الأقباط متحدون - التنمـية والديمقراطية
أخر تحديث ٠٦:٤٨ | الجمعة ٢٣ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ١٣ | العدد ٤٠٦٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

التنمـية والديمقراطية

د. عماد جاد
د. عماد جاد

من أبرز اللقاءات التى عقدها الوفد البرلمانى المصرى فى نيويورك، ذلك اللقاء مع الرئيس السابق لجمهورية الدومينيكان، تلك الجمهورية اللاتينية الصغيرة التى تقع فى البحر الكاريبى والتى لديها شهرة كبيرة فى الألعاب الأولمبية حيث يحصد لاعبوها ميداليات ذهبية فى سباقات العدو والوثب تحديداً. اللقاء تم بطلب من الرجل، وهو مسئول اليوم عن جمعية صداقة عربية لاتينية لها مكاتب فى أبوظبى والجزائر ويأمل فى افتتاح مكتب فى القاهرة. تحدث الرجل معنا بكل صدق وشفافية، وكان واضحاً فى شرح تجربة التحول الديمقراطى فى أمريكا اللاتينية التى كانت قبل نحو ربع قرن ترزح تحت نظم حكم سلطوية قمعية. أشار الرجل بوضوح إلى صعوبة تحقيق تجربة التحول الديمقراطى فى ظل معدلات مرتفعة من الفقر والجهل، وشدد على أن نقطة الانطلاق فى السير على طريق التحول الديمقراطى كانت التنمية الاقتصادية، أى تحقيق معدلات تنمية مرتفعة تحقق تحسناً ملموساً ومتواصلاً فى الظروف المعيشية على النحو الذى يرفع المستوى الاقتصادى للمواطنين، يترافق مع ذلك اهتمام من الدولة بتحسين مستويات التعليم عبر تطبيق مناهج متطورة وحفز التفكير والإبداع ومن ثم القضاء على الأمية تماماً، فى هذه الحالة وبعد تحقيق الإشباع المادى أى تلبية الاحتياجات المعيشية للمواطنين، يبدو سهلاً للغاية القبول الشعبى بالقيم الإنسانية مثل الحرية، العدالة، المواطنة والمساواة، وهى القيم التى تمثل «الفرشة» اللازمة لبناء الديمقراطية.

وشدد الرئيس السابق لجمهورية الدومينيكان على أن مصر تحديداً تتشابه فى كثير من الجوانب مع دول أمريكا اللاتينية، ومن بين هذه الجوانب الدور المهم للدين، فشعب أمريكا اللاتينية كاثوليكى متدين بصفة عامة، وكان التحدى هو كيفية إدارة العلاقة مع الكنيسة ذات النفوذ القوى على رعاياها، وكيفية الوصول إلى صيغة للفصل ما بين الدين والسياسة، وبين الكنيسة والدولة، دون أن يجور أى منهما على مجال الآخر، وقد نجحت كل دول أمريكا اللاتينية فى تحقيق الفصل ما بين الدين والسياسة، وأن يقتصر دور الكنيسة على المجال الروحى وتترك كل ما له علاقة بـ«قيصر» للحكومة والأحزاب السياسية. ويرى الرئيس السابق لجمهورية الدومينيكان أن مصر بتاريخها وحضارتها قادرة على الخروج من أزمتها الاقتصادية الحالية وأن تبنى تجربتها فى التحول الديمقراطى، وهنا طرح الرجل فكرة توسيع مجالات التعاون بين مصر وأمريكا اللاتينية، وأن كلا الجانبين لديه مواد وموارد ومزايا نسبية يمكن تبادلها، وعرض تصدير المواد الغذائية من لحوم وحبوب، واستيراد منتجات مصرية متنوعة، كما عرض التعاون فى المجال العلمى والتكنولوجى، وبقى بعد ذلك أن نتلقف مثل هذه المبادرات ونتجاوب معها وندرس كيفية الاستفادة من خبرات وتجارب شعوب مشابهة لنا ومرت بنفس الظروف التى مررنا بها، حققت التقدم الاقتصادى المنشود وأرست أسس وقواعد نظم ديمقراطية تعددية، وبعضها فارق العالم الثالث واقترب من الالتحاق بالأول، وعديد منها غادر العالم الثالث ودخل فى طور الدول الأسرع نمواً فى العالم.

هل تصل الأصوات اللاتينية إلى أسماع المسئولين لدينا ويتخذون قراراً بتوجيه الاهتمام نحو أمريكا اللاتينية للتعلم والاستفادة من تجاربهم فى هزيمة التخلف، ونكتشف مجالات التعاون مع هذه الدول؟

نتمنى ذلك، ففى التعاون مع أمريكا اللاتينية منافع كثيرة!
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع