الأقباط متحدون - «لسان» مصر.. و«ودان» الغرب
أخر تحديث ١٧:١٣ | الثلاثاء ٢٤ مايو ٢٠١٦ | ١٦بشنس ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٣٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

«لسان» مصر.. و«ودان» الغرب

د. محمود خليل
د. محمود خليل

لسنا بحاجة إلى إنشاء مؤسسات جديدة، يكفينا جداً أن نطور ما لدينا. أقول ذلك بمناسبة الفكرة المطروحة داخل مجلس النواب بإنشاء كيان إعلامى مصرى يستطيع أن يخاطب الرأى العام الغربى، ويكون بمقدوره مواجهة افتراءات الإعلام الغربى علينا. مثل هذا الكيان مطلوب ولا شك، والحاجة إليه ماسة، وقد عاينّا جميعاً كيف استبقت كبريات القنوات الفضائية الغربية أى تحقيقات أو معلومات متماسكة حول حادث سقوط الطائرة المصرية المقبلة من مطار «شارل ديجول» بباريس وبدأت تروج لمعلومات متناقضة حول أسباب سقوط الطائرة. ولكى تكون الأمور مفهومة علينا أن نسجل بين قوسين أن الإعلام فى كل الدنيا يخدم مصالح معينة، وأن شطارة أى وسيلة إعلامية ترتبط بقدرتها على الوصول بـ«لسانها» إلى «ودان» غيرها.

لا خلاف على أن مصر تحتاج أدوات إعلامية تدافع عن مصالحها على المستوى الدولى، وتصل بـ«لسانها» إلى «ودان» الغرب، لكن مشكلتنا أننا نؤدى أمام الأزمات بطريقة عجيبة، أساسها الحماس الشديد، والحديث عن الجديد، وقت وقوع الأزمة، وبمجرد أن يتراجع الحديث عنها يعود «أبوك عند أخوك» ونسير بأسلوبنا المعتاد حتى نواجه أزمة جديدة، وأخشى أن يكون الحديث عن إنشاء كيان إعلامى مصرى يواجه أكاذيب الإعلام الغربى مثالاً عملياً على هذه الطريقة فى التفكير، لذلك أقول إن الأفضل أن نطور الأداة المتوافرة لدينا فى هذا السياق، والمتمثلة فى الهيئة العامة للاستعلامات. هذه الهيئة هى المسئول الأول عن مخاطبة الرأى العام الغربى، والتواصل مع وسائل الإعلام التى تتزاحم فى العالم المحيط بنا. ونستطيع أن نقول -بضمير مستريح- إنها لا تقوم بدورها فى هذا السياق بالصورة المطلوبة، وإلا لما اندفع البعض إلى التفكير فى إيجاد بديل لها. لكن الخوف كل الخوف أن يرث «البديل» أمراض الهيئة التى لا تستطيع القيام بواجبها على النحو المطلوب. وتتحدد هذه الأمراض فى: الواسطة، وضعف التمويل، وعدم تميز الأداء.

كثيرون ممن يعملون فى الهيئة يعلمون أن الواسطة من المعايير التى تتدخل فى اختيار من يعملون فى مكاتب الإعلام الخارجى، وهذا الأمر واضح منذ عقود طويلة وليس وليد اليوم للإنصاف، أما ضعف التمويل فمسألة ترتبط بالظرف الراهن الذى يفرض ترشيد الإنفاق الذى أدى إلى تقليل المكاتب الخارجية للهيئة إلى 15 مكتباً، أما عدم تميز الأداء فهو نتيجة مترتبة على عاملى الواسطة وضعف التمويل، ويمكن أن نضيف إليها غياب التدريب والإعداد الجيد للوجوه الإعلامية التى تعمل فى المكاتب الخارجية. التجربة المصرية تقول إن الهيئات البديلة ترث فى الأغلب أمراض الهيئات التى حلت محلها. زمان ورث الاتحاد الاشتراكى أمراض الاتحاد القومى، وورث الاتحاد القومى أمراض هيئة التحرير، والآن ورثت الأحزاب الجديدة التى تأسست بعد ثورة يناير أمراض أحزاب ما قبل الثورة، ويفرض علينا ذلك ضرورة التفكير فى تطوير الأدوات المتاحة لدينا والاستفادة منها، من خلال الاستناد إلى رؤية جديدة فى عملها، وتوفير الأدوات التى تمكنها من تحقيق أهدافها، والاهتمام بتمويلها بصورة تتناسب مع قيمة أدوارها.. الابتعاد عن نظرية «انسف حمامك القديم» والاتجاه نحو إصلاح ما هو قائم قد يكون مفيداً!
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع