الأقباط متحدون - ملعون أبوك يا فقر
أخر تحديث ٢٠:٤٧ | الاثنين ١٧ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ٧ | العدد ٤٠٨٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

ملعون أبوك يا فقر

د.شيماء سراج
د.شيماء سراج

 لا أحد ينكر أنه قد ذاع صيت أغنية "آه لو لعبت يا زهر"، أحبها الجميع كأغنية ذات طابع شعبي، لذا أصبحت تتردد في كافة المناسبات والتجمعات الغنائية، أنا شخصيًا من معجبيها.

 
لا أدري السبب في أنه كلما صادفني الاستماع إليها، أسرح بمخيلتي مع مقدمة كلماتها، وأشعر بمرارة الوضع الاقتصادي في مصر، وأتأمل سياسات الإصلاح الاقتصادي التي يجب أن تتبعها مصر كي تحصل على أموال صندوق النقد، وتكهنات السادة خبراء الاقتصاد بموعد اقتراب تعويم الجنيه، وسيل الأحاديث التليفزيونية التي تتنبأ بانهيار الوضع الاقتصادي إزاء تحقق تلك الخطوة المتوقعة. تخوفي ليس بسبب عدم تأييدي لها وإنما بسبب تخوفي من آلية تنفيذها أو استغلالها بصورة سلبية من جانب ضعاف النفوس، والتي طالما ناديت أنها تحتاج إلى مؤسسات قوية مساندة لتلك الخطوات الإصلاحية، حتى لا تقود إلى نتائج سلبية ناتجة عن انتشار الفساد، ومن ثم المتاجرة بأقوات الشعب.
 
فيقصد بتعويم الجنيه هو تحديد سعره في السوق مقارنةً بالدولار أو آية عملة أجنبية أخرى وفقًا للطلب عليه والكمية المعروضة منه، أي ببساطة سيتم القضاء على السوق السوداء والمغالاة في سعره وسيكون له سعر أوحد معلن ومعروف وفقًا لقوى العرض والطلب مثله في ذلك الأمر مثل آية سلعة تباع وتشترى في الأسواق، يتحدد سعرها وفقًا لإقبال الأفراد عليها، فما هي إلا خطوة لإصلاح سوق سعر الصرف، والقضاء على السوق السوداء، والمتاجرة بأقوات الشعب. 
 
وما بين الأنباء حول ثبوت قرب تعويم الجنيه المصري ونفي تلك الخطوة في الوقت الراهن، يخرج علينا من يتوقع بأن الدولة تتجه نحو إلغاء دعم الوقود، وتسرع الحكومة في الرد على تلك الأقاويل لتنفي تلك الخطوة في محاولة لكبح جماح الخوف الذي يسيطر على المواطنين إزاء تلك الخطوات الإصلاحية. والتي يعلم الاقتصاديين أنه لا مفر من اتباعها طالما هناك مفاوضات للحصول على قرض صندوق النقد. 
 
فتلك الخطوة نحو إلغاء الدعم هي أيضًا ضمن الإجراءات الإصلاحية التي يجب أن تتبعها الدولة بهدف الحصول على قرض صندوق النقد. فاتورة الدعم تكلف الموازنة العامة للدولة ما يقرب من 210 مليار جنيه بما يمثل نحو 22% من حجم النفقات الكلية لموازنة الدولة، تتنوع ما بين دعم سلعي ودعم اجتماعي ودعم للأنشطة الاقتصادية، ويشكل دعم المواد البترولية ودعم الكهرباء ودعم السلع التموينية فقط نحو 50% من إجمالي حجم الدعم، وبذلك يتم توفير نحو 105 مليار جنيه من موازنة الدولة، تذهب في الاتجاه الاستهلاكي وليس الإنتاجي. 
 
إلا إننا في حالة التفكير في تلك الخطوة الإصلاحية يجب أن نأخذ في اعتبارنا أن حوالي 28% من حجم سكان مصر يقعون تحت مستوى خط الفقر، أي حوالي 25 مليون نسمة، بالإضافة إلى أن الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة يصل عددها إلى 50 مليون نسمة، وتشكل نحو 55% من عدد سكان مصر، وبالتالي ستقع المعاناة على كاهل نحو 75 مليون نسمة من سكان مصر، بما يمثل نحو 83% من حجم سكان مصر سيتضررون من تلك الخطوات الإصلاحية.
 
وذلك كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعار الوقود التي ستنعكس بلاشك على ارتفاع أسعار المواصلات العامة والمنتجات محلية الصنع بكافة أنواعها، وبالتالي سنواجه بموجة غلاء أخرى ستفوق في حدتها ارتفاع أسعار الدولار بمفرده، وذلك بهدف تنفيذ الإجراءات الإصلاحية التي طالما تم تأجيلها، والسعي نحو الحصول على قرض صندوق النقد. 
 
ففي ذلك الشأن فعلًا صدقت كلمات الأغنية حينما قالت "ملعون أبوك يا فقر يا حاوجنا للأ......."
 
والسادة خبراء الاقتصاد حينما يتحدثون عن توقعات أو تنبؤات بتعويم العملة المحلية، أو إلغاء الدعم عن المنتجات البترولية أو السلعية، فتلك التوقعات ليست اجتهادًا وإنما هي روشتة مسبقة وضعها صندوق النقد الدولي، لآية دولة ترغب في تحقيق الإصلاح الاقتصادي، فتلك التوقعات هي خطوات مستقبلية فعلية ستتخذها الحكومة بكل تأكيد، طالما سلكت سبيل تحقيق الإصلاح الاقتصادي، ولجأت لصندوق النقد.
 
فالدولة التي تلجأ إلى صندوق النقد الدولي لتمويل برامجها الإصلاحية، تعلم علم اليقين أن عليها واجب إن صح التعبير، وعليها أن تفي بهذا الواجب، وذلك من أجل الحصول على هذا القرض التمويلي الذي سيستخدم في تنفيذ البرامج التنموية.
 
فسواء نفت أو أكدت الحكومة أنه لا تعويم لسعر الصرف أو لن يتم خفض مخصصات دعم المنتجات البترولية في الوقت الراهن، فعليك أيها المواطن أن تعلم علم اليقين أنها مسألة وقت، وذلك لتحقيق مزيد من التهيئة لوضع الاقتصاد، وتقبل المجتمع لتلك الخطوات، وذلك قبل تنفيذ الإجراءات الإصلاحية المعروفة مسبقًا، فالاقتصاد المصري في أمس الحاجة لأموال تلك القروض بهدف تحقيق التنمية المنشودة.
 
فعلينا أن نتحد جميعًا في سبيل عبور تلك المحنة الاقتصادية التي تمر بها مصر الآن في سبيل الوصول إلى الأهداف التنموية.
 
لذا ملعون أبوك يا فقر يا حاوجنا لصندوق النقد، وأحب أطمنك يا زهر، إنك حاتلعب مع مصر، وحاتتبدل الأحوال بإذن الله وبوعي وإرادة شعب مصر، وربنا يستر.
نقلا عن صدي البلد

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع