الأقباط متحدون - حقوق المتهم فى نفى التهمة
أخر تحديث ٢١:٢٣ | الاربعاء ٢٦ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٦ | العدد ٤٠٩٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

حقوق المتهم فى نفى التهمة

حافظ أبوسعدة
حافظ أبوسعدة

 الحق فى المحاكمة العادلة هو أساس دولة سيادة القانون، التى يتمتع فيها كل مواطن أو إنسان بحقه فى أن يُحاكم محاكمة عادلة ومنصفة حال اتهامه بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو التشريعات الجنائية الخاصة، وهذا المبدأ يرتبط بعدة مبادئ اتفقت عليها النظم الديمقراطية وأقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، أهمها مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وهو ما يعنى باختصار أن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون، كما يرتبط هذا بعدة مبادئ مستقرة، هى الحق فى المحاكمة أمام قاضٍ طبيعى ومحكمة علنية، وضمان حق الدفاع بالأصالة والوكالة، وإعمال مبدأ أو قرينة البراءة، وهو أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة عادلة ومنصفة، وهو مبدأ نص عليه الدستور فى الباب الرابع بعنوان سيادة القانون مع مزيد من التفصيل لهذا الحق الأصيل.

 
فى مصر، هناك أصوات تتعالى كلما وقعت جريمة إرهابية بضرورة التخلى عن المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة والمنصفة، بل بلغ الأمر أن اقترح وزير العدل السابق المستشار أحمد الزند مشروع قانون لتعديل قانون الإجراءات، لجعل تمسك الدفاع بسماع شهود النفى أمراً جوازياً للمحكمة، أى أنه للمحكمة أن توافق أو ترفض طلب الدفاع سماع الشهود، بهدف تقييد محكمة النقض فى نقض الأحكام، استناداً إلى مخالفة المحكمة للقانون، إذا هى انتقصت حق الدفاع فى السماع لشهود نفى تم التمسك بسماعهم أمام المحكمة، والتفتت المحكمة عن تنفيذ هذا المطلب، وحكمت على المتهم بالإدانة رغم ذلك، وهو ما تعتبره محكمة النقض أهم أسباب بطلان الأحكام، لمخالفة القانون ولإهدار حق الدفاع للمتهم.
 
صحيح أن المحاكمات الجنائية تأخذ وقتاً طويلاً أمام المحاكم، لكن فى الحقيقة، ليس بسبب أعمال هذه المبادئ الضرورية، التى تُعد لكل إنسان، حتى يتمكن من دفع تهمة قد تكون عقوبتها الإعدام أو البقاء فى السجن عشرين عاماً، فلا أحد يستطيع أن يجزم بثبوت التهم فى حق المتهم إلا بعد فحص وتمحيص كل الأدلة على بساط البحث والاستماع إلى شهود الإثبات والنفى وحق دفاع المتهم فى مناقشتهم حتى تتكون العقيدة لدى المحكمة، خالصة من أى شوائب أو تأثير عليها، ففى الحقيقة هذه الضمانات أساسية وضرورية لكل مواطن.
 
وقد كفلت المادة 14 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية -الذى صدّقت عليه مصر- الحق فى المحاكمة العادلة والمنصفة بتفصيل فى 7 مبادئ أساسية أيضاً تضمّنها الدستور المصرى فى باب كامل، منها الحق فى مناقشة شهود الاتهام بنفسه أو غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود نفى بالشروط المطبقة ذاتها، فى حالة شهود الإثبات، وأن يُحاكم حضورياً، وأن يُدافع عن نفسه، وألا يُكره للشهادة أو الاعتراف على نفسه بذنب، وبالتالى لا يمكن التنصل من هذه المبادئ وإلا وُصفت كل المحاكمات أمام القضاء المصرى بأنها تفتقد إلى ضمانات المحاكمة العادلة، الأمر الذى تكون له آثار سلبية على الدولة المصرية وعلاقتها الدولية، ونفتقد حتى إلى القدرة على جذب استثمارات، فالعدالة فى مصر تحتاج إلى مزيد من الضمانات، وأهمها الحق فى المحاكمة أمام محكمة أعلى فى الجنايات، أى استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات، ثم نقضها بعد ذلك، كما ورد فى نص المادة 97 من الدستور، أيضاً تطوير مرفق العدالة وتحديث المحاكم إلكترونياً، وتعزيز مهنة المحاماة لدفع التهم وإثبات البراءة، فهى من حقوق الإنسان الجوهرية.
نقلا عن الوطن
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع