الأقباط متحدون - وجوه من زمن الفتنة
أخر تحديث ٢١:٣٧ | الخميس ٨ سبتمبر ٢٠١٦ | نسئ ١٧٣٢ش ٣ | العدد ٤٠٤٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

وجوه من زمن الفتنة

د. عماد جاد
د. عماد جاد

خرج نواب حزب النور السلفى على الإجماع الوطنى برفض قانون بناء الكنائس، بعضهم غادر القاعة حتى لا يشارك فى التصويت وبعضهم الآخر ظل جالساً عندما طلب رئيس المجلس التصويت على القانون وقوفاً. وفى اليوم التالى خرجوا للمرة الثانية على الإجماع بشأن قانون تشديد عقوبة ختان الأنثى. الحقيقة أن انتهاكات السلفيين لنمط حياة المصريين لم تتوقف منذ خرجوا إلى العلن، فدعواتهم تناسب أهل البادية لا الحضر، وطريقة الحياة التى يدعون إليها أقرب إلى حياة مرحلة ما قبل الدولة الحديثة، بل ما قبل ظهور «العقد الاجتماعى» وما ترتب عليه من حقوق وواجبات تتعلق بقيمة المواطنة التى تتجاوز الانقسامات الأولية من عرق ولغة ودين وجنس، فالصلة أو الرابطة هى بين بشر يقطنون مكاناً محدداً ويخضعون لسلطة معينة دون تمييز بينهم لاعتبارات تتعلق بعوامل الانقسام الأولى. كان التيار السلفى قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير يعمل فى مجال الدعوة ويخضع لتعليمات الأجهزة الأمنية وتحديداً جهاز مباحث أمن الدولة، أصحاب فكر تقليدى أقرب إلى الوهابى السعودى، لا علاقة لهم بالسياسة ولا وجود للثورة أو التمرد فى فكرهم، هم أصحاب مدرسة تحرّم الخروج على الحاكم، ولديهم فتاوى تتواءم مع مختلف التطورات. مع اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير ظهروا على السطح، ومع تفكك جهاز مباحث أمن الدولة تقطعت الخيوط والروابط، ومع تصدر جماعة الإخوان للمشهد، هناك من نصحهم باستغلال الموقف والحصول على جزء من مكاسب مرحلة ما بعد الثورة، واستغلال ضعف وهشاشة مؤسسات الدولة وفرض أنفسهم كرقم صعب فى المعادلة. استعان بهم رجال المجلس الأعلى للقوات المسلحة، دفعوا بهم للمساهمة فى حل المشاكل الطائفية التى تفجرت بعد الثورة مباشرة، وكانت عملية أشبه بسكب الزيت على النار، أسسوا أحزاباً سياسية وشاركوا الجماعة فى تديين العملية السياسية التى بدأت بعد الخامس والعشرين من يناير، جعلوا من الاستفتاء على التعديلات الدستورية ٢٠١١ استفتاءً على الدين، فقد كان المطلوب تمرير هذه التعديلات التى سمحت لأول مرة بتأسيس الأحزاب على أساس دينى، وخرج من رجالهم من يقول إن الجماهير قالت «نعم للدين» وأن من قال لا أمامه الهجرة إلى كندا.

عمل التيار السلفى على خدمة هدف تحويل مصر إلى دولة دينية والتقى مع الجماعة فى تحقيق هذا الهدف، وإذا كان قد حدث تباين أو اختلاف فهو على الدور والمكانة لا الهدف النهائى المشترك، شاركوا الجماعة فيما سمى «جمعة قندهار» ثم جمعة «الشريعة والشرعية»، واحتلت قواعد التيار السلفى حشود رابعة والنهضة.

وجود حزب النور فى مشهد «٣ يوليو» كان وجوداً اضطرارياً بعد تيقن التيار من تهاوى الجماعة من ناحية وتطلعاً لوراثة دور الإخوان من ناحية ثانية، لعبوا لعبتهم فى صياغة دستور البلاد الجديد، وروجوا أن وجودهم فى اللجنة هو ما حافظ على مواد الشريعة الإسلامية فى مشروع الدستور، تحايلوا على نصوص دستور البلاد الجديد الذى ينص على عدم جواز قيام الأحزاب على أساس دينى، فقالوا إن حزبهم هو حزب مدنى بمرجعية دينية، مثلما كان يقول الإخوان عن حزبهم، وكانوا يشيرون إلى المادة الثانية من الدستور على اعتبار أنها تمثل قاعدة وجود أحزاب على أساس دينى. استغلوا إلى أقصى درجة ما أدركوه من حاجة النظام العملية لوجود أحزاب سلفية فى المشهد السياسى بعد الثالث من يوليو فضغطوا للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب وعلى رأسها الصعود إلى المنابر برضا وموافقة وزارة الأوقاف.

وللحديث بقية
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع