الأقباط متحدون - تعرية امرأة وتعرية مصر
أخر تحديث ١١:١٩ | السبت ٢٨ مايو ٢٠١٦ | ٢٠بشنس ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٤٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

تعرية امرأة وتعرية مصر

نهاد أبو القمصان
نهاد أبو القمصان

عندما قتلت شابة مصرية محجبة على يد أحد المتطرفين الألمان فى ألمانيا منذ عدة سنوات قامت الدنيا ولم تقعد، عقدت المؤتمرات ونظمت هيئات دفاع حولت القضية إلى قضية اضطهاد مسلمين فى ألمانيا، وتعاملت ألمانيا بمنتهى الجدية والحزم فى هذه القضية واعتبرتها قضية فارقة يجب مواجهتها، ليس فقط بالقانون وإنما بالعديد من الإجراءات على مستوى التشريع والثقافة لأنها إنذار خطر على تنامى العنصرية فى المجتمع.

هذا النوع من القضايا لا يمكن التعامل معه على أنه خلاف عادى أو مشاجرة وإنما هو مؤشر شديد الخطورة يلزم الدول بإعادة النظر فى كل سياساتها الدينية أو الإنسانية أو منظوماتها التشريعية والتعليمية والثقافية التى تحول البشر إلى وحوش ينقضّون على بعضهم البعض.

ورغم أن هذه الحوادث العنصرية من المفترض أن تحدث كل ربع قرن لأنها انعكاس لتغير سلوكى وثقافى فى المجتمع من المفترض أن يتم عبر جيل كامل إلا أنها فى مصر تحدث بوتيرة مخيفة.

فى قرية «الكرم» مركز أبوقرقاص، بعد شائعة علاقة بين مسيحى ومسلمة وهرب الشاب نتيجة التهديدات، قام والده ووالدته بعمل محضر بمركز شرطة أبوقرقاص، يبلغان فيه بتلقيهما تهديدات، وبأنه من المتوقع أن تنفذ تلك التهديدات فى اليوم التالى، لكن سرعان ما اكتشفا أوهامهما وهما محاصران بمجموعة يقدر عددها بثلاثمائة شخص، خرجوا فى الثامنة من مساء اليوم التالى (أى بعد صلاة العشاء) يحملون أسلحة متنوعة فتعدوا على سبعة من منازل الأقباط، حيث قاموا بسلبها وتحطيم محتوياتها وإضرام النار فى بعضها.

لكنهم لم يكتفوا بممارسة إرهاب جماعى فى مواجهة بيوت آمنة، لكن قام المجرمون بتجريد سيدة مسيحية مسنة فى الغالب هى أم الشاب من ثيابها مشهّرين بها أمام الحشد الكبير بالشارع، هذه الواقعة تتطابق مع حديث الشابة الأزيدية التى استقبلتها مصر لتؤمّنها، وقابلها الرئيس السيسى وشيخ الأزهر ليؤكدا لها أن هذا ليس الإسلام، يذكرنى بما قالته عن الداعشى الذى أسرها والذى كان يفرغ من صلاته ليغتصبها ويخبرها أنه تقرب إلى الله، فرغ 300 شخص من صلاتهم وخرجوا ليمارسوا إجراماً إرهابياً ويغتصبوا حرمة جسد امرأة نعرف قدره جيداً وخاصة فى الصعيد.

ورغم أن قوات الأمن قد وصلت فى العاشرة أى فى خلال ساعة، إلا أنها قامت بالقبض على ستة أشخاص فقط، وهنا يجب التأكيد أن هناك من شارك بالفعل ومن شارك بالدعم والتشجيع فكان يجب القبض على الجميع.

هذه الواقعة تذكرنا أيضاً بجريمة التجمهر بقصد القتل العمد مع سبق الإصرار لرجل الدين الشيعى حسن محمد شحاتة، وثلاثة آخرين من أبنائه وأتباعه عمداً، بنفس النهج، الإرهاب الجماعى والقتل العمد وجاء حكم المحكمة أقل كثيراً من حجم الجرم.

ما الذى أوصلنا لهذه الجرائم البشعة بهذه الوتيرة المخيفة؟ هذا السؤال يجب أن نسعى جميعاً للإجابة عنه، وعلى الرئيس مقابلة السيدة والاعتذار لها باسم كل مصرى ومصرية لغسل العار الذى لحقنا نحن وليس هى.

ما تعرى فى هذه الواقعة هى مصر بالكامل، وكشفت عدم جدية أى كلام حول تجديد الخطاب الدينى، ووضعت فى أعناقنا عاراً سيلاحقنا حتى قبورنا إن لم نتوقف طويلاً وبحزم لمواجهة هذا الإرهاب الذى ينهش جسد مصر كلها وليس سيناء فقط، وعلى الأزهر والكنيسة الخروج من هذا المشهد ليفسحا للقانون، حتى لا نفقد ما تبقى من دولة اسمها مصر.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع