الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم.. احالة 6 قضايا شيوعية الى المحاكم العسكرية..من بين المتهمين فخرى لبيب
أخر تحديث ٠٤:١٠ | الاثنين ١٩ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٩ | العدد ٤٠٥٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

فى مثل هذا اليوم.. احالة 6 قضايا شيوعية الى المحاكم العسكرية..من بين المتهمين فخرى لبيب

المناضل السيوعى فخرى لبيب
المناضل السيوعى فخرى لبيب

فى مثل هذا اليوم 19 سبتمبر 1957...

المناضل السيوعى فخرى لبيب..بطل هذا الزمان..
فى كتابه المهم والخطير «الشيوعيون وعبدالناصر... من التحالف إلى المواجهة»، يكتب الدكتور فخرى لبيب عن العلاقة الشائكة بين سلطة ثورة 23 يوليو والشيوعيين، هذه العلاقة التى مرّت بمنعطفات حقيقية وحرجة منذ قيام الثورة، حتى عام 1964 وما بعده، وكانت هناك رغبة عارمة من جهة اليسار والشيوعيين لمؤازرة النظام والتحالف معه والوقوف فى خندقه، لكن السلطة كانت طوال الوقت فى مواجهة مع الشيوعيين، ومنذ تنفيذ حكم الإعدام فى العاملَين مصطفى خميس (18سنة) ومحمد البقرى (19 سنة) فى 7 سبتمبر 1952،

أى بعد قيام الثورة بشهر ونصف الشهر، بعد محاكمة شكلية ترافع فيها الصحفى موسى صبرى الذى كان حاضرا المحاكمة بصفته الصحفية، ولكنه يحمل شهادة ليسانس الحقوق، وقال بضع كلمات أدانت المتهمين أكثر من أن تنصفهما، والعداء كان معلنا ضد الحركات الاحتجاجية للشيوعيين، وكانت الثورة فى البداية تميل نحو جماعة الإخوان المسلمين، أو كان هذا هو المعلن، حتى تتمكن من السيطرة على كل أعمدة الدولة.وبعد انقلاب الجماعة على الثورة، والدخول فى مواجهة شرسة معها، بدأت السلطة تغازل الشيوعيين، وتفتح لهم كل منابر التعبير، فكفَّت لوقت ما عن فكرة الإلغاء الكامل والنفى الساحق للشيوعيين،

وبدأ الشيوعيون حالة تنفس طبيعية منذ 1954 حتى عام 1959، عام الصدام الدموى الكبير وسياسة تكسير العظام التى خاضتها السلطة ضد الشيوعيين.ولو تصفحنا صحف ومجلات هذه الأيام سنلاحظ أن أقلام الشيوعيين كانت موجودة بقوة، مثل أقلام محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس وشهدى عطية الشافعى وأنور عبد الملك وعبد الرحمن الخميسى ولطفى الخولى ومحمد عمارة (الرفيق سلّام)، الذى تنصل من تاريخه وانقلب عليه تماما، أقصد أن شهر العسل كان مؤقتا بين السلطة والشيوعيين.فى المنتصف الثانى من خمسينيات القرن الماضى، وفى عزّ هذا العسل، وفى 19 سبتمبر 1957 نشرت جريدة «الأخبار» فى صفحتها الأولى خبرا يقول: «6 قضايا شيوعية تحال إلى المحاكم العسكرية.. محاكمة أعضاء الحزب الشيوعى المصرى يوم 12 أكتوبر»، وكان من بين أسماء المتهمين ماهر سمعان والشاعر كمال عمار وماجد عطية وغيرهم، وقُبض عليهم جميعا بعد أن وُجِّهت إليهم تهمة الترويج للأفكار الهدّامة بعد ضبط ألف نسخة من جريدة «راية الشعب» السرية. وهذا الحادث يؤكد ما ذهب إليه فخرى لبيب فى كتابه الاستثنائى، فرغم أن كتّابًا كثيرين ومؤرخين كتبوا عن تاريخ الحركة الشيوعية فى مصر،

مثل د.رفعت السعيد على وجه الخصوص، عدا مَن كتبوا مذكراتهم مثل فتحى عبد الفتاح وفوزى حبشى وصنع الله إبراهيم والسيد يوسف وسعد زهران وطاهر عبد الحكيم ومصطفى طيبة وغيرهم، فإن كتاب فخرى لبيب الذى بلغ من الصفحات ما تجاوز الألف وخمسمئة صفحة، يظل مرجعا مهمًّا، ولم يكتب فخرى لبيب هذا الكتاب من موقعه المكتبى، بل كتبه من واقع تجربته ورؤيته ومشاركته فى الحركة الشيوعية المصرية منذ أن كان طالبا فى كلية العلوم عام 1944، ثم قُبض عليه عام 1954، ليقضى ثلاث سنوات مسجونا، ويُقبض عليه مرة أخرى عام 1959، ليظل خمس سنوات حتى عام 1964، ويخرج ويواصل نضاله المستقل، بعيدا عن العمل الحزبى السرى، وكان الإنهاك بلغ بالمناضلين حدًّا بعيدا، وانشغل فخرى لبيب بالكتابة الأدبية والترجمة، وكان قد نشر بعض إبداعاته القصصية والمترجمة عام 1958 فى صحيفة «المساء»، وكان فى ذلك الوقت هاربا، وكان اسمه الحركى «أنور»، فكان ينشر نصوصه باسم شقيقه الراحل رأفت لبيب، وفى السجن ترجم رواية «عريان بين ذئاب» للألمانى برونو أبيتز، وكتب نسختين على ورق البفرة.وتم تهريب نسخة باحتراف خارج المعتقل، وتم دفن الأخرى فى رمال الصحراء كنسخة احتياطية لو تم ضبط الأولى،

وكان فخرى هو المسؤول السياسى عن الحزب الشيوعى المصرى فى معتقل الواحات، وبعد خروجه من المعتقل عاود نشاطه الأدبى والترجمة، فقام بترجمة الجزء الأول من رباعية الإسكندرية «جوستين» للكاتب الإنجليزى لورانس داريل، وعانى كثيرا فى نشرها، حتى اقترح عليه «أحد الرفاق» أن يعاونه فى نشر الرواية، بشرط أن يضع عليها اسمه، وتُنسب إليه الترجمة، وبالطبع لم يوافق فخرى لبيب على هذه المقايضة الرخيصة وأخيرا تم نشرها فى «دار المعارف» عام 1969 ليتقاضى عنها 360 جنيها ويستطيع أن يحصل على شقة فى مصرالجديدة ويتزوج، وكذلك كتابه «الشيوعيون وعبد الناصر» الذى بذل فيه مجهودا خرافيا من أجل الحفاظ على صحة التاريخ، وعرضه على ناشرين كثيرين فلم يوافقوا، ولكن «رفيقا» آخر،

وكان صاحب دار نشر يسارية عرض عليه نشره، ولكن عليه أن يتنازل عنه ويضع اسمه مكانه، كأن فخرى لبيب كان يعمل للغير، وظل يتقاضى أموالا زهيدة عن ترجماته الكثيرة، حتى نشر رباعية الإسكندرية كاملة فى دار «سعاد الصباح» بفضل الكاتب الكبير يوسف القعيد الذى كان مستشارا فى الدار آنذاك، ورغم ذلك كان فخرى لبيب يواصل نضالاته التى جعلت السلطة تواصل مطاردته دوما فقُبض عليه عام 1979 بتهمة قيادة الحزب الشيوعى المصرى 8 يناير.وقُبض عليه بعد قرارات 5 سبتمبر 1981 المشؤومة التى أصدرها أنور السادات، وكذلك قُبض عليه بعد إضراب عمال السكك الحديدية عام 1989 بتهمة التحريض وعضوية حزب العمال الشيوعى المصرى مع إبراهيم فتحى ومحمد السيد سعيد وأمير سالم وآخرين، وكان قد تجاوز الستين من عمره، وشارك بقوة فى تأسيس ورشة الزيتون بحزب التجمع شرق القاهرة، وكتب مذكراته «المشوار»، وعانى كثيرا فى نشرها، وكان قد طلبها صلاح عيسى لينشرها فصولا فى جريدة «القاهرة»،

ولكنه لم يفِ بذلك، كذلك طلبها مجدى الدقاق عندما كان رئيسا لتحرير «الهلال»، ولكنه لم ينشرها، وهنا يتدخل يوسف القعيد ليعرضها على الحاج مدبولى، فينشرها فورا، وهناك حكاية لا بد من إعلانها تتعلق بأن المجلس الأعلى للثقافة تعاقد مع فخرى لبيب لترجمة كتاب ضخم عن الدكتورة نوال السعداوى تأليف الناقدة الأمريكية والفلسطينية الأصل فدوى دوجلاس مالطى، وبعد ترجمته وإبرام العقد اعترضت الرقابة ونوال السعداوى نفسها وبعض الموظفين فى المجلس نفسه، وتم تعطيل الكتاب، وتتسرب نسخة إلى إحدى دور النشر، فيتم نشره وتشويهه بعد أن يحمل اسما آخر غير اسم فخرى لبيب،

ولكن تبتسم الأيام لفخرى لبيب فيطلب الكتاب الدكتور وحيد عبد المجيد لنشره فى «الأهرام»، ولكنه يتجاهله تماما مثل المجلس الأعلى للثقافة، والكتاب ما زال مجهولا حتى الآن رغم أهميته القصوى. الحديث عن فخرى لبيب لا ينتهى، فهو أحد الأبطال الحقيقيين الذين لم يتم أى تكريم لهم، فالأبطال يتقنون صناعة المشهد، ليستثمره آخرون، بعد إزاحة صنّاعه الحقيقيين..!!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter