الأقباط متحدون - ‫فوضي الإعلام وجنون الفضائيات
أخر تحديث ٠٧:٤٧ | الخميس ٢٤ ديسمبر ٢٠١٥ | ١٤ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٨٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

‫فوضي الإعلام وجنون الفضائيات

أحمد طه النقر
أحمد طه النقر

‫لوزير الدعاية النازي جوزيف جوبلز عبارة مأثورة تقول «إعطني إعلاماً بلا ضمير، اُعطِكَ شعباً بلا وعي».. ويبدو أن بعض الإعلاميين ممَن فقدوا ضميرهم المهني يؤمنون بهذه المقولة ويكرسون كل جهودهم لتغييب وعي الجماهير عبر الإصرار علي تزييف الحقائق وترديد الأكاذيب، عملاً بنصيحة أخري لأستاذهم جوبلز تقول «إكذب ثم إكذب حتي يصدقك الناس»!!.. والواضح أن هؤلاء وجدوا فرصة ذهبية في الإنفلات الذي يسيطر علي الساحة الإعلامية وداسوا علي كل القواعد والمعايير التي تضبط الأداء وتُرَشِده، وهو ما يؤكد الحاجة الماسة إلي الإسراع بإنشاء نقابة للإعلاميين تكون بمثابة المظلة والمرجعية التي تحدد الحقوق والواجبات وتحفظ آداب المهنة وتضع ميثاقاً للشرف المهني..

‫وما يحدث في سوق الإعلام المصري ليس بالفريد أو المُستَغرَب.. فبعد كل الثورات الكُبري تحاول قوي الثورة المضادة العودة بالأمور إلي ما قبل نقطة إنطلاق الثورة، كما يقول منظر الثورة البلشفية ليون تروتسكي..أي العودة إلي أسوأ مما كانت عليه الأمور قبل إندلاع الثورة!!.. وأول ما تفعله قوي الثورة المضادة هو شن حملة ممنهجة لتحقيق هدفين رئيسيين.. أولهما تشويه وشيطنة الثوار وتحميلهم عواقب إخفاق الثورة وتدهور أحوالهم المعيشية.. وثانيهما العمل علي غسل أدمغة الشعب بغرض تبييض وجه النظام القديم وتنظيف سمعة رموزه.. وهذا هو بالضبط ما تحاول تحقيقه حالياً معظم الفضائيات الخاصة، وأغلبها مملوك لفلول مبارك ويحتل شاشاتها مخبرون معروفون ومذيعون ومذيعات كانوا مجرد جواري وخدم في حاشية مبارك وساهموا في فساده وفي تلميع صورته وكانوا جنوداً في حملة التمهيد للتوريث وتلميع الوريث.

‫وإذ صارت الأمور «سداحاً مداحاً» إقتحم الحقل الإعلامي العديد من الدخلاء وإستنَ بعض مقدمي البرامج بِدعة «المنولوج الفضائي» حيث ينفرد النجم بالمشاهدين ليخطب فيهم ويعظ ويُفتي دون علم ودون حسيب أو رقيب.. وبلغ «جنون الفضائيات» أن ترك كثير من الصحفيين والباحثين مجالات تخصصهم ليقدموا برامج بلا معني!!.. والمُحزن أننا خسرنا باحثين مرموقين تركوا مراكز البحوث جرياً وراء أموال وأضواء الفضائيات وتخلوا عن وطن أحوج ما يكون للبحث والدرس!!.. وإذا كان للكاميرا سحرُ لا يُقاوم وجاذبية قادرة علي إغواء النخبة وكسر الثوابت والمحرمات، فأولي بها أن تسحر عقول عامة الناس وتُفقدهم توازنهم.. ومع تفشي البرامج المشبوهة التي يقدمها إعلاميون مصريون ولبنانيون وتروج لشركات النصب علي المواطنين وللفضائح الجنسية والدجل وتحضير الأرواح والخوض في الأعراض، سقطت كل الخطوط الحمراء إلي حد ظهور فلاح مع ابنته التي تعرضت لجريمة إغتصاب وقبوله الخوض في تفاصيل الجريمة علي الملأ، في سقوط أخلاقي يلامس حد الجنون.

‫وهناك مَن يتعجبون «كيف نجحت شخصيات مشبوهة وبذيئة ومتخلفة عقلياً في الإنتخابات البرلمانية.. وباكتساح»؟!!.. وأقول لهؤلاء «فتشوا عن الفضائيات التي باتت تشكل عقلية جماهير تصدق كل ما يُقال لها !!..أما البرامج الرياضية فهي الأكثر تخلفاً وخطراً لأنها تخاطب الشباب بشكل خاص.. وعندما طالبتُ في هذا المكان بمحاكمة الإتحاد المصري لكرة القدم لم يكن ذلك بسبب فضيحة مباراة السنغال في الإمارات أو فشل المنتخبات المصرية في تحقيق أي إنجاز فحسب، ولكن أيضاً لأن إتحاد اللعبة ضعيف وتحكمه المصالح وكان جُل هَمّْ رئيسه وبعض أعضاء مجلس الإدارة الوصول للبرلمان.. أما أعضاء الإتحاد وخاصة من الشباب «الوارثين» فهم مشغولون بتقديم برامج للتربح وتصفية الحسابات ونفاق القيادات وبث أفكار سطحية ومدمرة تزرع الجهل والتعصب ولا تعرف ألف باء الإعلام.. وهذا تضارب مصالح فَجْ وفاجِر يتعين حظره إذا كنا جادين في محاربة الفساد والسعي للنهوض بالرياضة.. ووضع حد لفوضي الإعلام وجنون الفضائيات.
نقلا عن الأخبار


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع