما على هجمات سبتمبر الإرهابية التي طالت مركز التجارة العالمي في نيويورك تعود المخاوف مجددا إلى الواجهة بعد اعتماد الكونغرس الأمريكي أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي 2016 قانون “تطبيق العدالة ضد رعاة الإرهاب” المعروف اختصارا باسم “جاستا”. ويسمح القانون لضحايا الهجمات بمقاضاة المسؤولين الأجانب أمام المحاكم الأمريكية بتهمة دعم الإرهاب. وفي حال إثبات التهمة يمكن مطالبتهم بتعويضات قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات. وتركز الأضواء على السعودية لأن معظم الإرهابيين الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر/ أيلول هم من مواطنيها. كما أن مئات الدعاوى المقامة والمجمدة منذ أكثر من عشر سنوات تطال سعوديين أو مؤسسات محسوبة على السعودية.

يبدو احتمال إعادة تحريك الدعاوى المجمدة وتجميد أموال تعود للأشخاص والمؤسسات المدعى عليهم أكثر ما تخشاه السعودية بعد اعتماد القانون. ويعكس هذه الخشية بدء مسؤولين سعوديين  مفاوضات مع بنك “جب بي مورجان تشايس” الأمريكي  لبيع سندات سعودية بنحو 10 مليارات دولار حسب وكالة “بلومبيرغ الاقتصادية”. كما يعكسها تحذير الخارجية السعودية مما سمته “العواقب الوخيمة والخطيرة” للقانون على العلاقات بين البلدين في حال عدم اتخاذ الخطوات اللازمة لتجنبها. غير أن تجنب هثل هذه العواقب ليس بالأمر السهل بسبب الاستقلالية التي يتمتع بها القضاء الأمريكي تجاه صناع القرار السياسي. في هذا السياق يصب ما ذكر جاك كوين أحد المحامين الموكلين من قبل أكثر من ألفي شخص من العائلات عندما قال إن “المدعين سيطالبون محكمة الاستئناف الأمريكية بإعادة النظر في الدعاوى على ضوء القانون الجديد”، وبعد ذلك يضيف كوين بأننا “سنحاول استكمال الأدلة والوصول إلى الحقيقة وبناء على ذلك فليكن ما يكون”. غير أن إصدار الأحكام لن يكون سهلا، لاسيما وأن القانون ما يزال يسمح للمحكمة بتعليق إجراءات التقاضي ضد دولة أجنبية بناء على طلب من البيت الأبيض. وقد أضيفت المادة الخاصة بتعليق الإجراءات على ضوء مخاوف الإدارة الأمريكية والحكومة السعودية وشركات كبيرة مثل جنرال إلكتريك من تبعات القانون على الاستثمارات المشتركة. ومن شأن ذلك أيضا فتح المجال أمام محاكمات شاقة تستمر سنوات طويلة، لاسيما وأن خبرات القضاء تظهر صعوبة إثبات مسؤولية دولة ما عن هجمات إرهابية بشكل مباشر. وهذا ما ينطبق على السعودية أيضا حسب رأي كورتيس برادلي، أستاذ القانون الدولي في جامعة ديوك الأمريكية. كما أن الولايات المتحدة تخشى على مصالحها في حال شمل تطبيق القانون الإدعاء على حكومات ودول. فمثل هذا التطبيق يعني تقويض مبدأ المساواة والحصانة السيادية الذي يحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين. ومن شأن تقويض كهذا أن يدفع الدول الأخرى إلى الادعاء على مسؤولين وشركات أمريكية بتهم مختلفة اعتمادا على مبدأ المعاملة بالمثل وعلى أساس أن هذه الشركات الأمريكية تمارس أيضا مخالفات قانونية وضريبية في الدول التي تنشط فيها.

وعليه وفي توضيح متصل يرى أنطوان سعد، الخبير في القانون الدولي أن هناك مبالغة في القلق من القانون لأنه لا يمكن من الناحية العملية معاقبة أو تجميد أموال الدولة السعودية بموجب القانون، لاسيما وأن هناك تحالفات سياسية وعسكرية قوية بين واشنطن والرياض. كما أن الحكومة السعودية أوقفت دعم 2500 جمعية متهمة بدعم التطرف بناء على طلب الإدارة الأمريكية. وأضاف سعد في حديث مع DW عربية: “على العكس من ذلك يفسح القانون المجال لتجميد أموال مسؤولين أو أشخاص سعوديين أو غير سعوديين في حال إثبات ضلوعهم بشكل مباشر في تمويل أنشطة إرهابية”. رغم استبعاد عدد من الخبراء لاحتمال البت في الدعاوى وتجميد أموال تعود للدولة السعودية، فإن هذا لا يعني التقليل من المخاطر التي ستنجم عن اعتماد القانون، فالقضاء الأمريكي لن يميز بين مواطني دولة صديقة وأخرى غير صديقة حسب الكثير من الوقائع. ولعل تغريم مصرف “دويتشه بنك” الألماني بحوالي 14 مليار دولار وشركات ومصارف ألمانية وسويسرية وغيرها بعشرات المليارات الأخرى بسبب مخالفات قانونية وضريبية خير دليل على ذلك مع أن هذه الشركات تعود لدول صديقة. السؤال الذي يطرح نفسه هنا، إذا كان القضاء المذكور يحكم بالمليارات بسبب مثل هذه المخالفات، فكيف سيكون حكمه في دعاوى ضد مؤسسات وأشخاص يدعمون الإرهاب أو متهمون بذلك إلى أن تثبت براءتهم؟ هنا وفي معرض سيناريوهات الإجابة يحضر هذا القول للكاتب السعودي محمد العوين في صحيفة الجزيرة السعودية: “إن الغاية من القانون.. استهداف المملكة في اقتصادها .. وتعطيل تنميتها وتحميلها ديونا غير مبررة تقدر بثلاثة تريليونات من الدولارات كتعويضات مزعومة”.
نقلا عن البلاغ

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع