الأقباط متحدون - الملعوب الإخوانى الذى اكتشفه البريطانيون
أخر تحديث ١٥:٠٢ | السبت ١٩ ديسمبر ٢٠١٥ | ٩ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٨١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الملعوب الإخوانى الذى اكتشفه البريطانيون

صلاح عيسي
صلاح عيسي

الخلاصة المفيدة التى يخرج بها كل من يقرأ المقتطفات التى أذاعتها، أمس الأول، الحكومة البريطانية من تقرير «لجنة جينكنز» هى أن جماعة الإخوان المسلمين قد أُدرجت فى قائمة المنظمات شبه الإرهابية فى أكبر وأهم الدول الأوروبية التى تستضيف قادتها الهاربين من الملاحقة القضائية فى بلادهم، والتى تطلق لهم ولغيرهم من المقيمين فيها، حرية التنظيم والحركة وتأسيس أذرع اقتصادية واجتماعية وإعلامية، واتخاذ أراضيها قاعدة للتواصل مع منظماتهم فى مختلف أنحاء القارة الأوروبية وفى بلدان أخرى، منها مصر ودول الخليج والأراضى الفلسطينية المحتلة، لتحقيق أهدافهم ونشر أفكارهم التى جزم التقرير بأنها تتناقض مع القيم البريطانية المبنية على الديمقراطية والقانون والحريات العامة والشخصية والمساواة والاحترام المتبادل والتسامح بين الأديان والمعتقدات المختلفة، كما أنها تتنافى مع مصالح بريطانيا الوطنية وأمنها القومى.

ومع أن التقرير تحفّظ على تصنيف الجماعة- فى الوقت الراهن- بأنها إرهابية وعلى حظر نشاطها فى بريطانيا، إلا أنه اعتبر الانضمام إلى عضويتها أو الارتباط بها مؤشرًا على التطرف، وخطوة فى الطريق إلى ممارسة الإرهاب، خاصة أن قطاعات منها -كما رصد- لها علاقات مشبوهة بقوى التطرف المشوب بالعنف، ولم ينفِ أن قرار تصنيفها كجماعة إرهابية أو حظر نشاطها، لا يزال قيد المراجعة.

وأول الذين ينبغى لهم أن يقرأوا هذا التقرير بدرجة من التمعن هم قادة وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين داخل البلاد والهاربون منهم فى بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية، على أن يفعلوا ذلك بنفوس تتطهر من أوهام الثأر وغرائز الانتقام، وبعقول بصيرة بالواقع الذى يُحيط بهم ويبحثوا بين سطور ما لم يُنشر من التقرير الذى حجبت الحكومة البريطانية بعض فقراته لأسباب تتعلق بأمنها القومى، وموازنات دبلوماسية ذات صلة بعلاقاتها ببعض الأنظمة العربية والإقليمية التى تحتضن الإخوان، والتى كشفت الصحف البريطانية عن أنها مارست ضغوطًا وقدمت مُغريات لكى تَحُول دون صدور التقرير.

ولو كان لا يزال بين قادة الإخوان المسلمين رجل رشيد، لأدرك مما ورد فى التقرير وما يمكن قياساً عليه استنتاج ما حُجب منه، أنه إعلان صريح وواضح ولا يحتمل أى لَبْس بأن الجماعة فى بريطانيا، وبالتالى فى كل دول أوروبا، قد احتاجوا إلى ما يقرب من ثلاث سنوات، لكى يكتشفوا الملعوب الإخوانى الذى اكتشفه الشعب المصرى خلال عام واحد من حكم الرئيس الإخوانى الربّانى محمد مرسى، وتنبهوا أخيراً إلى أن الإخوان من جماعة ذات وجهين ولسانين تستخدم خطابًا مزدوجًا، يخاطبهم بالإنجليزية الفصحى، زاعمًا أنهم جماعة سياسية مدنية، تسعى بالأساليب السلمية لإقامة دولة مصرية ديمقراطية عبر الاحتكام إلى صناديق الانتخابات ويتحدث إلى جماهيره من المسلمين فى بلادهم وفى المهاجر الأوروبية بلغة عربية فصحى، تعتبر الديمقراطية بكل آلياتها من الأحزاب إلى الانتخابات، ومن الأمة مصدر السلطات إلى المساواة بين المرأة والرجل، طاغوتًا يستهدف الافتئات على حق الله عز وجل فى الحاكمية، وتقسم العالم إلى فسطاطين، الأول هو فسطاط الإيمان الذى يضمهم وحدهم، والثانى هو فسطاط الكفر الذى يضم غيرهم، بمن فى ذلك المسلمون الذين ليسوا أعضاء فى جماعتهم.

ذلك هو الملعوب الذى حاول الإخوان المسلمون على امتداد سنوات أن يلعبوه مع كل القوى الديمقراطية فى مصر وخارجها، وهو الذى مكّنهم من أن يجدوا لأنفسهم مكاناً داخل معسكر ثورة 25 يناير الذى لم ينضموا إليه إلا بعد أن تأكدوا أنه قد أوشك على الانتصار، وأوهموه بأنهم يتبنون شعاراته الديمقراطية. وما كادت الثورة تُحقق أول أهدافها حتى انسحبوا من معسكرها، ليقيموا تحالفاً بقيادتهم يضم التيارات المتشددة والإرهابية فى الحركة الإسلامية، وما كادت السلطة تقع بين براثنهم، حتى حوّلوا سيناء إلى منطقة عسكرية لتأسيس جيش من هؤلاء الإرهابيين يكون جاهزاً للدفاع عن سلطتهم، وللتصدى للجيش الوطنى إذا ما انحاز إلى القوى الشعبية الرافضة لحكمهم. أما وقد اكتشف البريطانيون هذا الملعوب الإخوانى، فلم يعد أمام الجماعة -إذا كان لا يزال فى قيادتها رجل رشيد- إلا أن تتنبه لحقيقة أنها قد تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت وأن تخدع كل الناس بعض الوقت، ولكنها- بالقطع- لا تستطيع أن تخدع كل الناس.. كل الوقت!
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع