الأقباط متحدون - حكاية «ثورة الجياع»
أخر تحديث ٠٠:٢٤ | الاثنين ١٧ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ٧ | العدد ٤٠٨٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

حكاية «ثورة الجياع»

د. محمود خليل
د. محمود خليل

 لا أظن أن هناك شيئاً اسمه «ثورة الجياع». الفقراء لا يقودون ثورات، لكن من الوارد أن يكونوا جزءاً من ثورة، وخروج الجياع إلى الشارع من تلقاء أنفسهم، لا يكون هدفه التغيير، قدر ما يستهدف التعبير الاحتجاجى الذى يمكن أن يتطور إلى أفعال تخريبية. الحراك الثورى رهن بالطبقة الوسطى بالأساس هكذا تقول تجربة نزول المصريين فى 25 يناير 2011، وكذا تجربة النزول فى 30 يونيو 2013. سؤال الحراك هو ببساطة سؤال «الطبقة الوسطى» التى يمكن أن تتحرك بأسباب خاصة بها، أو بأسباب تتعلق بالطبقات الفقيرة، حين تتبرم أو تتضجر من الظلم والحرمان والغبن الواقع على الفقراء.

 
السؤال: هل تمتلك الطبقة الوسطى أسباباً للنزول هذه الأيام؟ الطبقة الوسطى هى الأكثر معاناة خلال السنوات الثلاث الماضية، فهى تدفع النسبة الأكبر من فاتورة الإجراءات التى تصفها الحكومة بـ«إجراءات الإصلاح الاقتصادى». وإذا جارينا المنظرين الذين يقسمون هذه الطبقة إلى ثلاث شرائح (عليا ووسطى ودنيا)، فيمكننا القول إن الشريحة الدنيا -وهى الشريحة الأكبر- انجرت إلى أسفل، وتكاد تدخل هذه الأيام فى دائرة الفقر، والشريحة الوسطى تنجر هى الأخرى، ومع كل إجراء جديد يؤدى إلى المزيد من التضخم والغلاء تنزل درجة، لتصبح ضمن الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى. هذا الوصف لحالة الطبقة الوسطى يمكن أن يستخلص منه البعض أنها مؤهلة للاحتجاج على الأوضاع القائمة، وهى تحتج بالفعل فى المجالس التى تجمع أفرادها، لكنها لا تترجم موقفها الرافض لحالة السعار التى أصابت أسعار السلع والخدمات إلى فعل على الأرض، فهى مترددة فى هذا السياق أشد التردد، وذلك لسببين: يتعلق أولهما بـ«حسابات النتائج». فكثيرون من أفراد هذه الطبقة يفاضلون بين الأوضاع الحالية التى يحيونها والأوضاع المتوقعة التى يمكن أن تترتب على النزول، والتى يراهن البعض على أنها ستكون أسوأ بكثير من الأوضاع القائمة. ويرتبط ثانى الأسباب بـ«اليأس من فكرة التغيير»، فبعد تجربتين للنزول من أجل التغيير (2011 و2013)، دون تغيير، أصبح الكثيرون من أبناء الطبقة الوسطى يتحفظون على فكرة النزول. حالياً يزيد الوزن النسبى لليأس من التغيير -فى تقديرى- على الوزن النسبى للأسباب التى تدعو الطبقة الوسطى للتحرك.
 
هل يمكن أن تشهد الأيام المقبلة تحولات فى النسب؟. ربما، لكننى أظن أن فكرة الحراك المرتبط بموعد محدد، كما حدث فى ثورتى يناير ويونيو، لم تعد قائمة. الحراك هذه المرة -إذا حدث- سيكون مفاجئاً، وفى لحظة غير متوقعة، وفى موعد غير محدد، والأخطر أنه سيكون بلا حسابات، وهنا مربط الفرس، لأن الحراك الذى يتم بلا حسابات لا يستطيع أحد توقع نتائجه. هل يمكن أن يحدث ذلك؟. الإجابة مرتبطة بقدرة السلطة خلال الأيام المقبلة على تبريد الجسم المصرى الذى ألهبه الاحتقان، بعدم إلقاء المزيد من الحمول على الطبقتين الوسطى والفقيرة، وعلى السلطة أن تأخذ فى الاعتبار أن فكرة مقايضة المواطن على الأمن مقابل الحرمان، والتهديد مرة بالإخوان، ومرة بالتحول إلى النموذج السورى، لم تعد تتمتع بنفس التأثير الذى كانت تتمتع به فيما سبق. الأمر جد خطير!.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع