الأقباط متحدون - هؤلاء تعروا فى قرية الكرم
أخر تحديث ٠٦:٢٢ | الخميس ٢ يونيو ٢٠١٦ | ٢٥بشنس ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٤٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

هؤلاء تعروا فى قرية الكرم

بقلم : د . مجدى شحاته                                                                                                                                                                                                                                
رغم الألم الذى يعتصر القلوب عند سقوط  أبرياء فى أى عمل ارهابى فى مصر ، او فى أى بلد فى العالم ، الا أن الوجع الذى أصاب المصريين كان الأشد الما و الاكثر مرارة... مرارة العلقم ... عندما جرد الغوغاء سيدة مصرية  تجاوزت السبعين من العمر من كل ملابسها وزفوها عارية أمام أهل قريتها   ( الكرم  بأبو قرقاص محافظة المنيا ) ونهب وحرق منزلها  ومنازل اخرى بالقرية ، دون اى ذنب ارتكبته سوى شائعة كاذبة ليس لها أساس من الصحة !!! جريمة فى حق الانسانية بكل المقاييس تحدث فى صعيد مصر الذى اشتهر بالرجولة والمرؤة والشهامة . سيدة قرية الكرم لم تكن الوحيدة التى تعرت أمام أهل قريتها ، لكن تعرى أمام ألدنيا كلها فى قرية الكرم ، الفكر ألمتطرف الذى يحث على كراهية الأخر  ... تعرى فى قرية ألكرم ما نتغنى به منذ سنوات طويلة  ونطلق عليه الوحدة الوطنية  ، ذلك الشعار الأجوف الذى نردده بلا روح أو معنى ... تعرى فى قرية الكرم التعليم و ألاعلام ركائز الفكر فى أى مجتمع ، وألارهاب دائما يبدأ فكرآ ... تعرى فى قرية الكرم مسرحية المجالس العرفية ، أفضل و أسهل  ألطرق للتصالح مع ألجريمة ... تعرى فى قرية الكرم مهزلة العقاب الجماعى  الذى يؤدى الى مهزلة التهجير ألقصرى ... تعرى فى قرية الكرم الشهامة والمرؤة والنخوة والرجولة والأنسانية وكل معانى وأصول  ( الكرم ) . ألكل .. لابد  أن يكون  له وقفة حاسمة و حازمة مع النفس  .. وقفة مصارحة ومصالحة مع الذات والضمير ، بعد أن كشفت جريمة قرية ألكرم عن أمور كثيرة كنا نخفيها أو نتستر عليها أو نتجاهلها عن قصد أو بدون قصد والنهاية واحدة. 
 
كان التعامل مع الأحداث باستخفاف متعمد و مرفوض ، مما أدى الى تفاقم الأوضاع ، لذا كان لابد من المواجة  بشجاعة وشِفافية ومصداقية ، أولا  لمحاسبة  المسؤولين المقصرين  أو المتهاونين ،      و ثانيا ألقبض على الجناة  المتورطين سواء بالمشاركة أو المشاهدة والسكوت  وليأخذ القانون حقه ومجراه ، مع تجنب اسلوب التوازنات الذى يستلزم القبض على البعض من الجناة و المجنى عليهم لزوم اجراءات ألتصالح .
 
نيافة الأنبا مكاريوس اسقف عام المنيا وأبو قرقاص ، تعامل مع الأحداث بحكم منصبة الكنسى وبتفويض من قداسة ألبابا تاوضروس الثانى المتواجد خارج البلاد . نيافة ألانبا مكاريوس رجل مصرى صميم .. وطنى مخلص ، شجاع ، عف اللسان ، متحدث لبق ، يجيد آداب الحوار ، رزين ، يحبه و يحترمه كل من يعرفه ، تناول لأحداث بكل المسؤولية  والهدوء و الحكمة وبايمان كامل بالرسالة التى تسلم من اجلها عصا ألرعاية أمام الله ، فنال  تقدير واحترام ألجميع ، تكلم بطريقة مهذبة حسنة مع كل أجهزة ألاعلام بهدوء كامل ، وطول أناة ، وصبر عجيب ، وكان هذا واضحا فى كل لقاءآته مع أجهزة ألدولة .                                                                                 
الأنبا مكاريوس نفذ بطريقة عملية مقولة ألسيد ألمسيح له ألمجد " لماذا تضربنى ؟ " التى قالها يسوع أثتاء محاكمته ... الأنبا مكاريوس كسر حاجز الخنوع و ألتسليم الغير مقبول الذى نتجمل و نطلق عليه احيانا ( ألحكمة ) ... لم يكن لا قدر الله متهورا او متسرعا ، اثبت للجميع ان فى المسيحية رجال  متسامحون لكن شجعان يتكلمون بالحق و العدل . اتفق معه الجميع حينما قال بكل اصرار لا لمجالس الصلح العرفية ، جلسات الذل والعار .. التى تعطل القانون و تدعو للتصالح مع ألجريمة ، والتى تسمح  بالتهجير القصرى . كان مطلبه ألاساسى تفعيل ألقانون و ألقبض على ألجناه وتقديمهم  للمحاكمة ألعادلة لا أكثر او أقل .
 
جاءت كلمات السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بكل الصدق و الأمانة و الشفافية والتى عبرت عن نبل أخلاقه وصدقه ألشديد ، حينما أدان الاعتداء على ألسيدة المصرية ودعمه لها وكل النساء المصريات مشددآ على تطبيق القانون ولا أحد فوق ألقانون ، ومعاقبة المخطئ وعدم الكشف عن سترنا ، مع اعلاء حقوق المواطنة الكاملة لكل المصريين  من حقوق وواجبات . كما أثلج صدورنا  بيان رئاسة الجمهورية  بضرورة القبض على الجناة وتقديمهم  للمحاكمة واصلاح المنشآت التى تضررت فى الأحداث مع التأكيد على احترام المرأة المصرية . جاءت كلمات السيد الرئيس تعضيضا صريحا وقويا للموقف الوطنى المخلص و المشرف  لنيافة الأنبا مكاريوس . لقد أكد نيافته انه  لم ولن  يطالب بأى تدخل أجنبى لحل الازمة ،  لكنه يرغب بسرعة حسم الامر حتى لا يكون هناك أى فرصة للتدخل الخارجى  لذلك كان مطلبه اعلاء القانون فى دولة القانون ليكون سيفا على الرقاب الغليظة لكل من يحاول النيل من هيبة الدولة ، والتخلى عن الجلسات العرفية التى صممت من أجل أن يفلت ألجناة من العقاب . 
 
أكدت الاحداث أن نيافة الأنبا مكاريوس يتحلى بالصبر و الجلد و ضبط النفس والحكمة مع ايمان  عظيم والقدرة على اجتياز الصعاب والأزمات . لقد رفض رفضا قاطعا  ألتدخل الخارجى وسط أحلك الظروف حيتما تعرضت اوبروشية المنيا وحدها فى أحداث اغسطس 2013  لحرق وتدمير تسعة عشر كنيسة ومؤسسة و جمعية مسيحية فضلا عن الممتلكات الخاصة للاقباط .
 
نيافة الانبا مكاريوس .. رجل الايمان والصلاة  .. رجل الحق .. رجل ادارة الأزمات الصعبة .. حفظك الله ويبارك خطواتك .. ويحقق رجاؤنا من خلالك .. يرعاك الله القدوس  لخدمة الكنيسة .. وخدمة رعيتك .. وخدمة الوطن بلدنا الحبيبة مصر  ، مصر الغالية على قلبك المحب .. وقلوبنا جميعا         و " مبارك شعبى مصر " .           

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع